جمدت السلطات القضائية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ أصولاً لبنانية بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) إثر تحقيق في قضية تبييض أموال في لبنان. وشملت هذه الأصول عقارات ومبالغ مالية، يرجح أنها مرتبطة بالتحقيقات التي يجريها أكثر من طرف أوروبي بتحويلات من لبنان يشتبه بأنها تابعة لمصرف لبنان المركزي.
وأعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية «يوروجاست» في بيان أن التحقيق استهدف مشتبهاً بهم بتُهم «تبييض أموال واختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2021 و2002». وأفاد البيان الأوروبي بـ«مصادرة ثلاثة عقارات في ألمانيا بقيمة 28 مليون يورو بالإضافة إلى أصول أخرى بقيمة سبعة ملايين يورو»، كما صادرت السلطات الفرنسية عقارين في باريس بقيمة 16 مليون يورو، «بالإضافة إلى تجميد نحو 11 مليون يورو في حساب مصرفي آخر»، إلا أن وحدة التعاون القضائي لم تذكر أي تفاصيل عن المشتبه بهم على اعتبار أنهم «أبرياء حتى تثبت إدانتهم».
لكن مدعين في ألمانيا ذكروا أن «حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة مشتبه به في القضية». وجاء في رسالة بالبريد الإلكتروني من الادعاء العام في ميونيخ أن بيان «يوروجاست» يشير إلى تحقيقات تخص الحاكم سلامة، حسب ما ذكرت «رويترز».
وألقى القرار الأوروبي بثقله على الواقع اللبناني، وطرح تساؤلات عن الأشخاص المستهدفين في هذه القرارات، وما إذا كانت تلك الأموال مرتبطة بالتحقيقات المتعلقة بتحويلات مالية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة، لكن التغريدة التي نشرها المحامي العام التمييزي القاضي جان طنوس، الذي يتولى التحقيق بشقه اللبناني، عززت الشكوك بإمكانية مصادرة حسابات حاكم المركزي. ولمح طنوس في تغريدة على «تويتر» إلى أن الأموال المجمدة هي ضمن حسابات رياض سلامة، وقال: «جمدت السلطات القضائية في ألمانيا وفرنسا واللوكسمبورغ» أصولاً عينية ونقدية بقيمة إجمالية تبلغ 120 مليون يورو، بعد تقدم التحقيقات الجارية، بما أصبح يعرف بالتحويلات السويسرية التي يشتبه فيها اختلاس مبلغ 330 مليون دولار أميركي من مصرف لبنان.
في هذا الوقت، كشف مصدر قضائي لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن «تجميد هذه الأصول والأموال النقدية، جاء بناءً لطلب القضاء اللبناني، وبناءً على التحقيقات التي يجريها الطرفان، وثمرة للتعاون المشترك بين لبنان والدول الأوروبية المعنية بهذه الملفات». وإذ رفض المصدر الإجابة المباشرة عما إذا كانت الأموال المجمدة عائدة لحسابات رياض سلامة، اكتفى بالقول: «ما حصل يأتي ضمن التعاون القضائي بيننا وبين الدول الأوروبية، ونتيجة زيارات ومراسلات متبادلة، كلها تخص التحقيق المتعلق بأموال مصرف لبنان».
وفتح الادعاء الفرنسي لمكافحة الفساد العام الماضي تحقيقاً في الثروة الشخصية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقالت مصادر قضائية إن الادعاء الفرنسي «يحقق في ارتباط مزعوم لسلامة بأنشطة تبييض أموال، بعدما قامت سويسرا بالمثل»، علماً بأن سلامة يقلل من أهمية الاتهامات التي تساق ضده، معتبراً أنها «لا أساس لها وتفتقر للأدلة».
ويفترض أن يمثل سلامة يوم الخميس المقبل، أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، لاستجوابه كمدعى عليه، بناءً لادعاء النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون ضده بجرائم «تبييض الأموال والإثراء غير المشروع»، بعدما أصدر القاضي منصور يوم الخميس الماضي مذكرة توقيف بحق رجا سلامة، شقيق رياض سلامة بالتهمة نفسها. ورجح مصدر قضائي مطلع عبر «الشرق الأوسط»، أن «يتغيب سلامة عن الجلسة، على أن يحضر وكيله القانوني ويطلب مهلة زمنية للاطلاع على مضمون الادعاء ويقدم دفوعاً شكلية». وشدد المصدر على أن «دعوى الحق العام ضد حاكم البنك المركزي أخذت مسارها القانوني، ولا يمكن وقفها إلا بقرار قضائي يفضي إما إلى منع المحاكمة عن سلامة في حال عدم ثبوت الشبهات ضده، وإما اتهامه وإحالته إلى المحاكمة».
ويلاحق سلامة بثلاث دعاوى أخرى في جبل لبنان، كلها مقامة ضده من القاضية غادة عون، المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، بالإضافة إلى القضية التي تحقق فيها النيابة العامة التمييزية، وتتبادل فيها المعلومات والمعطيات مع الجهات القضائية الأوروبية، إلا أن هذا التحقيق لم يصل بعد إلى خاتمة تسمح للنيابة التمييزية بالادعاء على حاكم المركزي ما دامت لم تمسك بأدلة ثابتة وقوية، علماً بأن المراجع القضائية المعنية بهذا الملف تؤكد أن الجانب الأوروبي لا يزود لبنان بالمعلومات التي يطلبها.
القضاء الأوروبي يجمّد أصولاً لبنانية بشبهة «تبييض الأموال»
في إطار تحقيقات مرتبطة بأموال المصرف {المركزي}
القضاء الأوروبي يجمّد أصولاً لبنانية بشبهة «تبييض الأموال»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة