ليبيا: باشاغا يعد الدبيبة بـ«خروج آمن»... ويتعهد «منع إراقة الدماء»

مصر تدعو الفرقاء للاجتماع من أجل حل الأزمة

صورة وزعتها السفارة البريطانية لاجتماع السفيرة مع المشير خليفة حفتر في بنغازي
صورة وزعتها السفارة البريطانية لاجتماع السفيرة مع المشير خليفة حفتر في بنغازي
TT

ليبيا: باشاغا يعد الدبيبة بـ«خروج آمن»... ويتعهد «منع إراقة الدماء»

صورة وزعتها السفارة البريطانية لاجتماع السفيرة مع المشير خليفة حفتر في بنغازي
صورة وزعتها السفارة البريطانية لاجتماع السفيرة مع المشير خليفة حفتر في بنغازي

كشف فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الليبية الجديدة، عن مساعٍ لإقناع غريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس «حكومة الوحدة» المؤقتة، بالتخلي عن منصبه، وعدم التمسك بالسلطة، مقابل منحه ممراً آمناً للخروج، وضمانات بعدم ملاحقته قانونياً. وفي غضون ذلك، نفى السفير الأميركي في طرابلس وجود خطة غربية لتأجيل الانتخابات، فيما دعت المستشارة الأممية إلى حماية استقلال المؤسسات السيادية.
وتزامنت هذه التطورات مع دعوة مصر لممثلي السلطة الانتقالية في ليبيا إلى عقد اجتماعات في القاهرة لبحث حلول للأزمة الراهنة، بحسب مصادر مصرية وليبية متطابقة، أوضحت أن الدعوة شملت باشاغا، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، بينما امتنعت نفس المصادر عن تأكيد أو نفي إرسال الدعوة لخالد المشري رئيس مجلس الدولة.
وقال باشاغا، رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، أول من أمس: «عرضنا تقديم ضمانات للدبيبة وحكومته بخروج آمن وعدم الملاحقة». وأرجع المقترح إلى تشبث الدبيبة بالسلطة خوفاً من المحاسبة، باعتبار أن حكومته «ارتكبت تجاوزات مالية وإدارية خطيرة جداً وغير مسبوقة».
كما جدد باشاغا استعداده لدخول طرابلس خلال ساعات، لكنه لفت في المقابل «حرصه» على منع إراقة الدماء، وقال بهذا الخصوص: «أستطيع دخول طرابلس في أي لحظة، لكن فضلت التريث، وسندخل العاصمة بطريقة سلسة ودون إراقة دماء خلال أيام»، معتبراً أن مواجهته مع الدبيبة «ستكون بقوة القانون، ولن يكون هناك انهيار لاتفاق وقف إطلاق النار، ولا يمكن الانزلاق للصراع المسلح».
موضحاً أن التشكيلات المسلحة «تغير موقفها، ولن تكون داعمة للدبيبة وحكومته».
كما تعهد باشاغا بعدم التمديد لحكومته في حال عدم الوصول للانتخابات، قائلاً: «لدينا إيمان قوي بإنجاز الاستحقاق الانتخابي لأنه دين علينا أمام الليبيين، ولا بد من إجراء هذا الاستحقاق قريباً، ولن نمدد لحكومتنا». كما أوضح أنه «لا يؤيد تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي، ولا مؤسستي النفط والاستثمار في الوقت الحالي»، لافتاً إلى أهمية استقرار المؤسسات السيادية الليبية لاستقرار البلد.
وبخصوص وجود القوات الأجنبية في ليبيا، اعتبر باشاغا أنه لا داعي لوجودها، لافتاً إلى أن خروج القوات الشرعية، في إشارة إلى التواجد العسكري التركي، تحكمه اتفاقيات يحدد الليبيون مصيرها. لكنه شدد على أنه يجب «خروج أي قوة غير شرعية فوراً».
وتزامنت هذه التصريحات مع تأكيد المنفي لدى لقائه مع علي محمود، رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار، على استقلالية المؤسسة، والنأي بها عن التجاذبات السياسية، وعدم استخدامها ورقة ضغط وابتزاز، مع تكثيف الجهود لحمايتها، وعدم المساس بأصولها.
في سياق ذلك، أعلنت كارولين هورندال، سفيرة بريطانيا، اتفاقها تماماً مع المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز في الحاجة إلى الحفاظ على استقلالية ونزاهة هذه المؤسسات وحمايتها. فيما نفى ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ما وصفه بمزاعم وروايات كاذبة عن وجود خطة غربية لتأجيل الانتخابات، وأكد أن بلاده تواصل دعم الجهود لإجراء «انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا في أقرب وقت ممكن»، مشدداً على دعم الولايات المتحدة بشدة لاستقلال ونزاهة هذه المؤسسات السيادية غير المسيسة، التي تعمل لصالح جميع الليبيين.
وكانت ويليامز قد أكدت أمس على ضرورة حماية استقلالية ونزاهة المؤسسة الوطنية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمار، ومصرف ليبيا المركزي من الاضطرابات السياسية.
واعتبرت هذه المؤسسات «ملكاً للشعب الليبي، ولا يجوز أن تتعرض لضغوط تعسفية، أو استخدامها كسلاح لمنفعة طرف أو آخر». مشيرة إلى أنه «ينبغي أن تكون الإدارة والتوزيع الشفاف لثروة الشعب الليبي هدفاً مشتركاً».
كما اعتبرت ويليامز أن تأجيل الانتخابات، التي كانت مقررة نهاية العام الماضي «يمثل خيبة أمل كبيرة للمواطنين الليبيين، خصوصاً بعد أن قام نحو 2.8 مليون منهم بالتسجيل للانتخابات، إثر فترة نادرة من التفاؤل بعد قرار وقف إطلاق النار في عام 2020».
في سياق ذلك، حضت ويليامز مجلس النواب، الذي غاب عن اجتماعات دعت إليها في تونس، على التفاوض مع مجلس الدولة حول الأسس الدستورية للانتخابات، وقالت بهذا الخصوص: «نحن في نقطة تحول حاسمة بالنسبة لهم لكي يأتوا إلى الطاولة (الحوار) بنوايا طيبة، وبحسن نية من أجل حل هذه الأزمة».
إلى ذلك، أعلنت كارولين هورندال، سفيرة بريطانيا إلى ليبيا، التي طوت خلافاتها مع شرق ليبيا، أنها ناقشت مساء أول من أمس مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، الغزو الروسي لأوكرانيا، وأهمية سحب جميع المرتزقة من ليبيا.
وقالت كارولين إنها كانت واضحة في لقائهما بشأن الحاجة إلى تجنب عودة الحرب، وحثت جميع الأطراف في ليبيا على التواصل مع المستشارة الأممية.
وكانت كارولين قد ناقشت مع علي الحبري، نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي بمدينة بنغازي، أعمال توحيد المصرف والوضع الاقتصادي، وتطوير العمل المصرفي وأعمال الحوكمة لرفع القطاع المصرفي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».