عناصر «داعش» في إسرائيل... «مدللو السجون» وإعادة التثقيف

بنات إحدى ضحايا هجوم بئر السبع في جنازتها الأربعاء (إ.ب.أ)
بنات إحدى ضحايا هجوم بئر السبع في جنازتها الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

عناصر «داعش» في إسرائيل... «مدللو السجون» وإعادة التثقيف

بنات إحدى ضحايا هجوم بئر السبع في جنازتها الأربعاء (إ.ب.أ)
بنات إحدى ضحايا هجوم بئر السبع في جنازتها الأربعاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي لا تزال فيه إسرائيل تعيش كابوس عملية الطعن والدهس، التي نفذها فلسطيني من عرب النقب مرتبط بتنظيم داعش، وقتل فيها أربعة مدنيين إسرائيليين، وتتحسب من عمليات شبيهة أخرى، كشف النقاب عن خطة نفذتها مصلحة السجون الإسرائيلية لإعادة تثقيف الأسرى منهم، وقد تحدث أسير سابق عن ذلك، بالقول، إن «مساجين داعش كانوا مدللين وحصلوا على اهتمام خاص وامتيازات واضحة».
وتبين أن منفذ عملية بئر السبع، محمد أبو القيعان، كان واحداً من هؤلاء الأسرى، ومر في دورة التأهيل والتثقيف لدى مصلحة السجون سنة 2016، ومضى حكماً بالسجن أربع سنوات بعد اعترافه بالانتماء إلى داعش وتأسيسه لخلية تابعة، وندمه على ذلك. وحسب مصدر أمني في تل أبيب، بلغ عدد أسرى داعش 87 شخصاً، بقي منهم اليوم 19 شخصا. وقد تساهلت معهم السلطات الإسرائيلية، لأنهم بغالبيتهم الساحقة وضعوا لأنفسهم هدفا، هو محاربة من اعتبروهم كفرة من المسلمين ولم يخططوا شيئاً ضد إسرائيل.
لذلك وضعت خطة لإعادة تثقيفهم حول «الإسلام المعتدل». ووضعتهم في غرف خاصة بهم أو مع أسرى حركة فتح. ووضعت قلة منهم مع أسرى حركة حماس وتنظيم الجهاد الإسلامي. ولخصت هذه الدورة بأنها ناجحة، إذ إن نصفهم تركوا طريق داعش، وحلقوا ذقونهم الطويلة واكتفوا بلحية خفيفة. وعبروا عن مواقف جديدة معتدلة.
وحسب منشور للكاتب أمير مخول، الذي كان سجيناً أمنياً في تلك الفترة، (سجن بتهمة مساعدة حزب الله)، فإن «حماس رفضت بشكل قاطع قبولهم، بينما حركة فتح الأكبر في الحركة الأسيرة التي رفضتهم أيضاً، اضطرت إلى قبولهم ليقيموا في أقسامها، كأفراد وليس كتنظيم». إلا أن ضباط الاستخبارات دفعوا إلى تحويلهم تنظيماً، وإلى استقبال طلباتهم بشكل منفرد وخارج المتّفق عليه مع الأسرى، مما أثار رد فعل من أسرى الفصائل لردع ضباط الاستخبارات ولضبط سلوك أعضاء داعش.
وأضاف مخول: «كل المنظومة تعاملت معهم إيجابياً، المؤسسة الأمنية والدولة ككل كانت معنية بداعش، وحين خرجوا وتدرَّبوا في سوريا عن طريق تركيا، تساهلت معهم النيابة العامة بشكل مثير للشكوك، وتساهل معهم القضاء، الذي كان يحكم على فتى ألقى حجرا في نابلس، ضعف الحكم على من ذهب إلى سوريا وتدرَّب على القتال والقتل. داعش لا يعترف بحركات التحرر الوطني، ولا بفكرة التحرر الوطني، بل يريد إنشاء الدولة والخلافة لتمتدّ عالمياً. وموقفها عدائي تجاه الحركة الإسلامية (الشمالية) ومشروع الرباط في المسجد الأقصى ومشروع (الأقصى في خطر)، كما تعتبر داعش ومجنّدوها قتل الكفار حلالاً. وينبغي أولاً التخلص من العدو داخل الأمّة - أي (الكفار) وكلّ من لا يتبعها - وإنشاء الدولة والخلافة، قبل التفرّغ إلى إسرائيل. هكذا كان يردد معظم السجناء من داعش».
يذكر أن المحكمة الإسرائيلية قررت تمديد اعتقال شقيقي منفذ عملية بئر السبع، بتهمة مساعدته وتوفير السكين التي استخدمها في العملية. وحسب مواد التحقيق معهما، اتضح أن محمد لم يتراجع لحظة عن أفكاره وحرص على التعبير عنها في لقاءات معينة. وحسب القناة الرسمية للتلفزيون الإسرائيلي «كان 11»، فإن التقديرات لدى قادة أجهزة الأمن، التي عرضت خلال عدد من المداولات التي عقدت في اليومين الأخيرين، تبين أنه «رغم تصاعد حدة الاضطرابات وتزايد التحريض، فإنه لا توجد صلة أو علاقة تربط بين العمليات المتفرقة التي شهدتها الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين، والعملية الأخيرة في مدينة بئر السبع. فالعملية نفذت بمبادرة شخصية وفردية من محمد أبو القيعان».
إلا أن بعض المسؤولين، أعربوا عن اعتقادهم بأن «الاستمرار في سياسة الإهمال لأوضاع عرب النقب تشكل محفزاً أساسياً للتطرف بين صفوف بعض الشبان». ولذلك طالبوا بالحذر أكثر من عمليات أخرى وبوضع خطة لمعالجة أوضاع النقب. وقالت القناة، إن الشرطة دفعت بـ120 عنصرا إضافيا إلى مدينة بئر السبع، رغم التقديرات بأن العمليات المقبلة ستقع في الضفة الغربية وفي محيط البلدة القديمة في القدس.


مقالات ذات صلة

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.