مسرحية مصرية مستلهمة من كتاب لاستشاري طب نفسي

«علاقات خطرة»... تحذير فني من «التربية الخاطئة»

صرخة حواء في وجه الظلم  وبوستر المسرحية
صرخة حواء في وجه الظلم وبوستر المسرحية
TT

مسرحية مصرية مستلهمة من كتاب لاستشاري طب نفسي

صرخة حواء في وجه الظلم  وبوستر المسرحية
صرخة حواء في وجه الظلم وبوستر المسرحية

أجريت دراسة بجامعة هارفارد على مدار 75 عاماً عبر أجيال متعاقبة من الباحثين لتجيب عن سؤال قد يبدو بسيطاً للغاية: ما هي الأشياء التي كانت فارقة في حياة عينات مختلفة من العجائز شارفوا على نهاية أعمارهم، ما الذي جعلهم سعداء، وما الذي ألقى بهم في بئر مظلمة من الاكتئاب والتعاسة؟، النتائج كانت مفاجأة من العيار الثقيل، فلا الأرصدة البنكية ولا المنازل الفاخرة، ولا السيارات الأنيقة كانت قرينة الهناء والفرح بالضرورة، بل كانت العلاقات الاجتماعية الصحية والروابط الإنسانية العاطفية الخالية من المصلحة أو الغرض تكاد تكون وحدها هي ما تضمن ذلك!.
من هذه الحقيقة العلمية انطلق كتاب «علاقات خطرة» ليخاطب القارئ بأسلوب سهل وسلس يقع في المنطقة الوسطى بين علم النفس والتنمية البشرية. وحين أراد المخرج مايكل مجدي، أن يستلهم تلك الفكرة في عمل مسرحي مستعينا بفريق «بتر شو»، كان موفقا في الحفاظ على عنوان الكتاب نفسه الذي تحول منذ صدوره إلى أحد أكثر الكتب مبيعاً لمؤلفه د. محمد طه، أستاذ مساعد واستشاري الطب النفسي بجامعة المنيا.
يعتمد العرض الذي يستمر على خشبة مسرح كلية رمسيس للبنات حتى نهاية مارس (آذار) الجاري على فكرة «التابلوهات» أو اللوحات الدرامية التي قد تبدو للوهلة الأولى منفصلة لكن بقليل من التمعن نكتشف أنها متصلة حيث يجمع خيط درامي واحد وتنظمها فكرة أساسية هي أن علاقاتك بالآخر سواء كانوا «الأصدقاء، وزوجتك، وأقاربك، وزملاءك في العمل...إلخ»، قد تكون سامة ومدمرة لاستقرارك النفسي فتعيش حياة قصيرة مليئة بالأمراض والمتاعب الصحية، وقد تتحول إلى سبب رئيسي من أسباب سعادتك في هذه الحياة الدنيا.
أنت هنا على موعد إذن مع عدد من الحكايات المتفرقة التي تتناول عدة نماذج سلبية في حياتنا الاجتماعية بطلها أنماط كثيرة نراها من حولنا طوال الوقت لكننا لا نتوقف أمامها بالقدر الكافي، فهذا طفل مقموع أصرت عائلته على تنشئته وفق تصوراتها التي لا تراعي إنسانيته ولا تدع له مجالاً للتفكير الإبداعي الحر، وهذا زوج متسلط لا يرى في زوجته سوى خادمة، وتلك زوجة مصابة بداء الشره الاستهلاكي ولا ترى في زوجها سوى الراعي الرسمي لجميع متطلباتها مهما بدت جنونية، وهذه أم كثيرة الانتقاد لأولادها على نحو يفقدهم الثقة في أنفسهم رغم حسن نية الأم التي تريد أن ترى أبناءها في صورة مثالية.
إنه جرس إنذار يقدمه صناع العمل وعلى رأسهم المخرج الذي تولى هو أيضاً كتابة النص مستلهماً فقط روح الكتاب ورؤيته الفكرية أما المشاهد والحكايات التي تقدمها المسرحية فهي صنيعة خيال المخرج الذي نجح في السيطرة على جموع الممثلين وتوجيههم على نحو صحيح رغم أن معظمهم شباب في مستهل مشوارهم الفني ولم يأخذوا حظهم من الشهرة والانتشار بعد.
والرسالة هنا: انتبهوا أيها السادة، فالعلاقات بين البشر ليست فقط من أكثر العلاقات تعقيداً بل من أخطرها كذلك، إنها «وحش» إن لم ننجح في ترويضه لصالح سعادتنا فسوف يسيطر علينا ويقودنا إلى طريق التعاسة السريع.
ويؤكد مخرج المسرحية مايكل مجدي على سعادته بالإقبال الجماهيري اللافت الذي تم الإعلان عنه من خلال لافتة «كامل العدد» التي جاءت بمثابة مكافأة سعيدة للمجهود الذي تم بذله على مدار أسابيع عددية من الإعداد اليومي الشاق ما يؤكد وعي الجمهور وانحيازه للأعمال التي تطرح هَماً حقيقياً يلمس وتراً عميقاً بداخل الناس.
مشيراً في تصريح خاص، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الفكرة الأساسية للعمل تمثلت في التحذير من أساليب تربية الأطفال الخاطئة، فالطفولة هي المفتاح الذي يعطينا في المستقبل شخصاً سوياً سعيداً أو مريضاً تعيساً.
وحول فريق «بتر شو»، أوضح مجدي أنه حديث التأسيس، فقد كانت بدايته الفعلية في 2016 عبر مجموعة من الشباب العاشق للمسرح والمؤمن بدوره التنويري، مضيفاً أنهم يركزون على تحويل الكتب إلى دراما وهو ما حدث في مسرحيتهم الأولى «الحب المحرر» المأخوذة عن رواية بالاسم نفسه للكاتبة الأميركية فرنسين ريفرز، أما علاقات «خطرة» فهي التجربة الثانية للفريق.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».