جعجع: سنفوز على «النواة الصلبة» للنظام… ولن نسمح بانتخاب رئيس منهم

قال لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات اللبنانية» البديل الأفضل لـ«تيار عون»

جعجع متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
جعجع متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
TT

جعجع: سنفوز على «النواة الصلبة» للنظام… ولن نسمح بانتخاب رئيس منهم

جعجع متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
جعجع متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

يرفع حزب «القوات اللبنانية» شعاراً أساسياً في حملته للانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل، ركيزته عبارة: «نحن بدنا ونحنا فينا»؛ أي: «نحن نريد التغيير ونحن قادرون على القيام به»، وهو ما يؤكده رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع لـ«الشرق الأوسط»، عادّاً أن «الشعب اللبناني اليوم في مشكلة كبيرة جداً، ونحن نعرف كيفية الولوج إلى حل الأزمة، وقادرون».
ويقول جعجع: «هذه المرة الوحيدة في تاريخ لبنان لا تخاض الانتخابات فيها على أساس حزبي وعائلي بالمعنى الضيق للكلمة. الأحزاب تخوضها بقوة طبعاً، لكن الناس ستصوت لنفسها هذه المرة بالسياسة، وليس انطلاقاً من انتماءات حزبية أو خدماتية على وجه الخصوص. الشأن العام بمفهومه الواسع كان يغيب عادة عن اهتمام الناس، لكن هذه المرة لن يغيب، وبالتالي نأمل أن تحمل هذه الانتخابات تغييراً ما».
يعرف جعجع «العدو» المقبل في الانتخابات، إنه «النواة الصلبة» للمنظومة الحاكمة، وهي في آخر عشر سنوات «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، بزعامة النائب جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون. ويجزم بأن هذه «النواة» قد تكون نتائجها غير جيدة في هذه الانتخابات. أي أن تخسر من قوتها في هذه الانتخابات، ويقول: «هذا أمر لا نقاش فيه، والجميع يلمسه رغم التفاوت في التقديرات لحجم الخسارة. وبالتالي ستنفرط المنظومة السابقة، وتنتج عن هذه الانتخابات أكثرية جديدة». يدرك جعجع أن هذه الأكثرية لن يمتلكها فريق واحد طبعاً، «لكن هناك مجموعة من القوى والأحزاب والشخصيات ستكون قادرة على إطلاق مسار جديد في هذه الانتخابات، وهنا بيت القصيد».
وعن تجربة قوى «14 آذار» التي امتلكت الأكثرية البرلمانية عامي 2005 و2008. وفشلت في تحقيق إنجازات، يقول جعجع: «الحق يقال إنه في عام 2005 كنا على وشك القيام بشيء، لكننا أفشلنا أنفسنا. كانت لدينا حكومة معترف بها من قبل العالم كله، وعندما قام (حزب الله) بعمليته في 11 يوليو (تموز) 2006 (اختطاف جنود إسرائيليين واندلاع حرب لبنان الثانية) قامت الحكومة بالتفاوض من أجل تحقيق وقف لإطلاق نار رغم أن الجميع كان يدرك أنها لم تكن مسؤولة ولم تكن تعرف بخطط الحزب، واستطاعت الحصول على وقف لإطلاق النار بأفضل الشروط الممكنة للبنان، وتجاوب معها كل دول الغرب، وطبعاً العرب ودول الخليج».
ويستذكر جعجع الفترة بين عامين 2005 و2009. ويقول: «رغم الاغتيالات التي طالت فريقنا السياسي وإقفال مجلس النواب وحرب عام 2006 وتعطيل الوسط التجاري، فإن النمو في لبنان كان بين 4 و7 في المائة. الهجمات المتكررة والاغتيالات وهمجية الفريق الآخر جعلت بعضاً من الأكثرية النيابية يتردد ولا يكمل مسيرته، ووهج هذه الممارسات استمر بعد عام 2009، فكنا أكثرية، لكننا مارسنا الحكم كأقلية». لكن هذا السيناريو لن يتكرر بعد انتخابات الربيع المقبل، كما يجزم جعجع، فهو يرى «أننا لا نستطيع أن نأخذ هذا السياق، ونعتبر أن الأمر سوف يتكرر بعد الانتخابات. والأهم أن حكومات (الشوربة والمخلوطة) التي يسمونها حكومات الوحدة الوطنية غير واردة على الإطلاق. نحن نريد حكومة واضحة المعالم، ولديها سياسة واضحة جداً ومنسجمة. حكومة اختصاصيين فعليين، وليس اختصاصيين مستشارين». يعترف جعجع مجدداً بأن «المسار ليس سهلاً، لكننا سنناضل حتى يصل هذه المسار إلى ما نريده، وتبدأ عملية الإنقاذ».
في قراءة لنتائج الانتخابات المقبلة، يرى جعجع أن «حزب الله» وحركة «أمل» قد يستطيعان الحفاظ على «كامل تمثيلهما النيابي، فلا أحد يراهن على بداية التغيير من هنا. لكنني أريد أن أؤكد أنه بعد سنتين طالت فيهما الأزمة كل لبناني في حياته ولقمة عيشه، لا أحد يتوقع كيف ستكون النتيجة. لكن حتى لو حصل هذا، فسيكون تمثيله العام هزيلاً مقارنة بالانتخابات السابقة».
وبحسابات بسيطة يتحدث جعجع عن الساحات الأخرى، قائلاً: «في الساحة الدرزية الوضع على حاله في أسوأ الاحتمالات؛ لأن (الحزب التقدمي الاشتراكي) برئاسة وليد جنبلاط لا يزال الأقوى بمسافة كبيرة في الطائفة. أما على الساحة المسيحية، فلا أحد يساوره شك في أن ثمة تغييراً كبيراً. قد يكون التغيير بنسبة 40 في المائة أو 60 في المائة؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يعرف كيف ستتصرف الناس انطلاقاً من آلامها خلال السنتين الماضيتين. أما على الساحة السنية، فرغم اعتزال الرئيس سعد الحريري في الوقت الراهن، فإن في هذه الساحة الكثير من الناس التي تحمل فكر (تيار المستقبل) وتشاركنا في الرؤى والتطلعات. واضح أن الساحة السنية لن تعتزل العمل الوطني. وفيها من الحيوية التي ستنتج نواباً أقل ما يقال إنهم في الاتجاه الذي تمثله (14 آذار) بامتياز. هناك مخاض طبيعي بعد الاعتزال المؤقت لركنها الأساسي سعد الحريري».
وعن غياب التعاون مع مكونات أخرى، كحزب «الكتائب اللبنانية»، والقوى التي تمثل الحراك المدني، يقول جعجع: «هناك محاولات مستمرة لجمع أكبر قدر منهم إذا لم يكن كلهم، ما يجمعنا أقله النظرة للوضع الحالي وكيفية الخروج منه. والشيء الوحيد الأكيد أن كل الذين تتكلم عنهم، حتى الذين يناصبوننا عداءً شخصياً لأسباب لا أحد يعلمها، لن يكونوا في المجلس النيابي إلا بالاتجاه نفسه، وبالتالي؛ عملياً، إذا سألتني بالنتيجة من هم حلفاؤكم السياسيون، أقول لك صراحة كل من هم ليسوا النواة الصلبة (حزب الله) و(التيار الوطني الحر). وبالتالي، تلاقي الضرورات والطروحات موضوعياً سوف يؤدي إلى أن نكون تكتلاً كبيراً في المجلس النيابي بغض النظر عن الوضع التنظيمي لهذا التكتل الكبير».
ويرى جعجع أن الانتخابات حاصلة في موعدها «رغم نوايا البعض، خصوصاً النواة الصلبة». ويقول: «إذا استطاعوا أن يؤجلوا الانتخابات، فلن يتأخروا، خصوصاً (التيار الوطني الحر)، لكنني لا أرى أنهم قادرون أن يجدوا طريقة لتأجيلها أو إلغائها؛ لأن كل الإجراءات القانونية اتخذت». أما العمل الأمني فلا خوف منه، كما يؤكد رئيس «القوات» فـ«الأجهزة الأمنية، خصوصاً الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، تمسك الوضع بشدة، إلا إذا وقعت حرب كبيرة جداً (بين حزب الله وإسرائيل) ومن يتحمل مسؤولية القيام بها ونتائجها».
وهل تستطيع أغلبية برلمانية من نحو 65 نائباً من أصل 128 أن تأتي برئيس جديد للجمهورية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؟ يقول جعجع: «لا؛ لكن الأكيد أن الآخرين لن يقدروا على أن يأتوا برئيس، وهذا المهم. تبدأ من أن تمنع أي شيء مضر وتبقى تحاول أن تقوم بأشياء مفيدة».
مسار الخروج من الأزمة بعد الانتخابات إذا سارت الأمور كما هو متوقع واضح بدوره لدى جعجع؛ «لأن أزماتنا متشابكة. الاقتصاد والسياسة متداخلان». ويقول: «المشكلة الرئيسية عندنا سياسية، وهي التي ولدت الأزمات الاقتصادية. فالمجموعات الحاكمة تجمع بين الفساد من جهة؛ واللاكفاءة من جهة ثانية، والفلتان من جهة ثالثة، وهو الذي أدى إلى الأزمة الاقتصادية. لكن كل هذا يعود لمرجع القرار الفعلي الذي هو الحكومة اللبنانية، ومن ورائها الأكثرية النيابية المتعاقبة خلال السنوات الخمس والست الماضية، بالتالي كل شيء ممكن إذا حصل تغيير على المستوى السياسي». ويضيف: «المشكلة السياسية في لبنان ليست مستعصية أبداً، ونحن لدينا تصور واضح جداً كيف سنذهب في أول خطوة، والثانية... وغيرها، لكن يجب أن تكون هناك نية ورغبة سياسية وإرادة سياسية، وهذه مفقودة في الوقت الحاضر. مثلاً أزمتنا معلنة منذ سنتين ونعيشها على أرض الواقع، ولا أي خطوة حصلت في الاتجاه الصحيح؛ بل خطوات بالاتجاه المعاكس».
وعن عبارة: «كلن يعني كلن» التي رفعها الحراك الشعبي المعارض، وعدّ البعض «القوات» جزءاً منها، يقول جعجع: «نحن كنا مشاركين في حكومات وليس في السلطة؛ إذا أنت حزب سياسي ذهبت لانتخابات نيابية؛ الناس أعطتك 8 نواب عام 2009، وبعدها 15 نائباً عام 2018، فماذا تفعل؟ تجلس في البيت وتقول لا أريد أن أعمل لأن الآخرين لا يتصرفون بالشكل الصحيح؟ لا، بل عليك أن تخوض المعركة في المؤسسات الدستورية، وكل يوم كنا نخوض معركة في المجلس النيابي ومجلس الوزراء». ويرى جعجع أن جماعة «كلن يعني كلن» أناس ظالمون ولا يطرحون الأشياء كما هي؛ «لأنك عندما تشمل كل شيء بعضه ببعض فأنت تجهل الفاعل الحقيقي... أنت تحاسب الأحزاب السياسية على مواقفها الفعلية وأدائها الفعلي، وهل في أدائنا الفعلي من رائحة فساد؟ هل اتخذنا موقفاً يخالف الذين يطرحونه هم الآن؟ مطلقاً. إذن شعار: (كلن يعني كلن) عبثي ولا يؤدي إلى مكان، بل يجهل الفاعل الحقيقي، ويعني أن الذي يطرحه إنما يريد أن يتخلص من الجميع ليحل مكانهم، وبالتالي هؤلاء ليسوا مؤهلين أن يعملوا بالسياسة».
وعن غياب البديل الموثوق للناس، يقول: «على المستوى المسيحي سوف أطرحها أول مرة بهذا الشكل: هل (القوات اللبنانية) بديل لـ(التيار الوطني الحر)؟ نعم؛ وبالفم الملآن وبصوت عالٍ. نعم بديل؛ لأن ممارسات (القوات اللبنانية) بعكس تماماً كل الممارسات التي رأيناها من (التيار) في السلطة».
أما مسار خروج لبنان من أزماته وأكبرها عزلته العربية الواضحة؟ فيرى جعجع أن هذا «أهون جزء من الأزمة. فبمجرد انتقال السلطة من يد ليس بها أي ثقة وتعدّ خصماً وعدواً وفاسدة، إلى يد تعدّ لبنانية وبيضاء وتريد أن تعمر، بدقائق معدودة سوف تعيد دول الخليج النظر في موقفها من لبنان. دول الخليج معروف أنها تعدّ لبنان جوهرة بالنسبة إليها، ومعروف ذلك من العلاقات التاريخية التي تربطنا، لكن عندما يتغير لبنان ولا يعود لبنان الذي كنا نعرفه؛ فهذا شيء آخر».
ويضيف: «أكيد ليسوا مهتمين بلبنان الحالي، لن يهمهم لبنان قاسم سليماني (الجنرال في الحرس الثوي الإيراني الذي قتل في غارة أميركية)، لكن لبنان شارل مالك وكميل شمعون ورفيق الحريري وبشير الجميل يهمهم بالتأكيد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.