الشركات الأجنبية مهددة بالتأميم بعد انسحابها من روسيا

أسعار صرف الروبل الروسي في محل للصرافة في موسكو (إ.ب.أ)
أسعار صرف الروبل الروسي في محل للصرافة في موسكو (إ.ب.أ)
TT

الشركات الأجنبية مهددة بالتأميم بعد انسحابها من روسيا

أسعار صرف الروبل الروسي في محل للصرافة في موسكو (إ.ب.أ)
أسعار صرف الروبل الروسي في محل للصرافة في موسكو (إ.ب.أ)

من التهديد بتأميمها إلى تعزيز مراقبة النيابة لها، تضيق الدولة الروسية الخناق على الشركات الأجنبية الراغبة في الانسحاب من البلاد منذ تدخلها العسكري في أوكرانيا وفي مواجهة العقوبات التي تطول الاقتصاد الروسي، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن عدد كبير من الشركات الأجنبية انسحابها من روسيا أو على الأقل تقليص نشاطها أو تعليقه مؤقتاً، من بينها «بريتش بتروليوم» و«شل» و«ماكدونالدز» و«إتش آند إم» و«كوكا كولا».
وأدت العقوبات الغربية غير المسبوقة إلى انخفاض سريع في سعر الروبل، واحتمال تخلف روسيا عن سداد ديونها واحتمال فقدان مئات آلاف الوظائف وأزمة اقتصادية عميقة.
وأعلنت شركات أجنبية عدة انسحابها بسبب تأثير العقوبات المباشر عليها، ما سيجعل بقاءها مستحيلاً. وهناك شركات أخرى قامت بهذه الخطوة متأثرة بموجة من التعاطف لدى الرأي العام.
في مواجهة هذه المشكلة، تكثف السلطات الروسية الإجراءات لمنع هروب رؤوس الأموال ودعم الروبل. وقد وصل الأمر إلى التلويح بشبح إجراء مثقل بالمعاني التاريخية: التأميم.
فالشركات التي تنسحب بسرعة تترك مكاتب وبنى تحتية وبضائع.
ومن دون أن ينطق بهذه الكلمة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يؤيد تعيين مديرين «خارجيين» على رأس هذه الشركات «لنقلها إلى الذين يريدون تشغيلها».
لكنه أكد مع ذلك أن روسيا تبقى «منفتحة» على الأطراف الاقتصادية الأجنبية الراغبة في القيام بذلك، مشدداً على ضرورة «حماية» حقوقهم.
من جهته، تدخل حزب روسيا الموحدة الحاكم، مشيراً إلى أنه أعد مشروع قانون «سيكون الخطوة الأولى على طريق تأميم ممتلكات الشركات الأجنبية التي تغادر السوق الروسية». وهذا سيمر عبر مراقب قضائي.
وأضافت النيابة العامة، الجمعة، إلى هذه الخطوات أمراً بفرض «رقابة صارمة» على الشركات الأجنبية التي تعلن تعليق أنشطتها.
وقالت إن ما سيخضع للمراقبة هو «احترام قانون العمل وشروط عقود العمل ودفع الأجور وتسديد الالتزامات التعاقدية للمقاولين وللاتحاد الروسي»، تحت طائلة ملاحقات جزائية.
وعلى الإنترنت وفي المحادثات الخاصة يتم تناقل نكات حلوة مرة حول العودة إلى الحقبة السوفياتية.

ويرى الكرملين أن ذلك ليس أمراً سيئاً بالضرورة وإن كانت فترة نهاية الاتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن العشرين مرتبطة في نظر العديد من الروس بكل أنواع الفاقات.
وقال فلاديمير بوتين إن «الاتحاد السوفياتي عاش في ظروف عقوبات وتطور وحقق نجاحات هائلة»، مؤكداً من جديد أن الروس سيتغلبون على الصعوبات.
وقد طالبه الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف بـ«تجميد الأصول الأجنبية». وبعد دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا مباشرة هدد بمصادرة أموال الرعايا الأجانب في روسيا، لكنها تصريحات حذفت منذ ذلك الحين من شبكات التواصل الاجتماعي.
ويثير هذا النوع من التصريحات غضب رجال الأعمال الروس الذين يكونون مطيعين عادة.
وقال فلاديمير بوتانين، المساهم الرئيسي في مجموعة «نورنيكل» العملاقة وأحد الأثرياء القريبين من السلطة: «أود أن أدعو إلى تبني نهج حذر جداً بشأن مصادرة الشركات التي أعلنت انسحابها من السوق الروسية». وأضاف أن «هذا سيعيدنا مائة عام إلى الوراء إلى 1917» عام الثورة البلشفية.
وأضاف أن «عواقب خطوة من هذا النوع - انعدام ثقة العالم بروسيا من جانب المستثمرين - سنعانيها لعقود».
وأشار إلى أن العديد من الشركات لم تنهِ نشاطها، بل علقته «بعد ضغوط غير مسبوقة مارسها عليها الرأي العام الأجنبي»، ملاحظاً أن هذه الشركات قد تعود إلى البلاد.


مقالات ذات صلة

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا خبراء أوكرانيون يتفقدون الأضرار في موقع الهجوم الصاروخي الذي ضرب وسط خاركيف شمال شرقي أوكرانيا في 25 نوفمبر 2024 وسط الغزو الروسي للبلاد (إ.ب.أ) play-circle 01:26

روسيا تعلن إسقاط 8 «صواريخ باليستية» أطلقتها أوكرانيا

قالت موسكو إن دفاعاتها الجوية أسقطت 8 صواريخ باليستية أطلقتها أوكرانيا وسط تصاعد التوتر مع استخدام كييف صواريخ بعيدة المدى زودها بها الغرب ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مدنيون أوكرانيون يرتدون زياً عسكرياً خلال تدريبات عسكرية نظمها الجيش الأوكراني في كييف (أ.ف.ب)

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

قال مصدر أمني لوكالة الإعلام الروسية إن القوات الروسية ألقت القبض على بريطاني يقاتل مع الجيش الأوكراني في منطقة كورسك.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المرشح لمنصب الرئيس كالين جورجيسكو يتحدّث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

مرشح مُوالٍ لروسيا يتصدّر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيّد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية برومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حقّقها رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
TT

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)

انخفضت أسعار النفط يوم الثلاثاء، متأثرة بارتفاع الدولار، بعد أن هدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، إضافة إلى تقييم المستثمرين تأثير وقف إطلاق النار المحتمل بين إسرائيل و«حزب الله».

وبحلول الساعة 01:06 بتوقيت غرينيتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً، أو 0.38 في المائة، إلى 72.73 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتاً، أو 0.46 في المائة، إلى 68.62 دولار.

وهبطت أسعار الخامين القياسيين دولارين للبرميل عند التسوية الاثنين، بعد تقارير تفيد بقرب إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، وهو ما أدى إلى عمليات بيع للنفط الخام.

وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إنه سيوقع على أمر تنفيذي يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات المقبلة إلى بلده من المكسيك وكندا. ولم يتضح ما إذا كان هذا يشمل واردات النفط، أم لا.

وأثّر إعلان ترمب، الذي قد يؤثر على تدفقات الطاقة من كندا إلى الولايات المتحدة، على السلع الأساسية المقومة بالدولار. وتذهب الغالبية العظمى من صادرات كندا من النفط الخام البالغة 4 ملايين برميل يومياً إلى الولايات المتحدة، واستبعد محللون أن يفرض ترمب رسوماً جمركية على النفط الكندي، الذي لا يمكن استبداله بسهولة، لأنه يختلف عن الأنواع التي تنتجها بلاده.

وقالت 4 مصادر لبنانية رفيعة المستوى، إن من المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقفاً لإطلاق النار في لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل خلال 36 ساعة.

وقال محللون في «إيه إن زد»: «وقف إطلاق النار في لبنان يقلل من احتمالات فرض الإدارة الأميركية المقبلة عقوبات صارمة على النفط الخام الإيراني». وإيران، التي تدعم «حزب الله»، عضوة في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، ويبلغ إنتاجها نحو 3.2 مليون برميل يومياً، أو 3 في المائة من الإنتاج العالمي.

وقال محللون إن الصادرات الإيرانية قد تنخفض بمقدار مليون برميل يومياً، إذا عادت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى حملة فرض ضغوط قصوى على طهران، وهو ما سيؤدي إلى تقليص تدفقات النفط الخام العالمية.

وفي أوروبا، تعرضت العاصمة الأوكرانية كييف لهجوم بطائرات مسيرة روسية في وقت مبكر يوم الثلاثاء، وفقاً لما قاله رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو. وتصاعدت حدة الصراع بين موسكو، المنتج الرئيسي للنفط، وكييف هذا الشهر، بعد أن سمح بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب عمق روسيا، في تحول كبير في سياسة واشنطن إزاء الصراع.

من ناحية أخرى، قال وزير الطاقة الأذربيجاني برويز شاهبازوف لـ«رويترز»، إن «أوبك بلس» قد تدرس في اجتماعها يوم الأحد المقبل، الإبقاء على تخفيضات إنتاج النفط الحالية بدءاً من أول يناير (كانون الثاني)، وذلك بعدما أرجأت المجموعة بالفعل زيادات وسط مخاوف بشأن الطلب.