مطالب روسيا «كعب أخيل» للمحادثات النووية الإيرانية

الثلاثي الأوروبي محذراً من انهيار المفاوضات: «خيارات أخرى» ممكنة إذا عرقلت موسكو الاتفاق

المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا إنريكي مورا يتحدث للصحافيين أول من أمس (إ.ب.أ)
المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا إنريكي مورا يتحدث للصحافيين أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مطالب روسيا «كعب أخيل» للمحادثات النووية الإيرانية

المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا إنريكي مورا يتحدث للصحافيين أول من أمس (إ.ب.أ)
المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا إنريكي مورا يتحدث للصحافيين أول من أمس (إ.ب.أ)

وقعت المفاوضات النووية مع إيران الجارية في فيينا منذ قرابة العام، ضحية الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق المسار الدبلوماسي بسبب «العوامل الخارجية» إلى أجل غير مسمى، فيما استبعد الثلاثي الأوروبي التفاوض حول إعفاء على نطاق واسع لموسكو، فيما يتعلق بالضمانات التجارية التي تطلبها مع طهران، لكنه حذر من انهيار المحادثات إذا لم تحل العقبة الجديدة.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أمس، إن «هناك حاجة إلى وقفة في محادثات فيينا بسبب عوامل خارجية. النص النهائي جاهز بشكل أساسي وعلى الطاولة». وأضاف على «تويتر»: «بصفتي منسقاً سأستمر مع فريقي في التواصل مع جميع المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة والولايات المتحدة للتغلب على الوضع الحالي والانتهاء من الاتفاق».
أما نائب بوريل ومنسق المحادثات النووية إنريكي مورا، قد تحدث للصحافيين لدى مغادرته فندق «باليه كوبورغ»، وسط العاصمة النمساوية، قائلاً إنه يأمل في عودة الأطراف لطاولة التفاوض «قريباً جداً»، لكنه لم يذكر جدولاً زمنياً للموعد الذي يمكن أن تستأنف فيه. وقال إن «جميع الأطراف لا تزال تعمل بروح المرونة، وإنها على وشك التوصل إلى اتفاق». وشدد على أن واشنطن وطهران «دائماً ما اعتمدتا مقاربة بناءة جداً، إيجابية جداً»، معتبراً أن المفاوضات بلغت مرحلة كتابة «الهوامش»، أي أن النص الأساسي أنجز بشكل شبه كامل.
بُعيد إعلان الاتحاد الأوروبي، أفاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، بأن التوقف «قد يخلق زخماً لحل أي قضايا معلقة»، لكنه أكد أن العوامل الخارجية لن تؤثر على الإرادة في المضي قدماً للتوصل إلى اتفاق جماعي. وقال خطيب زاده على «تويتر»، «سيكون الاختتام الناجح للمحادثات هو محور التركيز الرئيسي للجميع».
وعاد كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووية علي باقري كني، أمس، إلى طهران، بعد ساعات قليلة من توقف المحادثات.
أتى هذا التطور، بعدما أعربت الأطراف الغربية عن قلقها من تأخر إنجاز التفاهم نتيجة طلب روسيا ضمانات أميركية مكتوبة بأن التجارة الروسية مع إيران لن تتأثر بالعقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. وأكدت واشنطن أنها لا تعتزم تلبية مطالب روسيا التي قالت إن لا علاقة لها بالمحادثات الإيرانية.

 باقري كني يغادر فندق «باليه كوبورغ» في فيينا أمس (أ.ف.ب)

- وعود روسية
أوضح مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي، أن وقف المحادثات لا يعني أنها «انهارت»، ولكن الأطراف المفاوضة تنتظر الآن رداً روسيّاً للعودة وإنجاز المفاوضات، منوهاً بأن موسكو تقدمت بـ«مطالب في الأيام الأخيرة الماضية لا تتعلق بالاتفاق النووي».
وأشار تحديداً إلى أن السفير الروسي ميخائيل أوليانوف، تقدم بطلب إلى المتفاوضين قبل أيام لأن تكون هناك «ضمانات ألا تتأثر البرامج النووية الروسية السلمية بالعقوبات الغربية المفروضة عليها»، بسبب العقوبات الغربية، مشيراً إلى إضافة هذه النقطة في نص الاتفاق.
ولكن أوليانوف عاد، حسب المسؤول الأوروبي، ليتقدم بمطالب أوسع وخارج نطاق الاتفاق النووي مع إيران «لا يمكن لأطراف الاتفاق أن تتجاوب معها». ونوه المسؤول بأن «المفاوضات الجارية تهدف لتطبيع العلاقة الدولية مع إيران وليس تطبيع علاقة كل دولة مع إيران بشكل ثنائي».
وحسب المسؤول، تعهد أوليانوف بالرد في غضون بضعة أيام، بما يتيح استئناف المفاوضات، ولكن مع ذلك رفضت المصادر تحديد موعد للعودة إلى فيينا، وقالت «نأمل أن يرد الروس خلال الأيام المقبلة كما وعدوا ولكن لا نعرف».
وشدد المسؤول الأوروبي على أن التوصل لاتفاق مع إيران من دون روسيا «غير ممكن»، وأن هكذا اتفاق سيكون مختلفاً كلياً، في إشارة إلى الحاجة لبدء عملية التفاوض من جديد. ومن ضمن الاتفاق، يتعين على روسيا كما حصل لدى تنفيذ اتفاق 2015، أن تشحن اليوارنيوم المخصب من داخل إيران من بين أمور تقنية أخرى منصوص عليها في الاتفاق النووي، نافياً إمكانية أن تكون هناك مفاوضات مباشرة بين الأميركيين والإيرانيين لمحاولة تخطي العقبة الروسية، وقال: «إيران متمسكة بعدم الحوار بشكل مباشر مع الولايات المتحدة حتى تعود واشنطن للاتفاق، ولا أعتقد أن هذا سيتغير؟».
تعليقاً على الموقف الروسي، نقلت وكالة «أرنا» عن مصدر إيراني في الفريق المفاوض النووي، أن «هناك بعض القضايا بين روسيا وأميركا لا تتعلق بالمفاوضات بين إيران و4+1... إنها قضية يجب أن تحل بين البلدين».
وأفادت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين بأن مطلب روسيا أثار غضب طهران في البداية، ويبدو أنه يساعدها هي وواشنطن على المضي قدماً في التوصل لاتفاق بشأن القضايا الشائكة القليلة المتبقية، لكن وابلاً مفاجئاً من التصريحات العلنية لمسؤولين إيرانيين من بينهم المرشد علي خامنئي، أول من أمس، أشار إلى تغيير في موقف طهران.
ورفض مبعوث روسيا للمحادثات ميخائيل أوليانوف، التلميحات، بأن موسكو هي السبب في توقف المفاوضات. وقال للصحافيين عقب اجتماعه مع منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، إن «إبرام الاتفاق لا يتوقف على روسيا وحدها... هناك أطراف أخرى تحتاج إلى وقت إضافي ولديها مخاوف أخرى تتم مناقشتها»، معرباً عن أمله في أن تنتهي المحادثات في أقرب وقت ممكن.
وقبل ذلك، قال أوليانوف في تغريدة مماثلة الأربعاء، «عليّ أن أقول إن المباحثات لم تنجز بعد، حتى النص النهائي (للتفاهم) لم ينجز بعد».
- خيارات أخرى
أعرب رئيسا الوفدين البريطاني والفرنسي في المحادثات عن خيبة أمل من توقف المفاوضات قُرب إنجاز الاتفاق، مشددين على ضرورة حل العوامل الخارجية التي أعاقت المحادثات، وحذرا من أنه بغير ذلك قد تنهار المحادثات.
وأكدت المبعوثة البريطانية ستيفاني القاق، جاهزية الترويكا الأوروبية لإبرام الصفقة، وكتبت على «تويتر»: «اتفاقاً عادلاً وشاملاً جاهز للتوقيع. لا بد من حل العوامل الخارجية في الأيام القليلة المقبلة وإلا سينهار الاتفاق المحتمل». وكرر نظيرها الفرنسي فيليب إيريرا تصريحاتها في تغريدة منفصلة.
واستبعد دبلوماسي من الثلاثي الأوروبي أن تكون هناك مفاوضات حول إعفاء على نطاق واسع لروسيا فيما يتعلق بالضمانات التجارية التي تطلبها مع إيران، مضيفاً أنه سيتعين على القوى العالمية النظر في خيارات أخرى إذا واصلت موسكو عرقلة العملية. وقال الدبلوماسي، الذي يتهم روسيا باستغلال المحادثات النووية، إن هناك «حاجة ملحة للغاية» للتوصل لاتفاق، نظراً لوجود عوامل خارجية أخرى يمكن أن تمثل تهديداً له، حسبما أوردت «رويترز».
وقال الدبلوماسي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، «إذا تم التأكد من أن العرقلة الروسية نهائية، فسنضطر إلى النظر في خيارات أخرى»، مضيفاً أن الأطراف المشاركة لا تريد أن تترك في وضع تتخذ فيه روسيا «الاتفاق رهينة». وأضاف أن «فشل هذا الاتفاق (...) سيكون مضراً إلى حد كبير وسيكون من غير المسؤول لروسيا أن تقدم على ذلك». وأضاف: «لدينا جميعاً مصلحة في التوصل إلى اتفاق»، مؤكداً أن لدى الصين «دوراً مهماً لتلعبه» في هذه اللحظة.
- في متناول اليد
أوردت وكالة «أرنا» الرسمية، أمس، عن مصدر مقرب من الفريق المفاوض الإيراني، أن «عدم اتخاذ القرار والمطالب الأميركية الجديدة تتحدى مسار إنجاز مفاوضات فيينا». وتوقع أن تتواصل المشاورات لحل القضايا العالقة بشكل نشط حتى مع عودة الوفود المفاوضة إلى عواصمهم.
وقال المصدر الإيراني، إن «الوقفة التي جرى الإعلان عنها كانت بمقترح من المنسق الأوروبي للمحادثات»، لافتاً إلى أن «الفريق المفاوض نقل مواقف ووجهة النظر (الإيرانية) بشأن آخر تفاصيل المسودة إلى الأطراف الأخرى»، و«في حال اتخذ الطرف المقابل القرارات المطلوبة سيكون الاتفاق في متناول اليد... لقد قدمت إيران استنتاجها الأخير بشأن المفاوضات للطرف الآخر، وإنجاز الاتفاق رهن قرار الأطراف الأخرى، خصوصاً أميركا»، موضحاً أن المقترحات الأميركية الجديدة جاءت بعد تقديم إيران استنتاجها من المفاوضات.
وعشية الإعلان، حاول بوريل أن يشجع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، على إبداء مرونة أكبر لتبادل الرسائل مع واشنطن من أجل التفاوض سريعاً.
وقال عبد اللهيان، إنه «لا يوجد أي تبرير منطقي لبعض من الطلبات الجديدة التي قدمتها الولايات المتحدة». ومن دون تحديد تفاصيل هذه المطالب، رأى عبد اللهيان أنها «تناقض» الموقف الأميركي «الداعي لإبرام اتفاق سريعاً»، معتبراً أن واشنطن «لا يمكنها أن تبعث إلينا يومياً رسالة جديدة ومختلفة عبر المنسق»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت مواقع إيرانية عن عبد اللهيان قوله «إثارة بعض القضايا المتعلقة بأبطالنا الوطنيين غير قابلة للنقاش». كما كتب عبد اللهيان على «تويتر»، أن «الاتفاق في متناول اليد إذا تصرف الجانب الأميركي بواقعية وثبات». وأضاف: «نتيجة المحادثات تحدد باتفاق جماعي وليس بمقاربة أحادية».
أتت تصريحات عبد الليهان في سياق انتقادات وردت على لسان كبار المسؤولين الإيرانيين، الخميس، «طلبات جديدة» وتسببها بـ«تعقيد» التفاوض، وعدم اتخاذ «قرارات سياسية» مطلوبة، ورفض المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل، تقليص القدرات الدفاعية (الصاروخية) والحضور الإقليمي والتقدم في التكنولوجيا النووية.
كانت الأطراف الغربية قد تحدث نهاية الشهر الماضي، عن مواقف إيرانية متشددة، بعد عودة باقري كني من مشاورات أجراها في طهران. وحددت الخارجية الإيرانية القضايا العالقة بمدى إلغاء العقوبات، وتقديم ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى، وحل المسائل المتعلقة بآثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في المواقع غير المعلنة.
واتفقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، السبت الماضي، على مقاربة وجدول زمني ينتهي في يونيو (حزيران) كحد أقصى، سعياً لإنهاء التحقيق بشأن المواد السرية. وتقول مصادر مطلعة على مجريات المحادثات في فيينا، إن إيران قدمت مطالب جديدة، مع الاستمرار في الإصرار على المطالب الحالية، منها إلغاء إدراج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة‭‭‭‭ ‬‬‬‬الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية الأجنبية وحذف كياناته من قائمة العقوبات.
لكن مسؤولاً كبيراً في الاتحاد الأوروبي أكد أن المحادثات لم تعد تناقش في الأيام الماضية رفع أي عقوبات جديدة، وبأن كل ما تتم مناقشته الآن هو المتعلق بقضايا تقنية تتعلق بكيفية رفع العقوبات. وقال: «هناك مسألتان أو 3 مسائل عالقة، وهي تقنية، ولكن النص النهائي أصبح جاهزاً بنسبة أكثر من 90 في المائة، ونحن الآن نناقش الحواشي والأمور التقنية المتبقية».
واعترف المسؤول الأوروبي بأن هناك «حالة من الإحباط»، لأن المفاوضات «اقتربت من النهاية، لكن بسبب عوامل خارجية توقفت»، وقال ممازحاً: «كان هناك مفاوض في آيرلندا الشمالية يقول بأنه كان لديه 700 يوم من الإحباط ويوم واحد من النجاح. وهذا اليوم سيأتي هنا أيضاً».
وكانت معلومات جرى تداولها في نهاية الأسبوع الماضي، بشأن اجتماع وزاري محتمل لإعلان التوصل إلى اتفاق يعيد طهران إلى الامتثال للقيود المفروضة على أنشطة النووية المتسارعة، وفي المقابل تستأنف واشنطن عضويتها في الاتفاق، بعد نحو أربع سنوات من قرار الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على طهران.



كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

في الوقت الذي يُجمع السياسيون الإسرائيليون على الشكوك إزاء سياسة القادة الجدد لسوريا ما بعد بشار الأسد، ويُحذِّرون من سيطرة الفكر المتطرف ويساندون العمليات الحربية التي قام بها الجيش الإسرائيلي لتحطيم الجيش السوري، ويعدّونها «خطوة دفاعية ضرورية لمواجهة هذه الاحتمالات والأخطار»، بادر الكاتب والمؤرخ آفي شيلون إلى طرح مبادرة على الحكومة الإسرائيلية أن توجِّه دعوة إلى قائد الحكم الجديد في دمشق، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) إلى زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى.

وقال د. شيلون، وهو مؤلف عدة كتب في السيرة الذاتية لقادة إسرائيليين ومُحاضر في جامعات أميركية وإسرائيلية، إن «سقوط سوريا، إلى جانب وقف النار المحفوظ تجاه (حزب الله) المهزوم في الشمال، والشائعات عن صفقة -وإن كانت جزئية- لتحرير المخطوفين في غزة، يضع إسرائيل، لأول مرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) في موقف تفوق استراتيجي. فإذا كان يبدو في بداية الحرب أن الحديث يدور تقريباً عن حرب الأيام الستة للعرب وأن إسرائيل فقدت من قوتها بعد أن هوجمت من الشمال والجنوب والشرق... يبدو الآن أن الجرة انقلبت رأساً على عقب. السؤال الآن هو: ما العمل في ضوء التفوق الاستراتيجي؟

مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)

وأضاف شيلون، في صحيفة «هآرتس»، الخميس: «لقد سبق لإسرائيل أن وقفت أمام تفوق مشابه، وفي حينه أيضاً لم يُستغَل كما ينبغي. في 2011 بدأ الربيع العربي الذي أدى إلى انهيار دول عربية، فيما وجدت إسرائيل نفسها جزيرة استقرار وقوة في منطقة عاصفة. (حزب الله) أخذ يغرق في حينه في الحرب الأهلية في سوريا لكن بدلاً من استغلال الوضع ومهاجمته فضَّلت إسرائيل الانتظار حتى تعاظمت قوته وفي النهاية هاجمنا. الربيع العربي جلب أيضاً فرصاً سياسية. لكن بدلاً من الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين فيما نحن في موقف تفوق والعالم العربي في ضعفه، اختار نتنياهو التباهي في تلك السنين بما سمّاه (العصر الذهبي) لإسرائيل، واتهم معارضيه بأنهم (محللون). المسألة الفلسطينية دُحرت بالفعل في حينه إلى الزاوية إلى أن تفجرت علينا بوحشية في 7 أكتوبر. هكذا حصل بحيث إنه باستثناء (اتفاقات إبراهام)، التي هي الأخرى تحققت بقدر كبير بفضل إدارة ترمب السابقة، إسرائيل لم تستغل الربيع العربي لصالح مستقبلها».

ومن هنا استنتج الكاتب أن على إسرائيل أن تستغل هذه المرة ضعف المحور الإيراني والتطلع إلى صفقة كاملة في غزة تعيد كل المخطوفين مقابل إنهاء الحرب، بالتوازي مع تغيير حكم «حماس»، المنهار على أي حال، إلى سلطة فلسطينية خاضعة للرقابة، إلى جانب وجود دول عربية هناك. بالتوازي ينبغي التوجه إلى الفلسطينيين بعرض لاستئناف محادثات السلام. نعم، الآن بالتحديد، حين يكون واضحاً للفلسطينيين أيضاً أن «حماس» فشلت وأعداء إسرائيل في ضعفهم، من المجدي مرة أخرى تحريك المسيرة السياسية. كما أن الأمر سيساعد على تحسين صورتنا في العالم. ويمكن التفكير أيضاً في مبادرة جريئة تجاه سوريا الجديدة، فمنذ الآن الإيرانيون والروس والأتراك والأميركيون يحاولون تحقيق نفوذ على الحكم، فلماذا إذن لا نفاجأ نحن بدعوة الجولاني لزيارة القدس، بما في ذلك الصلاة في الأقصى، مثل زيارة أنور السادات في 1977؟ فإذا كان هذا يبدو شيئاً من الخيال، فإنه يمكنه أيضاً أن يكون مبادرة حتى أهم من زيارة السادات، وذلك لأنه إذا ما استجاب الجولاني للدعوة فإنها يمكنها ان تشكل مصالحة مع العالم الإسلامي وليس فقط مع دولة سوريا.