بولا يعقوبيان: وجود المرأة في مراكز القرار حقّ طبيعي

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن الحياة السياسية اللبنانية بحاجة إلى «أمّ»

بولا يعقوبيان
بولا يعقوبيان
TT

بولا يعقوبيان: وجود المرأة في مراكز القرار حقّ طبيعي

بولا يعقوبيان
بولا يعقوبيان

تشدد النائبة اللبنانية المستقيلة والإعلامية بولا يعقوبيان على ضرورة أن «تكون المرأة مشاركة وفاعلة في المجتمع ليعمل بكل طاقته»، ووجوب أن «تكون كل مكوناته ممثلة».
وتقول بولا يعقوبيان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «حق المرأة الطبيعي في أن تكون موجودة في مراكز اتخاذ القرار، إن كان على صعيد مجالس الإدارة أو الوزارات أو الرئاسات. هي فرد في المجتمع لا تريد أخذ مكان الرجل، بل تريد أخذ مكانها ومكانتها، ليست حرفاً ناقصاً، وتستطيع أن تكون في الحياة السياسية للقيام بما فيه مصلحة الناس». وترى أنه «من المفيد أن يكون هناك أمّ في الحياة السياسية، خصوصاً بعدما وصلنا إلى مكان أصبحت الأمور صعبة على الجميع اللبنانيين».
وعن سقوط «الكوتا» النسائية من قانون الانتخابات الحالي، تأسف يعقوبيان لكون «مجتمعاتنا ذكورية بطريركية أبوية»، لافتة إلى أن «المفاهيم الدينية والموروثات تركز على جانب التبعية للمرأة، في حين أن المجتمع المتوازن يجب أن يكون فيه مساواة وعدالة وتوزيع عادل للواجبات والحقوق».
وإذ تعترف بأن «الكوتا هي تمييز»، لكنها تضعه في إطار «التمييز الإيجابي»، وتعتبر أنه «تصحيح لخطأ تاريخي بعدما كانت المفاهيم ظالمة وتجبر المرأة على البقاء في المنزل وتحرمها من حق التعليم، ما أدّى إلى تأخر وصولها إلى مراكز القرار». وتضيف: «الكوتا تساعد على محي التمييز الجندري الموجود في لاوعينا، وبهذا المعنى هي تعيد العدالة والتوازن أمام الماضي المسيء والمجحف بحق المرأة، والمقصر إلى يومنا هذا».
بولا يعقوبيان التي بدأت حياتها المهنية في مجال الإعلام في عام 1995. انتقلت إلى العمل السياسي في عام 2018، حيث ترشحت للانتخابات النيابية مع لائحة «كلنا وطني» وفازت بمقعد لها في بيروت. وعن الفرق بين الميدانين، تشرح أنه «كبير جداً، وعادة ما يكون تأثير الصحافة على الناس أكبر من السياسة في العالم أجمع، أما في لبنان فتأثير السياسي على الناس هو الطاغي، لذلك أصبحت المعارضة السياسية في لبنان هي للدفاع عن النفس، وأصبحنا مضطرين إلى مواجهة مافيا لم تبقِ ولم تذر، وما زالت مستمرة»، موضحة أن عملها السياسي «يسمح بإيصال الصوت والمشاركة في التغيير».
وعن حظوظ المعارضة والمجتمع المدني في الانتخابات النيابية في 15 مايو (أيار) المقبل، تجزم بولا يعقوبيان بأنها «ستكون انتخابات المفاجآت الكبيرة»، وتقول: «من الصعب التفكير أن اللبنانيين قد يمددون أو يعطون فرصاً جديدة لأحزاب استنزفت البلد لسنوات طويلة وأوصلتنا إلى الانهيار الشامل».
وتتمسك بولا يعقوبيان بأمل «أن تكون الانتخابات المقبلة باب تغيير أوسع من المتوقع»، وتضيف: «التغيير سيكون أكبر مما تتوقع الإحصاءات. نحن نجهز ليل نهار لتقديم لوائح ومرشحين ذات مصداقية ونجاحات في حياتهم الخاصة والعامة والعملية، لإعطاء الثقة للناس بقدرتنا على التغيير».
وإذ تدعو إلى «محاسبة الحزب الحاكم لتحسين أدائه وإجباره على الاهتمام بمصالح الناس»، توضح أن أهمية الانتخابات تكمن في المحاسبة الشعبية، خصوصاً في صناديق الاقتراع، في ظل غياب كافة أنواع المحاسبة في لبنان»، مشيرة إلى أن «الثورة والرد على أحزاب السلطة اليوم تكون في صناديق الاقتراع».
وعن السبب الذي دفعها إلى الترشح للانتخابات من جديد رغم استقالتها من المجلس النيابي الحالي، تؤكد أن «الاستقالة من هذا المجلس كانت ضرورية جداً، ووجودنا فيه يجعل منا شهود زور، ويعتبر بمثابة تغطية على ممارسات المجلس الذي كان يتعاطى وكأن الديمقراطية سائدة».
وتلفت إلى أن «الصراخ في المجلس النيابي الحالي لم يعد مجدياً، ما لم نستطع القيام بتغيير حقيقي وفرق في حياة الناس يجب الاستقالة والقتال بطريقة مختلفة، ولذلك خرجنا». وتتابع: «إما نعود بشكل أقوى، وكتل أكبر، وصلابة تخولنا العمل لمصلحة الناس ولإقرار قوانين أفضل ولبلد أفضل، وإلا فما الفائدة»؟
ولسيدات لبنان ورجاله، تتوجه بالقول: «نحن أمام مسؤولية كبيرة، للعمل وصولاً إلى لوائح انتخابية موحدة رغم أن الأجهزة وأحزاب السلطة تعمل جاهدة على تشتيت الصوت المعارض، بعدما خرج 70 في المائة من اللبنانيين عن سيطرتهم ولم يعد باستطاعة أحزاب السلطة إقناعهم بالتصويت للطغمة الحاكمة نفسها، فلجأوا إلى تشتيت الصوت المعارض بكل الطرق والوسائل وبالترغيب والترهيب».
وعن تاريخ إعلان لوائح المجتمع المدني، تؤكد بولا يعقوبيان أنها ستعلن في أوانها، وتفسّر أنه «سيتمّ الإعلان عنها تباعاً، في مناطق قبل أخرى، في حين سيتم التحفظ عن إعلان لوائح معينة حتى اللحظة الأخيرة». كما تشير إلى أن هناك أسماء لمرشحين سيتم تأخير الإعلان عنها لحمايتها من التعرض لحملات تشهير وتشويه وتضليل واسعة جداً من قِبل ما أسمته «المافيا».
وتؤكد يعقوبيان أن «الشعارات وشد العصب الطائفي والمذهبي لم يعد ينفع، وسقطت كل الأقنعة، لذلك نحن اليوم في مكان مختلف». ووفقاً لها، «هذه الثورة هي ثورة وعي وتحتاج إلى وقت لتظهر نتيجتها. لكن دون أدنى شك، سنرى اختلافاً كبيراً في الانتخابات المقبلة وإيماننا كبير باللبنانيين».
وعن الدور الذي تلعبه حملة «دفى» التي أطلقتها بولا يعقوبيان في عام 2013 في الظرف الاقتصادي الصعب الذي ينهك اللبنانيين، توضح بولا يعقوبيان أن «دفى» انطلقت منذ 9 سنوات من دون توقف، «كانت حملة سنوية ولكن مؤخراً، وبسبب الأحداث الاستثنائية التي تواجه لبنان والتي بدأت مع حرائق الغابات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. مروراً بالانهيار الاقتصادي، ولم تنته مع جائحة كورونا، تحولت (دفى) إلى حملة يومية ولم تتوقف لحظة عن محاولة توفير الضروريات للأسر المحتاجة من أجل البقاء على قيد الحياة».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.