حضور لافت لقضايا الهجرة والفقر في «الأقصر السينمائي»

«إمبراطورية الصمت» و«العالقات» و«زوجة حفار القبور»

فيلم «أبعد ما تأخذني في خطاي»  (الأقصر السينمائي)
فيلم «أبعد ما تأخذني في خطاي» (الأقصر السينمائي)
TT

حضور لافت لقضايا الهجرة والفقر في «الأقصر السينمائي»

فيلم «أبعد ما تأخذني في خطاي»  (الأقصر السينمائي)
فيلم «أبعد ما تأخذني في خطاي» (الأقصر السينمائي)

تتناول الأفلام المشاركة في الدورة الحادية عشرة، من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، والتي تستمر حتى 10 مارس (آذار) الحالي، قضايا وأزمات دولية شائكة مثل الفقر، والفساد، وعدم المساواة، والهجرة. ويحتفي «الأقصر السينمائي» هذا العام بالسينما الأوغندية، ويعرض 45 فيلماً من 35 دولة مقسمة على عدة مسابقات (الروائية الطويلة، القصيرة، التسجيلية، دياسبورا).
ووفق الناقدة الفنية مروة أبو عيش، مديرة قسم أفلام وبرمجة المهرجان، فإنه يركز منذ تأسيسه قبل 11 عاماً، على قضايا وهموم أبناء القارة السمراء، وفي السنوات الثلاث الماضية حرصت إدارته على التعمق في تلك القضايا المصيرية، عبر استحداث مسابقة خاصة بعنوان «دياسبورا»، وهي المسابقة التي تبرز وتركز على تشتت الأفارقة في قارات العالم المختلفة، «وقمنا بجلب الأفلام التي يخرجها أفارقة يعيشون خارج ديارهم، أو الأفلام التي تركز على قضايا وهموم الأفارقة بعيون أجنبية».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «في الدورة الجارية قمنا بزيادة عدد الأفلام المشاركة في المسابقة ليصل عددهم إلى 10 أفلام، وهو رقم قياسي مقارنة بالدورات السابقة».
وعن أبرز الأفلام التي تناقش قضية هجرة أبناء أفريقيا إلى شتى بقاع العالم، قالت مروة أبو عيش: «أفلام دورة 2022 ركزت على المرأة الأفريقية المشتتة في أوروبا، لذلك قمنا باختيار فيلم (صلوات ديلفين) الذي يمثل دولتي بلجيكا والكاميرون، وتدور قصته حول السيدة الكاميرونية ديلفين التي تهاجر من الكاميرون إلى بلجيكا، وهي في الثلاثين من عمرها، بسبب ما تعرضت له من اغتصاب وخيانة وفقر في بلدها».
وأشادت مديرة الأفلام بالمهرجان بالفيلم الصربي «أبعد ما تأخذني في خطاي» للمخرج ستيفان آرسينيفتش، وتدور قصة الفيلم، حول بعض الأشخاص الذين لا يجيدون التخطيط للمستقبل، ويرضون دوماً بالأمر الواقع، حيث يناقش العمل قصة فنانة غانية ناشئة تعيش مع زوجها لاعب الكرة في دولة صربيا، وطموحها يجذبها للذهاب والسفر إلى بلجيكا من أجل تحقيق أحلامها ولكنها تصدم بعقلية زوجها الذي لا يريد الخروج من قوقعته، وهنا تقابل شخصاً بلجيكياً يقوم بدوره الفنان اللبناني مكسيم خليل، الذي ينصحها بالذهاب إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، من أجل تحقيق حلمها وهو الشخص الذي يتسبب في انفصالها عن زوجها».
وكشفت مروة أبو عيش أن ظهور مكسيم خليل في الفيلم الصربي هو أول ظهور له في عمل درامي يناقش قضايا القارة السمراء في مسيرته الفنية الطويلة.

فيلم «زوجة حفار القبور» (الأقصر السينمائي)

وعن الحروب الأهلية التي مزقت القارة الأفريقية، تدور قصة فيلم البلجيكي «إمبراطورية الصمت»، الذي يخرجه المخرج البلجيكي تيري ميشال عن مأساة الحرب الأهلية التي مزقت جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأشارت مروة أبو عيش إلى أن «الفيلم يعد قصة حقيقية عاشها مخرجه ميشال الذي مكث ما يقرب من 30 عاماً في الكونغو وعاصر خلالها كل معاناة الشعب الكونغولي».
وتحدثت مروة أبو عيش عن الفيلم الصومالي «زوجة حفار القبور» الذي يعرض ضمن أفلام المسابقة الروائية الطويلة قائلة: «فيلم (زوجة حفار القبور) أحد أجمل الأفلام المشاركة في الدورة الحادية عشرة من المهرجان، ويناقش صعوبات الحياة والمرض والفقر الذي تتمتع به أغلبية الدول الأفريقية، فتدور قصته حول (جوليد) حفار القبور الذي يعاني نجله الوحيد من مرض مزمن في الكلى بسبب الأمراض والأوبئة المنتشرة في بلاده ورغم ذلك يكافح ويحاول أن يعيش سعيداً»
وعن أكثر الأفلام التي خطفت انتباهها، وتناقش صعوبات الحياة في أفريقيا، تقول مسؤولة برمجة أفلام الأقصر السينمائي: «الفيلم الغاني (دورة مياه بأفريقيا) والذي ناقش صعوبات الحياة في غانا، والتشدد من قبل الحكومة الغانية ضد السكان، وعدم توفر موارد الحياة والبنية التحتية التي تسمح للإنسان بحياة كريمة».
وضمن عروض برنامج الفيلم التسجيلي الطويل، يشارك الفيلم المغربي «العالقات» للمخرجة مريم آدو، الذي يرصد قصص كفاح ثلاث نساء من أجل الطلاق، وبعد الانتظار لسنوات يقررن اللجوء لمحاكم مدنهن، حيث الإجراءات ليست طويلة الأمد فحسب، بل أيضاً سخيفة، إذ يتعين على النساء الثلاث أن يثبتن أولاً أن أزواجهن غائبون.
وفي البرنامج ذاته يُعرض الفيلم المصري «الأسود العواجيز» للمخرج إبراهيم عباس، والذي تدور أحداثه في جنوب مصر حول مجموعة من الفنانين المجهولين المنتشرين في قرى مختلفة، ويعبرون عن أنفسهم بالغناء أكثر من الأحاديث. وفي عروض مسابقة الأفلام الروائية الطويلة يُعرض فيلم «ماريا كريستو» من إخراج بول س. ويلو، من زامبيا، ويدور الفيلم حول «بومبا» الكاتبة الطموحة التي تتحدى الكنيسة، وتفعل كل ما في وسعها من أجل المساواة والفكر المستنير.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.