مصر تحفّز رواد صناعة الأزياء بأول جائزة متخصصة

مسابقة تمهيدية للمشاركة في أسابيع الموضة

علامة ريم جانو
علامة ريم جانو
TT

مصر تحفّز رواد صناعة الأزياء بأول جائزة متخصصة

علامة ريم جانو
علامة ريم جانو

يشهد عالم الموضة والأزياء تغيرات غير متوقعة، في حين ما أثر الوباء سلباً على بعض الصناعات، يمكن القول إن الموضة كانت أحد المستفيدين، لكن لمن هو قادر على التكيف. التغيرات التي طرأت على الصناعة فتحت أبواباً أمام جيل صاعد من المصممين الشباب، يمكنه الانطلاق نحو تأسيس علامة تجارية عابرة للحدود دون الحصول على تأشيرة. بيد أن هذه المتغيرات شجعت صُناع الموضة في مصر على تسليط الضوء على جيل المبدعين المصريين الشباب.
في هذا الصدد، احتضنت مصر لأول مرة، جائزة متخصصة في الأزياء والحُلي، بعد أن أطلقت المؤسسة المصرية للأزياء والموضة مسابقة تقدم لها أكثر من 300 مصمم بين الأزياء والمجوهرات والإكسسوار، على أن يتم التقييم من قبل لجنة متخصصة، بجانب تصويت المستهلكين، الذي أتيح على مدار شهر كامل.
وضمت لجنة التحكيم مجموعة من صُناع الموضة مثل سوزان ثابت عضو مجلس إدارة المجلس المصري للأزياء والتصميم، ورائدة الأعمال شيرين رفاعي، وصحافية الموضة بجريدة «الشرق الأوسط» جميلة حلفيشي، والمخرج الفني والمصور كيغام دجغاليان.
تنافس المشاركون على أربع فئات ضمت فئة المصممين الشباب من خريجي 2019 أو 2020 في قطاع تصميم الأزياء أو الإكسسوارات أو المجوهرات، وفئة المصممين الناشئين ممن لديهم علامة تجارية ناشئة عرضت تجارياً لمدة لا تقل عن سنتين إلى 8 سنوات كحد أقصى.
وتقول سوزان ثابت لـ«الشرق الأوسط»: «مصر زاخرة بالمواهب الشابة التي بحاجة إلى مساعدة المتخصصين، وهذا من البداية كان الغاية من إنشاء مجلس مصري لدعم صُناع الأزياء»، وأشارت إلى «أن هذه المسابقة نتاج تعاون المجلس مع جهات عدة سواء على مستوى الدولة، متمثلة في وزارات التجارة والصناعة والزراعة، فضلاً عن كيانات معنية بمستقبل صناع الموضة في مصر، مثل شركة (مراكز)، والمركز الثقافي البريطاني».
وعما تقدمه الجائزة للفائزين تقول ثابت: «مجرد المشاركة في محفل كهذا، والاحتكاك بكبار صناع الموضة في مصر والوطن العربي، هي تجربة داعمة للمصممين الشباب، ولكن بالطبع سيجني الفائزون ثمار التجربة على الفور من خلال الذهاب إلى أسبوع الموضة في لندن، في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومتابعة واحدة من أهم التجارب النابضة في عالم الموضة وما يمر به صناعها من ضغوط، هذا يضع المصمم الشاب أمام تحديات تعده ليصبح مصمما عابرا للحدود».


علامة جيري

وشارك في حفل توزيع الجوائز مساء الأحد الماضي، مصمم الأزياء الراقية، اللبناني رامي قاضي، الذي أعرب عن سعادته للحراك الداعم لصغار المصممين في الوطن العربي، ويقول قاضي، لـ«الشرق الأوسط»: «تغمرني السعادة حين أتابع جيلاً صاعداً من المصممين العرب، لأن أوطاننا زاخرة بالفنون والمواهب، لا سيما مصر التي أفتخر بمشاركتي بأحد محافلها، كذلك، صغار المصممين بحاجة ماسة للدعم لأن دخول سوق الموضة والمنافسة ليس بالأمر السهل».
ويرى قاضي أن «الوطن العربي ثري بالمواهب، سواء في تصميم الأزياء أو الحُلي، حيث خرجت منه أسماء عالمية بارزة، لكن هذه السوق تحتاج إلى المثابرة والجد، وخصوصاً لمن يحلم بكتابة اسمه بين كبار المصممين في العالم، إذ يجب عليه أن يغزل نسيجه الخاص بعيداً عن السائد، فهذا هو سر التميز».


علامة جيري تفوز بجائزة الإكسسوار

من جانبها، أعربت الممثلة وعارضة الأزياء المصرية، سلمى أبو ضيف، عن سعادتها بالمشاركة في حفل توزيع جوائز الموضة المقام لأول مرة في مصر، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا معنية كثيراً بالعلامات الناشئة في مصر، وأرى أن ثمة مصممين موهوبين بحاجة إلى الدعم وتمهيد الطريق، ولا يقف دعمي عند المشاركة والاحتفاء، بينما شاركت عدة مرات في جلسات تصوير ترويجية لعلامات ناشئة سواء للأزياء أو المجوهرات».
وأضافت: «لا أعتمد في اختياراتي على العلامات البارزة فحسب، بينما المعيار هو مدى اقتناعي بالعمل، حتى إنني أعتمد إطلالات بأنامل مصرية ناشئة، أو علامات مصرية برزت بالفعل مثل «ميسز كيبا» التي اعتمدت بذلة عصرية من تصميماتها لإطلالة الحفل».
وفازت بجائزة المصممين الشباب مارينا عازر، بينما فازت بجائزة المجوهرات المصممة المصرية ريم جانو، أما فئة الإكسسوار فازت بها علامة «جيري»، بينما فاز بجائزة تصميم الأزياء للمحترفين، مصمم الأزياء الرجالية معاذ البحيري.
وتعلق كاثي كوثين، رئيس قطاع الفنون في المجلس الثقافي البريطاني على الجوائز، قائلة: «نؤمن أن الصناعات الإبداعية تجلب فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة، لذلك نحرص بشكل مستمر على دعم صانعي السياسات والقادة المبدعين، ورواد الأعمال المبدعين على تطوير أعمالهم، وبناء علاقات مع القطاعات المرتبطة بأعمالهم في بريطانيا وتوفير مكان لهم على الساحة الدولية».
وكشفت سوزان ثابت عن الحدث الأهم في مصر فيما يخص عالم الموضة، وهو انطلاق أول أسبوع للموضة في مصر مايو (أيار) القادم، لتلحق بانتعاش هذا السوق في الوطن العربي بعض المحافل التي أقيمت في دبي والرياض.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».