لبنان: ملامح أزمة قمح ونقص في مادة الزيت

يستورد 60 % من احتياجاته من القمح من أوكرانيا

داخل أحد الأفران في بيروت أمس (رويترز)
داخل أحد الأفران في بيروت أمس (رويترز)
TT

لبنان: ملامح أزمة قمح ونقص في مادة الزيت

داخل أحد الأفران في بيروت أمس (رويترز)
داخل أحد الأفران في بيروت أمس (رويترز)

انعكست الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي في لبنان حيث بدأت تلوح أزمة قمح في البلاد كون لبنان يعتمد بشكل أساسي على تلبية احتياجاته من القمح من أوكرانيا، ويتوقع ألا تكفي الكمية الموجودة لأكثر من شهر واحد ما استدعى بدء المباحثات مع دول أخرى لتأمين البديل، فيما التأثير سيكون أقل وطأة على مادة زيت دوار الشمس لتوفر بدائل عنه، لكن بأسعار مرتفعة نتيجة زيادة الطلب عليها.
وفيما عمد وزير الاقتصاد أمين سلام إلى تشكيل خلية لإدارة الأزمة الناتجة عن هذه الحرب، قال إن احتياطيات لبنان من القمح تكفي لمدة شهر على الأكثر، ويسعى إلى عقد اتفاقات استيراد من دول مختلفة وسط مخاوف في السوق بسبب الأزمة الأوكرانية، بحسب ما ذكرت «وكالة رويترز».
وتأتي مشكلة استيراد القمح لتفاقم الأزمة في لبنان التي نتجت عن تدمير صوامع القمح الرئيسية في انفجار مرفأ بيروت عام 2020، ومنذ ذلك الحين لا تملك البلاد سعة كافية لتخزين إمدادات تزيد على شهر واحد، إضافة إلى الأزمة المالية وتحديداً «أزمة الدولار» التي أدت إلى رفع سعر ربطة الخبز أضعافاً.
ولفت سلام إلى أن لبنان الذي يستورد ما يقرب من 60 في المائة من احتياجاته من القمح من أوكرانيا، يجري محادثات مع دول أخرى لاستيراد القمح بما في ذلك الولايات المتحدة والهند وفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، متحدثاً عن مؤشرات إيجابية وقال: «لا نريد خلق حالة من الذعر». وأعلن أمس أن الدولة تسعى للتوصل إلى اتفاقيات بشأن استيراد القمح بأسعار مناسبة لتأمين احتياطات تصل إلى شهرين، مؤكداً أنه من المهم أن «نستطيع أخذ التزامات من بعض الدول وبعض الشركات بأسعار مخفضة نشتريها ونحجزها ونؤمن شهراً أو شهرين من مخزون القمح».
من جهته، قال جريس برباري مدير عام الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد والتجارة يوم أمس، لوكالة رويترز إن احتياطيات لبنان من القمح تكفي لمدة تتراوح بين شهر ونصف وشهرين، مشيراً إلى أن شحنتي قمح إلى لبنان كان يتم تحميلهما في أوكرانيا تأخرتا بسبب الحرب. وأوضح نقيب مستوردي القمح في لبنان، أحمد حطيط، لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان يستورد 50 ألف طن من القمح شهرياً و600 ألف في السنة، واستورد عام 2021، 520 ألف طن، مشيراً إلى أن 80 في المائة من الكمية تستورد من أوكرانيا والبقية من روسيا ومولدافيا، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه في حال استمرت الحرب وقتاً طويلاً قد يصبح من الصعب الحصول على القمح من كل بلدان البحر الأسود بحيث لا يبقى أمامنا إلا الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن تكلفة هذا الخيار لجهة سعر القمح أو لجهة تكلفة نقله، ستكون أكبر وستنعكس بلا شك على رغيف الخبز في لبنان. وأوضح حطيط: «تحتاج شحنة القمح من أوكرانيا للوصول إلى لبنان نحو سبعة أيام بينما من أميركا ستتطلب ما لا يقل عن 25 يوماً»، مشيراً إلى أن ما يحصل اليوم يزيد الأزمة الناتجة عن تدمير إهراءات القمح وأزمة الدولار التي أدت إلى ارتفاع تكلفة الخبز في لبنان.
ورغم أن التأثير الأكبر للحرب سيكون على القمح، فهي ستنعكس أيضاً على زيت دوار الشمس الذي يستورد لبنان 60 في المائة من حاجياته منه من أوكرانيا بحسب ما قال نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني البحصلي لـ«الشرق الأوسط». وفيما يلفت بحصلي إلى أن الأسواق اللبنانية ستعاني نقصاً في مادة الزيت، لا سيما أننا قادمون على شهر رمضان المبارك حيث يزيد الطلب عليها، يقول: «الإرباك أصاب السوق العالمية وليس فقط لبنان وبالتالي سينعكس على توفر المادة في الأسواق وعلى ارتفاع سعرها نتيجة زيادة الطلب على البدائل المتمثلة مثلاً بزيت الصويا وزيت الذرة»، مشيراً كذلك إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في استيراد الزيت إنما أيضاً بإمكانية تخليص الشحنات التي سبق أن انطلقت من أوكرانيا نتيجة عدم القدرة على استكمال الإجراءات الإدارية المطلوبة.
وأمس عبر تجمع المطاحن عن تأثير الحرب على استيراد القمح، وقال في بيان له إن «الحرب والأحداث التي تشهدها أوكرانيا التي تعتبر المصدر الرئيسي لمادة القمح، أدتا إلى إلغاء كل صفقات بيع القمح بسبب القوة القاهرة، ما أدى إلى ارتفاع سعر طن القمح بما بين 45 و50 دولاراً أميركياً».
وأبدى التجمع «تخوفه مما يحصل وتأثيره على استمرار استيراد مادة القمح من أوكرانيا ما يحتم البحث عن مصادر جديدة»، داعياً «جميع المسؤولين المعنيين للعمل على الطلب من مصرف لبنان تحويل ثمن القمح المستورد والذي تم تحميله على البواخر الموجودة في عرض البحر، اليوم وفوراً. لا سيما أن المصدرين لديهم رغبة في تحويلها إلى بلدان أخرى للاستفادة من فارق الأسعار بعد ارتفاعها وزيادة الطلب على القمح».



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.