ترمب يشيد بـ«عبقرية» بوتين ويعكس انقساماً بين الجمهوريين

ترمب يشيد بـ«عبقرية» بوتين ويعكس انقساماً بين الجمهوريين
TT

ترمب يشيد بـ«عبقرية» بوتين ويعكس انقساماً بين الجمهوريين

ترمب يشيد بـ«عبقرية» بوتين ويعكس انقساماً بين الجمهوريين

تسببت تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، التي وصف فيها اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالجمهوريتين الانفصاليتين عن أوكرانيا بـ«العبقرية»، بانتقادات واسعة سواء من البيت الأبيض أو من بعض الجمهوريين.
وفي مقابلة مع برنامج إذاعي على محطة يمينية محافظة، أشاد ترمب باعتراف بوتين بالمنطقتين الانفصاليتين، واصفاً الأمر بأنه عمل «عبقري». ورأى ترمب أن تكتيكات بوتين كانت «ذكية»، دون أن يعقّب أكثر، قائلاً إن الولايات المتحدة يمكن أن تطبِّق مثل هذه التكتيكات عند حدودها مع المكسيك. وفي بيان منفصل، انتقد ترمب طريقة إدارة الرئيس بايدن للأزمة مع أوكرانيا، مذكّراً بـ«العلاقة المتينة» التي كانت تجمعه ببوتين. وأكد أنّ بوتين ما كان ليتصرّف على هذا النحو «أبداً» في ظلّ إدارته. وقال: «لو أُديرت الأزمة بشكل صحيح لما كان هناك أي سبب لحدوث ما يحدث حالياً في أوكرانيا». وأضاف: «أعرف فلاديمير بوتين جيداً، وما كان ليفعل أبداً في ظلّ إدارة ترمب ما يفعله حالياً، مستحيل». وعدّ العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن حالياً «ضعيفة». وقال: «إنها غير مهمّة مقارنة بالاستيلاء على بلد وأراضٍ ذات مواقع استراتيجية». وأضاف: «لم يحصل بوتين على ما أراده دائماً فحسب، ولكنه يزداد ثراءً من ارتفاع أسعار النفط والغاز».
ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض جين ساكي تصريحات ترمب، مساء الثلاثاء. وقالت للصحافيين: «من باب السياسة، نحاول ألا نأخذ نصيحة من أي شخص يشيد بالرئيس بوتين واستراتيجيته العسكرية». وكتبت النائبة الجمهورية المعارضة لترمب ليز تشيني على «تويتر»، أن «تملق ترمب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يساعد أعداءنا». وتعرض التقارب بين ترمب وبوتين لانتقادات حادّة من جانب المعارضة الديمقراطية في عهد الإدارة الجمهورية السابقة. وأضافت تشيني التي تعرضت في الآونة الأخيرة لانتقادات من اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، أن «مصالح ترمب لا يبدو أنها تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية». ودعت في وقت سابق إلى فرض عقوبات قوية على روسيا. وكتب النائب الجمهوري آدم كينزينغر، وهو منتقد صريح لترمب أيضاً، على «تويتر»، أن «ترمب رجل مريض».
في هذا الوقت، أخذت الأزمة الأوكرانية وطريقة التعامل معها من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أبعاداً مختلفة، بعدما بدا أن الجمهوريين أكثر انقساماً في هذا المجال. وانعكس ذلك خصوصاً لدى المرشحين لمجلسي الشيوخ والنواب، حيث بدت مواقف المتنافسين في الانتخابات التمهيدية حادة، لناحية النظرة إلى السياسة الخارجية. ويندلع السجال في ولايات عدة بين مناصري ترمب ممن يطلق عليهم «الانعزاليون» الذين يدعون إلى «أميركا أولاً»، والجمهوريين الأكثر تشدداً تقليدياً. ورغم أن استراتيجيي الحزب يشددون على أن الناخب الأميركي يقلق على قضايا الاقتصاد ومعيشته، أكثر من قلقه على شؤون الأمن القومي، فإن الخطابات التي يدلي بها الطرفان تعكس رسائل متناقضة على جمهور منقسم بين قاعدة لا تزال موالية لترمب ونخبة تسعى إلى الحفاظ على مبادئ الحزب وتقاليده والتخلص من تأثير الرئيس السابق على خياراته. وشهدت ولايات عدة مبارزات وخطابات بين مرشحين من التيارين، عكست هذا الخلاف.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، كان الأمر مختلفاً. أحد المرشحين لعضوية مجلس الشيوخ، كان جندياً سابقاً خدم في العراق، قال: «لا أهتم حقاً بما يحدث لأوكرانيا بطريقة أو بأخرى». في حين قال منافسه في تصريح يعكس موقف الحزب الجمهوري الرسمي، إنه يدعم سيادة أوكرانيا والدعوة إلى فرض عقوبات على روسيا، لكنه أدان ما وصفه بـ«القيادة الضعيفة والعاجزة» لبايدن. طبعاً يجادل المعارضون للتورط في الأزمة الأوكرانية، بأن التدخلات الأميركية الخارجية لم تؤدِّ إلا إلى سقوط قتلى أميركيين وكانت كلها فاشلة. ومقابل سقوط الأميركيين يتساءل هؤلاء كم عدد الأوكرانيين الذين سيضحون بأرواحهم لحماية الولايات المتحدة؟ في المقابل يرد المعترضون على هذا الخطاب بالتذكير بأن أوكرانيا كانت من بين أكثر الدول استجابة لدعم الأميركيين في كل من العراق وأفغانستان، وسقط منهم قتلى هناك. كما أن الدفاع عن الديمقراطية يحتاج إلى تضحيات، ويحذرون من تأثير مديح ترمب المتكرر للرئيس الروسي على الحزب، الأمر الذي يثير قلق أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين وفزعهم، حيث غالباً ما يجدون أنفسهم على خلاف مع زعيم حزبهم، حول أفضل السبل للتعامل مع روسيا ورئيسها.
وأظهرت استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة أن احتمال دعم الناخبين الجمهوريين لدور قيادي نشط للولايات المتحدة في الشؤون العالمية أقل بكثير من الديمقراطيين. ووجد الاستطلاع أن قاعدة ترمب غير مهتمة بالدول الأخرى. لكن في الوقت نفسه، يشيد الجمهوريون عموماً بموقف الحزب خلال الحرب الباردة، المتمثل في الشعار الشهير الذي رفعه الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان «السلام من خلال القوة»، لكن إذا كان الموقف من روسيا يقسم الجمهوريين فإنهم موحدون تماماً في الموقف من الصين.
ورغم معارضتهم لسياسات بايدن الخارجية بشكل عام ويركزون هجماتهم عليه، فإنهم متفقون حول تعامله مع الصين، فهم يعتبرون أنها الدولة المسؤولة عن كل شيء من جائحة كورونا، إلى انهيار وظائف الطبقة العاملة الأميركية، إلى سرقة الملكيات واختراعات الفكرية الأميركية.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.