الغوطة الشرقية تعاني من مخلفات الحرب و«القبضة الأمنية»

بعد أربع سنوات من عودتها إلى سيطرة النظام

تدفق مدنيين من الغوطة الشرقية هرباً من المعارك ربيع 2018 (موقع يونيسيف)
تدفق مدنيين من الغوطة الشرقية هرباً من المعارك ربيع 2018 (موقع يونيسيف)
TT

الغوطة الشرقية تعاني من مخلفات الحرب و«القبضة الأمنية»

تدفق مدنيين من الغوطة الشرقية هرباً من المعارك ربيع 2018 (موقع يونيسيف)
تدفق مدنيين من الغوطة الشرقية هرباً من المعارك ربيع 2018 (موقع يونيسيف)

رغم مرور أربع سنوات على استعادة النظام لسيطرته الكاملة على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لا يزال من تبقى من الأهالي يعاني من مخلفات المعارك الضارية التي شهدتها المنطقة خلال سنوات الحصار والحرب، إضافة للقبضة الأمنية التي من بينها سوق الشباب إلى التجنيد في الجيش.
وأفادت مصادر محلية في الغوطة الشرقية، بمقتل رجل وطفل وإصابة طفل آخر في بلدة حمورية، جراء انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات الحرب. وحسب المصادر، قتل الطفل يوم السبت، أثناء لعبه في منطقة فارغة، قريباً من جامع الياسين، وذلك بعد يومين من مقتل طفل وإصابة طفلين آخرين في مدينة حرستا، في انفجار عبوة من مخلفات الحرب في أثناء لعبهم، وفق ما قاله مجلس المدينة، يوم الجمعة 18 من فبراير (شباط).
وتفيد تقارير سابقة لمنظمة الصحة العالمية، بأن ما يزيد على ثمانية ملايين سوري معرضون لأخطار بسبب الألغام ومخلفات الحرب، بينهم ثلاثة ملايين طفل سوري معرضون للموت أو التشوهات. وتشير تقارير مماثلة للجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أن عدد ضحايا الألغام ومخلفات الحرب في سوريا، بلغ أكثر من 12 ألف شخص، 35 في المائة منهم لقوا مصرعهم، و65 في المائة تعرضوا لجروح، في حين بلغت نسبة الأطفال قرابة 25 في المائة، وتعرض 50 في المائة من الناجين إلى بترٍ في الأطراف.
ولا يبدي النظام جدية في إزالة مخلفات الحرب من المناطق التي استعاد سيطرته عليها، في الوقت الذي يعزز قبضتها الأمنية في ملاحقة المعارضين وسوق المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية. وقالت مصادر إعلامية، إن دوريات تابعة للحرس الجمهوري، شنت قبل يومين حملة دهم للمنازل، في بلدة جسرين، لسوق المطلوبين إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية.
وقال موقع «صوت العاصمة» الإخباري المعارض، إن الدوريات نصبت أربعة حواجز مؤقتة في البلدة، وأغلقت مداخلها ومخارجها بشكل كامل، حيث يجري التدقيق في هويات الشبان ووثائق تأجيل الخدمة العسكرية من خلال الفيش الأمني. وحسب الموقع، تم اعتقال ثمانية شبان من بلدات جسرين ودير العصافير ودوما، خلال الحملة، «من المتخلفين عن الالتحاق بجيش النظام لأداء خدمتهم العسكرية»، بينهم شاب اعتُقل رغم إبراز وثيقة تأجيل «دراسي» وبطاقته الجامعية.
وكانت دوريات مشتركة من الأمن العسكري والشرطة العسكرية، قد قامت بحملة مماثلة الأسبوع الماضي على بلدات عربين وزملكا وعين ترما وحمورية بالغوطة الشرقية، بعد نصب حواجز مؤقتة على مداخلها ومخارجها، حيث تم سوق أكثر من 50 شاباً للتجنيد الإجباري.
ويؤكد «صوت العاصمة»، أنه وثق اقتياد ما لا يقل عن 260 شاباً من أبناء ريف دمشق المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية والإلزامية، لتجنيدهم إجبارياً خلال عام 2021 ضمن عدة حملات للأجهزة الأمنية أو الشرطة العسكرية.
يأتي ذلك في الذكرى الرابعة لأعنف حملة عسكرية شنها النظام في فبراير 2018، بدعم حليفيه الروسي والإيراني، على الغوطة الشرقية، التي انتهت إلى تهجير المعارضة المسلحة وعائلاتهم إلى الشمال السوري، وعودة الغوطة الشرقية مع الغوطة الشرقية بريف دمشق، إلى سيطرة النظام.
ولا تزال بلدات الغوطة الشرقية تعاني من تردي الواقع الخدمي والمعيشي، وسط دمار هائل خلفه القصف العنيف، ليضاف ذلك إلى تشديد القبضة الأمنية، ونشر حواجز أمن الدولة والحرس الجمهوري والمخابرات الجوية على الطرق الواصلة بين تلك البلدات والعاصمة دمشق. كما تفرض بعض الحواجز الإتاوات على إدخال وإخراج البضائع والسلع الاستهلاكية. وهي مبالغ باتت معلومة، ومتعارف عليها، حسب نوع وحجم الحمولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».