قمة السيسي وماكرون تُركز على القضايا الإقليمية و«مكافحة الإرهاب»

تنسيق مصري ـ فرنسي لدعم الاستقرار في المنطقة

السيسي وماكرون في بريست الفرنسية (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون في بريست الفرنسية (الرئاسة المصرية)
TT

قمة السيسي وماكرون تُركز على القضايا الإقليمية و«مكافحة الإرهاب»

السيسي وماكرون في بريست الفرنسية (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون في بريست الفرنسية (الرئاسة المصرية)

توافق الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، في مباحثات قمة جمعتهما في مدينة بريست الفرنسية، أمس، على «تضافر الجهود المشتركة بين الجانبين لمساعدة الليبيين على استعادة الأمن والاستقرار بالبلاد، خصوصاً من خلال خروج القوات المرتزقة والأجنبية بكافة أشكالها من الأراضي الليبية، والقضاء على الإرهاب. وكذا «التنسيق بين البلدين لصون الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط والقارة الأفريقية». في حين دعا السيسي خلال مشاركته في قمة «محيط واحد»، أمس، إلى «تكثيف الجهود الدولية لحماية البحار والمحيطات من آثار (تغير المناخ)».
وعقد السيسي وماكرون مباحثات أمس، على هامش فعاليات قمة «محيط واحد» في بريست. ووفق بيان للرئاسة المصرية، فإن «المباحثات شهدت متابعة عدد من الموضوعات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، التي شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي والتجاري والعسكري والأمني، وكذلك تبادل الرؤى ووجهات النظر في إطار التشاور المكثف بين مصر وفرنسا تجاه القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».
وأكد ماكرون «اعتزاز بلاده بالعلاقات الوطيدة والمتميزة التي تربطها بمصر، والتي اكتسبت مزيداً من قوة الدفع خلال الزيارات المتعددة التي قام بها الرئيس السيسي مؤخراً إلى فرنسا، مما ساهم في دعم مسيرة العلاقات بين البلدين الصديقين على نحو بناء وإيجابي»، مشدداً على «التزام الإدارة الفرنسية بمواصلة تعزيز أطر التعاون المشترك مع مصر في مختلف المجالات، ومساندة الجهود الحثيثة للرئيس السيسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف في المنطقة بأسرها».
وأشار السيسي إلى «ما توليه مصر من أهمية خاصة لتعزيز التعاون مع فرنسا في مختلف المجالات، لا سيما ما يتعلق بنقل الخبرات والتكنولوجيا الفرنسية العريقة في كافة المجالات التنموية إلى مصر، فضلاً عن تعظيم التنسيق والتشاور مع الجانب الفرنسي خلال الفترة المقبلة بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، بما يساعد على صون الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط والقارة الأفريقية، خصوصاً في ظل الرئاسة الفرنسية الحالية للاتحاد الأوروبي».
ووفق المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، أمس، فإن «اللقاء تطرق إلى مناقشة التطورات المتعلقة بعدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً مستجدات الأوضاع في ليبيا»، حيث أعرب الرئيس ماكرون عن «تثمين بلاده للجهود المصرية بقيادة الرئيس السيسي لصون المؤسسات الوطنية الليبية، وتعزيز مسار التسوية السياسية للأزمة، وهي الجهود التي تقع محل تقدير من قبل المجتمع الدولي بأسره».
كما استعرض الجانبان سبل التعاون والتنسيق المشترك في إطار استضافة مصر لقمة المناخ العالمية في شرم الشيخ، نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، خصوصاً في ضوء الدور البارز للدولتين في مجال قضايا البيئة والمناخ، حيث أعرب الرئيس الفرنسي عن خالص تمنياته بنجاح مصر في استضافة هذا الحدث الدولي الضخم، في حين أوضح السيسي أن تلبية دعوة الرئيس الفرنسي للمشاركة في قمة «محيط واحد» تعكس «مدى حرص مصر على التعاون مع فرنسا في هذا المجال، أخذاً في الاعتبار أن مصر تولي أهمية قصوى لحماية البيئة البحرية، وذلك من خلال الجهود الوطنية المختلفة في مجالات إقامة المحميات الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والحد من التلوث البحري».
في السياق ذاته، قال السيسي في كلمته خلال قمة «محيط واحد»، إن «تغير المناخ يظل التحدي الأصعب الذي يواجهنا بما له من آثار سلبية تمتد إلى شتى مناحي الحياة، وليست البحار والمحيطات بمعزل عن تلك الآثار»، مضيفاً: «لا تزال الجهود الدولية للتغلب على الآثار السلبية لتغير المناخ على البحار والمحيطات لا ترقى إلى المستوى المأمول»، داعياً إلى «تكثيف الجهود الدولية الرامية إلى حماية بحارنا ومحيطاتنا من تلك الآثار، والحفاظ على استدامتها وتنوع الحياة البحرية بها»، مؤكداً أن «الدورة القادمة لـ(مؤتمر المناخ) ستشهد حواراً بناءً حول هذه المسألة يستند إلى أفضل الممارسات والعلوم المتاحة»، و«أن تُسفر الدورة عن نتائج ومبادرات طموحة تساهم في تعزيز جهود دولنا في تخفيف تبعات تغير المناخ على البحار والمحيطات، وفي حشد التمويل الذي تحتاجه الدول النامية، والأفريقية منها على وجه الخصوص، للقيام بهذا الجهد».
وأُعلن السيسي عن «انضمام بلاده إلى الإعلان المقرر صدوره عن القمة تحت عنوان (حماية المحيط... وقت العمل)، وكذلك إلى مبادرتي (التحالف العالمي للمحيطات)، و(التحالف عالي الطموح من أجل الطبيعة والبشر)»، مؤكداً «التطلع إلى العمل في إطارهما مع كافة الأطراف لضمان تحقيقهما للنتائج المرجوة».
وأجرى الرئيس المصري عدداً من اللقاءات على هامش قمة «محيط واحد»، حيث أكد السيسي، خلال لقاء رئيسة الوزراء التونسية، نجلاء بودن، «دعم مصر للقيادة والحكومة في تونس في اتخاذ أي إجراءات كفيلة بالحفاظ على كيان الدولة التونسية وتحقيق الاستقرار في البلاد». وشدد السيسي على «ثقة بلاده في قدرة السلطة التونسية بقيادة الرئيس قيس سعيد على عبور المرحلة الدقيقة الراهنة إلى مستقبل يلبي تطلعات الشعب التونسي الشقيق».
كما التقى السيسي، رئيس وزراء النرويج يوناس جاهر ستوره، وتناول اللقاء سبل دفع العلاقات بين البلدين في المجالات ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً مجالات الطاقة والتبادل التجاري، فضلاً عن الاستفادة من الخبرات النرويجية في المشروعات المرتبطة بمجالات الطاقة النظيفة والنقل، إلى جانب مناقشة سبل تعزيز التعاون الثلاثي بين مصر والنرويج في أفريقيا.
وفي لقاء آخر مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، أكد السيسي على «المكانة المهمة التي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي في إطار السياسة المصرية، والتي ترتكز على الاحترام والتقدير المتبادل في ضوء الروابط المتشعبة التي تجمع بين الجانبين والتحديات المشتركة التي تواجههما على ضفتي المتوسط، فضلاً عن كون الاتحاد الأوروبي شريكاً مهماً في عملية التحديث التي تشهدها مختلف القطاعات التنموية في مصر».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.