تركيا لاستضافة اجتماع وزاري بصيغة آستانة... وتنتظر موافقة إيران

بيدرسن بحث مع جاويش أوغلو والمعارضة السورية عمل اللجنة الدستورية

TT

تركيا لاستضافة اجتماع وزاري بصيغة آستانة... وتنتظر موافقة إيران

كشفت أنقرة عن إمكانية عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث الراعية لمسار آستانة لحل الأزمة السورية (روسيا وتركيا وإيران) على هامش المنتدى الدبلوماسي الذي تستضيفه مدينة أنطاليا التركية في مارس (آذار) المقبل، في إطار صيغة آستانة. كما أجرى مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن محادثات في تركيا مع وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو تركزت حول عمل اللجنة الدستورية السورية.
وقال جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية، أمس (الخميس)، إن نظيره الروسي سيرغي لافروف «يمكن أن يشارك في اجتماع لوزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا بشأن سوريا في أنطاليا». وأضاف: «قبل يوم من انعقاد المنتدى الدبلوماسي، المقرر عقده في الفترة من 11 إلى13 مارس في أنطاليا، هناك احتمال، بدرجة عالية، لعقد اجتماع لوزراء الخارجية الثلاثة في إطار صيغة آستانة. لقد أكدت روسيا مشاركتها، وننتظر رداً من إيران».
كان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، صرح نهاية الشهر الماضي بأن الاجتماع الدولي المقبل بشأن سوريا بصيغة آستانة مخطط له أن يعقد خلال الربيع.
وعقد الاجتماع الدولي السابق حول سوريا بصيغة آستانة يومي 21 و22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في العاصمة الكازاخية نور سلطان.
في السياق ذاته، أجرى مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، محادثات في تركيا مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، تركزت حول اللجنة الدستورية السورية.
وقال جاويش أوغلو، في تغريدة عبر «تويتر»، ليل الأربعاء – الخميس: «ناقشنا مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن آخر التطورات المتعلقة بعمل اللجنة الدستورية».
ووصف جاويش أوغلو اجتماعات اللجنة الدستورية بأنها «الحلقة الأهم في البحث عن حل سياسي لإنهاء الفوضى في سوريا».
كان بيدرسن أجرى لقاءات دولية عدة في الأسابيع الأخيرة مع أطراف الأزمة السورية، كان آخرها يوم الأحد الماضي مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في عمان. وجاء لقاء بيدرسن مع جاويش أوغلو، أول من أمس، بعد اجتماع أجراه في اليوم نفسه في إسطنبول مع هيئة التفاوض عن المعارضة السورية.
وقال رئيس هيئة التفاوض عن المعارضة السورية، أنس العبدة، إن الوفد أبلغ بيدرسن بأسباب رفضه آلية «خطوة مقابل خطوة»، وإن الهيئة تراجع مستجدات العملية السياسية بجميع أبعادها، ومنها أعمال اللجنة الدستورية، بشكل دوري، وإن جميع الخيارات مطروحة للتفاوض.
وأكدت هيئة التفاوض، في بيان عقب لقاء بيدرسن، أنها ترفض آلية «خطوة مقابل خطوة»، كما ترفض أي مبادرات أو آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى التنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254 لسنة 2015، من أجل الوصول إلى الهدف الأساسي له، وهو إتمام عملية الانتقال السياسي.
وسبق أن ذكر بيدرسن، عقب مباحثاته مع وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في دمشق مؤخراً، أن هناك فرصة جادة لبحث إمكانية تطبيق آلية خطوة مقابل خطوة بهدف بناء الثقة بين الأطراف، ونرى أن هناك فرصة لإعادة إطلاق المسار السياسي.
كانت المجموعة المصغرة للجنة الدستورية، المؤلفة من 45 عضواً، عقدت جولتها السادسة للمحادثات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 في جنيف، وأعرب بيدرسن، وقتها، عن خيبة أمله الكبيرة. واتهم النظام السوري بتعطيل عمل اللجنة.
وبدأت اللجنة الدستورية أعمالها في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بمشاركة 150 عضواً، بواقع 50 ممثلاً لكل من النظام والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني، للعمل على وضع دستور جديد لسوريا لكنها لم تحرز تقدماً حتى الآن.
على صعيد آخر، قال السفير الروسي في دمشق، ألكسندر يفيموف، إن تركيا لم تفِ بجزء من الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع بلاده بشأن إدلب، لا سيما ما يتعلق بفتح طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4).
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن يفيموف، أن «بعض الاتفاقات التي تم التوصل إليها، بما في ذلك تلك المتعلقة بطريق (إم 4)، لم يتم تنفيذها بالكامل من قبل الجانب الآخر (تركيا)»، مضيفاً: «يستمر العمل ذو الصلة مع الشركاء الأتراك على مختلف المستويات ومن خلال الإدارات المختلفة».
ولفت إلى أن الاتفاقات الروسية التركية التي تم التوصل إليها على أعلى مستوى في موسكو في 5 مارس 2020 بشأن إدلب «جعلت من الممكن تأمين تحرير جزء كبير من الأراضي من قبل الجيش السوري بدعم من القوات الجوية الروسية».
وأضاف يفيموف، في الوقت ذاته: «أود أن ألفت الانتباه إلى حقيقة أنه لا توجد اتفاقات تلغي الحاجة إلى مواصلة مكافحة الإرهاب، وإعادة هذا الجزء من سوريا إلى سيادة الحكومة السورية في أسرع وقت ممكن». وتابع أن أي محاولات لـ«تبييض» من وصفهم بـ«الإرهابيين المختبئين في إدلب» وتصنيفهم بما يسمى «المعارضة المسلحة» هي أيضاً «مرفوضة بشكل قاطع».
ونص اتفاق إدلب الموقع في موسكو في 5 مارس 2020 على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة بين القوات التركية والروسية على جانبي طريق «إم 4» وقيام تركيا بإخراج المجموعات المتشددة من إدلب، وفي أغسطس (آب) من العام ذاته أعلنت موسكو وقف مشاركة قواتها في الدوريات، بسبب الاستهدافات المتكررة للعناصر والآليات الروسية من جانب الجماعات المتشددة وعدم وفاء تركيا بالتزاماتها بموجب الاتفاق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».