مصر وتونس وليبيا لإثارة ملف «استرداد الأموال المنهوبة» كقضية «حقوقية»

السفير أحمد إيهاب جمال الدين مندوب مصر الدائم في جنيف (الخارجية المصرية)
السفير أحمد إيهاب جمال الدين مندوب مصر الدائم في جنيف (الخارجية المصرية)
TT

مصر وتونس وليبيا لإثارة ملف «استرداد الأموال المنهوبة» كقضية «حقوقية»

السفير أحمد إيهاب جمال الدين مندوب مصر الدائم في جنيف (الخارجية المصرية)
السفير أحمد إيهاب جمال الدين مندوب مصر الدائم في جنيف (الخارجية المصرية)

عبر مبادرة ثلاثية مشتركة، أظهرت مصر وتونس وليبيا، رغبة مشتركة في إثارة قضية «استرداد الأموال المنهوبة من بلادهم» كقضية حقوقية على المستوى الدولي عبر مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف.
وشاركت بعثة مصر لدى الأمم المتحدة في جنيف في الندوة التي نظّمها مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، حول «التأثير السلبي لعدم استرداد الأموال المنهوبة على التمتع بحقوق الإنسان»، بمشاركة المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، وعدد من الخبراء الدوليين من المنظمات الدولية، وممثلي الدول ومنظمات المجتمع المدني.
ومنذ اندلاع انتفاضات وثورات ما عُرف بـ«الربيع العربي»، طالبت الإدارات المتلاحقة في كل من مصر وتونس وليبيا، دولاً عدة أغلبها أوروبية بإعادة أموال نقلها مسؤولون وعائلاتهم ورجال أعمال نافذون خارج بلادهم، وتقول السلطات القضائية المحلية إنها «تكونت بشكل غير قانوني، ويكتنفها الفساد»، لكنّ تلك المحاولات لم تسفر في أغلبها عن اختراقات كبيرة.
وأفاد بيان للخارجية المصرية، أمس، بأن الندوة نُظمت بناءً على «مبادرة مشتركة لمصر وتونس وليبيا في مجلس حقوق الإنسان، وحظت بدعم وتأييد من المجموعتين الأفريقية والعربية، لإبراز الصعوبات التي تواجهها الدول النامية في استعادة الأموال المنهوبة من الخارج وتحديد أماكنها، وعدم تعاون السلطات المعنية في الدول المختلفة وغياب الإرادة السياسية في هذا الشأن».
ووفق الإفادة المصرية، فإن الندوة تضمنت الإشارة إلى «ما تؤدي إليه (قضية عدم استرداد الأموال المنهوبة) من خسارة البلدان النامية لأموال ضخمة من مواردها، مما يَحُد من قدرات تلك الدول على تعبئة الموارد المحلية من أجل التنمية المستدامة».
وأكد السفير أحمد إيهاب جمال الدين، مندوب مصر الدائم في جنيف، في بيان مصر خلال الندوة أن «تدفقات الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة إنما تحرم البلدان من الموارد اللازمة لإعمال حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما الحق في التنمية، بما يهدد الاستقرار والتنمية المستدامة للدول ويقوض قيم الديمقراطية وسيادة القانون».
وأبرز المندوب الدائم أن مصر «نجحت في تنظيم الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي 2021، وهو الحدث الأكبر على المستوى الدولي الذي يجمع الدول والبرلمانيين والمنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لبحث القضايا المتعلقة بمكافحة الفساد».
وأضاف أن «المؤتمر حث الدول على إيلاء أولوية لجهود استرداد الأموال المنهوبة واتخاذ تدابير لتعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال المساعدة القانونية المتبادلة، لضمان محاسبة مرتكبي جرائم الفساد على هذا السلوك وحرمانهم من التمتع بعائداته».
وأضاف جمال الدين أن «هذه الأموال مطلوبة بشكل عاجل أكثر من أي وقت مضى من أجل تطوير وإعمال جميع حقوق الإنسان، خصوصاً في البلدان التي تمر بمراحل انتقالية»، مطالباً الدول التي تحتضن ملاذات آمنة للأموال المنهوبة بـ«إعادة تلك الأموال دون مشروطية وفقاً للاتفاقيات الدولية ذات الصلة، والعمل على توفير الدعم الفني للدول النامية في هذا الصدد».
وحسب الخارجية المصرية، فإن الندوة تناولت «العوائق الهائلة الموجودة أمام الدول النامية لاسترداد أموالها المنهوبة، وأبرز المشاركون الزيادة المطّردة لإجمالي الأموال المنهوبة على مستوى العالم بما يفوق المساعدات التنموية المقدمة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، مشددين على أهمية معالجة تلك المعضلة في أسرع وقت ممكن في ظل مرور الكثير من دول العالم بمراحل انتقالية، بالإضافة إلى التداعيات السلبية لجائحة (كورونا) على اقتصاديات الدول النامية».
وتناول المشاركون من الهيئات المعنية باسترداد الأموال من مختلف دول العالم، ومن بينها مصر، تجاربهم في عمليات استرداد الأموال المنهوبة والعوائق التي يواجهونها، مبرزين ضرورة استمرار تناول مجلس حقوق الإنسان للأثر السلبي لتدفقات الأموال المنهوبة على حقوق الإنسان.
كما استعرض الخبراء «البيانات الخاصة بحجم الأموال المهربة على المستوى الدولي»، منوهين إلى «أثر التكنولوجيا الحديثة على تيسير عملية تهريب الأموال إلى الخارج. وأبرزوا أهمية التزام المؤسسات المالية الدولية والبنوك بالشفافية، مع حث الدول على ضمان تعاون المؤسسات المالية التابعة لها واستجابتها للطلبات المقدمة من جهات أجنبية بتجميد واسترداد الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة، مع الإشارة إلى أهمية تشديد الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية في هذا الإطار».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.