سعيد: القضاء العادل من أولى حقوق التونسيين

TT

سعيد: القضاء العادل من أولى حقوق التونسيين

نظَّم عدد من الأحزاب السياسية وقفة احتجاجية، للمطالبة بالكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية التي نُفذت في تونس سنة 2013، ضد القيادي اليساري شكري بلعيد، والبرلماني محمد البراهمي. وتجمع عدد من رفاق بلعيد وأفراد من عائلته في مكان اغتياله أمام منزله في المنزه السادس بالعاصمة التونسية، محملين بباقات من الورود، بينما تؤكد هيئة الدفاع منذ نحو 9 سنوات، تقديمها لملف كامل إلى القضاء التونسي، يثبت بالأدلة مَن قام بالاغتيال، ومن نفذ وخطَّط، وتتهمه بالتواطؤ والمماطلة.
وتزامنت هذه الذكرى مع توجه عدد من أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد إلى مقر المجلس الأعلى للقضاء للمطالبة بحله؛ متهمين عدداً من القضاة بالعمل ضمن أجندات سياسية، لا تؤدي إلى كشف حقيقة ملفات الاغتيال السياسي التي توجَّه فيها التهم إلى حركة «النهضة»؛ اعتباراً بأنها كانت في السلطة حين جدت تلك الاغتيالات.
وضاعف الرئيس التونسي من ضغوطه على السلطة القضائية، بعد أن أكد لدى تحوله إلى مقر وزارة الداخلية التونسية «أنه من حق التونسيين التظاهر السلمي، للتعبير عن موقفهم، ولإحياء ذكرى الذين سقطوا شهداء من أجل الوطن، ومن حقهم رفع الشعارات التي يريدون، سواء تعلق الأمر بالاغتيالات أو بالتلاعب بهذه الملفات، وعدم البت فيها من قبل القضاء»، وذلك في خطوة مخالفة لبلاغ صادر عن الوزارة نفسها، يمنع التظاهر ويطالب المحتجين باحترام الإجراءات الوقائية.
وأكد «على حق التونسيين في معرفة الحقيقة، وعلى أن من أولى حقوقهم قضاء عادل يشرف على تسييره قضاة لا يطبقون إلا القانون».
وفي هذا الشأن، قال زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب» في تصريح إعلامي: «نريد من الرئيس التونسي أن يتقدم خطوات حقيقية في كشف حقيقة الاغتيالات. ونحن مع أي إجراء يحل هذه القضية»، وذلك في تعليقه على خطوة حل المجلس الأعلى للقضاء، واعتبر أن كشف حقيقة الاغتيالات مطلب من مطالب 25 يوليو (تموز) على حد تعبيره.
وكان قيس سعيد قد أعلن في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، عن استعداده لإصدار مرسوم يتعلق بتنظيم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء، قائلاً: «فليعتبر المجلس نفسه في عداد الماضي، ابتداء من هذه اللحظة».
وبرر اتخاذه هذا القرار، بأنه من أجل وضع حد لما وصفه بـ«الوضع المزري» الذي تردى فيه القضاء، وأنه سيصدر في الأيام المقبلة مرسوماً ينظم المجلس الأعلى للقضاء بصفة مؤقتة؛ على حد تعبيره. ووجَّه سعيد اتهامات للقضاء التونسي، بالتهاون في التعامل مع عدد من الملفات؛ معتبراً أن «المجلس الأعلى للقضاء صار مجلساً تُباع فيه المناصب، ويتم وضع الحركة القضائية بناء على الولاءات؛ حيث أصبحت بعض الدوائر معروفة بدائرة (فلان)»، قائلاً: «هؤلاء مكانهم أين يقف المتهمون»؛ على حد قوله.
وفي رده على إعلان قيس سعيد استعداده لحل المجلس الأعلى للقضاء، قال يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس: «إن الرئيس لم يُعلن عن حل المجلس الأعلى للقضاء؛ بل قال إنه في عداد الماضي». وأضاف بوزاخر: «إننا لن نكون في عداد الماضي، ولا وجود لآلية قانونية أو دستورية مشروعة تسمح بحل المجلس الأعلى للقضاء».
واعتبر أن توجه الرئيس من مقر وزارة الداخلية إلى الشعب، ودعوته للتظاهر، هو «تحريض على المجلس وعلى القُضاة، وهو بحث عن ذريعة لحل المجلس عن طريق الدعوة للتظاهر ضد القضاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.