سعيد: القضاء العادل من أولى حقوق التونسيين

TT
20

سعيد: القضاء العادل من أولى حقوق التونسيين

نظَّم عدد من الأحزاب السياسية وقفة احتجاجية، للمطالبة بالكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية التي نُفذت في تونس سنة 2013، ضد القيادي اليساري شكري بلعيد، والبرلماني محمد البراهمي. وتجمع عدد من رفاق بلعيد وأفراد من عائلته في مكان اغتياله أمام منزله في المنزه السادس بالعاصمة التونسية، محملين بباقات من الورود، بينما تؤكد هيئة الدفاع منذ نحو 9 سنوات، تقديمها لملف كامل إلى القضاء التونسي، يثبت بالأدلة مَن قام بالاغتيال، ومن نفذ وخطَّط، وتتهمه بالتواطؤ والمماطلة.
وتزامنت هذه الذكرى مع توجه عدد من أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد إلى مقر المجلس الأعلى للقضاء للمطالبة بحله؛ متهمين عدداً من القضاة بالعمل ضمن أجندات سياسية، لا تؤدي إلى كشف حقيقة ملفات الاغتيال السياسي التي توجَّه فيها التهم إلى حركة «النهضة»؛ اعتباراً بأنها كانت في السلطة حين جدت تلك الاغتيالات.
وضاعف الرئيس التونسي من ضغوطه على السلطة القضائية، بعد أن أكد لدى تحوله إلى مقر وزارة الداخلية التونسية «أنه من حق التونسيين التظاهر السلمي، للتعبير عن موقفهم، ولإحياء ذكرى الذين سقطوا شهداء من أجل الوطن، ومن حقهم رفع الشعارات التي يريدون، سواء تعلق الأمر بالاغتيالات أو بالتلاعب بهذه الملفات، وعدم البت فيها من قبل القضاء»، وذلك في خطوة مخالفة لبلاغ صادر عن الوزارة نفسها، يمنع التظاهر ويطالب المحتجين باحترام الإجراءات الوقائية.
وأكد «على حق التونسيين في معرفة الحقيقة، وعلى أن من أولى حقوقهم قضاء عادل يشرف على تسييره قضاة لا يطبقون إلا القانون».
وفي هذا الشأن، قال زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب» في تصريح إعلامي: «نريد من الرئيس التونسي أن يتقدم خطوات حقيقية في كشف حقيقة الاغتيالات. ونحن مع أي إجراء يحل هذه القضية»، وذلك في تعليقه على خطوة حل المجلس الأعلى للقضاء، واعتبر أن كشف حقيقة الاغتيالات مطلب من مطالب 25 يوليو (تموز) على حد تعبيره.
وكان قيس سعيد قد أعلن في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، عن استعداده لإصدار مرسوم يتعلق بتنظيم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء، قائلاً: «فليعتبر المجلس نفسه في عداد الماضي، ابتداء من هذه اللحظة».
وبرر اتخاذه هذا القرار، بأنه من أجل وضع حد لما وصفه بـ«الوضع المزري» الذي تردى فيه القضاء، وأنه سيصدر في الأيام المقبلة مرسوماً ينظم المجلس الأعلى للقضاء بصفة مؤقتة؛ على حد تعبيره. ووجَّه سعيد اتهامات للقضاء التونسي، بالتهاون في التعامل مع عدد من الملفات؛ معتبراً أن «المجلس الأعلى للقضاء صار مجلساً تُباع فيه المناصب، ويتم وضع الحركة القضائية بناء على الولاءات؛ حيث أصبحت بعض الدوائر معروفة بدائرة (فلان)»، قائلاً: «هؤلاء مكانهم أين يقف المتهمون»؛ على حد قوله.
وفي رده على إعلان قيس سعيد استعداده لحل المجلس الأعلى للقضاء، قال يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس: «إن الرئيس لم يُعلن عن حل المجلس الأعلى للقضاء؛ بل قال إنه في عداد الماضي». وأضاف بوزاخر: «إننا لن نكون في عداد الماضي، ولا وجود لآلية قانونية أو دستورية مشروعة تسمح بحل المجلس الأعلى للقضاء».
واعتبر أن توجه الرئيس من مقر وزارة الداخلية إلى الشعب، ودعوته للتظاهر، هو «تحريض على المجلس وعلى القُضاة، وهو بحث عن ذريعة لحل المجلس عن طريق الدعوة للتظاهر ضد القضاء».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.