الشرقاوي يغادر «مسرح الدنيا» بصحبة عايدة عبد العزيز

المخرج الراحل لامس في أعماله هموم المجتمع وملاعيب السياسة

الراحل جلال الشرقاوي  -  الراحلة عايدة عبد العزيز
الراحل جلال الشرقاوي - الراحلة عايدة عبد العزيز
TT

الشرقاوي يغادر «مسرح الدنيا» بصحبة عايدة عبد العزيز

الراحل جلال الشرقاوي  -  الراحلة عايدة عبد العزيز
الراحل جلال الشرقاوي - الراحلة عايدة عبد العزيز

بفارق ساعات قليلة، ودّع المخرج الكبير جلال الشرقاوي، والفنانة القديرة عايدة عبد العزيز، الحياة بعد رحلة عطاء كبيرة، تركا خلالها أعمالاً مسرحية ودرامية كبيرة.
ونعت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، الفنانين الراحلين، واصفة الشرقاوي، بأنه مبدع من طراز خاص نجح على مدى مشواره في نسج حكايات فنية راقية، كما شارك في إعداد وتخريج أجيال من النجوم، فيما وصفت «عبد العزيز»، بأنها بإحدى أيقونات الدراما المصرية «التي تميزت بتجسيد مختلف أنماط الشخصيات ببراعة، وأن أعمال الفنانين ستبقى خالدة في وجدان الجمهور».
وكان الشرقاوي، الذي يعد أحد رواد المسرح المصري والعربي، أُدخل المستشفى قبل عشرة أيام متأثراً بفيروس «كورونا»، لكنه غادر «مسرح الدنيا» بصحبة عايدة عبد العزيز.
وولد الراحل في 14 يونيو (حزيران) عام 1934، وبدأ مسيرته الفنية في ستينات القرن الماضي، وبرغم حصوله على بكالوريوس العلوم، فإنه اتجه للدراسة بمعهد الفنون المسرحية، وعُين أستاذاً لمادتي الإخراج والتمثيل، حيث تتلمذت على يديه أجيال عديدة، كما تولى عمادة معهد الفنون المسرحية.
وطغت شهرته كمخرج مسرحي على اهتماماته الأخرى، خاصة بعدما كوّن فرقة «مسرح الفن» فأسس مسرحاً يحمل اسمه، واشتهر بتقديم عروض المسرح السياسي المباشر الذي يلامس هموم المجتمع وملاعيب السياسة ويكشف الفساد، الأمر الذي دفعه لصدام متكرر مع الرقابة على المصنفات الفنية، ما أدى إلى وقف عرض مسرحيته «أنت اللي قتلت الوحش» في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
كما قدم عشرات المسرحيات التي أثارت جدلاً واسعاً من بينها «الجنزير»، و«الخديوي»، و«ع الرصيف»، و«انقلاب»، و«راقصة قطاع عام»، و«بولوتيكا»، و«دستور يا أسيادنا»، إلى جانب مسرحية «مدرسة المشاغبين» التي حققت نجاحاً جماهيرياً طاغياً، وكان يعد لتقديم مسرحية «هولاكو» للمسرح القومي، واختار أبطالها وأجرى بروفات عديدة لها، إلا أنها لم ترَ النور.
ورغم شهرته كمخرج مسرحي فإنه خاض تجارب عديدة في الإخراج السينمائي، حيث أخرج أربعة أفلام؛ بدأها عام 1965 بفيلم «أرملة وثلاث بنات»، وفي نفس العام قدم رواية الأديب يوسف إدريس «العيب» في فيلم لعب بطولته رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز ومديحة كامل، وتسببت أحد مشاهد الفيلم في أزمة حينما قدم مشهداً يدور حول الفساد، وتحركت الكاميرا بين وجوه الممثلين وصورة عبد الناصر، ما اعتبره المسؤولون إسقاطاً على عصره، ما دفع وزير الإعلام والثقافة حينئذ ثروت عكاشة لحذف 17 دقيقة من الفيلم قبل عرضه.
كما أخرج الشرقاوي فيلم «الناس اللي جوة» بطولة يحيى شاهين وعادل إمام، وكان آخر أفلامه كمخرج «أعظم طفل في العالم» لرشدي أباظة وهند رستم وميرفت أمين. وقال الناقد المسرحي الدكتور عمرو دوارة، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إن الراحل استطاع أن يثري المسرح المصري والعربي كمخرج وممثل ومنتج وأستاذ أكاديمي، مشيراً إلى أنه انتمى لجيل من الصعب تكراره، ويمثل حالة عشق للفن وللمسرح بصفة خاصة، وقدم أعمالاً تركت بصمة واضحة في السينما والتلفزيون. ونوه بأن الشرقاوي غامر بأمواله وأنتج عروضاً مهمة من خلال «مسرح الفن» الذي أسسه، من بينها «انقلاب»، و«المليم بأربعة»، و«قصة الحي الغربي»، كما قدم عروضاً تعد من علامات الإبداع في مسرح الدولة. شارك المخرج الراحل كممثل في عدد من الأفلام والمسلسلات، ومنها «أمهات في المنفى»، و«خلي بالك من عقلك»، ومسلسلات، من بينها «ملحمة الحب»، و«المفسدون في الأرض»، كما كتب سيناريو فيلم «إلى أين» الذي أخرجه اللبناني جورج نصر، وأنتج الشرقاوي فيلماً واحداً هو «موعد مع القدر» عام 1987 بطولة نبيلة عبيد ومحمود ياسين ويسرا وإخراج محمد راضي.

- رحيل ممثلة قديرة
وغيّب الموت الفنانة عايدة عبد العزيز، بعد حياة حافلة بالأعمال الفنية تجاوزت 200 عمل، وتعد إحدى نجمات المسرح القومي، حيث قدمت عدداً كبيراً من النصوص المسرحية الكلاسيكية منذ بدايتها الفنية. ووضعت المخرجة الكبيرة إنعام محمد علي أداء الفنانة الراحلة في مصاف أداء سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، في مسلسل «ضمير أبلة حكمت» الذي أخرجته، مؤكدة عبر صفحتها على «فيسبوك» أن المشاهد الدرامية التي جمعتها بالنجمة فاتن حمامة، تمثل مباراة في الأداء الدرامي بين الاثنتين المتصارعتين.
ورحلت عبد العزيز، التي حصلت على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1959 أول دفعتها، بعد صراع مع المرض، حيث أصيبت قبل خمس سنوات بـ«ألزهايمر».
بدأت مشوارها ممثلة بالإذاعة المصرية، وتزوجت المخرج المسرحي الراحل أحمد عبد الحليم، وسافرت بصحبته إلى لندن، حيث كان يستكمل دراساته العليا في التمثيل والإخراج، وعادت إلى مصر مع نكسة 1967، حيث استأنفت نشاطها في مسرح الدولة. ويرى النقاد أن الراحلة برعت بشكل كبير في تقديم نصوص كلاسيكية من المسرح العالمي والعربي، من بينها «دائرة الطباشير»، و«طائر البحر»، و«أنتيجون».
كانت «عبد العزيز» تتمتع بصوت قوي مكنها من التفوق في الأداء المسرحي، وأطلق عليها النقاد لقب «جوكاستا المسرح»، نسبة للشخصية التي جسدتها في مسرحية «عودة الغائب». وشاركت «عبد العزيز» بأدوار سينمائية ناجحة، بدأتها بفيلم «يوميات نائب في الأرياف» عام 1969 عن رواية لتوفيق الحكيم وإخراج توفيق صالح، و«الواد محروس بتاع الوزير» و«بحب السيما»، وجسّدت شخصية رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير في فيلم «حائط البطولات».
وأطلت الفنانة الراحلة عبر أدوار تلفزيونية بارزة، وقدمت عدداً من المسلسلات الدينية والاجتماعية منها، «محمد رسول الله إلى العالم»، و«الوعد الحق»، و«رابعة تعود». وكانت «عبد العزيز» أصيبت بحالة اكتئاب بعد وفاة زوجها عام 2013، وقالت، في تصريحات تلفزيونية سابقة، إنها تنتظر الرحيل حتى تلحق به، وقد عانت الوحدة من بعده. ورأى دوارة أن الراحلةتعد إحدى سيدات المسرح القومي اللاتي أثبتن تميزهن من جيل الممثلات المثقفات خريجات المعهد العالي للفنون المسرحية.


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».