«سينما أمبير» في طرابلس... من العتمة إلى الضوء

شهدت في الماضي عروضاً ومسرحيات إحداها لعادل إمام

سينما أمبير طرابلس
سينما أمبير طرابلس
TT

«سينما أمبير» في طرابلس... من العتمة إلى الضوء

سينما أمبير طرابلس
سينما أمبير طرابلس

تهدف «جمعية تيرو للفنون» التي يقودها الشباب والمتطوعون إلى إنشاء مساحات ثقافية حرة ومستقلة في لبنان. فريقها الذي يعمل كخلية نحل وينظم المهرجانات وورش التدريب الفنية، يجتهد لإعادة تأهيل مساحات فنية متروكة. واستطاعت هذه الجمعية بفضل تشبثها بنشر الثقافة والفنون في كامل المناطق اللبنانية، أن تعيد إلى الحياة صالات سينما كانت مقفلة أو مهجورة. ومن بينها سينما «الحمرا» وسينما «ستارز» في النبطية، وسينما «ريفولي» في مدينة صور. وهذه الأخيرة تحوّلت إلى «المسرح الوطني اللبناني» كأول مسرح وسينما مجّانيين في لبنان.
اليوم يتمدد نشاط «جمعية تيرو للفنون» ومسرح إسطنبولي ليطال منطقة الشمال وبالتحديد عاصمتها مدينة طرابلس. أما الهدف الذي يضعه القيمون على الجمعية وفي مقدمهم الممثل والمخرج المسرحي قاسم إسطنبولي مؤسس المسرح الوطني اللبناني، فهو إعادة تأهيل سينما «أمبير» في طرابلس. وهي واحدة من الأقدم في عاصمة الشمال المزدحمة بصالات السينما. لماذا طرابلس هذه المرة بعد النبطية وصور؟ يوضح إسطنبولي لـ«الشرق الأوسط»: «لأننا نرغب في إقامة صلة بين الجنوب والشمال، كونه يكمل حلمنا الكبير الذي بدأ مع تأسيس «المسرح الوطني اللبناني» في صور منذ أربعة أعوام. وسوف نحقّق بعداً ثقافياً ونكسر الجدار الوهمي بين المناطق اللبنانية، عبر الفنون وربطها ببعضها عبر المنصات الثقافية».
طرابلس كما يخبرنا إسطنبولي شهدت بناء أول سينما في لبنان حتى قبل بيروت، وهي إضافة إلى ذلك تحوي نحو 35 صالة، فتتفوق على غيرها من المدن في لبنان.
هذه السينما المتروكة منذ أكثر من ربع قرن يتردد أنها تأسست في الثلاثينات وأنها شهدت عروض أفلام عالمية وعربية. كما زارها فنانون عديدون لمواكبة العروض الأولى لأفلامهم، واختارها الممثل المصري عادل إمام لتقديم إحدى مسرحياته على خشبتها.
وتتألف سينما «أمبير» من صالة وبلكون يتسعان لنحو 700 شخص وتوقفت عن استقبال روادها منذ عام 1980، إثر اندلاع الحرب الأهلية. وكانت تشكل مقصداً لشباب طرابلس المثقف، وهواة الشرائط السينمائية التي تدور حول بطل رياضة الكاراتيه بروس لي. فمقاعدها المتراصة من قماش المخمل العنابي استقدمت من إيطاليا. وجلس عليها أجيال متلاحقة من مدينة طرابلس لا يزال كثيرون منهم يروون ذكرياتهم عنها.
وعن عملية ترميم وإعادة تأهيل هذا الصرح الثقافي والفني يقول قاسم إسطنبولي: «حالياً بدأنا بإخلاء النفايات من داخلها، وبعض الحطام لأثاث وديكورات تكسرت بفعل مرور الزمن. فنحن لا نزال في بداية العمل، وهناك مراحل كثيرة تنتظرنا لإكمال مهمتنا. ومن الممكن أن تبدأ السينما في قدرتها على استقبال الوافدين إليها بعد نحو 6 أشهر أقله».
ويشير إسطنبولي إلى أنه قد يفتح أبواب السينما ومسرحها ما أن تصبح مجهزة ولو بأدنى متطلباتها. «لا يهمنا كجمعية أن ننفض ونعيد ديكور وزينة هذا المكان كي يستعيد نبض الحياة. فنحن نركز في عملنا على القيمة الثقافية التي يحملها المكان المرمم. وسنبدأ بإقامة الورش الفنية والتدريبية لأهل طرابلس والمناطق المحيطة بها ربما مع تجهيزنا لـ300 مقعد وكرسي بدل 700، فالأهم أن يتنفس المكان من جديد، ويعبق بمواهب طرابلسية وغيرها ممن تنتظر الفرص لترجمة أفكارها الفنية».
ومن المنتظر أن تشهد سينما «أمبير» فور تجهيزها معارض رسم وأخرى لملصقات قديمة ترتبط بأفلام سبق وعرضت فيها. كما تهيء لمعرض يحمل اسم الممثل الطرابلسي المخضرم نزار ميقاتي. «نركز على الهوية والإرث الفنيين اللبنانيين من خلال أرشيف طمسته الأحداث، وهيمنة الإهمال على الفنون في عدد من المناطق اللبنانية». ويصف إسطنبولي مدينة طرابلس بأنها العاصمة الثقافية وشهدت تأسيس أول معهد فنون في لبنان وأول مسارح وصالات سينما.
يشارك في عملية إعادة تأهيل سينما «أمبير» مجموعة من الشباب الطرابلسي المتطوع من مختلف مناطق المدينة. «إنهم يأتون من مناطق التل والمينا وجبل محسن وغيرها من دون تردد، كي يشاركوا في نهضة هذا الصرح وإعادته إلى الحياة. فدعوتنا مفتوحة للجميع لأي شخص يرغب في مشاركتنا، تبني مبدئنا القائم على التشبيك والشراكة فنيا بين المناطق اللبنانية».
يرفض أن يتحدث إسطنبولي عن التكلفة المادية لهذا المشروع. فهو حريص على عدم إدخاله بأي عنصر تجاري وربح مادي. «إننا نعمل على أساس كل يوم بيومه حتى إني لا أعرف بالتحديد التكلفة المطلوبة لإعادة إحياء هذا الصرح. كل ما في الأمر أن هناك أفراداً تطوعوا وجهات رسمية تساعدنا حسب قدراتها مثل وزارة الثقافة وبلدية طرابلس. فنحن لا نلهث وراء مشروع تجاري في مركز تجاري حيث يوجد صالات سينما بالعشرات. إنها تجربة مختلفة، محورها بحت ثقافي وفني، ومعنا فريق من الشباب المتطوع بينهم من يزور طرابلس لأول مرة كي يشاركونا هذه التجربة».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.