أثار الحضور «الفاتر» لدول الاتحاد الأوروبي في النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا، مقابل الرد الأميركي الحاسم على الحشود العسكرية الروسية عند الحدود الأوكرانية، تساؤلات عن محدودية دور القارة العجوز في الأزمة الحالية، وخلفيات هذا الموقف تاريخياً.
وتحول الرئيس الأميركي جو بايدن خلال تفاعلات الأزمة إلى متحدث رسمي عن القارة الأوروبية، ومدافع عن أمنها ضد سياسات موسكو، حتى إنه أقر تحريك «قوات دفاع» باتجاه شرق أوروبا، في خطوة عدتها روسيا «هدامة» وهددت بالرد.
وقال بيوتر بوراس، «زميل السياسة الأول» في «مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، إن الموقف «الفاتر» لدول الاتحاد الأوروبي تجاه الدفاع والأمن على مدى عقود حجم من قدراتها في النزاعات العسكرية، وهو الأمر الذي تدركه موسكو.
وأضاف بوراس: «ليس لدى الاتحاد الأوروبي ما يطرحه على الطاولة تقريباً».
وأدرك قادة الدول الأوروبية، مع تصاعد الضغط الروسي على الحدود الأوكرانية، «حقيقة مؤلمة»؛ هي استمرارية اعتمادهم على القوة الأميركية لردع صراع كبير آخر محتمل على أراضيها، كما تكرر الأمر في العقود الماضية.
ويرتبط هذا الاعتماد الدائم من أوروبا على الولايات المتحدة الأميركية في نزاعاتها العسكرية بالسياسة التي اتبعتها دول الاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية التي تسببت في مقتل نحو 36.5 مليون أوروبي، حيث اهتمت بالشراكات الاقتصادية بصفتها أولوية قبل الإنفاق العسكري، اعتقاداً بأن الحروب لن تتكرر.
وانعكس ذلك على إتمام تحالف اقتصادي بين ألمانيا، التي أشعلت كلاً من الصراعات العالمية، وفرنسا، حتى تحول بمرور السنوات ليصبح «الاتحاد الأوروبي»، الشبيه بمجتمع تجاري يركز على الصلب والفحم والزراعة؛ وليس الجنود والقنابل.
وأصبح الإنفاق على المستشفيات والمكاتب المدرسية أولوية على الدبابات، حتى بات أي تلميح رسمي إلى الإنفاق العسكري يمكن أن يطلق العنان للمظاهرات، واتهام الناطق به بتعزيز «الموقف العدواني».
وتظهر نتائج هذه السياسات في عدم التزام 13 عضواً أوروبياً في حلف «الناتو» بإنفاق اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، مثل إسبانيا بنسبة 1.02 في المائة، وإيطاليا بنسبة 1.41 في المائة، وألمانيا بنسبة 1.53 في المائة.
في المقابل، شجع فوز الولايات المتحدة حاسمة في كلتا الحربين العالميتين على تطوير سياساتها الدفاعية وترسانتها النووية لمواجهة الاتحاد السوفياتي، وجعلها تستثمر في قوتها الدفاعية بوصفها وسيلة غير مباشرة لتعظيم مصالحها الاقتصادية والسياسية.
لماذا تفتقر أوروبا إلى التأثير في أزمة أوكرانيا؟
لماذا تفتقر أوروبا إلى التأثير في أزمة أوكرانيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة