الحكومة اليمنية تسمح بوصول عدد من سفن الوقود إلى الحُديدة

بعد اختلاق الحوثيين أزمة خانقة تسببت في شل الحركة

TT
20

الحكومة اليمنية تسمح بوصول عدد من سفن الوقود إلى الحُديدة

أعلنت الحكومة اليمنية أنها سمحت بوصول عدد من سفن الوقود إلى ميناء الحُديدة الخاضع لسيطرة الميليشيات الحوثية، سعياً منها إلى تخفيف الأزمة الخانقة التي اختلقتها الميليشيات الحوثية منذ أسابيع، والتي تسببت في شل الحركة ورفع الأسعار إلى أرقام قياسية في السوق السوداء التي يديرها قادة الميليشيات.
وأكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، في تغريدة على «تويتر»، أن الحكومة في بلاده سمحت (الثلاثاء) لعدد من سفن المشتقات النفطية، بالوصول إلى ميناء الحُديدة، استجابة لاحتياجات الصناعات التي تحركها الأعمال الإنسانية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، قامت الميليشيات الحوثية باختلاق أزمة خانقة في مناطق سيطرتها، ومنعت وصول الوقود القادم من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين قاد إخفاء الميليشيات لكميات ضخمة من الوقود في مخازن سرية تابعة لها لغرض الاتجار بها، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، إلى شل الحياة العامة بشكل شبه كلي، وفي مقدمها حركة المواصلات والنقل الداخلي في صنعاء العاصمة، وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.
وبينما تتصاعد الدعوات في أوساط السكان للإضراب، للضغط على الجماعة الانقلابية لضخ الوقود من محطات التعبئة، ارتفعت أجور النقل إلى الضعف، وهو ما تسبب في زيادة معاناة السكان مع ارتفاع أسعار السلع.
وظهرت غالبية شوارع وطرقات العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرة الجماعة، في الأيام الأخيرة، شبه خالية من حركة المركبات ومختلف وسائل النقل، باستثناء تنقلات بعض المواطنين مشياً على الأقدام، لقضاء مختلف احتياجاتهم.
ومع ما تشهده صنعاء ومدن رئيسية أخرى حالياً من شلل شبه تام في الحركة، جراء أزمة الوقود المفتعلة حوثياً، تحدث سكان في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الأزمة ضاعفت من معاناتهم إلى مرحلة هي أكثر مما كانت عليه قبل اندلاعها.
وبحسب ما أفاد به سكان، تكدست أطنان النفايات بسبب توقف أعمال النظافة، وانقطعت مياه الشرب والتيار الكهربائي، في ظل انعدام لبقية الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم وارتفاع أسعار معظم المواد الضرورية وغيرها.
واتهم السكان قادة الانقلاب بتعمد إخفاء كميات كبيرة من المشتقات النفطية بمخازن سرية كانوا قد استحدثوها خلال فترات ماضية، بهدف المتاجرة بها وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة؛ لافتين إلى أن من يُطلق عليهم «هوامير النفط والفساد» داخل الجماعة، هم من يتحملون كامل المسؤولية جراء ما وصل إليه حال ملايين الناس في صنعاء ومدن أخرى من معاناة.
ويقول معلم في مدرسة أهلية بصنعاء، إنه يضطر للاستيقاظ مبكراً؛ إما للحصول على حافلة تقله إلى المدرسة التي يعمل بها رغم ارتفاع الأجرة لأزيد من الضعف، وإما ليسعفه الوقت ليمشي على قدميه ليصل إلى عمله قبل بداية الدوام.
وعلى الصعيد ذاته، شكا عدد من سائقي حافلات وسيارات أجرة بصنعاء من عودة أزمة الوقود، وأكدوا أن الطوابير الطويلة للمركبات التي عادت مجدداً إلى محطات الوقود في صنعاء لم يحصل أصحابها حتى اللحظة على الوقود، بسبب استمرار إغلاق أبوابها، وزعم ملاكها نفاد ما بحوزتهم من كميات.
وفي السياق نفسه، كشف مسؤولون في نقابة سائقي النقل الداخلي بصنعاء، عن أن المئات من السائقين بعد أن ضاق بهم الحال جراء رحلة البحث المريرة عن الوقود، طالبوا بسرعة الدعوة لإضراب شامل، للضغط على الحوثيين لإخراج ما بحوزتهم من وقود لتوزيعه على المحطات.
وأشار السائقون إلى التصريحات التي أطلقها أخيراً المنتحل لصفة المدير التنفيذي لشركة النفط الحوثية بصنعاء، عمار الأضرعي، والتي ذكر فيها أن لدى الجماعة حالياً القدرة على توفير الوقود لكافة المناطق اليمنية، عبر فروعها، بأقل التكاليف وبسعر موحد، ووصفوا ذلك بأنه «دليل يفضح زيف الميليشيات، ويؤكد وقوفها وراء الأزمة».
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، دخلت العاصمة صنعاء ومختلف مدن سيطرة الجماعة في أتون أزمات متعددة، أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على حياة ومعيشة وصحة ملايين اليمنيين.
وبحسب ما جاء في أحدث تقرير لفريق الخبراء الدوليين، فإن أزمة الوقود بمناطق الجماعة مفتعلة؛ حيث يخلق الحوثيون «ندرة مصطنعة في المشتقات النفطية، لإجبار التجار على بيعها في السوق السوداء التي يديرونها، وتحصيل رسوم غير قانونية من البيع».
ولفت الفريق في تقريره إلى تصاعد تدفق الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين عبر البر، وقيام الجماعة بجمع رسوم وجبايات جمركية إضافية من التجار، في مراكزهم الجمركية البرية بشكل غير قانوني. وأكد أن توريد الوقود إلى مناطق الحوثيين عملية مربحة جداً لكثيرين؛ حيث يدفع المستهلكون النهائيون (السكان) الثمن.
وكان عضو البرلمان الخاضع للميليشيات الحوثية في صنعاء، عبده بشر، قد كشف في وقت سابق عن وجود تنسيق وتواطؤ حقيقي بين سلطة الحوثيين وشركة النفط تحت سيطرتهم بصنعاء لاختلاق أزمات نفطية، وقال إن ذلك ليس له سوى معنى واحد، وهو «تنفيذ أجندات خارجية، ودعم لتجار الحروب ومصاصي دماء اليمنيين»؛ بحسب تعبيره.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.