قصة «ديبود».. المعبد المصري في قلب مدريد

هدية لإسبانيا تقديرا لمساهمتها في إنقاذ النوبة

.. وفي مقره الجديد في مدريد محاطًا بأشجار الزيتون  -  معبد ديبود عندما كان في مصر
.. وفي مقره الجديد في مدريد محاطًا بأشجار الزيتون - معبد ديبود عندما كان في مصر
TT

قصة «ديبود».. المعبد المصري في قلب مدريد

.. وفي مقره الجديد في مدريد محاطًا بأشجار الزيتون  -  معبد ديبود عندما كان في مصر
.. وفي مقره الجديد في مدريد محاطًا بأشجار الزيتون - معبد ديبود عندما كان في مصر

تبدو مدريد مدينة زاخرة بالأسرار، والأماكن الرائعة إلى حد لا يستطيع معه الزائر تخيل أنها توجد بالفعل في قلب عاصمة أوروبية. ومن تلك الأسرار معبد «ديبود» المصري، الذي يوجد في أحد المتنزهات الكبيرة. وقد عرف معبد «ديبود» طريقه إلى مدريد عام 1970 قادما من النوبة التي تقع جنوب مصر؛ فقد طلبت الحكومة المصرية في عام 1959 من المجتمع الدولي المساعدة في إنقاذ معابد النوبة بعد اتخاذ قرار بناء السد العالي. ووعدت الحكومة برد صنيع تلك البلاد بإعطائها بعض المعابد أو قطع منها تم إنقاذها من خطر المياه. وكانت إسبانيا من تلك البلاد، وكانت هديتها هي معبد «ديبود».
ومن يزور مدريد هذه الأيام سيفاجأ من تحول المكان إلى محطة للاستراحة بالنسبة لأي فوج سياحي. وبين مجموعة من المباني الشاهقة هناك درج عريض يقود إلى تلة خضراء. وفي هذا المتنزه، وهو متنزه «ويست بارك»، سرعان ما يفاجأ الزائر بمشهد ينتمي إلى صعيد مصر. إنه معبد له بوابتان ويطل على أحياء أخرى من المدينة ليضيف إلى قيمتها وتراثها.
وكان محل معبد «ديبود» الأصلي على بعد 16 كم جنوب أسوان، وكان أكبر أثر من بين الآثار التي اختارت الحكومة المصرية منحها كهدايا. وكان المعبد مخصص لعبادة الإله آمون والإلهة إيزيس وهما من آلهة مصر القديمة. وفي داخل المعبد ذاته هناك مكان مكرس لتقديس بطليموس الثالث عشر.
ويمثل دخول المعبد تجربة رائعة، حيث تسلط الجولة داخله الضوء ليس فقط على قيمة ديبود كأثر، بل على قيمة التعاون بين البلاد من أجل إنقاذ الأماكن التراثية. كذلك من الممكن مشاهدة فيلم عن أول أوروبيين وصلوا إلى أسوان، وكيف أعادوا اكتشاف الثراء الذي تتسم به تلك المنطقة. وبدأ خبراء إسبان العمل في البعثة الأثرية عام 1960؛ وتم تفكيك معبد «ديبود»، ونقله إلى جزيرة فيلة بأسوان. وتم اتخاذ قرار نقل المعبد إلى إسبانيا في عام 1968؛ وكان عام 1970 هو العام الذي شهد هذه الرحلة الرائعة.
في البداية، تم نقل القطع إلى الإسكندرية عبر نهر النيل. وهناك كان يوجد سفينة تحمل اسم «بينيسا» لنقل قطع المعبد إلى فالنسيا، ومن هناك تم نقله إلى مدريد في 1359 صندوقا، وكان عدد القطع يبلغ 1.724، ويبلغ وزنها ألف طن.
لماذا قررت الحكومة المصرية مكافأة إسبانيا بمنحها معبد «ديبود»؟ يقول الخبراء إن هناك سببين وراء معجزة وجود معبد مصري في مدريد. السبب الأول هو المال، حيث خصصت إسبانيا أكثر من 525 ألف دولار أميركي لمشروع إنقاذ المنطقة في الستينات، في حين منحت المملكة المتحدة 212.926 ألف دولار فقط لهذا المشروع. مع ذلك كان لدى مصر سبب آخر وهو العلاقة الرائعة مع العلماء الإسبان الذين ذهبوا إلى أسوان من أجل المساعدة في عملية إنقاذ الآثار. وفي النهاية عندما وصل معبد «ديبود» إلى مدريد كانت المعابد تعاني كثيرًا في مصر، حيث كانت تظل تحت الماء لمدة تسعة أشهر خلال العام، ولا يمكن زيارتها إلا في الأشهر الأخرى. مع ذلك كان لدى الخبراء في إسبانيا مشكلات أكبر، حيث لم تكن هناك أرقام على نحو مائة قطعة، وكانت العلامات على 400 قطعة أخرى موضوعة بشكل خاطئ، لذا قرر العلماء إعادة بناء المعبد ووضع بديل للعلامات المفقودة أو التالفة. إضافة إلى ذلك، قاموا بتركيب تكييف هواء دافئ داخل المعبد من أجل توفير درجة حرارة قريبة من درجة الحرارة والرطوبة في النوبة من أجل الحفاظ على سلامتها. كذلك كانوا مهتمين بالشكل الخارجي للمعبد، حيث تم إعداد التل الموجود بالمتنزه، والذي أعيد تشييد المعبد عليه، خصيصًا لهذا الغرض. وتم إنشاء بركة صغيرة حول المنطقة، وزراعة أشجار نخيل في محاولة لجعل تلك المساحة تشبه المكان الأصلي الذي بني به ذلك المعبد.
ودارت مناقشات حول موقع إقامة المعبد في إسبانيا، حيث كانت هناك مدن أخرى مثل فالنسيا، وبرشلونة، تريد هذا الأثر، لكن كان المجلس المحلي لمدريد هو الذي قدم أكبر مساهمة مالية في نقل القطع، وكذلك دفع تكاليف إعادة بناء المعبد في إسبانيا.
وتم افتتاح المعبد في 18 يوليو (تموز) عام 1972. ومنذ تلك اللحظة، والمعبد مقصد للسائحين، بل وأصبح وسيلة للتعرف على مصر ومنطقة أسوان. ونظم المجلس المحلي لمدريد، وهو الجهة المسؤولة عن هذا الأثر، معرضًا للسائحين والطلبة لمعرفة كيف تم تفكيك، ونقل المعبد، وكيف كان يبدو في زمانه الذي كان يمثل فيه أهم بقعة دينية في المنطقة. إنه حقا قطعة مهمة من تاريخ مصر تقع في قلب أوروبا.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».