سباق على «المسيّرات» في منطقة الشرق الأوسط

صورة وزعها الجيش الايراني لمسيّرة تابعة له في 11 سبتمبر الماضي ( أ ف ب)
صورة وزعها الجيش الايراني لمسيّرة تابعة له في 11 سبتمبر الماضي ( أ ف ب)
TT

سباق على «المسيّرات» في منطقة الشرق الأوسط

صورة وزعها الجيش الايراني لمسيّرة تابعة له في 11 سبتمبر الماضي ( أ ف ب)
صورة وزعها الجيش الايراني لمسيّرة تابعة له في 11 سبتمبر الماضي ( أ ف ب)

اتّسمت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على مدى العقدين المنصرمين، بعمق الانقسامات والاضطراب السياسي والقصور في الحكم. وانعكس التنافس الجيوسياسي وازدياد الطموحات لدى بعض الدول، التي استشعرت فائض القوة (إيران، إسرائيل، تركيا)، بإطلاق سياسات خارجية جريئة وأحاديّة الجانب تجاوزت في كثير من الحالات القيود التي فرضتها، منذ فترة طويلة، شراكات مع قوى أجنبية، وتعارضت مع أجندات إقليمية.
ضمن هذا المشهد، أدى استخدام الطائرات من دون طيار دوراً مهماً في النزاعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما يتجاوز تأثيرها المباشر في مجريات الميدان، بل أضحت جزءاً مهماً من الديناميات السياسية والأمنية وأحد أوجه المنافسة بين دول المنطقة.
بلغت الطائرات من دون طيار مستويات غير مسبوقة من التطور، وتوسّع استخدامها من أداة عسكرية متخصّصة متاحة فقط لإسرائيل والولايات المتّحدة عام 2001 - عندما تمّ استخدام طائرة من دون طيار من طراز (Predator) للمرة الأولى في مهمة اغتيال فاشلة استهدفت زعيم حركة «طالبان» الملا محمد عمر في أفغانستان - إلى أسلحة رخيصة نسبياً وعالية التقنية في ترسانة عدد متزايد من الدول.
ومن المتوقّع أن تجذب سوق الطائرات من دون طيار العالمي ما يقارب 100 مليار دولار من الاستثمارات خلال العقد الحالي، بزيادة 30 في المائة من حيث الإنفاق على البحث والتطوير والمشتريات، مما يؤكّد أهميتها الاستراتيجية المتزايدة ضمن منظومات الدفاع في العديد من الدول.
ويلاحظ هذا الاتجاه بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط، حيث شكّلت الطائرات العسكرية من دون طيار (درونز) نحو 82 في المائة من إجمالي السوق الإقليمي في عام 2019.
أثبتت قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، واكتساب الأهداف، أنها عامل حاسم في منطقة تتميّز دولها بحدود يسهل اختراقها ومساحات شاسعة غير خاضعة للرقابة، مما أتاح للعديد من الحكومات جمع معلومات استخبارية قيّمة ومواجهة تهديدات المتمردين المحليين والجماعات الإرهابية العابرة للحدود.
الجزائر ومصر، على سبيل المثال، أطلقت مراراً طائرات من دون طيار في حملات مكافحة إرهاب «داعش»، وأنّ كلاًّ من طائرة (Djazair 54s) (El) وهي نسخة أصلية من النموذج Yabhon United - 40) التابعة لشركة (Adcom Systems)، وطائرة (Wing Loong II) المصنّعة في الصين قد تمّ استخدامهما ضمن تشكيلات عسكرية لتوفير الدعم الجوي لوحدات المشاة في جنوب شرقي الأراضي الجزائرية وشبه جزيرة سيناء بواسطة مجموعة من الذخائر الموجّهة وغير الموجّهة.
استحوذت الطائرات القتالية من دون طيار (UCAVs) على اهتمام العديد من الحكومات في الشرق الأوسط وتصدّرت عناوين الصحف بسبب دورها المتقدّم في نزاعات المنطقة بما في ذلك ليبيا وسوريا والعراق. حالياً، هناك ثلاث عشرة دولة في المنطقة تقوم بتشغيل طائرات قتالية من دون طيار أو هي في طور الحصول على هذه القدرة، حيث تُصدّر أربع منها طائراتها إلى دول إقليمية أو أجنبية.

- تركيا
كان لافتاً صعود تركيا السريع والحيوي إلى نادي الدول التي تمتلك طائرات مسلّحة من دون طيار، ليس بسبب ريادتها في استخدام هذه الطائرات في العمليات القتالية التقليدية، بل للدور الرئيسي الذي قد تتصدّره أنقرة في السوق العالمية في المستقبل القريب.
بين شركاء تركيا التجاريين في المنطقة، قطر وتونس وحكومة «الوفاق الوطني» الليبية في طرابلس. تسلّمت الدوحة مؤخراً الدفعة الأولى من ست طائرات قتالية من طراز (Bayraktar TB2) وثلاث محطات تحكّم أرضيّة، تمّ التعاقد على شرائها في عام 2018، في حين وقّعت تونس في أوائل مارس (آذار) 2020 عقداً بقيمة 240 مليون دولار مع شركة (Turkish Aerospace Industry - TAI) لشراء ست طائرات قتالية من دون طيار من طراز(Anka - S) مع ثلاث محطات تحكّم وخدمات تدريبية. آخر شريك لأنقرة هي أذربيجان التي أبرمت عقداً لشراء طائرات قتالية من دون طيار لنشرها في مواجهة القوات الأرمينية في منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها، بعد أن أقرّ برلمانها مؤخراً تعاوناً عسكرياً ثنائياً مع تركيا.
ومنذ مايو (أيار) 2019. تمّ نشر عدد غير معروف من الطائرات من دون طيار (TB2)، مع المعدات والمدربين في ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني في التصدي لهجمات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر في طبرق، مما تسبب باندلاع مواجهة شرسة مع طائرات (Wing Loong IIs). علاوة على ذلك، يمكن أن يتلقى مخزون الطائرات من دون طيار التركية قريباً نظامين أكثر تقدّماً تمّ تطويرهما محلياً بواسطة (Baykar Makina) و(Turkish Aerospace Industry) هما: (Akinci) و(Aksungur)، وبفضل هذين النموذجين ستمتلك تركيا قدرات هجومية «جو - جو» و«جو - أرض» مما سيمكّنها من تحقيق توازن في القدرات مع إسرائيل.

- إيران
دخلت إيران ودول عربية ميدان السباق أيضاً وشرعت بتطوير قدراتها، بنشر المنصّات الصينية، ولا سيما سلسلة (Wing Loong) التي تنتجها مجموعة (Chengdu Aircraft Industry) منذ عام 2015 على الأقل، بالإضافة إلى طائرات Cai - Hong - CH 4B) التي تنتجها شركة (China Aerospace Science & Technology Corp) المملوكة للدولة. هذه النماذج استخدمت بالفعل في عمليات خاصة. بالتوازي مع ذلك، تعمل بعض الدول على تعزيز صناعاتها المحلية، وقد استثمرت في نماذج محلية.
وأحرزت إيران تقدّماً فيما يتعلّق بتقنية الطائرات من دون طيار. إذ يوصّف تقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية عام 2019 الطائرات من دون طيار بأنها «القدرة الجوية الإيرانية الأسرع تقدّماً». فقد طورت طهران العديد من المنصات لأغراض القتال والهجوم المباشر مثل (Ababil - 3T) و(Mohajer)، وأحدثها طراز (4B)، و(Fotros) و(Shaed - 129) من فئة (Medium Altitude Long Endurance - MALE). ويمثّل طراز (Shaed - 129) الذي تمّ تصنيعه من قِبل شركة صناعة الطائرات الإيرانية (HESA) وكُشف النقاب عنه للمرة الأولى في عام 2012. خطوة لافتة من حيث مدة الطيران والمدى؛ وذلك بعد الأداء المحدود للنماذج السابقة لتعذّر شراء التقنيات المتطورة كأجهزة الاستشعار والمحركات والمكوّنات الأخرى بسبب العقوبات الدولية وأنظمة مراقبة الصادرات. فقد خضع نموذج (Shaed - 129) للعديد من التحسينات التي مكّنته، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين، من التحليق لمدة 24 ساعة وحمل ما يصل إلى ثمانية صواريخ «جو - أرض» ليصبح معه نظام الطائرات من دون طيار في إيران أحد الأنظمة التي تّم اختبارها قتالياً.
مثّلت الطائرات من دون طيار في الاستراتيجية العسكرية لطهران حلاً فعالاً، من حيث تكلفة تعزيز قدرات جمع المعلومات والاستطلاع والهجوم وتعويض أوجه القصور التقليدية الهيكلية، لا سيما فيما يتعلّق بمنصات الرمايات البعيدة المدى وزيادة اعتماد إيران على الوسائل غير التقليدية كبديل للوسائل التقليدية غير المتوفرة. ولا يقلّ أهمية عن كل ذلك الدور الدعائي الذي تلعبه هذه الطائرات بفضل هالة «التكنولوجيا» وشعبويتها مما يساعد النظام الإيراني في تعزيز سمعته وخطابه القومي.
- إسرائيل
لإسرائيل مكانتها المتقدّمة بين الدول المهيمنة في مجال الطائرات من دون طيار، وربما تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتّحدة. لقد بقيت إسرائيل حتى عام 2014 المصدّر الرئيسي للطائرات دون طيار في العالم، حيث استحوذت على 61 في المائة من الصادرات العالمية. يمكن لأكبر طائرة من دون طيار إسرائيلية (MALE)، من فئة (Heron - TP)، أداء مهام استراتيجية على ارتفاع يصل إلى أكثر من 13 ألف متر، ومدة طيران لأكثر من 30 ساعة، بفضل مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار والذخائر بحمولة قصوى تصل إلى 2700 كلغ. تتمتع هذه الطائرة بالقدرة على العمل عبر الأقمار الصناعية مع الاعتماد على نظام إقلاع وهبوط تلقائي يمكّنها من العمل بشكل مستقل في الظروف الجوية القاسية والتكيّف مع المهام الطارئة.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لا تبيع طائراتها المتطورة إلى أي من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعود ذلك إلى القلق الدائم بالتهديد الذي يشكّله جيرانها العرب رغم التطبيع الدبلوماسي الأخير مع بعض الدول العربية. وبعبارة أخرى، فإنّ إسرائيل غائبة عن السوق الإقليمية للطائرات المسيّرة وتستهدف صادراتها دولاً أوروبية، في مقدّمتها ألمانيا وبريطانيا ودول أميركا اللاتينية وآسيا حيث تتصدر الهند القائمة من حيث الإنفاق.
ووفقاً لبيانات من قاعدة بيانات (SIPRI) لنقل الأسلحة، اشترت 21 دولة ومنظّمتان دوليتان ما بين عامي 2010 و2019 مجموعات مختلفة من الطائرات الإسرائيلية من دون طيار. وفي عام 2016. وقّعت الهند عقداً بقيمة 400 مليون دولار لشراء 10 طائرات قتالية من طراز (Heron - TP) من المفترض أن يتمّ تصنيعها بشكل مشترك في الهند بواسطة شركة (Hindustan Aeronautics Limited – HAL) التي تموّلها الدولة الهندية.
- «نزيف أمني» إقليمي
لم تعد الطائرات من دون طيار من الأصول الحصرية للحكومات الوطنية، فقد أضحت ضمن قوائم الدفاع لعدد متزايد من الجهات الفاعلة المسلّحة من غير الدول (Non StateActors) في الشرق الأوسط. وقد حصلت بعض هذه الميليشيات كـ«حزب الله» اللبناني و«أنصار الله» الحوثي على أنظمة (ISR) توازي المستوى المتوفر لدى بعض دول المنطقة. ووفقاً لتقارير غير مؤكّدة، يمتلك «حزب الله» أسطولاً من أكثر من 200 طائرة من دون طيار، بما فيها إيرانية الصنع (Ababil - 2T) والأكثر قوة (Mohajer - 4) التي تمّ استخدامها في عدد من المواقع في سوريا لدعم تدخّل «حزب الله» العسكري، فيما استخدم الحوثيون الطائرات من طراز (Qasef - 2K) وهو نسخة معدّلة من(Ababil - 2T) ونماذج من طراز (UAV - X) للاعتداء على الأهداف والمنشآت المدنية والاقتصادية.
في المقابل، فقد طوّرت الجماعات غير الحكومية والإرهابية في المنطقة، وخاصة تنظيم «داعش»، قدرات الطائرات من دون طيار الرخيصة المتوفرة في الأسواق التجارية والتي يسهل شراؤها لأغراض المراقبة والاستطلاع أو لأغراض هجومية من خلال تزويدها بمجموعة متنوّعة من المتفجرات الثابتة أو الذخائر القابلة للإطلاق.
تعبّر هذه التطورات عن حقيقة لا يمكن إغفالها، بأنّ الطائرات من دون طيار - حتى البدائية منها - يوفر للجهات الفاعلة غير الحكومية قدرات محمولة جواً غير مسبوقة، والتي إن تمّ استخدامها بمهارة فقد يعزز ذلك أداءها بشكل كبير. هذا لا يقتصر على جمع المعلومات الاستخبارية في الوقت المناسب فقط ولتوقّع تحركات العدو والتخطيط لأعمال عسكرية فعالة، ولكن أيضاً لشن هجمات قاتلة بوسطة طائرات انتحارية على أهداف عالية القيمة (HighValue Target) مثل القواعد العسكرية والمجمّعات الاقتصادية والأهداف المحصّنة التي يصعب ضربها بطرق أخرى.
لقد قلّصت الطائرات من دون طيار الفجوة بين القوات المسلّحة التقليدية وغير التقليدية من حيث القدرات الجوية، وهو أمر لم يكن توقّعه ممكناً قبل بضع سنوات فقط. فإلى جانب الضربات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، استخدمت الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل «داعش» و«حزب الله» الطائرات من دون طيار في الحروب النفسية، مما يشير إلى تكامل لهذه الطائرات مع الاستراتيجيات العسكرية الموضوعة وقد يشكّل مصدر إلهام للجهات الفاعلة الأخرى أيضاً ويؤثر بشكل كبير على المشهد الأمني الإقليمي. بالتوازي مع ذلك، لقد أصبح التمايز بين الجهات الحكومية وغير الحكومية صعباً، الأمر الذي سيؤدي ليس فقط إلى صعوبة تتبّع أصول وحركة هذه الطائرات، بل إلى صعوبة التنبؤ بكيفية استخدامها وتأثيراتها المحتملة.
- نتائج محتملة
هناك ثلاث نتائج مترتبة على استخدام الطائرات من دون طيار لا بدّ من التوقف عندها:
أولاً، التأثير المتعاظم لديناميكيات الحرب بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة بفعل المعادلة المفيدة بين الفعالية الكبيرة والتكلفة المتدنيّة، إذ توفر ظروف الحرب بالوكالة بيئة مثالية لعمليات الطائرات من دون طيار، نظراً لحاجة اللاعبين الخارجيين والقوى الكبرى في الحفاظ على صورتهم وتجنب انكشافهم السياسي قدر الإمكان. في هذا السياق، تمكّنت تركيا كقوة إقليمية متدخلة - من خلال استخدامها المكثف للطائرات من دون طيار لدعم مجموعات تعمل بالوكالة في كلّ من ليبيا وسوريا - من تجنّب تعرّضها سياسياً وخفض التكاليف المادية والبشرية المترتبة عليها. علاوة على ذلك، فإن سهولة تفكيك هذه الطائرات وتهريبها إلى مجموعات الداخل تشكّل إحدى الإيجابيات الإضافية.
ثانياً، الافتقار إلى الشفافية وكذلك إلى الرقابة المؤسّساتية والقانونية في استخدام هذه الطائرات بشكل كبير، لا سيما من قِبل الجهات غير الحكومية التي تعمل خارج إطار الشرعية الدولية ولا تمتثل لقوانين الحرب وللقانون الدولي الإنساني. فهذا الوضع يزيد من خطر وقوع إصابات بين المدنيين وحدوث خسائر جانبية، مما يضاعف المخاطر على عملية السلام والاستقرار. وفي هذا الإطار، تقدّم الصراعات التي تعيشها سوريا واليمن والعراق أمثلة واضحة على سقوط الضوابط والمعايير واستباحة الميليشيات لميادين القتال.
وفي ليبيا أيضاً حيث تسببت طلعات الطائرات من دون طيار للطرفين المتحاربين بوقوع ضحايا مدنيين، وقد تعذّر حينها تحديد المسؤولية بين طائرات(Wing Loong Ils) التي تدعم حفتر، أو طائرات (Bayraktar TB2) التي تدعم حكومة الوفاق الوطني، وهل تمّ تشغيلها مباشرة من الدول الداعمة، أو من قبل الفصيلين الليبيين غير المنتظمين. وبالتوازي مع ضعف الدولة في احتكار استخدام القوة واستمرار الجهات الفاعلة المسلّحة شبه الحكومية أو غير الحكومية في لعب الدور الأمني الأبرز، تقدّم الطائرات من دون طيار حافزاً قوياً لاستخدام الوسائل العسكرية وخلق عقبات جديدة أمام المساءلة والشفافية تتجاوز الميّزات العسكرية المهمة للطائرات دون طيار وانخفاض التكاليف المالية للعمليات.
ثالثاً، يبقى استخدام الطائرات من دون طيار في السيناريوهات الداخلية هو العامل الأكثر إثارة للقلق. وأوضح مثال على ذلك الهجوم الذي تعرض له رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. حيث ألقت طائرتان من دون طيار على الأقل ذخائر متفجرة على منزله وأدت إلى إصابته وتدمير جزء من المنزل. وكانت الطائرات المهاجمة عبارة عن طائرات رباعية المحركات مطابقة تماماً للمواصفات الفنية لتلك التي استخدمت سابقاً من قبل الميليشيات المدعومة من إيران في الهجمات الإرهابية على مواقع القيادة العراقية والسفارة الأميركية في بغداد.
كذلك توحي الحملة التي قادتها تركيا منذ عام 2015 لمكافحة الإرهاب ضد حزب العمال الكردستاني، بأنّ هذه الطائرات قد تصبح الأداة المفضلة لدى الدول في التعامل مع حركات التمرّد، وجماعات المعارضة، وحتى الأقليات التي تسعى للمشاركة السياسية، مما ينأى بالحكومات بعيداً عن الحوار الوطني والمفاوضات لمعالجة الاختلالات السياسية في المجتمع.
فوفقاً للأرقام الرسمية التي قدّمتها وزارة الدفاع التركية بشأن مقاطعة هكاري جنوب شرقي تركيا، قتلت الطائرات من دون طيار أكثر من 70 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني خلال الشهرين الأولين من الحملة، بينما لا يزال عدد الضحايا المدنيين غير معروف.
وفي حالة الحرب الليبية، تُظهر البيانات المتاحة للجمهور عن الضحايا المدنيين من الضربات الجويّة منذ أبريل (نيسان) 2019 أنه من بين ما يقرب من 200 حادثة مؤكدة أو مزعومة تنطوي على خسائر مدنية، فإنّ 22 منها (11 في المائة) نُفّذت على الأرجح بواسطة طائرات مسيّرة مسلّحة.
ومن منظور أوسع، يبدو أنّ الطائرات من دون طيار قد تحوّلت إلى حوافز للأعمال المسلّحة من خلال سلسلة من المزايا ومنها نسبة الفعالية، مقارنة بالتكلفة المادية المغرية وتجنب التعرّض السياسي. هذا بالإضافة إلى أن العمق الاستراتيجي لعمليات الطائرات دون طيار وسهولة الوصول إلى الأهداف الثمينة تسهمان بتوسيع الحروب. ففي منطقة تتّسم بعدم الاستقرار المزمن وتعاني من صراعات هي الأكثر تدميراً في العالم، أصبحت الطائرات من دون طيار هي الأسلحة المختارة للعديد من الدول الإقليمية التي وظفتها تحت تسميّات «التحرير ومكافحة الإرهاب» لإظهار قوّتها وبسط نفوذها في عصر اللامبالاة الأميركية تجاه الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار تقول الباحثة آمي زيجارت: «تقلل الطائرات من دون طيار بشكل جذري تكاليف الحرب من حيث الدم والمال والسمعة السياسية وتجعل من المجدي سياسياً للدول الاستمرار في إطلاق النار إلى الأبد».
وفي الخلاصة، فإنّ استمرار انتشار الطائرات المسلّحة من دون طيار يزيد من إغراء الشروع في عمليات «الحرب عن بُعد» التي غالباً ما تُصوَر على أنها «جراحية» وخاليّة من الأضرار الجانبية، لكن سريّتها وتقليل مخاطرها على المهاجم يسهمان في تآكل التدقيق المؤسّسي، والمساءلة القانونية كضوابط لاستخدام القوة المميتة على المسرح الدولي. وبهذا المعنى تتحوّل هذه الطائرات إلى أداة مانعة للأسئلة الرئيسية حول حماية الحق في الحياة في النزاعات، والحرب غير المتكافئة، وعمليات مكافحة الإرهاب، وكلّ ما يسمّى بأوضاع السلام وتوّلد تحديّات أساسية للمعايير القانونية الدولية حول حظر القتل التعسفي والاستخدام المسموح به للقوة.
> أدى استخدام الطائرات من دون طيار دوراً هاماً في النزاعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما يتجاوز تأثيرها المباشر في مجريات الميدان، وأضحت جزءاً هاماً من الديناميات السياسية والأمنية وأحد أوجه المنافسة بين دول المنطقة.
> استخدمت الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل «داعش» و«حزب الله» الطائرات من دون طيار في الحروب النفسية، مما يشير إلى تكامل لهذه الطائرات مع الاستراتيجيات العسكرية الموضوعة وقد يشكّل مصدر إلهام للجهات الفاعلة الأخرى أيضاً ويؤثر بشكل كبير على المشهد الأمني الإقليمي.
> تمكّنت تركيا كقوة إقليمية متدخلة - من خلال استخدامها المكثف للطائرات من دون طيار لدعم مجموعات تعمل بالوكالة في كلّ من ليبيا وسوريا - من تجنّب تعرّضها سياسياً وخفض التكاليف المادية والبشرية المترتبة عليها.
> بالتوازي مع ضعف الدولة في احتكار استخدام القوة واستمرار الجهات الفاعلة المسلّحة شبه الحكومية أو غير الحكومية في لعب الدور الأمني الأبرز، تقدّم الطائرات من دون طيار حافزاً قوياً لاستخدام الوسائل العسكرية وخلق عقبات جديدة أمام المساءلة والشفافية.
> يبقى استخدام الطائرات دون طيار في السيناريوهات الداخلية هو العامل الأكثر إثارة للقلق. الطائرات المشاركة في الهجوم الذي تعرّض له رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مطابقة تماماً لتلك التي استخدمت سابقاً من قِبل الميليشيات المدعومة من إيران في الهجمات الإرهابية على مواقع القيادة العراقية والسفارة الأميركية في بغداد.
> توحي الحملة التي قادتها تركيا منذ عام 2015 ضد حزب العمال الكردستاني بأنّ هذه الطائرات قد تصبح الأداة المفضلة لدى الدول في التعامل مع حركات التمرّد، وجماعات المعارضة، وحتى الأقليات التي تسعى للمشاركة السياسية.
> في منطقة تتّسم بعدم الاستقرار المزمن وتعاني من صراعات هي الأكثر تدميراً في العالم، أصبحت الطائرات من دون طيار هي الأسلحة المختارة للعديد من الدول الإقليمية التي وظفتها تحت تسميّات «التحرير ومكافحة الإرهاب» لإظهار قوّتها وبسط نفوذها في عصر اللامبالاة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.
- مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات


مقالات ذات صلة

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

المشرق العربي دورية مشتركة بقيادة أميركية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا (أرشيفية-رويترز)

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات الأميركية في قاعدة كونيكو للغاز في ريف دير الزور أسقطت طائرة مسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسيّرة فوق الأراضي السورية (المرصد السوري)

«المرصد»: دمشق تسقط مسيّرة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الطائرة المسيّرة «المجهولة» التي تصدّت لها الدفاعات السورية، قبل يومين، تابعة لـ«المقاومة الإسلامية بالعراق».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أجواء الأردن شهدت على مدى الشهرين الماضيين تبادلاً للقصف بين إيران وفصائل عراقية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى (رويترز)

الأردن يرفض محاولات «بعض الأطراف» انتهاك مجاله الجوي

نقلت «وكالة الأنباء الأردنية» اليوم (السبت) عن محمد المومني المتحدث باسم الحكومة الأردنية تأكيده رفض بلاده محاولات «بعض الأطراف في الإقليم» انتهاك مجاله الجوي.

«الشرق الأوسط» (عمان)
شؤون إقليمية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يعملون بجوار سيارة متضررة جراء هجوم بمسيرة على شمال إسرائيل (رويترز)

مسؤولان: إسرائيل تتعرض لهجمات يومية بالمسيّرات من العراق

كشف مسؤولان لـ«وكالة أسوشييتد برس» أن الميليشيات المدعومة من إيران تطلق مسيرات هجومية في اتجاه واحد ضد إسرائيل من داخل العراق.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ خلال عرض طائرة مسيّرة صينية في مونتريال بكندا 13 نوفمبر 2019 (رويترز)

شركة أميركية لصناعة المسيّرات تتهم بكين باستخدام العقوبات لتعزيز الشركات الصينية

اعتبرت شركة أميركية لصناعة الطائرات المسيّرة أن العقوبات التي فرضتها بكين عليها ستعوق إنتاجها لأشهر عدة، وأن هدف بكين هو «تعميق الاعتماد» على الشركات الصينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.