لبنان: حملات ضد المشنوق على خلفية عملية «سجن رومية» ومطالبات بلجنة تقصي حقائق

مصادر وزارة الداخلية لـ («الشرق الأوسط») : يقوم بعمله بعيدًا عن أي حسابات

لبنان: حملات ضد المشنوق على خلفية عملية «سجن رومية» ومطالبات بلجنة تقصي حقائق
TT

لبنان: حملات ضد المشنوق على خلفية عملية «سجن رومية» ومطالبات بلجنة تقصي حقائق

لبنان: حملات ضد المشنوق على خلفية عملية «سجن رومية» ومطالبات بلجنة تقصي حقائق

تصاعدت وتيرة الحملة في اليومين الأخيرين ضد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على خلفية «أحداث سجن رومية» الأخيرة، من داخل «البيت المستقبلي» و«البيت السني» بالتحديد، فيما يبدو واضحا أنّ المشنوق يمضي قدما في مخطّطه في هذا السجن الذي كان بندا رئيسا في جدول أعماله منذ تسلمه الوزارة، وبما يحمل هذا القرار من دعم معنوي وسياسي من رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، الذي أكد أنّ «مكافحة الإرهاب هي الأولوية».
ويبدو واضحا أنّ الحملات ضدّ وزير الداخلية المطالبة حينا بالاستقالة وحينا آخر بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، تأتي من قبل مسؤولين ونواب من الشمال حيث يتحدّر معظم الموقوفين في «رومية». كذلك، كان لافتا تنفيذ أهالي الموقوفين اعتصاما أمام دارة وزير العدل اللواء أشرف ريفي في مدينة طرابلس، المحسوب سياسيا أيضا على «المستقبل»، مطالبين باستقالة المشنوق، غداة العملية الأمنية التي نفذت في السجن بعدما حاول الموقوفون القيام بتمرد يوم السبت الماضي.
وأكد حينها ريفي، أنّ المحاكمات في سجن رومية قطعت شوطا كبيرا مشيرا إلى أن جزءا بسيطا من الملف لم ينجز بعد، والسبب عدم حضور بعض الموقوفين جلسات المحاكمات، واعدا بـ«إنهائها خلال شهرين».
وفيما رفضت مصادر وزارة الداخلية، التعليق على الحملات ضدّ المشنوق، مؤكدة أن الوزارة تقوم بعملها بعيدا عن أي حسابات، قالت لـ«الشرق الأوسط» في النهاية هؤلاء سجناء ويجب التعامل معهم بحزم، مع اعتراف الوزير المشنوق بأنّ هناك وضعا إنسانيا في السجن يحتاج إلى معالجة ويتم العمل عليه، لجهة عدد المسجونين الذي يبلغ نحو 1200 بينما السجن ليس مهيئا لاستقبال أكثر من 400.
وعن الاتهامات بتعرض السجناء للعنف والضرب، نفت المصادر هذا الأمر جملة وتفصيلا، مشيرة إلى أن هناك لجنة من الأطباء تقوم بإعداد تقرير شامل عن كل السجناء. وأوضحت أنّ المصابين هم 4 من صفوف قوى الأمن الداخلي، واثنان تعرضا للضرب، واثنان آخران أصيبا بحروق بعدما عمد المساجين إلى حرق الفرش التي كانت موجودة لديهما، متسائلة: «إذا كانت الاتهامات بعدم إعطائهما فرشة ليناما عليها، من أين أتوا بها ليحرقوها؟»، مضيفة: «كما أنهم عمدوا إلى تكسير آليات المستشفى الحديث الذي أنشئ أخيرا بإشراف الصليب الأحمر».
وأكدت المصادر أنه ستتم إعادة توزيع السجناء مجددا بين المبنيين (ب) و(د) في الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار) المقبل بعد انتهاء أعمال إعادة التأهيل والتجهيز مما سيؤدي إلى التخفيف من الاكتظاظ.
وبعدما كانت «لجنة أهالي الموقوفين في سجن رومية»، قد حذرّت من أن عدم إقالة «تيار المستقبل» لوزير الداخلية، باعتباره ممثلاً له في الحكومة.. «سيضطر اللجنة إلى اعتبار تيار المستقبل متواطئا علينا وعلى قضية الموقوفين»، ردّ المشنوق بالقول: «لن استقيل إلا إذا أحسست أنني أخطأت في تطبيق القانون»، مؤكدا: «أنا أتصرف ضمن القانون وهناك عناصر أمنية تعرضت للأذى خلال التمرد الأخير في السجن».
وكان النائب في كتلة «المستقبل» محمد كبارة شنّ هجوما على المشنوق، مطالبا بتأليف لجنة تحقيق مستقلة بشأن الموقوفين، معتبرًا أن وزير الداخلية «بات ينطبق عليه المثل الشعبي القائل: جحا لا يقوى إلا على أهل بيته»، واستدعى هجوم كبارة على المشنوق ردا من قبل بعض السياسيين في «تيار المستقبل»؛ إذ قال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري: «إذا لم نطبق القانون بحيادية على الجميع فلن نستطيع أن نلوم أي فئة تنتهكه». وأسف للكلام الصادر بحق وزير الداخلية الذي أكد أنّه «يقوم بواجبه الطبيعي ويجسد تطلعاتنا إلى إعادة هيبة الدولة وتعزيز سلطتها ومنع كل ممارسات الفوضى والإخلال بالنظام».
ويوم أمس، عقد رئيس «لقاء الاعتدال المدني» في الشمال النائب السابق في «كتلة المستقبل» مصباح الأحدب ورئيس الجمعية اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان (لايف) المحامي نبيل الحلبي، مؤتمرا صحافيا، للمطالبة بلجنة لتقصي الحقائق في سجن رومية وإشراك المجتمع المدني في الإشراف على واقع السجون.
وسأل الأحدب: «هل النيابة العامة العسكرية تمثل الرأي العام اللبناني؟ أم أنها تمثل توجيهات أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي يقود اليوم المواجهات الإقليمية، ويعتبر أن هناك مواطنا شريفا ومقاوما وهو فوق القانون، وآخر تكفيريا خطيرا يجب ضربه والقضاء عليه؟»، مضيفا: «أي قانون يسمح للنيابة العامة العسكرية بإعطاء توجيهات للأجهزة الأمنية لتوقيف المئات من أبناء طرابلس وعرسال وبيروت وصيدا بوثائق اتصال غير قانونية وإرسالهم إلى سجن الريحانية، حيث يهانون ويضربون ويعذبون لانتزاع اعترافات منهم بأعمال لم يرتكبوها، ومن ثم يعتمد على هذه الاعترافات ويرسلون إلى سجن رومية، وبذلك تغطي النيابة العامة العسكرية وثائق الاتصال غير القانونية وتشرعنها وتحولها إلى ملفات قضائية، وبعد سنوات من الحبس يتبين أن التهم التي ألصقت بهم تعسفية فيخرجون من السجن، هذا إن تمت محاكمتهم بعد أن تكون حياتهم وحياة عائلاتهم قد دمرت بالكامل».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.