بدأت أمس (الثلاثاء) محاكمة امرأة عائدة من «داعش» أمام محكمة أمن الدولة في مدينة ناومبورغ الألمانية، بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي أجنبي. ويتهم الادعاء العام المرأة التي تبلغ من العمر الآن 22 عاماً، بالمساعدة في الاتجار بالبشر، وانتهاك قانون الرقابة على الأسلحة.
وتجرى المحاكمة خلف أبواب مغلقة، في قاعة مشددة الحراسة بالمجمع القضائي في هاله. وقال المدعي العام هولغر شنايدر-جلوكتسين عن قرار المحكمة بإجراء الجلسات مغلقة: «الحقوق الشخصية للمتهمة حاسمة في هذا الأمر».
وكانت المتهمة قاصرة ومراهقة وقت ارتكاب الجرائم المنسوبة إليها. وأوضح المدعي العام أنه يجب لذلك الحفاظ بشكل خاص على حماية شخصية المتهمة خلال المحاكمة. وبحسب الادعاء العام الاتحادي، فإن المتهمة سافرت إلى «داعش» في سوريا، عندما كانت تبلغ من العمر 15 عاماً، وانضمت إلى التنظيم، وتزوجت من مقاتل «داعشي»، واستعبدت معه فتاة إيزيدية. كما كانت تبحث عن نساء لضمهن للتنظيم. وفي عام 2020 عادت المرأة المنحدرة من ولاية سكسونيا-الألمانية إلى موطنها، وتم احتجازها ثم الإفراج عنها لاحقاً بشروط.
وخلال فترة المحاكمة التي من المقرر أن تستمر حتى منتصف مايو (أيار) على الأقل، ستواجه ليونورا ميسينغ أيضاً تهمتَي الانتماء إلى منظمة إرهابية وانتهاك قانون الأسلحة.
ودفعت هذه القضية البارزة إلى تساؤلات في ألمانيا، حول طريقة تحول فتاة مراهقة من بلدة صغيرة إلى التطرف والانضمام لتنظيم متشدد.
وهربت ميسينغ من منزلها إلى الجزء الذي يسيطر عليه تنظيم «داعش» في سوريا في مارس (آذار) 2015. واكتشف والد ميسينغ -وهو خباز من قرية برايتنباخ الألمانية- تحول ابنته إلى التطرف بعدما فتح جهاز الكومبيوتر الخاص بها وقرأ دفتر يومياتها. وبعد 6 أيام من اختفائها، تلقى والدها رسالة تبلغه بأن ابنته «اختارت الإسلام».
وقال والدها مايك ميسينغ لمحطة «إن دي آر» الإقليمية عام 2019: «لقد كانت تلميذة مجتهدة». وأضاف: «اعتادت الذهاب إلى دار عجزة لتقرأ قصصاً للمسنين. شاركت في الكرنفال بصفتها قائدة فرقة موسيقية. وكانت تلك المرة الأخيرة التي رآها كثير من الأشخاص الذين نعرفهم».
كانت ميسينغ تعيش حياة مزدوجة، وكانت تزور -على ما يبدو دون علم والديها- مسجداً في مدينة فرانكفورت (غرب) كان يخضع لمراقبة الاستخبارات الألمانية المحلية. وهي من بين أكثر من 1150 متشدداً غادروا ألمانيا منذ عام 2011 إلى سوريا والعراق، وفق الحكومة الألمانية. وأثارت قضيتها اهتماماً خاصاً بسبب صغر سنها، ولأن والدها وافق على التعاون لمدة 4 سنوات مع فريق من المراسلين من محطة «إن دي آر» العامة، وكجزء من التقرير الذي أُنجز، نشر مايك ميسينغ آلاف الرسائل التي تبادلها مع ابنته بشكل متواصل، مقدِّماً لمحة نادرة عن الحياة اليومية في ظل تنظيم «داعش»؛ لكن أيضاً محاولاتها الهرب في نهاية المطاف.
ويقول المدَّعون العامون إن ميسينغ كانت جزءاً من عملية اتجار بالبشر بعدما «اشترى» زوجها امرأة إيزيدية تبلغ 33 عاماً، ثم «باعها». وانتهى الأمر بميسينغ التي أنجبت طفلتين، محتجزة في معسكر يسيطر عليه الأكراد في شمال سوريا. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، أعيدت إلى وطنها في واحدة من 4 عمليات لإعادة 54 شخصاً إلى ألمانيا. ورغم توقيفها عند وصولها إلى مطار فرانكفورت، أطلق سراح ميسينغ لاحقاً. وأمرت ألمانيا مراراً عبر محاكمتها، بإعادة زوجات الجهاديين وأطفالهن إلى وطنهن.
وهناك ما يقدر بحوالي 61 ألمانياً في معسكرات في شمال سوريا، بالإضافة إلى حوالى 30 شخصاً على صلة بألمانيا، وفقاً لتقديرات رسمية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت محكمة ألمانية أول حكم في العالم يعترف بالجرائم ضد الإيزيديين بأنها إبادة جماعية، في قرار أشاد به الناشطون، ووصفوه بأنه انتصار «تاريخي» لهذه الأقلية.
والإيزيديون هم مجموعة ناطقة باللغة الكردية تتحدر من شمال العراق، تعرَّضوا للاضطهاد لسنوات من مسلحي تنظيم «داعش» الذين قتلوا مئات الرجال، واغتصبوا نساء، وجندوا أطفالاً قسراً كمقاتلين.
ألمانيا: بدء محاكمة عائدة من «داعش»
بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي أجنبي
ألمانيا: بدء محاكمة عائدة من «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة