عرض 17 لوحة لكبار الرسامين رُمّمت من أضرار انفجار العاصمة اللبنانية

«ليفت» يقام بالتعاون بين «اليونيسكو» و«متحف بيروت للفن»

لوحة بول غيراغوسيان التي أعيد ترميمها
لوحة بول غيراغوسيان التي أعيد ترميمها
TT

عرض 17 لوحة لكبار الرسامين رُمّمت من أضرار انفجار العاصمة اللبنانية

لوحة بول غيراغوسيان التي أعيد ترميمها
لوحة بول غيراغوسيان التي أعيد ترميمها

لم يكن ليتصور يوماً بول غيراغوسيان وحسن جوني وأمين الباشا وشوقي شمعون وغيرهم من كبار الفنانين التشكيليين في لبنان، أن أعمالهم ستخضع لعمليات تجميل من نوع آخر؛ فلوحاتهم التي تركوها لنا إرثاً غنياً من أيام لبنان المضيء، تعرضت إلى التحطم والتمزق بفعل انفجار بيروت. فقدت الأعمال شبابها وقبعت في أماكن معزولة تنتظر من يمسح عنها جراحها ويعيد ترميمها. ومع معرض «ليفت» (Lift) الذي أقامه مكتب «اليونيسكو» و«متحف بيروت للفن» (Bema) في باحة تابعة لجامعة القديس يوسف (هوفلان) في الأشرفية، تنفست هذه اللوحات الصعداء واستعادت ملامحها الطبيعية. التشوهات التي أصابتها أُزيلت بفضل مبادرة اليونيسكو «لبيروت». هذه المبادرة أطلقتها المديرة العامة لليونيسكو أودري أوزلاي في عام 2020 إثر تفجير المرفأ، وهدفها إعادة تأهيل مدارس ومبانٍ تاريخية ومتاحف ومعارض.
واعتبرت كوستانزا فارينا مديرة، مكتب اليونيسكو في بيروت خلال افتتاح المعرض أن المباني التاريخية والتراث الثقافي والأعمال الفنية، تمثل روح الشعب وبالتالي روح بيروت. وأضافت «هذه اللوحات تحكي قصص مجتمع وشعبه. ونحن نفتخر بتعاوننا مع المهنيين المتفانين لترميم هذه الأعمال الفنية». وختمت «أن الثقافة تغذي الابتكار وتعزز الإبداع، وهي رصيد للتنمية الاقتصادية. إنه استثمار بالغ الأهمية يجب دعمه بشكل جماعي».
17 لوحة تحمل توقيعات فنانين لبنانيين مشهورين أمثال جميل ملاعب وحسين ماضي وإدغار مازجي ونزار ضاهر وبيبي زغبي وغيرهم. وقد اختيرت من السراي الكبير، ومن غاليرهات، وبعض منازل هواة جمع اللوحات القيمة وعرضت في «ليفت».
استغرقت عملية الترميم نحو 6 أشهر، شارك فيها سبعة متخصصين وخبراء ترميم لوحات، من بينهم 4 لبنانيين من فريق متحف «بيروت للفن» و3 طلاب من خريجي معهد الترميم في جامعة كولونيا الألمانية. ومن خلال عمليات ترميم دقيقة عرضت بعض مراحلها في فيديو قصير أثناء افتتاح المعرض، أُصلحت هذه اللوحات وأُزيلت تمزقاتها باستخدام المكبرات وأضواء خاصة لتنقيح الخدوش، فترميم القماش المتمزق للوحات الرسم يلزمه حرفية عالية، وهو ما دفع بـ(Bema) إلى تمديد برنامج تدريب داخلي لطلاب الدراسات العليا لمدة ستة أسابيع من أجل دعم هذا المشروع.
إحدى اللوحات للراحل بول غيراغوسيان التي اختيرت من مجموعة هدى وناجي سكاف، عُرضت حالتها ما قبل وما بعد عملية ترميمها كغيرها من لوحات المعرض. وتقول نايري كتكليان التي شاركت في عمليات الترميم: «كان بين أيدينا 17 لوحة تحتاج إعادة تأهيل، وكل واحدة منها كان لها صعوبتها. طبيعة عملنا لا ترتكز على نفس تقنية الرسام. لوحة زيتية مثلاً لا تُرمم بالزيت بل بالأكواريل والـ«غواش»، كي نستطيع إزالة التصحيح بسهولة في حال تعرضت إلى التشوه مرة أخرى. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «إن لوحة بول غيراغوسيان كانت من النماذج الشديدة الصعوبة في ترميمها، فقد أصابتها شظايا الانفجار بشكل كبير بحيث وصل طول التمزق في وسطها إلى نحو المتر الواحد».
ومن القطع الفنية المتضررة بشكل كبير، التي كانت عملية ترميمها دقيقة جداً نظراً لتشوهاتها الكبيرة، منحوتة للفنان رفيق مجذوب، «كانت محطمة بشكل كبير ومنقسمة إلى قطعتين منفصلتين، فجمعناها تماما كالـ(بازل) واضطررنا أيضاً إلى استخدام قطع خشبية نردم فيها فجوات طالتها كي نعيد لها شكلها الطبيعي. توضح نايري في سياق حديثها.
نفذ «متحف بيروت للفن» أعمال الترميم هذه بمنحة من حكومة آيسلندا لإحياء الحياة الثقافية في العاصمة اللبنانية بعيد الانفجار. وحضر افتتاح المعرض وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، فتنقل في أرجائه وتمعن في كيفية ترميم اللوحات لا سيما أن إحداها كان يحتضنها مبنى الوزارة. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن «هذا العمل جبار. إعادة إحياء اللوحات وبث الروح فيها من جديد تترجم صلابة لبنان، فمهما لحقته من أضرار يبقى قادراً، في حال توفرت الظروف المواتية، أن ينتصب من جديد تماماً كهذه اللوحات».
بدورها أكدت مديرة «متحف بيروت للفن» ميشيل حداد أن سعادة المتحف كبيرة بتعاونه مع الـ«يونيسكو» ضمن مبادرة «لبيروت». وتضيف لـ«الشرق الأوسط» «لقد آثرنا عرض حالة اللوحات قبل وبعد تصليحها، فهي احتاجت عملية ترميم دقيقة جداً تدخل في صميم اللوحة وصولاً إلى شعيرات قماشها الممزق. وفريق الترميم في المتحف سيواصل عمله الدقيق هذا في ترميم وحفظ قطع مجموعة المتحف ووزارة الثقافة، فهي مجموعة مذهلة تمثل التاريخ المرئي للبنان الحديث».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».