رئيس «دافوس»: الجائحة كشفت أهمية التعاون الدولي... وكلفة التقاعس المناخي باهظة

قال لـ«الشرق الأوسط» إن مبادرة السعودية الخضراء «حيوية» في الجهود العالمية للحد من الانبعاثات

يرى بورغه برنده أن التعاون الدولي ضرورة مُلحّة لمواجهة تداعيات الجائحة واستعادة نمو اقتصادي مستدام
يرى بورغه برنده أن التعاون الدولي ضرورة مُلحّة لمواجهة تداعيات الجائحة واستعادة نمو اقتصادي مستدام
TT

رئيس «دافوس»: الجائحة كشفت أهمية التعاون الدولي... وكلفة التقاعس المناخي باهظة

يرى بورغه برنده أن التعاون الدولي ضرورة مُلحّة لمواجهة تداعيات الجائحة واستعادة نمو اقتصادي مستدام
يرى بورغه برنده أن التعاون الدولي ضرورة مُلحّة لمواجهة تداعيات الجائحة واستعادة نمو اقتصادي مستدام

للعام الثاني على التوالي، انعقدت أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي افتراضياً، واجتمع قادة الأعمال والحكومات عبر شاشاتهم لبحث تحديات الجائحة والواقع الاقتصادي.
ورأى بورغه برنده، رئيس المنتدى الاقتصادي، في ختام أعمال «أجندة دافوس» لهذا العام، أن «التعاون الدولي ضرورة» مُلحّة لمواجهة تداعيات الجائحة واستعادة نمو اقتصادي مستدام، وتجاوز التوترات المتصاعدة في الساحة الدولية. وقال برنده في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه رغم الصعوبات التي رافقت جائحة «كورونا»، فقد نجح العالم بفضل تعاون دولي بين القطاعين العام والخاص في تطوير لقاحات آمنة في فترة قياسية، لافتاً إلى أهمية الاستفادة من هذه التجربة في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والهجرة.
ورغم تصاعد التوتر بين الدول الفاعلة، أعرب برنده عن تفاؤل حذر، مستبشراً بدعوة الرئيس الصيني شي جينبينغ، إلى «التنمية السلمية والتعاون المربح».
إلى ذلك، قال برنده إن لدى منطقة الشرق الأوسط فرصة فريدة للتمركز في قلب جهود المناخ العالمية، مشيداً بمبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» اللتين عدّهما «عنصرين حيويين في الجهود العالمية للحد من الانبعاثات».
وفيما يلي نص الحوار...

> حدد تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى 10 تحديات ملحّة، ارتبط الكثير منها بالمناخ. هل تقلقون من أن يفقد التقدم الذي تحقق في «كوب 26» زخمه؟
- تظهر المخاوف المرتبطة بالمناخ بوضوح في تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام، حيث إن تكاليف التقاعس عن العمل بشأن المناخ باهظة. نحن نواجه تحديات حقيقية... فالعالم بحاجة إلى فصل نمو الطاقة في المستقبل عن نمو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وفي الوقت ذاته تأمين كهرباء كافية لـ700 مليون شخص على كوكبنا لا يحصلون على احتياجاتهم الأساسية من الكهرباء. وستلعب التقنيات الجديدة مثل احتجاز الكربون وتخزينه ومصادر الطاقة المتجددة دوراً رئيسياً في حلّ هذا اللغز.
> أعلنت دول في الشرق الأوسط عن سياسات طموحة صديقة للمناخ، تصدّرتها السعودية بإعلانها خطة الحياد الصفري بحلول 2060. كيف تنظرون إلى هذه الالتزامات؟
- مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر عنصران حيويان في الجهود العالمية للحد من الانبعاثات.
نأمل في أن تُحفّز المزايا الاقتصادية الواضحة للاستثمار المبكّر في التقنيات الخضراء الناشئة، إلى جانب التكاليف المدمرة للتقاعس في مكافحة تغير المناخ، جميع الدول على تسريع التحول الطاقي لديها.
وتشكّل استضافة المنطقة لاجتماعَي «كوب» القادمين؛ في مصر عام 2022 والإمارات عام 2023، فرصة فريدة للشرق الأوسط لوضع نفسه في قلب جهود المناخ العالمية، لا سيما أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون إحدى المناطق الأكثر تضرراً من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ومن المهم جداً أن نتخذ إجراءات ذات مغزى الآن. فمن خلال حماية كوكبنا وشعوبنا اليوم، يمكننا تعزيز ازدهارنا المشترك غداً. ويعمل المنتدى على إطلاق مجتمع من قادة الحكومات ورجال الأعمال لدفع العمل بشأن الاستدامة في الشرق الأوسط، حيث نأمل أن تلعب السعودية دوراً رائداً.
> انعقدت «أجندة دافوس» هذا العام في أجواء جيوسياسية صعبة، مع تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا من جهة، والغرب والصين من جهة أخرى. هل نشهد بوادر حرب باردة جديدة؟
- التوترات الجيوسياسية مصدر قلق، لا سيما في وقت أصبح فيه العالم أكثر ترابطاً من أي وقت مضى. لكن بينما أظلّ واقعياً بشأن المشهد الجيوسياسي، إلا أنني متفائل لأن هناك دلائل على أن الجهات الفاعلة الرئيسية تبحث عن فرص للعمل معاً.
على سبيل المثال، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الأسبوع في أجندة دافوس، إن «الطريق الصحيح للمضيّ قدماً للبشرية هو التنمية السلمية والتعاون المربح للجانبين». وفي أواخر العام الماضي، رأينا الولايات المتحدة والصين تصدران بياناً مشتركاً بعد «كوب 26» تعهدتا فيه «بالتزام حازم للعمل معاً» لتحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2015.
يعمل المنتدى الاقتصادي العالمي، بصفته المنظمة الدولية للتعاون بين القطاعين العام والخاص، كمنصة للحوار بين قادة العالم. ويعدّ انضمام أكثر من 80 من قادة القطاعين العام والخاص إلى «أجندة دافوس» هذا الأسبوع دليلاً على الرغبة القوية في التعاون لمعالجة أزمة المناخ والوباء والتحديات الاقتصادية، من بين قضايا أخرى.
> يقترب الوباء من نهايته، على الرغم من موجة «أوميكرون» المستعرة. ما أبرز الدروس المستفادة من أكبر أزمة صحية منذ قرن؟
- أعظم درس مستفاد من هذا الوباء هو أن التعاون العالمي ضرورة. فقد كانت السرعة الخارقة التي تم بها تطوير لقاحات آمنة وفعالة -في أقل من عام- نتيجة لتعاون مؤسسات البحث وشركات الأدوية والحكومات التي قامت بمواءمة أهدافها والعمل معاً. فلقاح «فايزر - بايونتيك» يتكوّن من 280 مكوناً من 19 دولة مختلفة. هذا مثال واضح على التعاون بين القطاعين العام والخاص.
نأمل أن نلتفت إلى هذا الدرس، ونتعاون بعضنا مع بعض لمواجهة التحديات المشتركة وإتاحة الفرص. التكنولوجيا هي أحد المجالات التي توجد فيها إمكانات هائلة. إذا تعاونت الجهات الفاعلة معاً، يمكن للذكاء الصناعي، على سبيل المثال، زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4% هذا العقد، فضلاً عن تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 4.0%، وفقاً لشركة «بي دبليو سي».
> ديون مفرطة، تضخم قياسي، نمو بطيء... المشهد الاقتصادي يُقلق الخبراء حول العالم. هل تعدّ هذه المؤشرات عواقب مؤقتة للوباء، أم أنها أعراض لمشكلة اقتصادية متوطّنة؟
- في عام 2020 تَقلّص الاقتصاد العالمي بنسبة 3.1%، مما تسبب في تداعيات مدمرة لعدّة مجتمعات. بينما من المتوقع أن يسجّل النمو العالمي للعام الماضي 5.9%، وخفّض صندوق النقد الدولي التوقعات الأولية (6%)، محذّراً من انتعاش متباين بين الدول والصناعات.
لذلك، في حين أن بعض الدول انطلقت على طريق الانتعاش، لا تزال الاقتصادات ذات الدخل المنخفض معرّضة للخطر.
لطالما دعا المنتدى الاقتصادي العالمي إلى نموذج اقتصادي أكثر شمولاً واستدامة، وقد دافعنا عن «رأسمالية أصحاب المصلحة»، والتي تحثّ قطاع الأعمال على مراعاة مصالح الجميع في المجتمع.
تنعكس الشعبية المتزايدة لهذه الفكرة في مبادرة قياس رأسمالية أصحاب المصلحة، والتي تقدم مجموعة عالمية من ممارسات رأسمالية أصحاب المصلحة التي يمكن للشركات استخدامها وإعداد تقارير عنها. ومنذ إطلاقها قبل عام، أبدت 100 شركة بالفعل دعمها للمبادرة وأدرجت أكثر من 50 شركة مقاييس «رأسمالية أصحاب المصلحة» في تقاريرها الخاصة بعامي 2020 و2021.
وفي وقت سابق من هذا العام، جمع المنتدى بين شركات التكنولوجيا والمالية الرائدة، والهيئات الحكومية لإطلاق «تحالف إديسون»، حيث تعمل هذه المنصة الأولى من نوعها على تعزيز الوصول الرقمي بأسعار معقولة للجميع بحلول عام 2025.
> الأمن السيبراني هو تحدٍّ آخر يحذّر منه تقرير المخاطر لهذا العام. كيف يمكن للدول تأطير الفضاء السيبراني، وهل العالم بحاجة إلى هيئة دولية جديدة لتنظيمه؟
- لقد أصبحنا نعتمد بشكل متزايد على الأنظمة الرقمية على مستوى العالم في السنوات الأخيرة، وهو اتجاه تسارع خلال الوباء. في الوقت نفسه، ارتفعت الجرائم الإلكترونية. فوفقاً للتقرير الجديد للمنتدى الاقتصادي العالمي، المعنون «توقعات الأمن السيبراني العالمي 2022»، ارتفعت هجمات برامج الفدية بنسبة 151% في عام 2021، وتعرّضت المؤسسات لمتوسط 270 هجوماً إلكترونياً خلال عام بزيادة قدرها 31% عن عام 2020.
أفضل طريقة لمواجهة هذه التحديات هي من خلال التعاون المشترك، بين الشركات وصانعي السياسات والهيئات التنظيمية. فقد أشار أكثر من 90% من المشاركين في استطلاع حديث أجريناه على 120 من قادة الإنترنت العالميين إلى تلقي رؤى قابلة للتنفيذ من مجموعات مشاركة المعلومات الخارجية.
لهذا الغرض، يعمل مركز الأمن السيبراني لدينا على تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني بين أصحاب المصلحة الرئيسيين، في القطاعين العام والخاص. تجمع شبكة مراكزنا للثورة الصناعية الرابعة، النشطة في 15 دولة، الحكومات والشركات الرائدة والمجتمع المدني والمبتكرين لمواجهة هذه الأنواع من التحديات المتعلقة بتبني التكنولوجيا والحوكمة.
> عادت الهجرة لتفرض نفسها كقضية جدلية في الكثير من الدول، على الرغم من الحاجة المتزايدة لليد العاملة. ما السبب؟
- على مدى العقد الماضي، ارتفع عدد المهاجرين الدوليين باستمرار، من 221 مليون شخص في عام 2010 إلى 281 مليوناً في عام 2020. وتعد الصعوبات الاقتصادية، وتغير المناخ، والصراع وعدم الاستقرار السياسي، بعض أبرز العوامل الدافعة. قد يؤدي تزايد مخاطر النزوح المرتبط بتغير المناخ إلى تفاقم المشكلة خلال السنوات القادمة. وتنعكس هذه الاتجاهات في تقرير المخاطر العالمية، حيث يتم تصنيف «الهجرة غير الطوعية» على أنها مصدر قلق طويل الأجل.
وفقاً لذلك، يعدّ تحسين التعاون الدولي لإدارة تدفقات الهجرة أمراً حيوياً. يمكن أن تتيح قنوات هجرة أكثر كفاءة وتنظيماً تعزيز العلاقات السياسية والتعاون بين الدول بشأن هذه القضية الحساسة والمعقدة، وذلك عبر وضع أطر قانونية وسياسات متماسكة، والتعاون عبر الحدود، ومواجهة أفضل لعمليات التهريب.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.