فصول من سيرة احتضار بيروت وانهيارها الكبير

جولات في شوارع العاصمة التي أصبح وسطها التجاري «مدينة أشباح»

الظلام يخيّم على بيروت (أ.ف.ب)
الظلام يخيّم على بيروت (أ.ف.ب)
TT

فصول من سيرة احتضار بيروت وانهيارها الكبير

الظلام يخيّم على بيروت (أ.ف.ب)
الظلام يخيّم على بيروت (أ.ف.ب)

بيروت تحتضر وتسير إلى موتها وسط الآم مبرحة. يصعب تحديد موعد دقيق لبداية نهاية العاصمة اللبنانية مقابل اتفاق عام على تاريخ نهوضها وتألقها.
في السطور التالية حصيلة جولات على القدمين وبالسيارة، ليلاً ونهاراً في بعض شوارع بيروت، ومنها ما لا يتناوله الإعلام غالباً، وخلاصة أحاديث مع عشرات من المقيمين والمكابدين للعيش هنا. ولا تزعم الكلمات هذه الإحاطة بكل وجوه حياة البيروتيين ولا معاناتهم اليومية. لكنها شهادة جزئية عما يدور في منأى عن اهتمامات السلطة.
اختيار المدينة عاصمة لولاية بيروت العثمانية مترامية الأطراف بعد حرب 1860 وإنشاء المتصرفية في جبل لبنان في أعقاب المجازر الطائفية هناك، ثم افتتاح المرفأ الكبير في أواخر ثمانينات القرن التاسع عشر، تاريخان مميزان استكملا إعادة اكتشاف إمكانات المدينة التي بدأها إبراهيم باشا أثناء حملته في بلاد الشام. بداية الحرب الأهلية في 13 أبريل (نيسان) 1975 موعد مرجح لمسيرة الأفول العظيم. يومذاك انتهت بيروت كمختبر للثقافة العربية وملجأ للحريات، كما خسرت دورها كمركز مالي واقتصادي وسياحي.
اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 2005 موعد آخر لمرحلة جديدة من التراجع. حطّم الاغتيال الانتعاش الذي شهده لبنان في التسعينات ومشروع أحياء وسط بيروت على الرغم من وقوع المشروع هذا ضمن التصورات النمطية لرجال الأعمال والمقاولين. وأدخل البلاد في أزمة سياسية ظلت تتفاقم حتى بلغت الانهيار الكبير في 2019. إزاحة رفيق الحريري كانت عملية دقيقة لتغيير التوازنات السياسية في لبنان والإمساك به وعدم السماح له بأي قدر من الاستقلال. وبالاغتيال هذا وبسلسلة من عمليات القتل والتفجير المدروسة، فقدت بيروت الكثير من دورها كمركز سياسي لمصلحة أحزاب يمت أغلبها بأكثر من صلة ونسب إلى العصبيات الريفية وسياسات الثأر والانتقام وكراهية المدينة وحياتها وقيمها المرذولة في عرف القوى المذكورة الآتية إلى السياسة من الحرب والقتل والاغتيال. اجتياح بيروت في السابع من مايو (أيار) 2008 كان تكريساً لما رمى إليه إقصاء الحريري ذاك الإقصاء الدموي والعنيف عن المشهد العام.
أزمة النفايات في 2015 أشارت إلى تعمق الحس المناطقي من خلال الإصرار على رفض فتح مكبات لنفايات العاصمة خارجها وقصور القائمين على شؤون بيروت على تدبر حل لهذه المسألة في معزل عن عقلية الفساد السائد بينهم. وإذا كانت بيروت عاصمة لكل لبنان وحاضنة لمؤسسات الدولة ولكبرى الجامعات والمستشفيات والمدارس، فإن ذلك لا يعني في تصور السلطة اللبنانية بأشكالها وتعابيرها المختلفة، أن يكون من حق المدينة تصدير نفاياتها التي يتشارك في إنتاجها كل اللبنانيين المقيمين فيها، إلى خارج نطاقها الإداري. لا شك في أن عوامل عدة أوصلت إلى النتيجة هذه، منها تخلف الخطاب والممارسة السياسيين لأصحاب الأكثرية النيابية في بيروت. وهذه من المآسي المسكوت عنها إلى اليوم.
سنة 2019 كانت نهاية مرحلة العلاج بالمسكنّات التي اعتمدها التحالف الحاكم منذ 2005. انكشف حجم الخداع الذي مارسته أحزاب وتيارات التحالف وظهر لبنان كبلد «دُفع عمداً» – بحسب تقرير للبنك الدولي - إلى واحدة من أسوأ الكوارث الاقتصادية في العالم منذ 1857. كان وقع الكارثة ساحقاً على العاصمة. توقفت إشارات السير واختفى عناصر الأمن الداخلي الذين تبخرت رواتبهم تبعا لانهيار قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي. وساد شعور أن البلد متروك من دون مرجعية قانونية تنظم الخلافات من أبسطها إلى أكثرها تعقيداً. أنه اقتراب من «الحالة الطبيعية» بتعبير هوبز. حالة حرب الجميع ضد الجميع. اللجوء إلى السلاح والعنف العاري مؤجل فيها، إلا أن التهديد به واستخدامه موضعياً، مثل اغتيال ناشط معارض، لا يتوقفان.
لم تكن الحياة وردية قبل نزول آلاف الشبان إلى شوارع وسط بيروت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. كان الفساد والرشوة والاستقواء بالسلاح قد أصبحت كلها من المظاهر اليومية. كما كانت حياة المدينة الثقافية والاجتماعية تتراجع طرداً. أقفلت صحف عريقة. أعلنت أخرى وصولها إلى حد الإفلاس. تراجعت إصدارات الكتب وانحدر مستواها. وتفاقم انسداد سبل الاستثمار الاقتصادي حيث لم يبق غير التجارة في العقارات، وخصوصاً الشقق الفخمة في وسط العاصمة وبعض الأحياء المطلة على البحر وتوظيف الأموال في سندات الخزينة اللبنانية؛ ما سيكون له عواقب هائلة في تدمير الاقتصاد وانهيار القطاع المصرفي.
من مظاهر الفساد السابقة على «17 تشرين» كان الاستيلاء على جزء من شاطئ الرملة البيضاء وبناء فندق فخم عليه من قِبل أشخاص محسوبين على جهة ميليشياوية نافذة. وعبر مجموعة من الألاعيب والبهلوانيات القانونية شارك فيها كبار القوم واستفادوا منها، نهض الفندق على الشاطئ العام وما زال هناك كصفعة على وجه القانون وبيروت. ولم يتورع المقاول المنفذ للمشروع والمحسوب بداهة على عائلة السياسي المعني، عن إلقاء حمولات من الإسمنت في مجاري الصرف الصحي لتحويل مصباتها بعيداً عن الفندق؛ ما أدى إلى انفجارها وفيضانها على الشوارع المحيطة. وعلى بعد مئات من الأمتار استولى سياسي آخر على واحدة من الفسحات النادرة للنزهة في المدينة هي ما يسمى «مينة (ميناء) الدالية» وأقفلها أمام العموم، ووضع فيها مئات المكعبات الإسمنتية بذريعة شرائه الأرض ضمن سلسلة لا تقل حصافة عن بهلوانيات زملاء في الرملة البيضاء. السياسيان المستوليان على الملك العام في المكانين ينتميان إلى طائفتين وتيارين متنافسين في العلن، لكنهما متفقان في السر على نهب المال العام.
في الوقت والسياق ذاتيهما، هُدمت حديقة المفتي حسن خالد وقُطعت أشجارها. وتحولت إلى مساحة فارغة ضمن مشروع لبناء مواقف سيارات تحت أرضها. بيد أن التمويل توقف بسبب الأزمة وضياع المخصصات المرصودة. الحديقة اليوم عبارة عن قطعة أرض رملية مقفلة. لا يمكن لسكان المنطقة المحيطة دخولها بسبب خلوها من المقاعد والمنشآت وألعاب الأطفال التي اقتلعت من قبل تحالف الفساد والسياسة. وها هي علامة على انحطاط المدينة وتفريغها من دورها والخلفية التي يأتي منها سياسيو العاصمة الذين لا قيمة تعلو عندهم على قيمة الربح السريع مهما كان مشبوهاً.
- «المصارف المدرعة»
بعد اندلاع مظاهرات «17 تشرين» واتضاح دور المصارف في الانهيار والاستيلاء على أموال المودعين وحجبها عنهم، عمد أصحاب المصارف ومديروها إلى تحصينها وتصفيحها وزيادة صعوبة إجراءات الدخول إليها. في الأشهر الأولى للأزمة، كانت المصارف مراكز صدام يومي بين المودعين والإدارات الممتنعة عن إعادة الأموال إلى أصحابها. وانتشرت العديد من المقاطع المصورة على وسائل التواصل يظهر فيها موظفو المصارف وحراسهم يعتدون على المطالبين بحقوقهم. ولا مفر من القول إن المصارف ومن دون استثناء وقفت موقفاً معادياً للصغار من زبائنها في حين تواطأت في تهريب أموال كبار المودعين والسياسيين إلى الخارج. ثمة تقاطع لا يُنكر بين السياسيين وأصحاب الودائع الضخمة. تقاطع يصل إلى حد التماهي، حيث يتجسد الفساد والسطوة السياسية على شكل وديعة مصرفية دسمة.
انحازت الدولة بأجهزتها إلى جانب المصارف ومنعت القضاء من النظر في الدعاوى التي تقدم بها أصحاب الودائع. وباتت فروع المصارف المدرعة مشهداً مألوفاً في بيروت، حيث غابت الواجهات الزجاجية البراقة والإعلانات عن تسهيلات في منح القروض والفوائد المرتفعة، وأشكال بطاقات الائتمان الملونة التي تستهدف مختلف شرائح السكان، ليحل مكانها اللونان الرمادي أو الأسود لصفائح فولاذية سميكة يكفي مظهرها لردع من تسول له نفسه المطالبة بحقه أو بتحويل مصروف ابنه أو ابنته اللذين يدرسان في الخارج.
- الوسط التجاري
منذ الطلقات الأولى للحرب الأهلية، كان وسط بيروت التجاري مركز كل الصراعات والحروب. بعد الحرب شهد الوسط صراعاً من نوع آخر حول كيفية بنائه وحقوق قدامى المالكين والمستأجرين وحل المشكلات القانونية العويصة التي تراكمت أثناء مدة الحرب. كما شهد الوسط خلافاً عميقاً حول هويته العمرانية والسكانية وأهمية استعادة دوره كمصهر حقيقي للهوية اللبنانية التي تفرقت على معازل ونواحٍ لا تعرف الاختلاط والتنوع الطائفي والثقافي وتعلي من قيمة الانعزال والنقاء.
معلوم أن توجهاً راهن على إحياء وظيفة لبنان الاقتصادية السابقة للحرب الأهلية كمركز للوساطات التجارية ومقر للشركات العالمية، هو الذي انتصر في نهاية المطاف من دون أن يأخذ في الاعتبار التغيرات الجذرية التي شهدها الشرق الأوسط في سبعينات وثمانينات القرن العشرين. تغيرات وتبدلات لم تأخذ في الاعتبار الدور اللبناني السابق ولم تحفل بمحاولات العودة إلى إشغاله من دون إعادة نظر في وظيفة لبنان الاقتصادية الإقليمية ولا في دوره السياسي المنكمش بفعل الوصاية السورية ولا بتراجع الحياة الثقافية والصحافية فيه؛ نظراً إلى تدهور أوضاع الحريات فيه.
احتلال وسط بيروت بين 2006 و2008 من قِبل «حزب الله» وأنصاره لإرغام الحكومة الموالية لقوى 14 آذار في ذلك الحين على التخلي عن مشروع المحكمة الدولية المولجة بمحاكمة المسؤولين عن اغتيال رفيق الحريري، انتهى إلى إفقاد الوسط الأهمية التي كان يسعى إلى اكتسابها في العقد الأول من الألفية. العشرات من المطاعم والمقاهي والمؤسسات السياحية أقفلت في حين راهنت أخرى على استئناف نوع من النشاط التجاري تتصدره محال السلع الفاخرة.
تركز المظاهرات بعد «17 تشرين» في الوسط لاحتوائه على مقر رئاسة الوزراء في السراي الكبير وعلى المجلس النيابي في ساحة النجمة، برر للسلطة إطلاق عملية تحصين شاملة. مداخل الوسط اليوم تبدو كالقلاع. الحواجز الإسمنتية تمتد من مقر الأمم المتحدة في مبنى «الإسكوا» وتحيط بساحة رياض الصلح وتغلق شارع المصارف. وعلى جميع المفارق ترتفع جدران إسمنتية عالية تعلوها أسلاك شائكة. وتحيط الجدران هذه بالقسم القريب من مجلس النواب بما فيه شارع المعرض والمسجد العمري وشارع المصارف. وتسري شائعات - لا تخلو من الصحة - أن رئيس المجلس النيابي تعمد فرض هذا النوع من الإغلاق الخانق على جزء كبير من الوسط التجاري؛ أملاً في الحصول على حصة من شركة «سوليدير» التي تدير الأعمال العقارية في الوسط وما زالت تخضع لنفوذ آل الحريري.
الجزء الشمالي من الوسط التجاري الواقع بين شارع ويغان والطريق البحرية، لا يبدو أفضل حالاً. هذا الجزء الذي نجا من الإغلاق المتعمد الذي قتل الجزء الجنوبي والذي يضم أسواق بيروت وعدداً من صالات السينما والمقاهي، يبدو أثناء جولة نهارية خالياً تماماً. متاجر قليلة تفتح أبوابها. الأغلبية إما مقفلة على بضائع أو فارغة. في بعض المحال ما زال حطام الزجاج والديكور المدمر جراء تفجير الرابع من أغسطس (آب) 2020 موجوداً مثلما تركه أصحابه. في حين تعمل رافعة وحيدة في المبنى الذي كان يعرف باسم «الاوريان لوجور». مبنى زها حديد الذي أصابه حريق كبير في الأسابيع التي تلت تفجير المرفأ يشهد حركة ترميم خجولة بعدما تُرك عامين يحمل وشماً أسود على جدرانه.
الشق البيروتي، إذا جاز التعبير، من انتفاضة «17 تشرين»، تركز في وسط بيروت، وخصوصاً بين ساحتي رياض الصلح والشهداء، ثم في شارع ويغان والمداخل الشمالية لساحة النجمة. وبين الساحتين، في موقف اللعازارية، نصبت عشرات الخيم للمجموعات «الثورية» وأقيمت مئات الندوات والحوارات واللقاءات، بل وقعت صدامات بين أتباع الأحزاب المهيمنة والمتظاهرين. وعلى الحد الجنوبي للوسط، كان تقاطع الرينغ ساحة دائمة لهجمات رعاع السلطة وميليشياتها على المتظاهرين. مصهر الهوية اللبنانية، كاد أن يستعيد دوره لولا أن أُجهضت الحركة الشعبية العارمة على أيدي التحالف المعروف.
وباستثناء بعض الواقفين أمام شركة لتقديم تأشيرات السفر قرب ساحة الشهداء وعدد من المحال القريبة من مبنى بلدية بيروت، يبدو الوسط التجاري وكأنه مدينة اشباح. مرة جديدة تشكل هذه المنطقة من بيروت بارومتر للضغط السياسي في البلاد. فيتكثف فيها كل الشلل والعجز الذي أصاب لبنان. انتظار طويل لشيء لا يعرف أحد ما هو أو إذا كان سيحصل أصلاً.
- الحمراء
لشارع الحمراء ومنطقة رأس بيروت خصوصية في التركيبة المدنية. الشارع الذي دبت الحياة فيه أواسط ستينات القرن الماضي مع افتتاح دور السينما التي كانت تبحث عن أماكن أقل صخباً من وسط العاصمة، وانتقال مراكز الصحف إليه ثم انتشار المقاهي على جوانبه، تحول إلى شريان الحياة الثقافية في لبنان لفترة طويلة. وليس المقصود بالحياة الثقافية جملة الثرثرات والنمائم في المقاهي، بل المغامرة الكبيرة التي خاضها مئات من ألمع المثقفين العرب لصوغ مستقبل عربي بريء من الاستبداد ومستجيب لضرورات العصر. يمكن الزعم من دون مبالغة أن بعض أكثر فصول هذه المغامرة إثارة جرى في شارع الحمراء في بيروت.
دُور النشر والصحف والمسارح بحثت عن مواطئ حضور في الشارع. وسرعان ما استقبل المكتبات ومحال الألبسة العصرية من دون أن يبخل على الباحثين عن الوجبات السريعة والعصائر والمثلجات. ونزولاً من الحمرا في اتجاه البحر كانت المطاعم الفاخرة وبعض الفنادق. أما شماله فالجامعة الأميركية وطلابها الموزعون على محال شارع مميز آخر في رأس بيروت هو شارع بلس.
بعد إقفال الوسط التجاري في اعتصام 2006 – 2008، انتقل عدد من المطاعم والمقاهي إلى الحمرا ومتفرعاتها. وبدا أنها تستعيد ألقاً سابقاً على الحرب. الثورة ثم الحرب في سوريا حملتا الكثير من الشبان السوريين، المعارضين في أغلبهم، إلى هذا الشارع قبل أن تتولى مضايقات الأجهزة اللبنانية إبعادهم إلى منافٍ جديدة. رغم ذلك شهد الشارع افتتاح متاجر لمتمولين سوريين أحضروا معهم بعض أطايب الشام من مكسرات وفاكهة مجففة. انتهى كل ذلك بعد الانهيار الذي أعاد الحمرا شارعاً لتجارة السلع الرخيصة وحقائب السفر ومحال الصرافين المنتشرة قرب فروع المصارف المدرعة. وليس نادراً مصادفة أصحاب المحال يقفون عند «أبواب أرزاقهم» مكتوفي الأيدي علامة على جمود الأحوال واندثار الأشغال.
ويشكل المرور في الحمراء ليلاً تجربة لا يود المرء تكرارها. العتمة هناك تترك أضواء السيارات لترشد السائرين على الأرصفة ساعين ألا يتعثروا. ومع الظلام الدامس يحل الشعور بانعدام الأمان والخشية من التعرض للسرقة أو الاعتداء. فيترافق الخوف مع الكآبة المريرة وتحضر المقارنات السوداوية مع ماضٍ لم يكن نزهة في البرية، لكنه كان أفضل من حاضر لا يحول ولا يزول.
هنا أيضاً يظهر وجه آخر للأزمة. الحركة التجارية التي تضمحل تترك المجال لنوع من الأعمال القائمة على الخدمات السريعة والبضائع الرخيصة وسط أعداد لا تحصى من المتسولين والشباب المتسكعين.
- «شارع المظاهرات»
من ساحة البربير يتفرع شارع النويري ليصل إلى البسطة الفوقا ثم التحتا والباشورة قبل أن يصل إلى مدخل الوسط التجاري قرب مقر «الاسكوا» الحالي. هذا الشارع اكتسب اسم «شارع المظاهرات» في ستينات وسبعينات القرن الماضي. كانت الحشود تلتقي في البربير قرب المستشفى المهجور حالياً، حيث ترفع اللافتات ويتجمع الشباب وينظمون الصفوف لينطلقوا صعوداً في النويري فالبسطة وصولاً إلى ساحة رياض الصلح. مئات، بل ربما آلاف المظاهرات مرت في هذا الشارع وكانت وراء الطرفة التي رواها الكاتب الراحل مُنح الصلح في تعريفه للمظاهرة البيروتية. حيث يقول، إن «المظاهرة في بيروت هي جمهور شيعي يسير وراء قيادة مسيحية ودرزية في شارع سني ويهتف بشعارات فلسطينية».
من آخر المظاهرات التي شهدها الشارع ربما كانت المظاهرات المناهضة للغزو الأميركي للعراق أواخر 2002 وبداية 2003. أما مظاهرات «17 تشرين» فنقلت أماكن انطلاقها إلى منطقة مار مخايل وبالقرب من مؤسسة كهرباء لبنان لتصل إلى مقر جمعية المصارف ثم تدخل إلى شارع الأمير بشير المفضي إلى ساحة رياض الصلح.
للحق، يتشارك هذا الشارع مع العديد من شوارع بيروت التي تضم أبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة بضآلة التغير الذي أصابه جراء الأزمة. في القسم القريب من ساحة البربير العديد من محال الصاغة التي تضع لافتات عن شرائها « أنواع الذهب والمجوهرات كافة بالدولار نقداً». ويقول اقتصاديون محليون، إن ما يجري في واقع الأمر هو عمليات شراء واسعة لمصاغات ومجوهرات عائلية تضطر الأسر التي أصابتها واقعة الأزمة إلى بيعها لتوفير متطلبات العيش. الارتفاع الصاروخي للأسعار وجمود المداخيل على مستويات ما قبل الكارثة جعل العائلات تبحث في مقتنياتها عما يصلح للبيع من أجل دفع أقساط مدرسية أو جامعية أو تهيئة أحد أفراد الأسرة للسفر.
الجدير بالملاحظة، أن هذه الشوارع لم تشهد تغيرات كبيرة خلافاً للحمراء والوسط التجاري. ربما أقفل بعض المتاجر أبوابه. بيد أن قسماً كبيرا ما زال يعمل. ربما بوتيرة أخف من السابق وبحجم مبيعات أقل. لكنه ما زال عاملاً. يرجع السبب في ذلك إلى أن قسماً وازناً من المتاجر في هذه الشوارع، يديرها أصحابها الذين لا مصدر دخل آخر لهم. عليه، لا مهرب أمامهم من التكيف ولو بقسوة وشدة مع إملاءات السوق.
استمرار الحركة التجارية وإن بزخم أضعف من السابق، يمكن رصده كذلك في شوارع الطريق الجديدة وعائشة بكار والاستقلال - الجزائر وزقاق البلاط وبرج حمود. فتركيز المتاجر هنا على السلع الأساسية من غذاء وخضراوات وألبسة زهيدة الثمن وهواتف خلوية وما شابه، خفف من الصدمة التي أصابت المستثمرين والتجار الذين كانوا يتداولون سلعاً أغلى ثمناً وأضيق جمهوراً. الطريف، أن محال تخصصت في الحلويات الشرقية على سبيل المثال، وبعضها الأشهر يقع في منطقة الطريق الجديدة قرب جامعة بيروت العربية، وضعت لافتات على مداخلها تعتذر من الزبائن وتدعو إلى توجيه اللوم إلى من يقف وراء ارتفاع الأسعار. كذلك الأمر بالنسبة إلى محال الفول والفلافل الشهيرة التي تتخذ من الشوارع المتوسطة والفقيرة مقرات لها.
تتفاوت، إذن، أشكال الاستجابة للأزمة بين فئة اجتماعية وأخرى وإن اجمع كلها على التعبير عن برم شديد بما آلت إليه الأمور والافتقار إلى تمثيل سياسي يتناسب مع هول الفاجعة. وهو ما يفاقمه إحساس بالفراغ على عتبة الانتخابات النيابية في مايو المقبل؛ ما يبرر الاعتقاد أن معركة بيروت الانتخابية قد تكون فرصة لتغيير وجه العاصمة السياسية تغييراً نهائياً.
بكلمات ثانية، نزلت الكارثة الاقتصادية - السياسية على لبنان، وخصوصاً على بيروت نزول الصاعقة. أرجعت مستويات الحياة فيها عقودا إلى الوراء وأصابت بناها التحتية إصابات تحتاج إلى مليارات الدولارات وسنوات عدة لإصلاحها. الأهم من ذلك، أن الأزمة الحالية جلبت ما لا يحتمل من معاناة وآلام إلى ملايين البشر، الكثير منها ظل طي الصدور والنفوس خوفاً من الفضيحة والاستغلال والتشهير. عائلات تحطمت وآمال خُنقت وأحلام وئدت. ومستقبل بات رهينة المجهول والقدر الغاشم. كل هذا من دون أن يظهر بصيص أمل في آخر نفق الفناء والاحتضار هذا. ومن دون أن يكون في الأفق تفكير في استعادة دور بيروت بما يزيد على كونها تجمعاً لأناس مكلومين ومظلومين.
الكلام الإنشائي عن تحمل بيروت للأحلام والكوابيس العربية، قد يكون اليوم بعضاً مما يتذكره المقيمون في بيروت بمرارة. احتضار المدينة وخسارتها أدوارها، هما في واقع الأمر انعكاس لحقائق أقسى يعانيها منها العرب الذين، مثل بيروت، يبحثون عن ضوء في آخر النفق.



السلطة الفلسطينية... تكون أو لا تكون

حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية... تكون أو لا تكون

حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)

حين أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيتوّجه إلى غزة في خضّم الحرب المسعورة التي تشنها إسرائيل، كان يعرف أكثر من غيره أنها خطوة شبه مستحيلة، لكنه أراد إطلاق رسائله الخاصة، وأهمها على الإطلاق أن السلطة الفلسطينية «موجودة»، وهي «صاحبة الولاية» على الأراضي الفلسطينية،

سواء في غزة التي تئن تحت وطأة حرب مدمّرة، وتضع لها إسرائيل خططاً شتى لما تسميه «اليوم التالي»، من غير أن تأخذ السلطة بالحسبان، أو الضفة الغربية التي ترزح تحت وطأة حرب أخرى، تستهدف من بين ما تستهدف تفكيك السلطة.

وبعد عام على الحرب الأكثر مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، تخوض السلطة أصعب معركة عرفتها يوماً، وهي معركة «البقاء».

ولم تقتصر رسائل عباس على إسرائيل وحدها، بل شملت أولاً الولايات المتحدة التي انخرطت في نقاشات واسعة مع إسرائيل حول احتمالات انهيار السلطة، وراحت تتحدث عن سلطة متجددة، وثانياً، دولاً إقليمية وعربية تناقش مستقبل السلطة وشكل الهيئة التي يفترض أن تحكم قطاع غزة بعد الحرب، وأخيراً الفصائل الفلسطينية التي تهاجم و«تزايد» على السلطة، وترى أنها غير جديرة بحكم غزة، وتدفع باتجاه حلها.

الأيام الأصعب منذ 30 عاماً

تعيش السلطة الفلسطينية، اليوم، واحدة من أسوأ مراحلها على الإطلاق منذ تأسست قبل 30 عاماً.

فبعدما تقلصت المساحات التي تسيطر عليها في الأراضي الفلسطينية، وفيما هي تكابد بلا انتخابات رئاسية، وبلا مجلس تشريعي، أو أفق سياسي واقتصادي، وبالتزامن مع أزمة مالية خانقة، وأخرى أمنية، ومشاكل داخلية لا تحصى، وجدت هذه السلطة نفسها في مواجهة «طوفان» جديد؛ طوفان تغذيه أكثر حكومة يمينية تشن هجوماً منظماً وممنهجاً ضدها، وضد شعبها، وفيه كثير من المس بهيبتها وبرنامجها السياسي ووظيفتها، إلى الحد الذي يرتفع فيه السؤال حول إمكانية نجاتها أصلاً في الضفة، قبل أن تعود لتحكم غزة ثانية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك (إ.ب.أ)

وبين الفينة والأخرى يتردد سؤال معقد بعض الشيء، ويبدو منطقياً أحياناً، وغير بريء أحياناً أخرى، وهو: لماذا لا تحل السلطة نفسها؟

هذا سؤال يبرز اليوم مجدداً، مع توسيع إسرائيل حربها ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة، وإن كان في صيغة مختلفة كالقول: لماذا لا تسلم السلطة المفاتيح لإسرائيل، وتزيد عليها الضغوط؟

الأكيد أن السلطة لا تُخطط لحل نفسها، وهذا ينطلق من «قناعة وطنية» بأنها وجدت لنقل الفلسطينيين من المرحلة الانتقالية إلى إقامة الدولة، وأنها لا تعمل وكيلاً لدى لاحتلال.

ويعرف المسؤولون الفلسطينيون أنه لطالما أرادت إسرائيل أن تجعل السلطة وكيلاً أمنياً لها، لكنهم يقولون في العلن والسر، إنهم ليسوا قوات «لحد» اللبنانية، وإنما هم في مواجهة مفتوحة لإنهاء الاحتلال، وهذا سبب الحرب التي تشنّها تل أبيب على السلطة سياسياً وأمنياً ومالياً.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول جهاز المخابرات السابق: «إن السلطة لا تنهار لأنها نتاج طبيعي لنضال طويل للثورة الفلسطينية، وستبقى حتى إقامة الدولة».

هل هو قرار فلسطيني وحسب؟

ربما يرتبط ذلك أكثر بما ستؤول إليه الحرب الحالية الآخذة في الاتساع، وهي حرب يتضح أنها غيّرت في عقلية الإسرائيليين قبل الفلسطينيين، وفي نهج وسلوك وتطلعات الطرفين، وماضية نحو تغيير وجه الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمتنع حتى الآن عن وضع خطة واضحة لما بعد الحرب، لا في الضفة ولا في غزة، يجاهر أركان حكومته وحلفاؤه بما سيأتي، وهي خطة على الأقل واضحة جداً في الضفة الغربية، وتقوم على تغيير الواقع والتخلُّص من السلطة وإجهاض فكرة إقامة الدولة.

وقد بدأ الانقلاب على السلطة بوضوح بعد شهرين فقط من بدء الحرب على القطاع، نهاية العام الماضي، عندما خرج نتنياهو ليقول إن جيشه يستعد لقتال محتمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي تصريحات فهمتها الرئاسة الفلسطينية فوراً، قائلة إنها تعبر عن نياته المبيتة لاستكمال الحرب على الفلسطينيين من خلال السلطة بعد «حماس»، وفي الضفة بعد غزة.

تصريحات نتنياهو التي جاءت في جلسة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أعقبها توضيح بالغ الأهمية من نتنياهو ومفاده أن «الفارق بين السلطة و(حماس) هو أن الأخيرة تريد إبادتنا حالاً، أما السلطة فتخطط لتنفيذ ذلك على مراحل».

فلسطينيون في وقفة احتجاجية في مدينة رام الله بالضفة الغربية الثلاثاء طالبوا بالإفراج عن جثامين أسراهم في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

ويفسر هذا الفهم لماذا عَدّ نتنياهو أن اتفاق «أوسلو» كان خطأ إسرائيل الكبير، موضحاً أن «السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية و(حماس) في غزة يريدان تدمير إسرائيل... طرف يقول ذلك صراحة، والآخر يفعل ذلك من خلال التعليم والمحكمة الجنائية الدولية».

وهجوم نتنياهو على السلطة ليس جديداً، لكنه الأوضح الذي يكشف جزءاً من خطته القائمة على تقويض السلطة. ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تتعامل إسرائيل مع السلطة كأنها غير موجودة.

الضفة مثل غزة ولبنان

وصعّدت إسرائيل في الضفة الغربية منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وقتلت أكثر من 720 فلسطينياً، في هجمات متفرقة، تميّزت بإعادة استخدام الطائرات في عمليات اغتيال، وتنفيذ عمليات واسعة.

وكان لافتاً أن التصعيد في الضفة كان مبادرة إسرائيلية، إذ هاجم الجيش مدناً ومخيمات وبلدات، وراح يقتل الفلسطينيين قصفاً بالطائرات ويعتقلهم، كما يدمر البنى التحتية، مستثيراً الجبهة الضفَّاوية، بحجة ردع جبهة ثالثة محتملة.

اليوم لا تكتفي إسرائيل بالمبادرة، بل تريد أن تجعل الضفة أحد أهداف الحرب، مثل غزة ولبنان. ولم يتردد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، بالقول إن الحرب التي تخوضها إسرائيل «ليست فقط ضد غزة وضد (حزب الله) اللبناني، بل هي أيضاً في الضفة»، مؤكداً أنه طلب من رئيس الوزراء أن يدرج ضمن أهداف الحرب تحقيق النصر في الضفة أيضاً.

لكن لماذا تخشى إسرائيل الضفة إلى هذه الدرجة؟ يقول مسؤول فلسطيني -فضّل عدم الكشف عن اسمه- لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يستهدفون الضفة لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، ويسعون إلى تقويض السلطة».

وأضاف: «يصعّدون هنا حتى يثبتوا للفلسطينيين أن السلطة ضعيفة وواهنة ولا تحميهم، ويجب أن ترحل، لأنها غير جديرة بهم».

قوات إسرائيلية خلال عملية اقتحام لمخيم فلسطيني قرب رام الله بالضفة مارس الماضي (أ.ف.ب)

وخلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، حذّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن الوضع الأمني في الضفة قد يتطور إلى انتفاضة؛ ولذلك دفع الجيش بـ3 كتائب احتياط إلى الضفة، لأهداف «تشغيلية ودفاعية» على ما قال، وللقيام بمهام «عملياتية».

وجاء القرار الذي تحدّث عن تعزيز الدفاع، وسط تصاعد الصراع في المنطقة وقبيل ذكرى السابع من أكتوبر، لكن إذا كانت هذه خطة الحكومة الإسرائيلية، فيبقى من السابق لأوانه معرفة إن كانت نجحت في مهمتها أم لا.

يكفي لجولة صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي أن تشير إلى أن السلطة في وضع لا تحسد عليه. فهي عاجزة عن خلق أفق سياسي وأفق اقتصادي وتوفير الأمن، وأساسيات أخرى من بينها رواتب الموظفين للعام الثاني على التوالي.

واليوم، الجميع على المحك في مواجهة حرب ممنهجة، تسعى إلى تغيير الواقع مرة وإلى الأبد.

خطة قديمة جديدة

كان الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموترتيش، واضحاً عندما قال إنه لا يفعل شيئاً سرياً، وهو يعمل ضد السلطة في الضفة، ويسعى لمنع إقامة دولة.

وتعهد سموتريتش نهاية الشهر الماضي، بأن تكون «مهمة حياته» إحباط قيام دولة فلسطينية، وكتب في منشور على منصة «إكس»: «أخذت على عاتقي، إضافة إلى منصب وزير المالية، مسؤولية القضايا المدنية في يهودا والسامرة (الضفة)».

وأضاف: «سأواصل العمل بكل قوتي حتى يتمتع نصف مليون مستوطن موجودين في الضفة بحقوق كل مواطن في إسرائيل وإثبات الحقائق على الأرض، التي تمنع قيام دولة إرهابية فلسطينية يمكن أن تكون قاعدة إيرانية أمامية للمجزرة المقبلة».

فلسطينيون يحتفلون فوق صاروخ إيراني صقط في رام الله (أ.ف.ب)

وكان تسجيل مسرب لسموتريتش قبل شهرين فضح خطة حكومية رسمية لفرض السيطرة الإسرائيلية المدنية على الضفة الغربية، قال خلاله الوزير المسؤول عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، إن الحكومة منخرطة في جهود سرية لتغيير الطريقة التي تحكم فيها إسرائيل الضفة الغربية.

وخطة سموترتيش الماضية، ستعني حتماً تفكيك السلطة، لكن المحلل السياسي محمد هواش يرى أن العالم لن يسمح بذلك.

وقال هواش لـ«الشرق الأوسط»: «إن السلطة مرتبطة بالمشروع القائم على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وهذا جزء من تسوية دولية. مشروع دولي بالأساس، وهناك حتى الآن رعاية دولية له، ومن الصعب التراجع عنه».

وأضاف هواش: «التراجع يعني إعادة الاحتلال، وهذا غير مقبول فلسطينياً ودولياً، وإسرائيل لن تقبل، لأنها ستذهب إلى دولة واحدة ونظام (أبرتهايد)».

وتابع هواش: «لا توجد مصلحة لإسرائيل بإنهاء السلطة بالكامل، بل في إضعافها حتى تتوقف مطالبها بإنهاء الاحتلال، وتغير العلاقة مع إسرائيل». وحذر من أن «إسرائيل ستتحمل العبء الأكبر من غياب عنوان سياسي للشعب الفلسطيني».

الثابت الوحيد اليوم أنه لا أحد يملك وصفة سحرية، سواء أذهبت السلطة أم بقيت، قويت «حماس» أم ضعفت، امتدت الحرب أم انتهت، تطرفت إسرائيل أكثر أم تعقّلت، سيظل يوم السابع من أكتوبر شاهداً على أن الطريق الأقصر للأمن والاستقرار هو بصنع السلام، وليس بطائرات حربية ومدافع ورشاشات.