الأردن يوقّع اتفاقاً لإمداد لبنان بالكهرباء الأسبوع المقبل

TT
20

الأردن يوقّع اتفاقاً لإمداد لبنان بالكهرباء الأسبوع المقبل

يوقّع الأردن ولبنان وسوريا، الأربعاء المقبل، اتفاقاً لتصدير الكهرباء إلى لبنان بحد أقصى يبلغ 250 ميغاواط يومياً، بموجب خطة إقليمية تساندها الولايات المتحدة لمساعدته في تخفيف النقص الحاد في الكهرباء.
وأتمت البلدان الثلاثة الإجراءات التقنية لاستجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر الأراضي السورية؛ تمهيداً لتوقيع عقد بينها من المفترض أن يحصل على موافقة أميركية نهائية متصلة باستثناء لبنان والأردن من عقوبات «قانون قيصر»، بعد توقيعه، للشروع في تحويل الكهرباء الأردنية إلى لبنان.
وقال وزير الطاقة الأردني، صالح الخرابشة، أمس (الأربعاء)، إن الأردن سيوقّع اتفاقاً الأسبوع المقبل مع لبنان وسوريا لإمداد لبنان بالكهرباء. وأبلغ الخرابشة وسائل إعلام رسمية، أن الاتفاق سيتضمن تزويد لبنان بمائة وخمسين ميغاواط في الفترة من منتصف الليل إلى الساعة السادسة صباحاً، و250 ميغاواط أثناء بقية اليوم.
وفي ظل خطة تم الاتفاق عليها بين لبنان والأردن وسوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سيزود الأردن لبنان بالكهرباء عبر سوريا للمساعدة في تعزيز إنتاج الطاقة في لبنان الذي يكفي الآن لتغطية ساعات قليلة في اليوم في أفضل الأحوال.
وكانت وزارة الطاقة اللبنانية أكدت في وقت سابق، أنه تم إنجاز الأمور التقنية، ولم يبق سوى توقيع العقد الذي كان ينتظر موافقة أميركية وصلت في الأسبوع الماضي إلى لبنان والأردن ومصر، مهّدت للبدء بتنفيذ المشروع.
ودخلت الولايات المتحدة في أغسطس (آب) الماضي على خط مساعدة لبنان لحل أزمة انقطاع الكهرباء جزئياً، فسهلت التوصل إلى اتفاق مع الأردن على إمداد الكهرباء إلى لبنان، ومع مصر على ضخ الغاز باتجاه لبنان بما يسمح بإنتاج الكهرباء في محطة عاملة على الغاز في شمال لبنان. ويتم ضخ إمدادات من الغاز من خلال خط أنابيب عربي تأسس قبل نحو 20 عاماً، وعمل بين 2009 و2010، وتوقف عن العمل لاحقاً. ومن المزمع أن يصل الغاز المصري إلى جنوب سوريا ومبادلته بغاز بسوري انطلاقاً من وسط البلاد في حمص، بسبب نقص في أنابيب الغاز بين جنوب سوريا ووسطها.
وكانت مصادر مطلعة على الاتفاقية قالت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، إن سوريا ستقتطع نسبة 10 في المائة من الغاز المصري كحصة لها، و8 في المائة من الكهرباء الأردنية كحصة لها.
وتعصف بلبنان أزمة مالية ناجمة عن جبل من الديون تراكم خلال السنوات الماضية، وضاعف قطاع الكهرباء العجز المالي في الدولة على ضوء تدخلها المستمر لتأمين مدفوعات للفيول. وسجلت الكهرباء في الأشهر الأخيرة انقطاعاً يصل إلى 20 ساعة يومياً في بعض المناطق.
وسيوفر عقد ضخّ الغاز المصري إنتاجاً كهربائياً مُقدّراً بـ450 ميغاواط، يُضاف إلى 250 ميغاواط يوفرها استجرار الكهرباء من الأردن، وستنضم إلى 450 ميغاواط تُنتج الآن في لبنان؛ ما يعني أن 1150 ميغاواط سيتم توفيرها، ستؤمن التغذية الكهربائية لنحو 9 ساعات في الشتاء ونحو 10 ساعات في الربيع المقبل.
وينتج لبنان الآن 450 ميغاواط من الكهرباء عبر محطات كهرومائية ومحطات توليد عاملة على الفيول يجري تشغيلها من النفط العراقي الذي تجري مبادلته مع فيول صالح لمحطات الكهرباء ضمن اتفاق لتصدير مليون طن من النفط الخام من العراق إلى لبنان.



معاناة الغزيين في رحلة العودة إلى شمال القطاع... لا أطلال للبكاء

0 seconds of 4 minutes, 0Volume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
04:00
04:00
 
TT
20

معاناة الغزيين في رحلة العودة إلى شمال القطاع... لا أطلال للبكاء

أنعام عبد المالك (أم عدي) أمام خيمتها في مخيم الشاطئ (الشرق الأوسط)
أنعام عبد المالك (أم عدي) أمام خيمتها في مخيم الشاطئ (الشرق الأوسط)

لم تكن تتخيل الغزية أنعام عبد المالك أنها ستمضي حياتها مجدداً في الخيام بعد معاناة كبيرة عاشتها لنحو 15 شهراً قضتها من نزوح إلى آخر في جنوب القطاع ووسطه، حتى عادت أخيراً إلى شماله، لتجد نفسها رهينةً لحياة الخيام الصعبة.

أنعام عبد المالك البالغة من العمر (63 عاماً)، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، فوجئت بعد عودتها مع بعض أبنائها أن منزلها قد دمر بالكامل بفعل القصف الإسرائيلي الذي طاله بجوار عدد كبير من المنازل التي تعرضت للقصف بدايات الحرب بعد أن هجرها سكانها، وفروا لمراكز الإيواء، ثم منها اضطروا للنزوح المتكرر في رحلة عذاب، كما وصفتها في حديث لـ«الشرق الأوسط».

تقول أنعام: إنها حين غادرت منزلها في مخيم الشاطئ إثر هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لقربه من موقع عسكري، كان لا يزال سالماً حتى آخر لحظات المغادرة. وفرّت إلى مجمع الشفاء الطبي الذي تحول من مجمع يداوي جراحات الغزيين المصابين ويحتضن ضحاياهم، إلى مركز إيواء لآلاف الباحثين عن بقعة آمنة، ومنهم عائلة عبد المالك. إلا أنهم اضطروا للنزوح منه مرة أخرى مع اقتراب الدبابات الإسرائيلية وقصف بعض المباني فيه، وبدء عملية محاصرته.

وتوضح أنعام أنها بقيت لأشهر قليلة في مجمع الشفاء الطبي، وعاشت مع عائلتها ظروفاً صعبة، حيث اضطرت للنوم في ممرات المستشفى مثل آلاف من النازحين الذين لجأوا للمجمع بحثاً عن الأمان.

(فيديو)

من مخيم إلى مخيم

وغالباً ما كانت السيدة وزوجها يعانيان للحصول على المياه والأكل، وأمضت مع أفراد عائلتها أحياناً يومين كاملين من دون تناول أي طعام، والاكتفاء ببعض التمور والبسكويت والمياه التي تقدمها المبادرات الشبابية.

وقامت أنعام و6 من أبنائها وبناتها، وزوجها من ذوي الاحتياجات الخاصة، بشق طريقها إلى رفح مع بدايات نزوح سكان مدينة غزة ومناطق شمال القطاع، لتجد لها مأوى في «حاصل» (محل تجاري فارغ)، بعدما «حن» (أشفق) على العائلة صاحب المكان.

لكن إقامة العائلة في ذلك المكان لم تدم طويلاً، حتى اضطروا للانتقال إلى خيمة في منطقة العلم غرب مدينة رفح، ثم دير البلح بعدما اقتحمت القوات الإسرائيلية المدينة بداية شهر مايو (أيار) 2024.

وقالت: «زوجي مريض، ومقعد، ولا يقوى على الحركة، وأبنائي فقدوا كل فرصة عمل ممكنة، وبقينا بلا مال، واعتمادنا كان على ما وزعته (الأونروا) ومؤسسات أخرى».

وأضافت: «عند وقف إطلاق النار لم تسعنا الفرحة رغم الألم والقهر الذي عشناه، وما أن سمح لنا بالعودة، صدمنا من هول الدمار الذي لحق بمنازلنا ومناطق سكننا».

وتابعت بأسى: «إجينا هان على مخيم الشاطئ، لقينا الحياة معدومة، ما فيه مية ولا بيوت ولا إشي ممكن يؤوينا»، مشيرةً إلى أن مبادرات شبابية وحكومية أقامت خياماً أنقذت حياة الكثيرين ممن عادوا.

خيام على أنقاض المنازل في مخيم الشاطئ (الشرق الأوسط)
خيام على أنقاض المنازل في مخيم الشاطئ (الشرق الأوسط)

مبادرات محدودة

وفي أقصى شمال مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، اتحدت المبادرات الشبابية والحكومية في إقامة 3 مخيمات من الخيام لإيواء النازحين العائدين، والذين دمرت بيوتهم، لكن كل هذه الجهود واجهت صعوبات كبيرة، كما يؤكد قائمون عليها.

وقال الشاب محمود عوض أحد القائمين على المخيم الذي تقيم فيه «أم عدي عبد المالك»، إنهم واجهوا صعوبة بالغة في توفير وقود لتشغيل جرافة واحدة لتمهيد الأرض وترتيب التربة الرملية من أجل إقامة الخيام، كما واجهوا صعوبات في توفير غالونات كبيرة للمياه لتوفيرها للسكان للاستخدام الآدمي، وصعوبات أكبر في توفير المياه المحلاة الصالحة للشرب.

وأشار عوض إلى أنهم يحاولون من خلال التنسيق مع العديد من المؤسسات والمبادرات والمتبرعين توفير بعض الطعام والمساعدات الغذائية لسكان المخيم البالغ عددهم حتى الآن نحو 60 عائلة، كل عائلة تضم ما لا يقل عن 8 أفراد، بينهم أطفال رضع بحاجة للحليب والمكملات الغذائية اللازمة للحفاظ على صحتهم.

وتعتبر «أم عدي» أول سيدة عاشت في المخيم بعدما فشلت في إيجاد مأوى آخر يضمها وعائلتها، لافتة إلى أنها تعاني كثيراً في توفير الحطب لإعداد الطعام.

ولعله من حسن حظ «أم عدي» أنه يتوفر باستمرار جانب المدرسة التابعة لـ«لأونروا»، مياه محلاة للشرب، بعدما نجحت مؤسسة «روستروبوفيتش فيشنفسكايا» (RVF) في تركيب وتشغيل أول وحدة تحلية تعمل بالطاقة الشمسية في شمال غزة، وذلك بدعم إماراتي لتخدم الآلاف من سكان المنطقة، ما خفف من معاناة السكان.

طفلة فلسطينية من جباليا تجلس أمام منزل العائلة الذي دمره القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
طفلة فلسطينية من جباليا تجلس أمام منزل العائلة الذي دمره القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

النوم وسط كلاب شاردة

تضطر عائلة «أم عدي» كغيرها من العائلات للمبيت في المخيم الذي يقع في منطقة مفتوحة تنتشر فيها الكلاب الضالة التي تصدر أصواتاً مرعبة ليلاً، ويخشى أن تهاجم الخيام التي تضم العديد من الأطفال والرضع الذين لا يستطيعون حماية أنفسهم.

وتقول أنعام: «لا حلول أمامنا سوى القبول بالواقع الحالي، لأنه لا يوجد أي خيار آخر».

ولا يعد حال فاطمة الحاج من سكان مخيم الشاطئ، والتي تعيش في نفس المخيم، أفضل حالاً من الظروف التي تعيشها أم «عدي».

وتقول فاطمة: «حياتنا بتشبه النكبة اللي صارت مع أهالينا في الـ48، ولا نعرف متى نطلع من هاي الظروف ومتى راح تتعمر بلادنا من جديد ونرجع نسكن مثل الناس بين حيطان في بيوت تسترنا».

وأشارت فاطمة الحاج (46 عاماً) إلى أن لديها 4 من الأبناء بالكاد تستطيع توفير احتياجاتهم اليومية في ظل الظروف الصعبة، مشيرةً إلى أنها وضعت بسطة صغيرة تبيع عليها بعض الحاجيات للصغار من أجل توفير لقمة العيش.

وما زاد من أعباء الحياة الصعبة الأمطار الشتوية التي لم تتوقف لعدة أيام، ما تسبب بغرق الخيام والأمتعة القليلة من فراش، وأغطية، وغيرها.

واعتمدت الأسر في المخيم في الكثير من الأحيان على ما تقدمه إدارة المخيم من طعام، مثل الأرز وحده، لوجبتي الغداء والعشاء، والشاي بلا إضافات لوجبة الإفطار.

وقالت «أم عدي»: «كانت تمر علينا أيام لا نجد سوى العدس، أو الأرز لوجبة واحدة فقط، وفي أيام أخرى لم نتناول شيئاً على الإطلاق».