العالم متجه نحو تحول جذري في مشهد التخطيط الحضري

«كوفيد - 19» كشف الحاجة لتغيير هيكل المدن المركزية التقليدية

جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

العالم متجه نحو تحول جذري في مشهد التخطيط الحضري

جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

أكَّد تقرير حديث أنَّ تداعيات جائحة «كوفيد - 19» لعبت دوراً هاماً في التغييرات التي يشهدها التخطيط الحضري للمدن حالياً؛ حيث أدت تداعيات الجائحة إلى الحاجة للتوقف عن إنشاء «المدن المركزية التقليدية» وتغيير المستقبل، بما يضمن القدرة على التعامل مع أي متغيرات.
ووفقاً لتقرير الصادر عن شركة «كي بي إم جي» للاستشارات في السعودية، حول مستقبل المدن، فإن العالم على مقربة من ثورة جديدة في مجال التخطيط الحضري؛ حيث تتجه المدن الحديثة لتصميم خدماتها، وعلى رأسها الخدمات الصحية والترفيهية، بما يتناسب مع احتياجات سكانها وما يمكنها تحقيقه من خلق مستقبل حضري جديد أكثر عصرية وتميزاً.
وتتيح الخطوة لكل مدينة أن يكون لديها طابعها وخدماتها الخاصة التي تتماشى مع احتياجاتها وتميزها عن غيرها من المدن، وهو الشيء الذي يأتي على النقيض تماماً مع النهج الذي تبناه المخططون الحضريون حول العالم على مدار المائة عام الماضية.
وفي هذا الصدد، قال إسماعيل بن دحام العاني، رئيس القطاع الحكومي والعام لدى «كي بي إم جي» في السعودية: «تشهد المدن الآن منعطفاً تاريخياً، حيث تأخذ الصحة والاستدامة ورفاهية المجتمع الأهمية القصوى، وتأتي على رأس أولويات السكان، بطريقة لم نشهدها من قبل».
وأضاف: «إن الآليات الرئيسية التقليدية المعمول بها منذ الأزل فيما يخص التخطيط الحضري تمر الآن باختبار حقيقي، ويُحَتّم على الجهات المعنية التفكير في كيفية إعادة هيكلتها بفعالية، من أجل تحقيق غد أفضل».
يذكر أنَّ حكومة المملكة تسعى لتطوير مجتمعات حضرية يكون الإنسان محورها الرئيسي، لذا قامت بتدشين عدة مشاريع مبتكرة، من ضمنها مشروع «ذا لاين - «The Line»، الذي يعد جزءاً من مشروع «نيوم» العملاق الذي أطلقته المملكة قبل سنوات قليلة، بإجمالي تكلفة 500 مليار دولار.
ويهدف المشروع ليكون نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلاً، حيث يقوم مشروع «ذا لاين - The Line» على فكرة إيجاد بدائل للمركبات والازدحام عن طريق وسائل النقل الذاتي وغير الذاتي عالية السرعة والتي سوف تخدم ما يقدر بمليون نسمة، حيث يمكننا القول إن الفكرة الرئيسية للمشروع هي تقديم حلول فعّالة لحياة أفضل وبيئة أكثر استدامة عن طريق تصميم المدن بطريقة مختلفة، بما يساعد الإنسان على المشي بدلاً من استخدام وسائل المواصلات التي تساهم في تضرر البيئة، حيث يقدر أن يستغرق الوصول لجميع الأماكن الحيوية داخل المدينة مثل: المدارس والعيادات والمرافق الترفيهية والمتنزهات في غضون 5 دقائق سيراً على الأقدام، كما لن يستغرق الوصول لأي مكان داخل المدينة أكثر من 20 دقيقة.
وأضاف العاني «إن المستقبل يتعلق بوضع تحسين مستوى معيشة السكان في مقدمة أولويات التحول الحضري، عن طريق توفير سبل فعالة وموثوقة تمكِّنهم من الوصول إلى جميع الخدمات اللازمة للعيش والتعلّم والازدهار في محيطهم المباشر بأسرع وأفضل صورة ممكنة».
ووفقاً لتقرير «كي بي إم جي»، فرغم التحولات السريعة في الحياة العملية للأفراد، واعتمادهم بشكل متزايد على الوسائل الترفيهية والأنشطة المحلية والخدمات عبر الإنترنت بسبب الجائحة، إلا أنهم لم يتخلوا عن الرغبة في الحصول على المراكز والمساحات المدنية التي تساهم في حيوية وإثارة الحياة الحضرية.
ويشير التقرير إلى أنَّ عدم توفر الإسكان ميسور التكلفة لا يزال يمثل تحدياً كبيراً في تقدّم العديد من المدن، كما اقترح أيضاً استخدام التكنولوجيا لمعالجة شتى المشكلات التي تحول دون المضي قدماً نحو غدٍ أفضل، بالإضافة إلى الاستثمار في القدرات الرقمية والبيانات الجديدة لبناء آفاق جديدة من الابتكار، مع الأخذ في الاعتبار عدم تمكين جميع الأفراد رقمياً.
وأشاد التقرير ببعض الحلول الرقمية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية، بهدف تقديم الدعم السكني مثل: «منصة سكني»، التي أطلقتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، حيث تتيح المنصة للمستخدمين تصفح المشاريع المتاحة والتقديم على المشروع المناسب والحصول على الموافقة الفورية بناءً على أهليتهم؛ مما يساعد على تحديد أوجه القصور في سوق الإسكان ميسور التكلفة ومساعدة رواد المنصة على اختيار منازلهم بشكل أفضل وأسرع.
وفي السياق ذاته، أكد تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) في أبريل (نيسان) الماضي على إطار العمل المستقبلي للعقارات من خلال حاجة مدن الغد لتوفير مبانٍ ومساحات مناسبة للعيش، مستدامة ومرنة وبأسعار معقولة للجميع.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

السعودية تتبنى تقنيات حديثة لاستدامة شبكات الطرق وتمكين الخدمات اللوجيستية

الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)
الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تتبنى تقنيات حديثة لاستدامة شبكات الطرق وتمكين الخدمات اللوجيستية

الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)
الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق» متحدثاً للحضور في إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)

كشف المهندس بدر الدلامي، الرئيس التنفيذي المكلف لـ«الهيئة العامة للطرق»، عن استخدام تقنيات متطورة لإعادة تدوير طبقات الطرق في السعودية، مما ساهم في تسريع عمليات الصيانة بنسبة 40 في المائة، إلى جانب تحسين كفاءة الإنفاق وحماية البيئة.

وأشار الدلامي، خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات اليوم الثاني من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» الذي أقيم في الرياض، إلى أن السعودية «تمتلك شبكة طرق تتجاوز نصف مليون كيلومتر طولي، مما يجعلها في المرتبة الأولى عالمياً في الترابط، والرابعة بين دول (مجموعة العشرين) في جودة الطرق».

كما أوضح أن «كود الطرق السعودي يواكب التحولات المستقبلية، ويشمل تطوير عقود الصيانة المبنية على الأداء».

ومن أبرز ما كشف عنه الدلامي «إنجاز وافتتاح المحول الشرقي بالرياض لتخفيف الازدحام المروري وتحويل حركة الشاحنات، بالإضافة إلى (الدائري الثاني) بجدة الذي ينقل الشاحنات إلى خارج المدينة، مما يدعم تدفق الخدمات اللوجيستية».

«السلامة والجودة والاستدامة» محور استراتيجيات النقل

وأكد الدلامي أن بناء شبكة طرق آمنة وعالية الجودة يشكل حجر الأساس لنظام لوجيستي ناجح.

كما أشار إلى «تطوير استراتيجية النقل والخدمات اللوجيستية لتشمل مرتكزات أساسية؛ منها (السلامة والجودة والاستدامة). ولتسهيل نقل الحمولات الكبرى، أطلقت (الهيئة) نظاماً لاستخراج تصاريح الحمولات الاستثنائية، بما يتماشى مع الطلب المتنامي في القطاع».

جانب من المعرض المصاحب لـ«مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

إنجازات رقمية وتمكين الكفاءات الوطنية

من جهته، أشار المهندس أحمد الحسن، مساعد وزير النقل والخدمات اللوجيستية، إلى أن الوزارة «تركز على تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى ربط السعودية عالمياً وتعزيز تنافسيتها، مع اهتمام خاص بتطوير رأس المال البشري عبر تمكين الكفاءات الوطنية لدعم (رؤية 2030)».

وشهد اليوم الثاني من المؤتمر جلسات نقاشية جمعت خبراء عالميين ومختصين لبحث أفضل الممارسات لتحسين كفاءة سلاسل الإمداد.

وفي إحدى الجلسات، استعرض المهندس عبد العزيز آل سنان، الرئيس التنفيذي لشركة «بتروآب»، أهمية الشراكات القوية في تحقيق الإنجازات، مشيراً إلى أن «التحول الرقمي مكّن الشركات من تحسين الأداء وخفض التكاليف عبر استخدام السجلات الدقيقة لكل مركبة».

أما حامد العبيدي، المدير العام لشركة «يماتك»، فقد أكد أن «النجاح في صناعة اللوجيستيات يعتمد على تحديث الأنظمة وتبني التكنولوجيا الذكية».

وفي السياق ذاته، شدد عصام المرهون، رئيس الشؤون الإدارية والامتثال بشركة «ستارلينكس»، على «ضرورة تطوير المهارات العلمية للجيل الجديد المهتم باللوجيستيات، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في تقنيات التخزين وإدارة سلسلة الإمداد».

من جانبه، أشار المهندس منصور القحطاني، مدير إدارة المستودعات الوسطى في «الشركة السعودية للكهرباء»، إلى «دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز حماية البيانات، وتمكين الشركات من التعامل بذكاء مع التهديدات المحتملة، مما يسهم في رفع كفاءة القطاع».