قوات روسية تصل إلى بيلاروسيا لإجراء مناورات «تحضيراً لقتال»

رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو مع كبار العسكريين في بلاده (أ.ب)
رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو مع كبار العسكريين في بلاده (أ.ب)
TT

قوات روسية تصل إلى بيلاروسيا لإجراء مناورات «تحضيراً لقتال»

رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو مع كبار العسكريين في بلاده (أ.ب)
رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو مع كبار العسكريين في بلاده (أ.ب)

أعلنت بيلاروسيا، اليوم الثلاثاء، وصول عدد غير محدد من القوات الروسية للقيام بمناورات في فبراير (شباط)، «تحضيراً لقتال»، في ظل توتر متصاعد بينها وبين الدول الغربية وأوكرانيا.
وقال وزير الدفاع البيلاروسي، في بيان، «إن المناورات المقبلة للتحضير العملياتي والقتالي تجري بسبب تدهور الوضع السياسي العسكري في العالم، بالإضافة إلى تصاعد التوتر في أوروبا، لا سيما على الحدود الغربية والجنوبية لبيلاروسيا»، مضيفاً أنها مناورات روسية بيلاروسية «مُرتجلة».
https://twitter.com/Reuters/status/1483140876641648644
وقال رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، إن المناورات ستجرى بالقرب من الحدود الغربية للبلاد، وعلى الحدود مع بولندا وليتوانيا، عضوي حلف شمال الأطلسي، وعلى الحدود الجنوبية مع أوكرانيا.
وقال لوكاشينكو لكبار مسؤولي الجيش، «حددوا وقتاً معيناً وأحيطونا علماً به، حتى لا يتهمنا أحد بأننا نحشد بعض القوات هنا دون سابق إنذار، كما لو كنا نستعد للحرب».
وأثارت روسيا، وهي حليف وثيق لبيلاروسيا، قلق الغرب وكييف بسبب حشود عسكرية بالقرب من الحدود الأوكرانية ووابل من التهديدات مما أشاع مخاوف من أن موسكو تخطط لغزو الدولة المجاورة.
https://twitter.com/carlbildt/status/1483167908394147846
وتنفي موسكو وجود أي خطة من هذا النوع، لكنها استغلت تلك المواجهة للمطالبة بضمانات أمنية من الغرب، من بينها وقف تمدد حلف شمال الأطلسي شرقاً، والتمتع بفيتو (حق اعتراض) على ضم أوكرانيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، لعضوية الحلف في أي وقت.
وقال لوكاشينكو، المنبوذ من الغرب منذ حملته على احتجاجات اندلعت في عام 2020 وأزمة مهاجرين في الآونة الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي، إن التدريبات مهمة، لأن أوكرانيا حشدت قواتها قرب حدود بلاده.
وأضاف أن بولندا ودول البلطيق لها أكثر من 30 ألف جندي قرب حدود روسيا البيضاء.
ويرأس لوكاشينكو بيلاروسيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، منذ عام 1994، وعززت بلاده علاقاتها مع موسكو أثناء احتجاجات حاشدة اندلعت في عام 2020 مع فرض الغرب عقوبات عليها.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن لوكاشينكو قوله «من المتوقع أن تكون هذه تدريبات عادية لوضع خطة محددة لمواجهة تلك القوات، الغرب ودول البلطيق وبولندا، والجنوب - أوكرانيا».
وقال الكرملين في تصريحات منفصلة، إن التقارير التي أفادت بأن إستونيا تستعد لاستضافة ما يصل إلى 5000 جندي من قوات حلف شمال الأطلسي تُظهر أن روسيا لها الحق في الشعور بالقلق.


مقالات ذات صلة

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

آسيا زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ) play-circle 01:13

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

اليابان والولايات المتحدة تهدفان إلى إعداد خطة عسكرية تشمل نشر صواريخ تحسباً لحالة طوارئ محتملة في تايوان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
أوروبا نظام مدفعية آرتشر من فوج المدفعية الملكية التاسع عشر التابع للقوات المسلحة البريطانية يطلق النار أثناء تدريب على إطلاق النار الحي في 18 نوفمبر 2024 في لابلاند الفنلندية (أ.ف.ب)

الجيش البريطاني يطلق مدفعاً جديداً للمرة الأولى خلال مناورة للناتو

قام جنود الجيش البريطاني بإطلاق مدفع جديد، يستخدم لأول مرة، وذلك خلال مناورة تكتيكية لحلف الناتو بفنلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مدفع يتبع الجيش الفنلندي يطلق قذيفة خلال التدريبات (صفحة الجيش الفنلندي عبر فيسبوك)

فنلندا تستضيف لأول مرة تدريبات مدفعية لـ«الناتو»

تستضيف فنلندا، بدءاً من الأحد، مناورات مدفعية واسعة النطاق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) للمرة الأولى منذ انضمامها إلى التحالف العسكري العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (روفانييمي )
العالم قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)

أستراليا والولايات المتحدة واليابان تعزز تعاونها العسكري

تعهدت أستراليا واليابان والولايات المتحدة التعاون عسكرياً بشكل وثيق في تدريب قواتها، بينما تعمّق هذه الدول علاقاتها في محاولة لمواجهة القوة العسكرية للصين.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
شمال افريقيا عناصر من القوات البرية والجوية والبحرية والقوات الخاصة للسعودية ومصر تشارك في تدريب «السهم الثاقب» (المتحدث العسكري المصري)

«السهم الثاقب»... انطلاق فعاليات التدريب المصري - السعودي المشترك

انطلقت في مصر فعاليات التدريب المصري - السعودي المشترك «السهم الثاقب»، الذي تستمر فعالياته على مدار أيام عدة، بنطاق «المنطقة الجنوبية العسكرية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.