«صوت الصورة» أرشيف يوثق مسيرة الأصوات النسائية في السعودية

العزف الشعبي يرتكز على البساطة في الأداة
العزف الشعبي يرتكز على البساطة في الأداة
TT

«صوت الصورة» أرشيف يوثق مسيرة الأصوات النسائية في السعودية

العزف الشعبي يرتكز على البساطة في الأداة
العزف الشعبي يرتكز على البساطة في الأداة

في سبعينات القرن الماضي، في إحدى حارات جنوب مدينة جدة (غرب السعودية)، اشتهرت امرأة ذات أصول جازانية بالعزف المتناغم، والصوت الشجي، والقلب الحنون، كانت تحيي العديد من المناسبات الاجتماعية لأهالي المنطقة، ومن أسطح البيوت البسيطة غنت كلمات شعبية أزهرت بين نبرات صوتها، وسط جلسات أُنس يحفها نسيم الليل الرطب.
«خالة شوعية» بهذا الاسم عرفت واشتهرت، ومع مرور الزمن وغلبة العُمر اعتزلت الأسطح وبات مقعدها المسائي الذي يركن جدار منزلها هو منبرها الاجتماعي، ومنه ترد السلام على المارة في ساعات الغروب الأخيرة، وتروي مواقف عاصرتها بطرافة تعيد لها حيويتها.
صوت غنائها يأتي مثالاً من الأمثلة الكثيرة للأصوات النسائية في السعودية التي لها شعبيتها ورواجها في مجتمع وبيئة معينة. وكاد الزمن أن يطوي صفحته من دون توثيقها، إّلا أنّ أرشيف «صوت الصورة» الأرشيف النسائي السماعي الذي يبحث ويوثق الأصوات الطربية النسائية في السعودية منذ منتصف القرن الماضي، أعاد إحياء هذه الأصوات بالبحث عنها وتسجيل مقتطفات من تاريخها ليشكل مكتبة سماعية مخصصة للأصوات النسائية.
أرشيف «صوت الصورة» فكرة تشكلت في عام 2018، على مقاعد مخيم فني في مدينة بوسطن الأميركية، أثناء حوار ثنائي عميق أشارت فيه صحافية أميركية عاشت في السعودية لفترة من الزمن وعاشرت المجتمع النسائي وتقاليده، إلى أسماء مطربات في المملكة أصواتهن استثنائية، مما دفع شريكة الحوار الفنانة السعودية تارا الدغيثر إلى إنشاء مشروعها لأرشفة الأصوات النسائية وتاريخها، الذي يواجه قلة في المصادر الثقافية الموسيقية في المملكة.
التقت تارا الدغيثر من خلال مشروعها للأرشفة مع جيل من المطربات السعوديات يصنفهن الفن تاريخاً، حين كانت الأصوات الغنائية النسائية ولا تزال لها حضورها الفني في المناسبات العامة، رغم انخفاض نبرتها في فترة من الزمن فإنها واصلت المسير متخفية تحت شعارات اجتماعية، حيث البيئة الفنية لا تصنف أو ترتب الفنانين حسب موقع إقامة هذا الفن، سواء كان ذلك في مناسبات اجتماعية أو صالونات فنية أو تسجيلات موسيقية.
تتميز المرأة في السعودية بتجاربها وثقافاتها وخلفياتها الاجتماعية المتنوعة، التي ساهمت في إطلاق أصوات فنية لا تنحصر في كونها تترجم الهوية السعودية البحتة، بل تتوسع لتشمل كل الخلفيات الفنية للمناطق السعودية والجذور العائلية المختلفة.
ويهدف أرشيف «صوت الصورة» إلى توسيع صورة النساء وثقافاتهن الفنية المتنوعة حول المملكة من خلال «صوت». وتروي تارا الدغيثر لـ«الشرق الأوسط» قائلة: إنّ «الخطوة الأولى في البحث عن أصوات فنية نسائية كانت العلاقات الاجتماعية. ووجدت العديد من الأصوات التي تنسب إلى فترة زمنية معينة، ومن خلال التواصل الاجتماعي حين سجّلت أثناء زياراتي مقاطع توثق جزءاً من حياة الفنانة ومقتطفات من الوصلات الغنائية مما أثرى حساب التواصل الاجتماعي إنستغرام».
اختارت تارا الدغيثر جدة، أول منطقة للبحث عن أصوات نسائية قديمة وعن ذلك تقول: «إنّها تمتلك قبولاً اجتماعياً في الحركة الطربية النسائية وتناقلها في المساحات العامة خلال فترة التسعينات والثمانينات على عكس بقية المناطق في المملكة، مما سَهل قبول الفنانات واقتناعهنّ بتسجيل أصواتهن والمشاركة في مشروع الأرشفة، ومن خلال النماذج الحالية سأستطيع تشجيع بقية النساء حول المملكة على المشاركة».
الحساء، خميس مشيط، جازان، مناطق سعودية تمتلك العديد من التاريخ الفني النسائي الذي تخطط تارا الدغثير لأن تكون وجهتها المقبلة في البحث والتوثيق، وسط طموحات في بناء علاقات تعاونية تدعم سير المشروع في أنحاء المملكة والحصول على متخصصين في التسجيل والأرشفة وبناء مكتبة صوتية ومرئية تصنف معلومات «صوت الصورة» الفنية، مما يجعلها مصدراً تعليمياً ثقافياً يستخدم في الصروح التعليمية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.