اليمن يدعو لوقف نهب الحوثيين للمساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتهم

TT

اليمن يدعو لوقف نهب الحوثيين للمساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتهم

جددت الحكومة اليمنية دعوتها للمجتمع الدولي، من أجل الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات المتعلقة بالسطو على المساعدات الإنسانية، وتسخيرها لعناصر الميليشيات، وحرمان الفئات المستحقة، بحسب ما جاء في تصريحات رسمية لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ونائب رئيس اللجنة العليا للإغاثة، الدكتور محمد الزعوري.
واتهم الوزير الزعوري الميليشيات الحوثية بأنها «مستمرة في وضع العوائق والعراقيل أمام أعمال المنظمات الأممية والدولية والمحلية، ونهب المساعدات الإغاثية». وقال إن ذلك «يزيد من تردي الوضع الإنساني، في ظل أسوأ أزمة إنسانية يعيشها اليمن، بحسب التقارير الأممية والدولية».
وأوضح الوزير اليمني أن الجهات الحكومية وثَّقت خلال العام الماضي قيام ميليشيات الحوثي بعدد كبير من الانتهاكات في المجال الإغاثي، منها اقتحام مخازن الغذاء العالمي بمديرية أسلم التابعة لمحافظة حجة، ونهب نحو 120 طناً من الدقيق، وتحويل المساعدات المخصصة لمخيم «بني حسن» للنازحين في منطقة عبس بالمحافظة ذاتها لصالح مقاتليهم، والسطو على ثلث سلال الغذاء الشهرية البالغ عددها 16 ألف سلة غذائية، والخاصة بالعائلات المتضررة في منطقة خيران المحرق.
وأكد الوزير أن الميليشيات قامت بالتلاعب بكشوف المساعدات الخاصة بنحو 90 ألف أسرة في محافظة الجوف، وفرضت كشوفاً من قبل قادتها، وحولت المساعدات لصالح المقاتلين التابعين لها، كما تلاعبت بمساعدات نحو 3594 مستفيداً من المستحقين للمساعدات في محافظة ذمار، وتحويلها إلى المشرفين التابعين لها، والمقدرة بنحو 440 مليون ريال، بواقع 122 ألف ريال يمني لكل مستفيد (الدولار حوالي 600 ريال) إضافة إلى منع دخول 109 عبوات من البقوليات إلى المناطق غير المحررة، بحجة أنها تالفة، على الرغم من تأكيدات المنظمات الأممية لصلاحيتها.
وأشار الزعوري إلى أنه تم توثيق عدد من الانتهاكات الحوثية، تتنوع بين نهب المساعدات والتلاعب بأسماء المستفيدين، وتحويل المساعدات لصالح المقاتلين، ووضع العراقيل أمام المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وفرض رسوم على المنظمات والوكالات الإغاثية أثناء تنفيذ البرامج الإنسانية.
وأوضح أن الميليشيات قامت باحتجاز 2 من موظفي الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأنهما لا يزالان رهن الاحتجاز حتى اللحظة، دون أي اعتبارات لخصوصية العمل الإنساني.
وقال إن الجماعة الحوثية اتخذت من سيطرتها على ميناء الحديدة منصة لممارسة العوائق والعراقيل للسفن المحملة بالمساعدات الإغاثية، وفرض رسوم غير قانونية.
وحذر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، من استمرار سيطرة الحوثي على أجزاء من الملاحة البحرية، على اعتبار أن ذلك يهدد الأمن الإقليمي والدولي؛ مشيراً إلى ما تقوم به الميليشيات من اختطاف بعض السفن، وضرب البعض الآخر، وكان آخر ذلك اختطاف السفينة الإماراتية، كما أنها في مرحلة سابقة استهدفت سفينة سعودية في عرض البحر الأحمر، وهي تصرفات إجرامية، وفق تعبيره.
وجدد الوزير الزعوري مطالبته للمجتمع الدولي بممارسة الضغوطات على ميليشيات الحوثي لوقف كل الانتهاكات، مجدداً تأكيده حرص الحكومة واستمرارها في دعم جهود المانحين والوكالات الإغاثية الأممية والدولية في تنفيذ البرامج الإنسانية في اليمن.
وانتقد الوزير اليمني استمرار عمل المنظمات الأممية والدولية من صنعاء، وقال إن ذلك «يقدم خدمة مجانية للميليشيات الحوثية، لاستثمار برامج الإغاثة الإنسانية لخدمة المجهود الحربي، ويشجعها للتمادي في ارتكاب مزيد من الانتهاكات ونهب المساعدات يومياً».
وجدد الزعوري مطالبته للمنظمات بالاستجابة للدعوات التي أطلقتها الحكومة اليمنية، لنقل مقراتها الرئيسة إلى عدن، لضمان تدفق المساعدات الإغاثية والإنسانية وإيصالها إلى المستهدفين في جميع المحافظات من دون أي قيود.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».