من بؤرة للصراع والمواجهة إلى ميدان للتعاون والتكامل الإقليمي

من بؤرة للصراع والمواجهة إلى ميدان للتعاون والتكامل الإقليمي
TT

من بؤرة للصراع والمواجهة إلى ميدان للتعاون والتكامل الإقليمي

من بؤرة للصراع والمواجهة إلى ميدان للتعاون والتكامل الإقليمي


تؤشّر خريطة الأزمات والحروب والصراعات المهدِّدة للسلم والاستقرار في العالم منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي باللون الأحمر، دلالة على اعتبارها بؤرة للتوتر والمواجهة الدائمة، مرشحة للتمدّد والاشتعال، على خلفية ما تعانيه منذ عقود من سلسلة من الصراعات المركّبة.
ويكتسب هذا التوصيف طابعَه المنطقي من الموقع الجيوسياسي للمنطقة كجسر بين الشرق والغرب؛ وهو ما يسهّل أن تكون بيئة حاملة وسيطة لانتقال التحوّلات الحضارية الكبرى في العالم، كما الصراع داخلها، وهو ما يفسّر الإحالات الدائمة إلى الخلفيات التاريخية في تفسير مثل هذا الواقع.
ولكن هذه الإحالات غير كافية لوضع الحقائق في مكانها، على ضوء تعدّد تجارب أمم أخرى واجهت استعصاءاتٍ جغرافية وتاريخية خطيرة، نجمت عنها حروبٌ وصراعاتٌ دموية كبرى، لكنها وجدت طريقها في نهاية المطاف إلى السلم الأهلي واستتباب الأمن والاستقرار والتعاون والتعاضد الاجتماعي.
ومن ذلك، يمكن تقييم ما تنطوي عليه منطقة الشرق الأوسط من إمكانيات تَحَوّل، رغم التناقضات التي تعاني منها، وهي وريثة حضاراتٍ كبرى منذ فجر التاريخ، دشّنت حقبة الحداثة، من دون أن يتحقق التصالح بين تراثها وجوهر الحداثة المتبنّاة، ولو شكلياً، في أنظمتها الجديدة. مع الأخذ في الاعتبار دور تدخّل العامل الخارجي في صنع سياسة الدولة، وتعميق التناقضات الداخلية، وتحويلها إلى عوامل صراعات تعيد إنتاج أزمات متفاقمة.
إن طبيعة المنطقة الاستراتيجية تتسم بأنها معبر، ليس للتجارة البينية وتبادل البضائع وتنقّل الرحالة والمستكشفين فحسب، وإنما لتبادل الأفكار والآيديولوجيات، واستشراف الطموحات، وتلاقح القيم والمفاهيم الإنسانية، وخبرة الأمم.
ومن هنا يتداعى السؤال المشروع عما إذا كان استمرار الصراع والتناحر واللااستقرار ودوام الاضطراب والأزمات التي لازمت منطقتنا قدراً لا يمكن الفكاك منه، أم أن تجارب شعوب وأمم في مناطق أخرى من العالم عانت مما نعاني منه، واستطاعت أن تتجاوز ذلك وترسم لها مساراتٍ مغايرة تماماً، ونجحت في أن تتحوّل إلى نماذج بنّاءة تُحتذى.
فهل لشعوبنا أن تحدّد لمستقبلها خياراتٍ بديلة تضعها في مصاف الأمم والدول المتطورة؟
لقد حقّ لنا في العراق أن نواجه هذا السؤال بمنتهى المسؤولية، قبل أن نسعى لإشراك أشقّائنا وجيراننا بالبحث عن جواب عنه.
كان من الواضح لنا، دون تردّد، ونحن نطرح على أنفسنا مثل هذا السؤال المصيري، توفُّر كل شروط ومستلزمات قيادة منطقتنا على طريق التحول من بؤرة مأزومة مشاغبة مهدِّدة للسلم والاستقرار، إلى بيئة إيجابية ومساحة مفتوحة للتطور والنمو والتعاون المثمر بين شعوبها، وجسر للتواصل مع الشعوب والأمم الأخرى.
إن ثروات منطقتنا ومواردها البشرية وعمقها التاريخي الحضاري تشكّل مصادر لها لتحقّق ذاتها، وتعيد النظر في خياراتها، لتستنهض طاقاتها الخلاّقة وتوظف مصادر قوتها الكامنة، ولتستعيد ما كانت عليه من مكانة للرقي والتقدم في كل الميادين التي جعلت منها منارة إنسانية مزدهرة.

وما يلهمنا، ونحن نتطلّع لمثل هذا التحول التاريخي، تجارب معاصرة استطاعت أن تتجاوز تخلّفها وصراعاتها الدموية وفقر مواردها الطبيعية، لتتحوّل إلى نماذج في التقدم والتطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي، وتصبح حاضرة على الصعيد العالمي.
ويمكن إيراد تجربة سنغافورة، التي كانت في منتصف القرن الماضي مركزاً للأوبئة الخطيرة، ومسرحاً للعصابات والمافيات المسلحة وبؤرة للجريمة المنظّمة، لتصبح بفضل بصيرة مؤسسها لي كوان يو ونظرته الثاقبة من بين أكثر البلدان تطوراً على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والإنسانية أيضاً. كما تبرز أيضاً التجربة الرائدة لجنوب أفريقيا في تصفية نظام الفصل العنصري البغيض (الأبارتايد) وتبنّي نموذجها الديمقراطي الحر والمتطور اقتصادياً، وتصفية آثار النظام السابق ومخلّفاته.
وتقدم رواندا نموذجاً آخر للتغيير والتحوّل. فبعد المجزرة التي اعتبرت بين أكبر عمليات الإبادة الجماعية العنصرية وراح ضحيتها ما يقرب من ثلاثة ملايين من البشر، استطاعت أن تنجز تحوّلها الديمقراطي، وتمضي نحو بناء الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي خلال عقدين من الزمن. وتتعدد أمثلة ونماذج النجاح على هذا الصعيد في جنوب أميركا وشرق آسيا وشرق أوروبا.
أليس في كل هذه التجارب ما يؤكّد، من دون أي شك، قدرة شعوبنا وبلداننا التي تتميّز بثروات طبيعية وقدرات وموارد بشرية ورصيد تجربة تاريخية ثقافية ومعرفية، على أن تخطّ لنفسها نماذج ترتقي بها إلى ما بلغته البلدان والشعوب التي سبقتها في اختيار بديلها، وهي تتجاوز كل العناصر والقوى التي كانت تشدّها إلى ما كانت عليه من حال؟
لدينا كل المقوّمات لمثل هذه الانتقالة التاريخية: مصادر ثروات هائلة، وموارد إنسانية كبيرة من شباب وشابات بطاقاتٍ خلاقة، وتجمعنا مشتركاتٌ عديدة، وإرث حضاري تاريخي، تشكّل مجتمعة مصادر إلهام لانطلاقة جديدة.
كل ما نحتاج إليه إنما يتجسّد في الرؤية والإرادة المشتركة لخلق واقع جديد، من شأنه أن يرسي أسس تواصل مستدام، قوامه تكاملٌ اقتصادي، وتبادلٌ للمنافع والمصالح، وتعزيزٌ لأواصر العلاقة بين شعوبنا، ويؤطّره قرار سياسي مبني على احترام المصالح الوطنية العليا لكل طرف، ونوايا حسنة لتأسيس منظومة أمن مشترك، ونظام اقتصادي متكامل فاعل ومزدهر.
علينا أن نؤكّد على ما يعزّز تكاملنا، وينمّي تبادل خبراتنا، ويجعل من تشاركنا مصدرَ قوة لنا، ونعوّض نقاط ضعف كل طرف منّا بما عند الآخر من قوّة داعمة لتقدم منطقتنا.
وعلينا أن نعتمد في خياراتنا على كل ما يعزّز وحدتنا، ويقرّب مساراتنا، واعتماد الحوار سبيلاً لحل الخلاف.
في سنوات المعارضة ضد النظام السابق، حلمنا بعراق مختلف، عراق ديمقراطي حرّ، يحترم الإنسان، ويوفّر كرامة شعبه، ويتحوّل إلى حجر أساس لبناء التكامل الإقليمي.
ونرى اليوم في العراق خيارين:
أن نكون قاعدة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية، أو نكون جسراً للتواصل وأرضاً للتكامل بين شعوب المنطقة.
ورؤيتنا أن العراق الناهض من كبوته، والمتعالي على جراحه، والمتصالح مع ذاته، قادرٌ بالتعاون مع أشقائه وجيرانه، على تحويل مشروع الشرق الأوسط المتكامل والمتصالح والمتعاون إلى واقع معاش، وأن من شأن ذلك أن يتحوّل إلى عامل إيجابي لمعافاة العراق، ويساعد في تكريس نهوضه.
لقد قمنا بكل ما علينا من التزامات خلال فترة حكومتنا الانتقالية، بوضع لُبنات لهذه الرؤية التي تكرّست في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، بحضور أشقاء وجيران وأصدقاء العراق، وعبّرنا عن نوايانا الصادقة للمضي قدماً إلى الأمام.
وأثبتت التجربة أن هناك إمكانات واسعة لخلق تكامل أمني على مستوى دول المنطقة، وأن هناك حاجة ماسّة إلى ربط تلك الدول بشبكات من خطوط النقل البري والسككي، وأن الحاجة متصاعدة إلى ربط المنظومات الكهربائية، وإلى التعاون في مجالات الطاقة ونقل الغاز والاستثمار المتبادل.
ولكن المنطقة تحتاج قبل كل ذلك إلى تكريس مبادرات الحل وتوسيع الحوارات الثنائية والجماعية وإبداء النيات الحسنة المتبادلة لحل الأزمات وإبعاد أي مؤثرات من خارج دول المنطقة في صياغة الحلول المطلوبة.
لقد شهد العالم تغيّرات عاصفة. ونحن نعيش اليوم في حقبة تاريخية مختلفة تماماً عن سابقاتها، أصبحت خلالها مصالح الشعوب أكثر ترابطاً وتكاملاً، وتتطلب تفاعلاً أعمق، وتكاتفاً في كل الميادين الحيوية.
إن منطقتنا ترتبط بمصالح مشتركة تشمل ميادين عديدة، تتسع مع تطور العلاقات بين بلدانها، يمكن أن نستثمرها في مشاريع التجارة والزراعة والصناعة، لنتحوّل إلى قطب رئيس في العالم الحديث كما كنا في العالم القديم، وأمامنا تحديات مشتركة كبيرة، من الإرهاب والفقر والجفاف والإشكاليات المجتمعية والبيئية الأخرى، والتي تفرض علينا التعاون المشترك للتقليل من آثارها وللتغلب على عواقبها نهائياً.
إن شعوبنا تستحق بجدارة أكثر مما هي عليه، ولديها أكثر مما قدّمت للمساهمة في مسيرة الحضارة البشرية، وهي قادرة، وتمتلك الإرادة اللازمة لصنع التغيير.
وقد أكّدت التجربة أن الإرادة لدى قيادات دول المنطقة مهيأة أيضاً، وأن الاستعداد جاهز لإحداث تعاطف صادق وصريح يجمع بيننا. وهو ضروري للتحوّل من المراوحة في ظل الأزمات وتدويرها وإدامة مسبباتها، إلى تكريس المصالح المشتركة والتكامل في إطار المعافاة والازدهار.

 



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.