متحف شرم الشيخ يعرض أيقونات ومخطوطات نادرة

بالتزامن مع انعقاد {منتدى شباب العالم}

مخطوطات نادرة في معرض «رحلة العائلة المقدسة» بمتحف شرم الشيخ
مخطوطات نادرة في معرض «رحلة العائلة المقدسة» بمتحف شرم الشيخ
TT

متحف شرم الشيخ يعرض أيقونات ومخطوطات نادرة

مخطوطات نادرة في معرض «رحلة العائلة المقدسة» بمتحف شرم الشيخ
مخطوطات نادرة في معرض «رحلة العائلة المقدسة» بمتحف شرم الشيخ

بالتزامن مع انعقاد النسخة الرابعة من «منتدى شباب العالم» بمدينة شرم الشيخ في محافظة جنوب سيناء المصرية، والاحتفال بـ«عيد الميلاد»، يحتفي متحف المدينة ذات الطابع السياحي، برحلة «العائلة المقدسة» إلى مصر، عبر معرض أثري مؤقت، يضم 3 مخطوطات من مقتنيات المتحف القبطي بحي مصر القديمة بالقاهرة، و9 أيقونات نادرة تعرض لأول مرة، تم اختيارها من عدد من الكنائس المصرية على غرار «أبي سرجة، والمعلقة، والشهيد مرقوريوس أبو سيفين، والدمشيرية، والقديس مارمينا، والملاك ميخائيل». المعرض الذي يستمر تنظيمه حتى منتصف العام الحالي، يبرز «أيقونات تعود إلى القرنين الـ18 والـ19 الميلادي، من بينها أيقونة للسيدة العذراء، وهي تحمل الطفل يسوع متوَجاً، وأيقونة (رئيس الملائكة جبرائيل)، وهو يحمل بيده اليمنى لفافة عليها نص باللغة العربية، وأيقونة تُمثّل مشاهد سيرة حياة السيدة العذراء مريم، بجانب أيقونة أخرى، تصور رحلة الهروب إلى مصر، حيث تظهر السيدة العذراء مريم، والطفل فوق الحمار، وخلفهم يوسف النجار.
ومن بين أبرز المخطوطات التي يضمها المعرض، «مخطوط البشائر الأربع» الذي يسلط الضوء على رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حيث تظهر في الصفحتين اليمنى واليسرى منه بعض المقتطفات من «إنجيل متى»، التي تذكر هذا الحدث التاريخي، ويبلغ عدد أوراق المخطوط 207 ورقات، أغلبها مزخرفة ومحلاة بالمِداد الأزرق والأحمر، والذهبي.
كما يشير الجزء الثاني من مخطوط «السِنْكِسار»، إلى ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر في يوم 24 من شهر «بشنس» القبطي. وكُتِب المخطوط باللغة العربية، ويشتمل على (247) ورقة كُتبت رؤوس الموضوعات فيها بالمِداد الأحمر.
هذا بالإضافة إلى مخطوط «ميامر السيدة العذراء وعجائبها»، الذي يسرد الأحداث التي وقعت عند مجيء العائلة المقدسة إلى مِصر، وهو مكتوب باللغة العربية، ويحتوي على زخارف هندسية. وتقول ميريام إدوارد، المشرف العام على متحف شرم الشيخ، لـ«الشرق الأوسط»: «فكرنا خلال الآونة الأخيرة في تنظيم معرض مؤقت يتناسب مع انطلاق منتدى شباب العالم، وأعياد الميلاد المجيد، وتم الاستقرار على تنظيم معرض يوثق رحلة العائلة المقدسة إلى مصر».
وتحظى رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بأهمية تاريخية ودينية كبيرة لدى المصريين، لاستمرارها لنحو ثلاثة أعوام ونصف العام، تنقلت خلالها العائلة بين أكثر من 25 بقعة داخل البلاد. وبحسب تصريحات سابقة، لوزير السياحة والآثار المصري، الدكتور خالد العناني، فإن مصر، «أوشكت على الانتهاء من مشروع تطوير وترميم مواقع مسار العائلة المقدسة الذي يبدأ من الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء، وحتى الوجه القبلي مروراً بالدلتا والقاهرة عبر 8 محافظات هي (القاهرة وأسيوط والغربية والبحيرة والشرقية وكفر الشيخ والمنيا وشمال سيناء)».
واستأنفت وزارة السياحة والآثار العمل في إنشاء متحف شرم الشيخ في سبتمبر (أيلول) عام 2018، بعد توقف دام نحو 7 سنوات، بسبب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) في عام 2011. بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لاستكماله، حتى تم افتتاحه أخيراً في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020.
ويضم نحو 5200 قطعة أثرية متنوعة من عصور مختلفة، ويهدف إلى تعزيز السياحة الثقافية بالمدينة، التي تشتهر بالسياحية الشاطئية والترفيهية. ووفق إدوارد فإن المتحف يضم 3 قاعات رئيسية، الأولى تبرز شكل الحياة البرية واليومية في مصر القديمة، وتسلط القاعة الثانية (الممر الملكي، الضوء على بعض ملوك مصر، أما القاعة الثالثة (الحضارات) فتعرض مقتنيات من العصور المصرية القديمة، بالإضافة إلى غرفة ملكية تعود لأسرة محمد علي، وخيمة بدوية تعكس طبيعة حياة سكان سيناء، ومعرض توت عنخ آمون الذي يضم 12 قطعة مميزة، ويستمر حتى افتتاح المتحف المصري الكبير».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».