واشنطن تجدد التزامها الشراكة الاستراتيجية مع بغداد

وسط استمرار الهجمات المسلحة على مستشاريها في العراق

TT

واشنطن تجدد التزامها الشراكة الاستراتيجية مع بغداد

في وقت تستمر فيه الهجمات الصاروخية لليوم الرابع على التوالي ضد الأماكن والقواعد العسكرية العراقية التي يحتمل أن يوجد فيها المستشارون الأميركيون، جددت واشنطن التزامها الشراكة الاستراتيجية مع العراق. وقالت السفارة الأميركية في بغداد؛ في بيان لها لمناسبة الذكرى الأولى بعد المائة لتأسيس الجيش العراقي في 6 يناير (كانون الثاني) عام 1921، إنه «مع احتفال العراق بالذكرى الـ101 لتأسيس الجيش العراقي، ننضم إلى أصدقائنا وشركائنا العراقيين لتكريم خدمة وتضحية قوات الأمن العراقية؛ بما في ذلك البيشمركة». وأضافت السفارة: «نشيد بالتقدم الاستثنائي الذي حققته ضد فلول (داعش)». كما أكدت السفارة أن «الولايات المتحدة الأميركية تظل ملتزمة بشدة بشراكتها الاستراتيجية متعددة الأوجه مع العراق، والعمل مع أصدقائها وشركائها العراقيين لمواصلة بناء عراق مستقر ومزدهر وديمقراطي وموحد».
يأتي الالتزام الأميركي في وقت استأنفت فيه الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق هجماتها الصاروخية ضد ما يعتقد أنها قواعد عسكرية تضم جنوداً أميركيين. ورغم إعلان العراق والولايات المتحدة الأميركية التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الوجود الأميركي في العراق، وطبقاً لمجريات 4 جولات من «الحوار الاستراتيجي» أجريت بين الطرفين؛ بغداد وواشنطن، فإنه قد تم الاتفاق على انسحاب القوات القتالية الأميركية مع بقاء المستشارين والمدربين الذي لا يزال يحتاجهم العراق في تدريب جيشه فضلاً عن محاربة تنظيم «داعش» الذي لا يزال يشكل خطراً داخل العراق. لكنه في الوقت الذي نص فيه الاتفاق على إبقاء أعداد من المستشارين بعد تغيير المهام من القتال إلى التدريب والاستشارة؛ فإن الفصائل المسلحة لم تعترف بهذا الاتفاق وعدّت في بيانات متتالية لها أن كل الذي حدث هو تغيير العناوين فقط.
وفي هذا السياق؛ توالت الضربات الصاروخية على مواقع عدة؛ على مطار بغداد، وعلى قاعدة «عين الأسد» في الأنبار. وبينما أُحبط أكثر من هجوم عن طريق إسقاط الطائرات المسيّرة، أو انحراف الصواريخ عن أهدافها، فقد اتُخذ مزيد من الاحتياطات الأمنية بالقرب من مطار أربيل في إقليم كردستان خشية استهداف قاعدة «حرير».
وفي السياق نفسه؛ استمرت الهجمات على أرتال الدعم اللوجيستي التي تتولى تقديم التجهيزات إلى القوات الاستشارية الموجودة في العراق. وطبقاً لمصدر أمني؛ فإن «عبوة ناسفة انفجرت على رتل دعم لوجيستي تابع للتحالف الدولي أثناء مروره ضمن حدود محافظة بابل». وأضاف المصدر أن «الانفجار لم يخلف إصابات أو أضراراً تذكر». ويعد هذا الهجوم الثالث من نوعه خلال الأيام الماضية؛ وسبقه هجومان منذ بداية العام الحالي.
إلى ذلك؛ هاجم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي استمرار الهجمات الصاروخية على ما يعتقد أنها قوات أميركية، في وقت بدأ فيه «البنتاغون» يدرس خيارات مختلفة مع تصاعد الهجمات التي تقوم بها الفصائل المسلحة بين سوريا والعراق. وقال الكاظمي؛ في كلمة له مساء أول من أمس، إن الهجمات الصاروخية ضد المعسكرات «عبثية» وتعكر صفو الاستقرار الأمني في البلاد. وأضاف الكاظمي أن «الدور القتالي للقوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق انتهى»، موضحاً أن «القوات العراقية تسلمت كل المعسكرات... يوجد حالياً عدد من المستشارين يعملون إلى جانب قواتنا الأمنية». وتابع: «هناك بعض التصرفات العبثية؛ فمع الأيام الأولى من العام الجديد انطلقت عدة صواريخ مستهدفة معسكرات عراقية؛ وهذا بالتأكيد يعكر صفو الأمن والاستقرار».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».