مصر: القبض على شخصين بقضية الفتاة المنتحرة بسبب صور مفبركة

الأزهر أكد أن اتهام الناس بالباطل «إفك بغيض»

الفتاة المصرية بسنت خالد(وسائل اعلام محلية)
الفتاة المصرية بسنت خالد(وسائل اعلام محلية)
TT

مصر: القبض على شخصين بقضية الفتاة المنتحرة بسبب صور مفبركة

الفتاة المصرية بسنت خالد(وسائل اعلام محلية)
الفتاة المصرية بسنت خالد(وسائل اعلام محلية)

ألقت الشرطة المصرية اليوم الثلاثاء، القبض على شخصين متهمين في واقعة ابتزاز فتاة مصرية بـ«تركيب صور مخلة لها ونشرها»، مما دفعها إلى الانتحار، والتي أثارت غضب واستياء الرأي العام في مصر.
وذكرت مديرية أمن الغربية (دلتا مصر)، أنها استطاعت تحديد أماكن اختباء المتهمين بقرية كفر يعقوب التابعة لدائرة مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن المتهمين وهما «إبراهيم. ا» و«عبد الحميد. ش»، تم القبض عليهما وجار اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والعرض على النيابة.
https://twitter.com/AlAzhar/status/1478062856641908739
وشهدت قرية كفر يعقوب بمركز كفر الزيات في محافظة الغربية إقدام الفتاة بسنت خالد -16 عاما- على الانتحار بتناولها قرصا كيماويا يستخدم لحفظ الغلال يسمى «حبة الغلة السامة» عقب تعرضها للابتزاز الإلكتروني وقيام شاب بنشر صور «مفبركة» لها، وتداولت وسائل إعلام محلية صورة لرسالة منسوبة للفتاة قبل انتحارها، موجهة حديثها إلى والدتها قائلة: «ماما يا ريت تفهميني أنا مش (لست) البنت دي، وإن دي صور متركبة والله العظيم وقسما بالله دي ما أنا (ليست أنا)».
وتابعت الرسالة: «أنا يا ماما بنت صغيرة مستاهلش (لا تستحق) اللي بيحصلي ده، أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد».
وأثارت الواقعة حالة غضب وتعاطف على مواقع التواصل الاجتماعي، وحملات للمطالبة بمحاكمة الشاب الذي قام بفبركة الصور.
وكتبت الناشطة النسوية إلهام عيداروس على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «كان لازم البت تموت عشان يدافعوا عنها، منهم لله، حق بسنت لازم يرجع»، فيما كتبت الممثلة لقاء الخميسي: «بسنت 16 سنة فتاة جميلة قُتلت بفعل فاعل مريض متدني الأخلاق و تواطئ معه بعض الناس أمثاله من اللا أخلاقيين اللذين يدعون الفضيلة و يظلون ينتهكون عرض الناس بلا حق.. كفانا إخفاء رؤوسنا.. كفانا انتهاك لأعراض فتيات صغيرات بالكلمات والنظرات والأحكام.. دعوا الفتيات يعشن في سلام . كفانا كفرا بالإنسانية!». 

ودعت الناشطة الحقوقية نهاد أبو القمصان إلى حماية النساء من الانتهاكات، وكتبت على صفحتها: «حق بسنت لازم يرجع .. ونحمى كل البنات والسيدات من الضباع المسعورة المطلوقة بلا رادع»، ووجهت الحقوقية لمياء لطفي، مدير المشروعات بمؤسسة المرأة الجديد انتقاداتها للمجتمع والأسرة، وكتبت على صفحتها: «عارفين اللي قتل بسنت ايه؟ الخذلان، دوركم في حياة اولادكم هو الرعايه والحماية، كلام ولادي بالنسبه لي قرآن مابدورش ورا صدقه، بدافع عنهم وأحميهم وأجيب لهم حقهم وبعدين أسيبهم يفكروا لو كان فيه غلط من ناحيتهم أو كانوا ممكن يتجنبوا الخطر دا، دا دور الأم والعيله، أولادي أولا وأولا وأولا، بسنت ماتت لأن اهلها حطوا كلام الناس قبل بنتهم، خافوا على نفسهم اكثر ما خافوا عليها، لاموا الضحية ووصلوها إن الهروب من دنياهم احسن ألف مرة من الحياة معاهم».
وحذر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية مما وصفه بـ «ابتزاز الناس بالاتهامات المنتحلة»، وقال البيان: «اتهام الناس بالباطل، والاحتيال في نسبة الزور إليهم بالافتراء والبهتان جريمة لاإنسانية خبيثة، قرنها الله تعالى -في النهي عنها- بعبادة الأصنام، والزور هو فحش الكذب، والفجور فيه».
https://www.facebook.com/fatwacenter/posts/4960540783998176
وأضاف البيان: «ابتزاز الناس بالاتهامات المنتحلة من خلال الصور المزيفة باستخدام البرامج الحديثة أو غيرها من الطرق التي يمكن بها الطعن في أعراض الناس وشرفهم؛ إنما هو إفك بغيض وإيذاء بالغ وبهتان محرم». مستشهدا بقوله تعالى: «إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ۚ لا تحسبوه شراً لكم ۖ بل هو خير لكم ۚ لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم ۚ والذي تولىٰ كبره منهم له عذاب عظيم». [النور: 11]
و«والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً». [ الأحزاب: 58].
وشدد على أن: «لآثار هذه الجريمة النكراء على الأفراد والمجتمعات، في الواقع الحقيقي والافتراضي، ولتحقيق غايات الإسلام العليا في حفظ النظام العام، ومنظومة القيم والأخلاق؛ توعد الله تعالى فاعل هذه الجريمة بالعذاب في الدنيا والآخرة، وحرمه من رحمته سبحانه».
وأكد على أنه لا ينبغي أن يكون الإنسان متجاوزاً لحدود الله، خائضاً في أعراض الناس.
وحمل علماء الاجتماع المجتمع كله وثقافته مسئولية انتحار الشابة المصرية، وقالت الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن: «من قتل الفتاة هو الشاب الذي قام بفبركة الصور، وانتهك سلامتها الجسدية، والمجتمع كله مشارك في الجريمة، فالمجتمع ما زال يتعامل مع المرأة سلعة قابلة للبيع إلى أن يتزوجها شخص ما».
وتابعت زكريا: «المجتمع يعاني من مرض مزمن حيث ينظر إلى جسد المرأة باحتقار، ويختزل شرفها في جسدها، لو كانت هذه فتاة في مجتمع سوي ما أقدمت على الانتحار، لكنها فعلت ذلك من الفزع».



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».