اليورو مُتهم بالتسبب في ارتفاع الأسعار بعد 20 عاماً على اعتماده

الألمان يسمون العملة الأوروبية الموحدة «تورو»

هناك انطباع قوي بأن الأسعار ارتفعت بعد اعتماد اليورو غير أن الأرقام تقول عكس ذلك (أ.ف.ب)
هناك انطباع قوي بأن الأسعار ارتفعت بعد اعتماد اليورو غير أن الأرقام تقول عكس ذلك (أ.ف.ب)
TT

اليورو مُتهم بالتسبب في ارتفاع الأسعار بعد 20 عاماً على اعتماده

هناك انطباع قوي بأن الأسعار ارتفعت بعد اعتماد اليورو غير أن الأرقام تقول عكس ذلك (أ.ف.ب)
هناك انطباع قوي بأن الأسعار ارتفعت بعد اعتماد اليورو غير أن الأرقام تقول عكس ذلك (أ.ف.ب)

ما زال العديد من الأوروبيين سواء في باريس أو روما أو مدريد أو أثينا، يأخذون حتى اليوم على اليورو بأنه تسبب بارتفاع الأسعار عند بدء اعتماده، على عكس ما تكشفه الإحصاءات الرسمية.
فبعد مضى عشرين عاما على اعتماد العملة الموحدة، ما زال فيكتور إرون، المدرس الإسباني البالغ 53 عاما، يذكر شعوره بأنه «انضم إلى نادٍ للأثرياء دون أن يمتلك الملابس المناسبة».
يوضح فيكتور المقيم في مدريد في اتصال أجرته معه وكالة فرانس برس «كان لدينا انطباع بأننا غير جاهزين للقيام بهذه الخطوة». مضيفا «كان الأمر وكأننا نعيش في إسبانيا لكننا ندفع بالعملة الهولندية أو الفرنسية».
وتشكو ماريا نابوليتانو الإيطالية الأصل البالغة 65 من العمر والتي التقتها فرانس برس في شوارع فرانكفورت «مع مائة دويتش مارك كان بإمكانك ملء عربة بالبضائع. الآن لا تكفيك مائة يورو لكيسين فقط»، مؤكدة «اليورو كارثة، كارثة».
ووصل الأمر بالألمان إلى حد ابتكار تسمية «تورو» للعملة الموحدة، وهو مزيج بين اليورو وكلمة «توير» التي تعني باهظ.
تحدث الأستاذ الجامعي الألماني هانس براشينغر في تحليل يعود إلى عام 2006 عن ارتفاع حاد في مؤشر «تصوّر» الألماني للأسعار بنسبة 7 في المائة بين 2001 و2002، مقابل حوالى 2 في المائة في الظروف العادية، في حين أن الإحصاءات في تلك الفترة لا تعكس أي تسارع في التضخم في ألمانيا.
وقال جوفاني ماستروبووني، أستاذ الاقتصاد في جامعة تورينو الذي وضع دراسة مفصلة حول هذا الموضوع، متحدثا لفرانس برس: «كان هناك انطباع قوي بأن الأسعار ارتفعت، غير أن الأرقام كانت رغم كل شيء تقول لنا عكس ذلك».
ولتوضيح المسألة، أحصى أسعار بضائع ولوازم يومية في منطقة اليورو، فتبين أن تكلفة العديد من المنتجات المتدنية الأسعار ازدادت فعلا عند الانتقال إلى اليورو. ويتركّز استياء الأوروبيين بالطبع على هذا النوع من المنتجات، بسبب إقدام التجار على تعديل أسعارها لمطابقتها مع أقرب وحدة نقدية إليها، وفي غالب الأحيان برفعها. ومن بين هذه المنتجات بعض أنواع الفاكهة والخضار والخبز والمشروبات ووجبات الطعام في المقاهي والمطاعم وغيرها، ولو أن زيادة الأسعار تتباين في ما بينها.
وأوضح ماستروبووني أنها «منتجات نستهلكها كل يوم، أشياء لا تكلف كثيرا، لكنها هي التي تحدّد التصوّر لأنها المشتريات الأكثر شيوعاً».
وفي فرنسا على سبيل المثال، ازداد سعر فنجان القهوة في المقاهي بشكل غير اعتيادي بين نهاية 2001 ومطلع 2002، بحسب معهد الإحصاءات الوطني «إنسي»، فارتفع من متوسط 1.19 يورو إلى 1.22 يورو، بزيادة 2.52 في المائة.
ولفت ماستروبووني إلى أن هذه الظاهرة سجلت بصوة خاصة في الدول حيث قطاعات التوزيع غير محصورة في شركات كبرى، إذ إن صغار التجار لديهم حرية أكبر في زيادة أسعارهم. وتراوحت الزيادة «التلقائية» المرتبطة بالانتقال إلى اليورو بين 0.1 و0.3 في المائة وفق المفوضية الأوروبية.
غير أن الإحصاءات العامة حول التضخم لم تتأثر بذلك، لأن المنتجات الأغلى لم تسجل في المقابل أي زيادة في الأسعار، لا بل تراجعت أحيانا ولا سيما بفضل زيادة الإنتاجية.
وبلغ التضخم 2.3 في المائة في 2001 و2002 بالنسبة لدول منطقة اليورو الـ12 الأوائل، بحسب هيئة «يوروستات» الأوروبية للإحصاءات. لكن وإن كانت النسبة بلغت في إسبانيا 2.8 في المائة في 2001 و3.6 في المائة في 2002، فهي بقيت بمستواها في معظم الدول في تلك الفترة، لا بل تباطأت في بلجيكا وألمانيا ولوكسمبورغ وهولندا.
ويشدد بيار جايي الباحث في معهد جاك دولور الأوروبي ومعهد «إيريس» للعلاقات الدولية والاستراتيجية، على أن مسألة تحديد «مواصفات» المستهلكين مهمة لفهم التباين بين تصوّر الناس لارتفاع الأسعار والتطور الفعلي للتضخم.
وقال إن «سلة الاستهلاك المتوسطة تناسب الميزانية المتوسطة لموظف إداري متوسط يعيش في مدينة، وهذا ما لا يتناسب مع مالية معظم المستهلكين».
أما الفئات الأدنى دخلا والتي تكرس قسما أكبر من ميزانياتها للمواد الغذائية، فقد تكون شعرت بمزيد من الغبن على حد قول الباحث الذي يشير إلى أن المستهلكين يتذكرون بصورة عامة الزيادة في الأسعار أكثر مما يتذكرون التراجع.
من جهته، يرى خبير الاقتصاد البلجيكي فيليب دوفيه أن الزيادة الشديدة في أسعار المنتجات النفطية والخضار والفاكهة خلال الأشهر التي سبقت اعتماد اليورو، والتي لا يمكن بالتالي نسبها إلى العملة الموحدة، ساهمت في هذا التصور العام السلبي.



«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
TT

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع تراجع التضخم.

وأكد البنك في تقرير الاستقرار المالي للربع الثالث من العام أنه «في واقع الأمر، مع مساهمة الإطار الاحترازي الكلي الذي قمنا بتعزيزه، يتحرك نمو الائتمان بما يتماشى مع تراجع التضخم».

وأضاف التقرير، الذي أعلنه البنك، الجمعة، أنه بينما يتم تعزيز آلية التحويل النقدي، يتم تشكيل التسعير في الأسواق المالية بما يتماشى مع سياسة سعر الفائدة والتوقعات.

وفي تقييمه للسياسة الاقتصادية الحالية، قال رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان في التقرير، إن «أسعار الفائدة على الودائع ستبقى عند مستويات داعمة لمدخرات الليرة التركية».

وأضاف كاراهان أن «استمرار عملية خفض التضخم يزيد من الاهتمام والثقة في أصول الليرة التركية، وأن الزيادة المطردة في حصة ودائع الليرة التركية مستمرة، وأدى الانخفاض الكبير في رصيد الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى تعزيز قوة العملة التركية».

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (موقع البنك)

وتابع كاراهان أن «مزيج السياسات الحالي يدعم تحسين تصور المخاطر تجاه الاقتصاد التركي وانخفاض علاوة المخاطر، وانعكاساً لذلك؛ تعززت قدرة الاقتراض الأجنبي للشركات والبنوك».

وأوضح أنه بمساهمة انخفاض مستوى ديون الشركات، كان انعكاس تشديد الأوضاع المالية على مؤشرات جودة الأصول محدوداً، بالإضافة إلى التدابير الحكيمة وسياسات توفير البنوك والاحتياطيات القوية لرأس المال والسيولة بقيت المخاطر عند مستوى يمكن التحكم فيه.

كان كاراهان أكد، في كلمة خلال الاجتماع العادي لجمعية غرفة صناعة إسطنبول، الخميس، أهمية سياسات البنك المركزي بالنسبة للصناعة والإنتاج والاستقرار المالي، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ ستزداد فيما يتعلق باستمرار عملية تباطؤ التضخم وما يتبعها من استقرار الأسعار.

وأضاف: «وبالتالي، يمكن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنتاج والاستهلاك من منظور طويل الأجل».

وفي معرض تأكيده على أن عملية خفض التضخم مستمرة، قال كاراهان: «انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 48.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروته في مايو (أيار)، ونتوقع أن ينخفض ​إلى 44 في المائة في نهاية العام.

وأضاف أن الاتجاه الرئيس للتضخم يتحسن التضخم، على الرغم من أنه أبطأ مما توقعنا في أشهر الصيف، وسيستمر التضخم، الذي انخفض بسرعة بسبب التأثير الأساسي، في الانخفاض مع تحسن التضخم الشهري في الفترة المقبلة، ونهدف إلى خفض التضخم إلى 21 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

مسار التضخم الأساسي وتوقعاته تدفع «المركزي التركي» للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة (إعلام تركي)

وتابع: «موقفنا الحازم في سياستنا النقدية سيستمر في خفض الاتجاه الرئيس للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع قيمة الليرة التركية الحقيقية، وتحسن توقعات التضخم، لقد حافظنا على سعر الفائدة الذي رفعناه إلى 50 في المائة في مارس (آذار)، ثابتاً لمدة 8 أشهر، وسنواصل موقف سياستنا النقدية المتشددة حتى يتحقق الانخفاض وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع على المدى المتوسط (5 في المائة)».

بالتوازي، أعلن معهد الإحصاء التركي أن اقتصاد تركيا سجَّل نمواً بنسبة 2.1 في المائة في الربع الثالث من العام على أساس سنوي.

وكان اقتصاد تركيا سجل نمواً في الربع الأول من العام بنسبة 5.3 في المائة، وفي الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة.

وظلت توقعات النمو للعام الحالي ثابتة عند 3.1 في المائة، بحسب نتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي نشره البنك المركزي التركي، الأربعاء، في حين تراجعت التوقعات من 3.3 في المائة إلى 3.2 في المائة لعام 2025.