«حزب الله» يستفز خصومه بجدارية عملاقة لسليماني

سعيد لـ «الشرق الأوسط» : إشارة سياسية إلى وقوع لبنان تحت الاحتلال الإيراني

صورة جدارية على طريق المطار لقاسم سليماني
صورة جدارية على طريق المطار لقاسم سليماني
TT
20

«حزب الله» يستفز خصومه بجدارية عملاقة لسليماني

صورة جدارية على طريق المطار لقاسم سليماني
صورة جدارية على طريق المطار لقاسم سليماني

أمعن «حزب الله» في استفزاز خصومه من اللبنانيين بجدارية عملاقة تتضمن صوراً لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على طريق مطار بيروت، قبيل الذكرى السنوية الثالثة لاغتياله بغارة أميركية قرب مطار بغداد. وأثارت تلك الصور استنكاراً في صفوف المعارضين للحزب الذين رأوا أن رفع صور سليماني «رسالة بأن لبنان واقع تحت الاحتلال الإيراني».
وليست المرة الأولى التي يعمد فيها الحزب إلى رفع صور سليماني أو صور قياديين تابعين له قتلوا في أكثر من موقع، على طريق مطار رفيق الحريري الدولية ببيروت، وهي النافذة الجوية الوحيدة للبنان إلى العالم، وتربط الطريق بين المطار ووسط العاصمة. فقد تكرر هذا الأمر على طريق المطار الواقعة بمحاذاة الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله» الذي سبق أن رفع صوراً لسليماني في العامين الماضيين في المنطقة نفسها، كما رفع صوراً لقياديين سابقين فيه مثل عماد مغنية الذي تم اغتياله في دمشق في عام 2008، أو مصطفى بدر الدين الذي اغتيل بسوريا في عام 2015.
ويرى رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد أن تثبيت صور سليماني على طريق المطار، لا يقتصر على كونه استفزازاً للبنانيين وليس موجهاً إلى سكان الضاحية، أو إلى عموم اللبنانيين فحسب، «بل يتضمن إشارة سياسية لكل مسافر إلى لبنان بأن البلد بات واقع تحت الاحتلال الإيراني»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الموضوع «سياسي وليس إدارياً، بمعنى أنه تنبيه لكل زوار لبنان من وفود أجنبية من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، بأن البلد، من مدخله بعد مطار بيروت، واقع تحت الاحتلال الإيراني». وقال سعيد: «في المبدأ يجب أن تكون الطريق الواصلة بين المطار ووسط العاصمة محيدة، ولا تتضمن إشارات سياسية، لكن تثبيت صور سليماني عليها يعني أنها باتت طريق طهران وليست طريق وسط بيروت».
واللافت أن الحكومة اللبنانية لم تتخذ أي موقف من هذا الملف، رغم الاعتراضات التي أثيرت في مواقع التواصل الاجتماعي على رفع صور قيادي إيراني على طريق مطار بيروت. وقال سعيد إن الحكومة «يجب أن تقوم بكثير من الخطوات، لكنها في الواقع لن تقوم بأي إجراء حيال هذا الملف»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة أن تكون طريق المطار «محيدة عن كل الاحتلالات والانتدابات، بوصفها تربط الخارج بمدينة بيروت، وهو ما لم يحدث». ولفت إلى أن الأمر لا يقتصر على رفع الصور، بل يشمل أيضاً تسمية شوارع باسم قياديين له، ورفع تمثال لسليماني في نطاق بلدية الغبيري، مشيراً إلى أن «حزب الله»، «يحاول تبرير ذلك بوجود أسماء شوارع في بيروت لفوش وجادة حافظ الأسد وغيرها»، معتبراً أنها «حجة شعبية لتبرير هذا الأمر» مع أن تسمية الشوارع تعود للبلديات.
وتطلق بلديات مقربة من الحزب أسماء قياديين راحلين للحزب على شوارع ضمن نطاقها، خصوصاً بلدية الغبيري التي تطلق اسم سليماني على جادة ضمن نطاقها، واسم مصطفى بدر الدين المتهم باغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري على جادة أخرى، كما تطلق اسم عماد مغنية على جادة ثالثة.
ووصف وزير العدل الأسبق اللواء أشرف ريفي رفع صور سليماني بأنه «عمل غير قانوني واستفزازي، ولا يليق بلبنان كدولة تعددية»، مشدداً في تصريح لوكالة الأنباء «المركزية»، على أنه «من غير المسموح أن يستفرد مكون مسلح بتحويل طريق المطار إلى شارع في أحد أحياء إيران». وطالب ريفي السلطة اللبنانية «بالتحرك فوراً لإزالة هذه الصور لأنها تسيء إلى اللبنانيين كما الوافدين»، لافتاً إلى أن «أي تأخير يتحمل مسؤوليته المعنوية والسياسية كل المعنيين بدءاً من رئيسي الجمهورية والوزراء»، محذراً من تفاقم هذا الأمر، «وعندها لا أحد يعلم ما ستكون ردة الفعل».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.