«النواب» المصري يرفض منح الضبطية القضائية للنقابات الفنية

«النواب» المصري
«النواب» المصري
TT

«النواب» المصري يرفض منح الضبطية القضائية للنقابات الفنية

«النواب» المصري
«النواب» المصري

معركة جديدة تخسرها نقابة المهن الموسيقية، برفض مجلس النواب المصري، أمس، مشروع قانون منح الضبطية القضائية المقدم من اتحاد نقابات المهن الفنية (التمثيلية والسينمائية والموسيقية)، وذلك بعد أن استنكر النواب الطلب المقدم بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1978 الذي طالب فيه الاتحاد وزير العدل المصري بمنحهم الضبطية القضائية.
وسعت نقابة المهن الموسيقية أكثر من مرة للحصول على الضبطية القضائية لمنع مطربي المهرجانات من الغناء، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل وسط توقعات بسوء إدارة هذه الضبطية، وفق متابعين.
وشهدت الجلسة العامة لمناقشة القانون أمس، جدلاً واسعاً، خلال مناقشة القانون، وقال النائب أحمد الشرقاوي عضو مجلس النواب، إنه لا يمكن أن يكون سبب طلب الضبطية القضائية محاربة أغاني المهرجانات، متسائلاً: «كيف يمكن الحكم على المهرجانات بأنها ليست إبداعاً؟ فالإبداع معناه هو الجديد الجميل، وكل جديد يواجَه بموجة من الاعتراضات ثم يتم قبوله»، مضيفاً في تصريحات صحافية أن «حجة الإسفاف التي ذكرها الاتحاد في طلبه هي مجرد أمر شخصي، وليس كل ما هو مسفّ بالنسبة لشخص هو مسفّ لشخص آخر»، على حد تعبيره. وبذلك، فإنه لن يحق للنقابات الفنية التقدم مرة أخرى بطلب الضبطية القضائية، حيث استند النواب إلى المادة (122) من الدستور في فقرتها الرابعة، والتي تفيد بأن كل مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس لا يجوز تقديمه ثانية في دور الانعقاد نفسه، حسب الشرقاوي
في المقابل، قال المخرج عمر عبد العزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية، لـ«الشرق الأوسط»: «سأدعو إلى اجتماع عاجل خلال الأيام المقبلة والجلوس مع نقباء النقابات الفنية الثلاث هاني شاكر نقيب الموسيقيين، وأشرف زكي نقيب الممثلين، ومسعد فودة نقيب السينمائيين، لوضع رد على قرار مجلس النواب، فنحن طلبنا الضبطية القضائية من أجل تحسين العمل داخل النقابات الفنية وليس من أجل التفاخر بها».
وامتدح الناقد الفني طه حافظ، قرار مجلس النواب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «رفض النواب للضبطية القضائية يعد انتصاراً لحرية الإبداع، فالنقابات الفنية دورها خدمي وترفيهي وليس سلطوياً، فالنقابة عليها أن تساعد أعضاءها على تقديم فن جيد، وتساعد كل من يرى في نفسه القدرة على التمثيل أو الغناء وليس ملاحقة الفنانين». وأشار إلى أنّ «الضبطية القضائية لو مُنحت لمسؤولي النقابات الفنية، ربما تستخدم بشكل خاطئ، مثلما حدث في الأيام الماضية، حين منعت النقابة عشرات المطربين من الغناء، رغم شعبيتهم الكبيرة واقعياً وافتراضياً».
لكنّ رئيس اتحاد النقابات الفنية شدد على أن هذا الاعتقاد ليس في محله، قائلاً: «البعض يعتقد أن مسؤولي النقابة سيذهبون بالمضبوطين إلى السجن، وسيمنعون كل من لا يحلو لهم، ولكن هذا أمر غير صحيح، فمنح الضبطية القضائية للنقابات هدفه الرئيسي تنسيق وتنظيم العمل النقابي، فنحن نقابات فقيرة والمعاشات فيها لا تتعدى 500 جنيه مصري للعضو الواحد، وحين نرى الصورة الخارجية للسوق الفنية نجد أن من يعمل ليس عضواً عاملاً ولا منتسباً لنقاباتنا في حين أن أعضاءنا جالسون في منازلهم لا يعملون، بسبب ذلك يكون هناك إهدار لموارد النقابة، كما أنني سأكون قادراً على محاسبة أي شخص أجنبي يأتي من الخارج لتصوير أمور غير لائقة ببلدنا».
وأكد عبد العزيز أن «الضبطية القضائية تُمنح فقط للموظفين العاملين بالدولة، وليس النقباء الفنيين، لأننا لسنا موظفين عموميين».
وأشار حافظ إلى أنّ «النقابات الفنية ليست هي المرجع الرئيسي أو الحاكم بأمره في الفن المصري، فهناك دول عربية بالجوار بها عشرات النقابات وليست لها سلطة ولكن دورها يكون استرشادياً ومساعداً فقط».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».