«البرنامج السعودي».... مشاريع ومبادرات تسد الفجوة الوقتية للتنمية في اليمن

ناقلة نفط تحمل الشحنة الأولى من المنحة السعودية لليمن حطت في ميناء عدن (البرنامج السعودية لتنمية وإعمار اليمن)
ناقلة نفط تحمل الشحنة الأولى من المنحة السعودية لليمن حطت في ميناء عدن (البرنامج السعودية لتنمية وإعمار اليمن)
TT
20

«البرنامج السعودي».... مشاريع ومبادرات تسد الفجوة الوقتية للتنمية في اليمن

ناقلة نفط تحمل الشحنة الأولى من المنحة السعودية لليمن حطت في ميناء عدن (البرنامج السعودية لتنمية وإعمار اليمن)
ناقلة نفط تحمل الشحنة الأولى من المنحة السعودية لليمن حطت في ميناء عدن (البرنامج السعودية لتنمية وإعمار اليمن)

عانى اليمن منذ انقلاب الحوثيين على الدولة في عام 2014 واشتعال الصراع من غياب المشاريع التنموية المستدامة التي تقدم الخدمات للمواطنين. فخلال الحرب دأبت وكالات الإغاثة الأممية والدولية على المساهمة في تسخير جُلّ الموارد على المشاريع الوقتية التي تستهدف الفئات الأشد حاجة في البلاد التي تسودها الحرب.
وتلعب المشاريع الإغاثية دوراً مهماً، لكنها تركت فجوة عمودية وأفقية، العمودية هي أنها تكون تحت رحمة المانحين كل عام، ويجري التمويل وفقاً للتمويل الذي يتجدد سنوياً. والأفقية تتعلق بالفئات التي قد لا تكون أشد حاجة، لكنها تنتظر الخدمات وتحسين الاقتصاد ومصادر الدخل، في ظل تأخر الرواتب في بعض المناطق المحررة، أو غيابها لسنوات داخل مناطق سيطرة الحوثيين.
عمل تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية على ضمان وصول المساعدات الإغاثية لجميع المحتاجين في اليمن، في جميع المناطق ومن دون تمييز، سواء عبر تمويل سخيّ سنويّ للنداءات الأممية، أو عبر الجهات المانحة مثل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
ومع بروز هذه المشكلة، لم تنتظر السعودية انتهاء الحرب التي يبدو أن مشعليها يرنون إلى إطالتها، فبادرت وأنشأت «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، لتقديم الدعم المؤسسي والفني واللوجيستي وبناء قدرات مؤسسات الدولة اليمنية، استكمالاً للجهود السعودية في الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى التنمية بكفاءة وفاعلية.
يتحدث كثير من الخبراء عن أن الدعم الأممي يذهب في كثير من الحالات إلى المصروفات الإدارية ورواتب العاملين، وقد تكون هذه آلية عمل المنظمات غير الحكومية، ومفهومة، لكن الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الحرب يحتاج إلى مشاريع مستدامة، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحصل من دون دعم الحكومة اليمنية.
تنبه البرنامج إلى هذا الأمر مبكراً، وفعّل قنوات التنسيق مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية في المحافظات اليمنية، وقدم كل الدعم لمختلف مؤسساتها الحكومية، فالسر في دعم الحكومة يكمن في الاستدامة والاستمرارية وهو ما يضاعف من فوائد المصاريف التي تنفَق على تلك المشاريع وبالتالي يتضاعف حجم وزمن الاستفادة منها من قبل المواطن اليمني.
استراتيجية البرنامج تتكئ على رافعتين: مشاريع ومبادرات كبيرة كمنحة الوقود الضخمة والمنشآت الصحية والتعليمية، وأخرى متناهية الصغر وتلعب دوراً واسع الأهمية في المجتمعات المحلية كدعم الصيادين والمزارعين والبرامج التنموية.
روح البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن ترمي إلى تقديم الدعم الاقتصادي والتنموي في جميع المجالات لليمن، مع تحسين البنية التحتية ومستوى الخدمات الأساسية للشعب اليمني وتوفير فرص العمل بالتعاون مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية في المحافظات ومنظمات المجتمع المدني، عبر دعمه للقطاعات الحيوية التي تقدم الخدمات الأساسية للمستفيدين: الصحة، والتعليم، والمياه، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، والطاقة، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية.
أدبيات البرنامج تذهب إلى تبني «أفضل ممارسات التنمية والإعمار والريادة الفكرية في مجال التنمية المستدامة في اليمن، تعزيزاً للعلاقة التاريخية التي تربط بين السعودية واليمن».
ووفقاً لمعلومات «الشرق الأوسط»، يدعم البرنامج 7 قطاعات أساسية: التعليم، والصحة، والمياه، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية إلى جانب البرامج التنموية.
وتتوزع مشاريع البرنامج ومبادراته في الخريطة اليمنية خلال 3 أعوام بنحو 204 مشاريع ومبادرات تنموية، 26 منها تنموية في قطاع الطاقة، و18 بقطاع الزراعة والثروة السمكية، و36 مشروعاً ومبادرة تنموية في قطاع النقل، فضلاً عن 17 مشروعاً في قطاع مؤسسات الحكومة، و32 مشروعاً ومبادرة تنموية في قطاع المياه، إلى جانب 41 مشروعاً ومبادرة تنموية في قطاع التعليم، و22 في قطاع الصحة، و12 في البرامج التنموية.
وفي المحافظات اليمنية هناك 80 محطة توليد كهرباء تستفيد من منحة المشتقات النفطية السعودية التي تقدَّر قيمتها بنحو 422 مليون دولار.


مقالات ذات صلة

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية تسعى لتجنيد مقاتلين جدد في ظل تضاعف مخاوف السكان على أبنائهم (غيتي)

الحوثيون يبتزون السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين

لجأ الحوثيون لابتزاز السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين بعد العزوف عن المعسكرات الصيفية، في حين كشف تحالف حقوقي عن تضليل إعلامي بشأن انفجار في مدرسة أطفال

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية بالقرب من عسقلان في جنوب إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله أراضي إسرائيل، ومسيّرة آتية من الجهة الشرقية.

تحليل إخباري كان ميناء رأس عيسى قبل استيلاء الحوثيين عليه يستخدم لتصدير النفط اليمني (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

بينما تسعى الولايات المتحدة لاستنزاف الجماعة الحوثية مالياً بالعقوبات وباستهداف المنشآت الاقتصادية؛ يتوقع خبراء اقتصاديون تأثيرات متفاوتة على الجماعة والسكان.

وضاح الجليل (عدن)

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
TT
20

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

تفاقمت أزمة الكهرباء في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، بصورة غير مسبوقة، وبلغت ساعات الإطفاء 22 ساعة في اليوم، بالتوازي مع تراجع سعر العُملة المحلية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار.

وازدادت الأزمة حدة بسبب نفاد الوقود، وتوقف شركة «صافر» الحكومية عن تزويد المحطة الرئيسية بحصتها من الوقود الخام، بسبب ما قيل إنه تأخُّر الحكومة عن سداد مديونيتها.

كما ساهم إلغاء الحكومة عقود شراء الطاقة من القطاع الخاص -والذي كان يكلف الحكومة مليوني دولار يومياً- في تراجع القدرة التوليدية إلى مستويات متدنية جداً؛ حيث تعود الخدمة ساعتين فقط في اليوم الواحد، وهو ما أدى إلى خروج مظاهرات احتجاجية إلى شوارع المدينة؛ حيث قطع المحتجون بعض الشوارع وأحرقوا الإطارات المستعملة.

وردد المحتجون الهتافات المنددة بالأداء الحكومي وتردي الخدمات، وطالبوا بحل عاجل لأزمة الكهرباء، بينما تولت قوات الأمن تفريق الاحتجاجات.

محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

وذكر المحتجون أن 5 منهم أُوقفوا لدى الشرطة، وسط دعوات متزايدة لمواصلة الاحتجاجات التي شملت عدداً من مديريات المدينة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وعدم وجود حلول عاجلة لتوفير الوقود ومعالجة النقص في الخدمة.

وحذَّرت مصادر سياسية من تنامي هذه الاحتجاجات وخروجها عن السيطرة، كما حدث في مرات سابقة، حين اقتحم المحتجون قصر معاشيق؛ حيث يقيم مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة.

تهاوي العُملة

وسط هذه التطورات واتساع الأزمة الإنسانية في البلاد التي طالت أكثر من 17 مليون شخص، بينهم 5 ملايين طفل، سجَّل الريال اليمني أدنى سعر له في تاريخ البلاد أمام الدولار؛ حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 2500 ريال.

ويعود السبب الرئيسي لهذا التراجع الحاد إلى استمرار توقف تصدير النفط، نتيجة استهداف الحوثيين مواني التصدير، وتهديد السفن حتى لا تدخل إليها، وهو ما فاقم من الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة المعترف بها دولياً، وجعلها غير قادرة على تغطية كامل رواتب الموظفين العموميين.

الريال اليمني يهوي إلى أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية (إعلام محلي)
الريال اليمني يهوي إلى أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية (إعلام محلي)

وبينما كان المحتجون يغلقون الشوارع، أكد رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك أنه تم تفعيل لجنة مناقصات شراء ونقل وتوزيع الوقود للكهرباء، مما أسهم في ترشيد الإنفاق بمئات الملايين من الدولارات في عام واحد.

كما وجَّه بن مبارك بإلغاء عقود الطاقة المشتراة في محافظة عدن التي كانت تمثل عبئاً مالياً على الدولة، وتُهدر خلالها ملايين الدولارات سنوياً، وقال: «تخيلوا أننا نصرف سنوياً 600 مليون دولار على شراء الكهرباء، ومع هذا فإنها غير منتظمة».

تفهُّم أمني

أكدت الأجهزة الأمنية في عدن تفهمها الكامل لحالة الغضب الشعبي التي تسود الأوساط المجتمعية، نتيجة استمرار انقطاع التيار الكهربائي بسبب نفاد الوقود المشغِّل لمحطات الطاقة، وقالت إنها تساند المطالب المشروعة للمواطنين، ودعت إلى التعبير عن الاحتجاجات بالطرق السلمية والقانونية.

وأكدت الشرطة في بيان لها عقب هذه الأحداث، رفضها القاطع لأي اعتداء أو مساس بالممتلكات العامة والخاصة، وحذَّرت من محاولات استغلال حالة الغضب لتنفيذ أعمال تخريبية تضر بمصالح المواطنين وأمن المدينة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

ودعت الشرطة في عدن إلى التحلِّي بضبط النفس واليقظة، وعدم الانجرار وراء محاولات مشبوهة تهدف إلى الإخلال بالأمن والاستقرار. ونبَّهت إلى خطورة استغلال القُصَّر في أعمال التخريب، وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أولياء أمور القُصَّر الذين يثبت تورط أبنائهم في مثل هذه الأعمال التي تمس الأمن والاستقرار.

وعلى صعيد منفصل، أوقفت مصلحة السجون استقبال أي سجناء جدد بسبب عدم حصولها على مستحقاتها المالية من وزارة المالية، بعد أن تراجعت عن هذه الخطوة قبل شهرين، وكانت للأسباب ذاتها.

ووجَّه رئيس المصلحة، اللواء علي عبد الرب، مديري الفروع في المحافظات، بالتوقف عن استقبال أي سجناء جدد من تاريخ 28 أبريل (نيسان) الجاري، مع التوقف التام عن نقل السجناء إلى النيابات والمحاكم، وإبلاغهم بإمكانية ترتيب عقد الجلسات في مقر الإصلاحيات، حرصاً على سير العدالة.

وتضمنت توجيهات رئيس مصلحة السجون عدم السماح بالنزولات والزيارات، وإقامة الأنشطة للمنظمات الإنسانية المرخصة، وكذا تقليص الزيارات للسجناء، نتيجة عدم صرف الموازنة الشهرية، ما يهدِّد بالانهيار؛ لأن وقف التغذية يؤثر على خدمة السجناء.

وذكر المسؤول الحكومي أن خطابات رئيس الحكومة والقضاء إلى وزارة المالية بضرورة صرف موازنة السجون بصورة استثنائية، قد باءت بالفشل، رغم المتابعة المستمرة.