السودان: تحالف «الحرية والتغيير» يدعو لعلاقة جديدة مع المؤسسة العسكرية

قدم رؤية سياسية لإقامة سلطة مدنية كاملة

TT
20

السودان: تحالف «الحرية والتغيير» يدعو لعلاقة جديدة مع المؤسسة العسكرية

تقدم تحالف «قوى الحرية والتغيير» السوداني برؤية سياسية جديدة تقوم على شراكة جديدة بين المدنيين والمؤسسة العسكرية، بدلاً من الشراكة السابقة القائمة على «الوثيقة الدستورية»، التي انتهى العمل بها بانقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وقال القيادي في «التحالف»، خالد عمر يوسف، الذي كان يشغل منصب وزير رئاسة مجلس الوزراء، في مؤتمر صحافي عُقِد بالخرطوم، أمس، إن الشراكة بين المدنيين والعسكريين التي تأسست على الوثيقة الدستورية، انتهت بانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولا فرصة للعودة للعمل بها مجدداً، وأضاف: «الشراكة التي أتت بها الوثيقة الدستورية في 2019 ماتت مع الانقلاب، ما قد يتأسس بعد إسقاط الانقلاب هو وضع جديد بترتيبات دستورية جديدة، فالماضي دمره الانقلاب، ولا يمكن إعادته مرة أخرى».
ووقع «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، الذي قاد الثورة التي أسقطت نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، بعد تفاوض ماراثوني، وثيقة دستورية نصت على شراكة سياسية بين المجلس العسكري الانتقالي، قضت بتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، بيد أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، أصدر حزمة قرارات بصفته قائداً عاماً للجيش، أعلن بموجبها حالة الطوارئ، وحل مجلسَي السيادة والوزراء، ووضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية، واعتقل عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين والقادة السياسيين.
ووفقاً لعمر، تضمنت رؤية «قوى الحرية والتغيير» العمل المشترك بين المدنيين والمؤسسة العسكرية، لوضع استراتيجية أمن قومي، تتضمن إصلاح الأجهزة الأمنية وبناء جيش وطني موحد بعقيدة قتالية جديدة، تنهي علاقة العسكريين بالسياسة، وقال: «العمل السياسي أضر بالمؤسسة العسكرية والبلاد، لذلك من مصلحة المؤسسة العسكرية والوطن تأسيس علاقة جديدة تنأى بالجيش عن السياسة»، وتابع: «ليس من مهام المؤسسة العسكرية الحكم، وانغماسها في السياسة أضر بها، وجعلها تخوض في الصراعات السياسية».
ونصت الرؤية السياسية التي تقدم بها التحالف العريض على بناء أوسع جبهة لهزيمة الانقلاب العسكري، واستخدام جميع الوسائل السلمية المجربة والمستحدثة في المقاومة، وفقاً لتنسيق محكم بين القوى السياسية ولجان المقاومة والمجموعات المهنية والنقابية والمجتمع المدني.
وكشف عمر عن اتصالات تجريها قيادات «قوى الحرية والتغير»، مع المكونات السياسية، بهدف توحيدها، تضمنت لقاءات مع مكونات نسوية، بما في ذلك الحزب الشيوعي الذي استجاب لدعوة بناء جبهة شعبية موحدة، ودعا لجان المقاومة الشعبية للمشاركة في بناء مركز تنسيقي مشترك مع القوى السياسية لقيادة المقاومة الشعبية، وتأسيس سلطة انتقالية تفتح الباب لانتخابات حرة نزيهة.
بدوره، قال القيادي في حزب الأمة القومي صديق المهدي، إن الاتفاق الذي وقعه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع القائد العام للجيش تجاوز «الحرية والتغيير»، وإن التلويح باستقالته أو البقاء متذرعاً بعدم اكتمال توافق القوى السياسية، لا يعني «الحرية والتغيير»، لأنه لم يبلغها به بشكل مباشر.
وأوضح المهدي أن البحث عن طريقة توحد القوى السياسية والمواقف، بما في ذلك رئيس الوزراء، ممكن، وأضاف: «إذا كانت هناك طريقة لوحدة القوى السياسية والمواقف، فنحن والزملاء مرنون، لأن هدفنا توسعة الجبهة المدنية وجبهة قوى الثورة الساعية للتغيير، فلن نأخذ مواقف ضد أشخاص بالحب والكراهية».
وشدد المهدي على إنهاء ما سماه حالة التوتر التي يعيشها شباب لجان المقاومة، الناتجة عن الغضب من الأخطاء التي حدثت، ولا تعني أن «قوى إعلان الحرية والتغيير» مرفوضة أو معزولة، وذلك تعليقاً على آراء ومواقف صادرة عن بعض لجان المقاومة عُدّت مناوئة لـ«الحرية والتغيير»، ودعت لعدم اشتراكها في الحراك الشعبي المناهض للانقلاب.
من جهته، أشاد نائب رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، ياسر عرمان، الذي كان يشغل منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء قبل الانقلاب، بموقف «حزب المؤتمر الشعبي»، وهو الحزب الذي أنشأة زعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي عقب اختلافه مع الرئيس عمر البشير، بقوله: «الموقف الواضح الذي اتخذه الأمين العام للحزب، علي الحاج محمد، ضد الانقلاب، قرار صحيح، ويفتح الطريق أمام الإسلاميين، ويصحح موقفهم من الديمقراطية».
وانتقد عرمان مواقف الإسلاميين («الإخوان» الذين كانوا يحكمون البلاد)، وقال إن مواقفهم من الانقلاب نحت نحو «الشماتة»، وإنهم «لم يتخذوا موقفاً واضحاً من قضايا الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية، رغم تجربتهم الطويلة في الشمولية والقهر»، وتابع: «موقف الدكتور علي الحاج وقيادة (المؤتمر الشعبي) جدير بالانتباه وصحيح، ويجب على كل الإسلاميين أن يتبنوا هذا الموقف، وأن يحددوا موقفاً واضحاً من الديمقراطية ويعيدوا تجديد أنفسهم».
وتعليقاً على الأوضاع الدستورية التي أعقبت الانقلاب، والموقف القانوني للوثيقة الدستورية، قال عرمان إن البرهان ألغى الوثيقة الدستورية وأصبحت في «كف الانقلاب»، وتابع: «لم تعد موجودة، وسنأتي بوثيقة جديدة يعتمدها الشعب السوداني، بالطريقة التي يحقق بها الانتقال الجديد».
وأعلن عرمان عن جهود لتوسيع «تحالف الحرية والتغيير»، عن طريق التنسيق والتعاون مع الآخرين، وفقاً لأسس واضحة، وأضاف: «كل من يرغب في التعاون مرحب به، الحرية والتغيير ليست نادياً مغلقاً».
ودعا عرمان كلاً من قائد «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، عبد العزيز الحلو، وقائد «حركة تحرير السودان»، عبد الواحد محمد نور، لانتهاز الفرص المواتية بعد إنهاء الانقلاب، والدخول في عمل مشترك مع كل «قوى الثورة والتغيير»، من أجل الوصول لعملية سلام شاملة تنهي الحروب في السودان نهائياً، وقال: «هي فرصة جديدة للعمل المشترك».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.