كم ستدفع مقابل قفازات كارل لاغرفيلد؟

إقبال على شراء مقتنيات المصمم الراحل في سلسلة مزادات بدار «سوذبيز»

TT

كم ستدفع مقابل قفازات كارل لاغرفيلد؟

كان كارل لاغرفيلد المصمم الكاريزمي، الذي توفي في 2019 من بين الشخصيات البارزة في الثقافة الحديثة، كما كان نجماً بازغاً في عالم الأزياء، وكان ليسعد بما يجري في دار «سوذبيز» في موناكو وباريس هذا الشهر.
قال بيير موثيه، نائب رئيس دار سوذبيز في فرنسا: «شعر كارل أن الأشياء موجودة لخدمة الناس، ولا ينبغي لهم الوقوع في براثن أسرها».
«لم يرد قط الانحباس داخل تابوت كالفراعنة. وقال لي قبل عشرين سنة: «لا أريد التحول إلى حافظ لمجموعتي الخاصة».
غير أن سلسلة من 3 مزادات شملت 1200 قطعة من تلك المجموعة، جُمعت من مساكن لاغرفيلد الخمسة في باريس وما حولها وفي موناكو، أثبتت أن معجبيه ومحبيه لا يساورهم نفس القلق.
قال موثيه، مسؤول المبيعات ورئيس المزاد: «ذوق كارل وعينه التصويرية ألهما عاطفة ومشاعر إيجابية لكثير من الناس، ما جعلهم يريدون امتلاك جزء من عالمه الشخصي»، مشبهاً المبيعات بـ«صورة فخمة ولكنها بسيطة لعالم لاغرفيلد في نهاية حياته».
في وقت سابق من الشهر الجاري، سجل 1400 مقدم عرض، أسماءهم للبيع الأول: مع 582 قطعة تشمل الرسومات والتذكارات والأغراض الشخصية، بالإضافة إلى أثاث آرت ديكو، والأعمال المعاصرة لفنانين مثل تاكاشي موراكامي، وجوانا فاسكونسيلوس، وجيف كونز، بالإضافة إلى سيارة رولز رويس فانتوم الفارهة.
قُدرت قيمة المناقصة في الأصل بين مليونين وثلاثة ملايين يورو (2.3 مليون دولار - 3.4 مليون دولار)، وأُغلق المزاد عند 12 مليون يورو (13.3 مليون دولار). وعند مرحلة ما، وصلت مجموعة من خمسة أزواج من قفازات جلد الشانيل الخالية من الأصابع إلى سعر قدره 48260 يورو (54680 دولاراً).
قال موثيه: «إنها ملحقات رمزية في واقع الأمر، وهي جزء من صورة شبيهة بالتصاوير الكلاسيكية قد انتقلت إلى الأجيال القادمة».
ثم تابع قائلاً: «كان ارتداؤها بالنسبة للاغرفيلد ثقافة من اللياقة الموروثة من القرن الثامن عشر، حيث لا تفرض عمرك على الآخرين. كما أنها وسيلة لإبقاء أصابعك حرة حتى تتمكن من الرسم. وفي الوقت نفسه، عرف كل شخص على الكوكب أن القفازات جزء من شخصيته، فضلاً عن النظارات الشمسية، والسترات الخفيفة».
كان من المفترض أن يبدأ الفصل التالي من سلسلة المزاد في باريس بعرض عام يليه حفل كوكتيل خاص بالمدعوين فقط تتلوه حفلة لاحقة في مقر دار سوذبيز المطل على شارع فوبورغ سان أونوريه. لكن بسبب المخاوف بشأن متغير «أوميكرون» تم تقليل عدد المدعوين وإقامتها في وقت سابق من اليوم.
ومع ذلك، كانت هنالك موسيقى. وأقيمت حفلة لطيفة، برغم قلة حضورها، وعزف الموسيقار توماس روسيل مقطوعة موسيقية بعنوان «الحديقة المجمدة»، وهي مقطوعة صوتية أصلية نُظمت خصيصاً لعرض شانيل خريف 2011 في غراند باليه. وقدم الفنانون العرض الراقص لسيدي العربي الشرقاوي، و«مقدمة ظهيرة فاون» لكلود ديبوسي.
وفي منتصف الحفل، انطلق ميشيل غوبير، الذي عمل لسنوات عديدة على جمع الموسيقى التصويرية لمعارض لاغرفيلد شانيل، مع «دي جيه» من أجل الحضور المستمر للزوار الذين يتدفقون لمشاهدة أكثر من 200 قطعة موزعة على ثلاثة طوابق، بما في ذلك الأثاث المعاصر من أملاك لاغرفيلد، بالإضافة إلى الغرابة ذات الصلة ببعض الملابس المعروضة في بعض الأحيان (على سبيل المثال، كومة من ياقات قميص إيمغيس المعروضة تحت كرة زجاجية على قاعدة مع إضاءة كهربائية).
افتتحت العطاءات في 14 ديسمبر (كانون الأول). وارتدى بعض الحضور الفراء والكعب العالي أو الملابس الرسمية، لكن معظمهم ارتدوا الجينز. ورغم أن العديد من المقاعد المتباعدة في الغرفة ظلت فارغة، فإن مبيعات باريس، في غضون ساعة ونصف الساعة، جلبت بالفعل مليونين من الدولارات على 37 قطعة فقط. وكانت القطعة الأكثر شعبية هي مرآة «سوليه نوار» لمارتن زيكيلي، وهي واحدة من قطع كثيرة اشترتها شركة «لاغرفيلد» من «غاليري كريو» في باريس، التي باعت بمبلغ 375500 يورو (423620 دولاراً)، وهو رقم قياسي للفنان، و25 ضعف السعر المقدر.
وبعد دقائق، حققت صورة ورقية مقطوعة من ملف لاغرفيلد مبلغ 32760 يورو (36958 دولار)اً، وهو أقل بقليل من الثريا الضخمة، التي تحمل 44 ذراعاً طراز لويس الخامس عشر من الكريستال والبرونز المذهب، التي ترجع إلى عام 1800 تقريباً.
ومن ناحية أخرى، كانت سترة ديور هوم من شتاء عام 2008 من الصوف الأسود المزخرف بالزجاج المكسور من مادة PVC البلاستيكية، قد حملت تقديراً عالياً بلغ 1000 يورو، وبيعت بمبلغ 35280 يورو (39801 دولار). وحقيبة يد شانيل من جلد الحمل الأسود الموشى بنقوش جلد التمساح مع بطاقة هوية مصورة لمعرض «فياك» للفنون المعاصرة عام 2011، وعلامة المدرج من معرض شانيل باريس بومباي للفنون بيعت بسعر 94500 يورو (106610 دولارات)، وهو رقم قياسي لحقيبة من حقائب شانيل في المزاد، كما قالت صوفي دوفريسن، مديرة الاتصالات في دار «سوذبيز» باريس.
قال موثيه: «إن عالم كارل فخم، ولكنه مليء بالأشياء اليومية. يتفهم الناس ذلك ويلتقطون القطع كما لو كان نجماً لموسيقى الروك».
ثم أضاف قائلاً: «كان كارل آخر الوحوش المقدسة في جيله. ولا يوجد نظير له».
انتهى مزاد باريس في 16 ديسمبر بمبيعات بلغت 6.2 مليون يورو (ما يزيد قليلا على 7 ملايين دولار). أما البيع الثالث والأخير سوف يجري في مدينة كولونيا الألمانية في مارس (آذار) المقبل. وسوف تذهب العائدات إلى أملاك لاغرفيلد، التي تُدار من موناكو. ورغم وجود شائعات بأن قطته، شوبيت، كانت واحدة من المستفيدين الرئيسيين، فإن الأسماء الفعلية تبقى سرية.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

عزة فهمي... تحمل عشقها للغة الضاد والتاريخ العربي إلى الرياض

لمسات الموضة (عزة فهمي) play-circle 00:24

عزة فهمي... تحمل عشقها للغة الضاد والتاريخ العربي إلى الرياض

من تلميذة في خان الخليلي إلى «معلمة» صاغت عزة فهمي طموحها وتصاميمها بأشعار الحب والأحجار الكريمة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة صرعات الموضة (آيماكستري)

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

منذ ظهور تلك البدعة، تضاربت الآراء بين المُشتغلين بالتصميم بين مُعجب ومُستهجن. هل يكون الزيّ في خدمة مظهر المرأة أم يجعل منها مهرّجاً ومسخرة؟

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

في ظل التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوُّق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً ومشوقاً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)

«أتولييه في إم» تحتفل بسنواتها الـ25 بعنوان مستقل

«أتولييه في إم» Atelier VM واحدة من علامات المجوهرات التي تأسست من أجل تلبية جوانب شخصية ونفسية وفنية في الوقت ذاته.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».