دوكان يعود إلى بيروت كما تركها... لا إصلاحات ولا خطة تعافٍ

TT
20

دوكان يعود إلى بيروت كما تركها... لا إصلاحات ولا خطة تعافٍ

بعد نحو شهر على زيارته الأخيرة، وصل منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان، إلى بيروت يوم أمس، حيث من المتوقع أن يلتقي عدداً من المسؤولين اللبنانيين في إطار متابعته واطلاعه على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والإصلاحات المطلوبة من لبنان.
وقالت مصادر السفارة الفرنسية في بيروت لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة دوكان ستستمر من الاثنين إلى الأربعاء، حيث سيلتقي المعنيين في ملفات الإصلاح وخطة التعافي والمفاوضات مع صندوق النقد، فيما من المتوقع أن يلتقي الموفد الفرنسي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من الوزراء، لا سيما الذين التقاهم في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كالمال والاقتصاد والأشغال والطاقة.
وبعدما كانت رسالة دوكان حاسمة في زيارته الأخيرة لجهة إنجاح المفاوضات مع صندوق النقد وضرورة إنجاز الإصلاحات، وهو ما أعلنه بشكل واضح خلال لقائه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كما مع الوزراء المعنيين، لا يبدو أن شيئاً تغيّر منذ شهرين حتى الآن، لا سيما في ظل التعطيل المستمر لجلسات مجلس الوزراء، وبالتالي عدم قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات، لا تلك المتعلقة بالإصلاحات ولا بخطة التعافي التي يفترض أن يتم توقيعها بين صندوق النقد والحكومة.
وكان دوكان شدد على ضرورة المباشرة بتنفيذ الإصلاحات والتوصل إلى اتفاق مع الصندوق قبل نهاية السنة، رابطاً نتيجتها بعقد مؤتمر دولي لتقديم مساعدة مباشرة لميزانية الدولة.
وقبل أسبوعين من نهاية العام، تربط مصادر وزارية إقرار الخطة باستئناف جلسات الحكومة، وهو ما سبق أن أكده نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ولفتت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اللجنة الوزراية تعمل على إعداد البرنامج، وأنهت جزءاً كبيراً من الخطة التي يتم التنسيق بشأنها أيضاً مع ممثلي الصندوق في لبنان، واقتربوا كذلك من تحديد الخسائر، لكنها تحتاج لعرضها على الحكومة لإقرارها، على أن يأتي بعد ذلك خبراء الصندوق من الخارج للموافقة عليها.
وكان نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي قال إن وفد صندوق النقد الدولي الذي جاء الأسبوع الماضي إلى بيروت، أتى بصيغة مصغرة بهدف تعرف رئيس البعثة الجديد على المسؤولين اللبنانيين، مشيراً إلى أن «لقاءاته لم تقتصر على البروتوكول، بل دخلنا باجتماعات في السياسات والاستراتيجيات، ونحن نأمل في أنه بأوائل السنة المقبلة تأتي بعثة موسعة لندخل بتفاصيل برنامج التعافي الاقتصادي والنقدي».
ومع تأكيده العمل على الخطة، أكد الشامي أن إقرارها «بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء للبدء بها، وإن لم يلتئم المجلس فهناك صعوبة بالمفاوضات مع صندوق النقد».
وبانتظار ما ستحمله زيارة دوكان التي قد تأخذ طابعاً سياسياً واقتصادياً في الوقت عينه، لا سيما بعد المبادرة الفرنسية المتعلقة بأزمة لبنان مع دول الخليج، يعبّر شارل عربيد، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي عن أسفه لاستمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه والمرتبط بشكل أساسي بالأزمة السياسية التي تحول حتى الآن دون انعقاد جلسة الحكومة، وبالتالي عدم تحقيق أي مطالب مرتبطة بالإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، وكان قد شدد عليها دوكان في زياراته السابقة إلى بيروت، حيث كان له لقاء مع عربيد بحضور نقيبي الأطباء والمهندسين.
ويقول عربيد لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف الأمور تراوح مكانها في لبنان منذ زيارة دوكان الأخيرة حتى الآن، بل حتى الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءاً، في حين أن المسؤولين يلهون باشتباكاتهم السياسية التي تعطل الحكومة وعملها والإجراءات المفترض أن تقوم بها». من هنا يقول عربيد: «كلبنانيين؛ لا شيء جديداً لنقدمه للموفد الفرنسي ولا لأي مسؤول آخر... كيف نطلب من المجتمع الدولي أن يساعدنا ونحن غير قادرين على مساعدة أنفسنا حتى أننا نتوقع أن تزيد الأمور سوءاً إذا لم تجد الأزمة السياسية طريقها إلى الحل؟».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.