ليبيا تنتقد «سطحية الحلول» الأوروبية لحل أزمة المهاجرين

المنقوش طالبت بتأمين الحدود الجنوبية لوقف تدفقهم

مهاجرون يشاركون في رسم جدارية بطرابلس تحت رعاية المنظمة الدولية للهجرة (المنظمة الدولية)
مهاجرون يشاركون في رسم جدارية بطرابلس تحت رعاية المنظمة الدولية للهجرة (المنظمة الدولية)
TT

ليبيا تنتقد «سطحية الحلول» الأوروبية لحل أزمة المهاجرين

مهاجرون يشاركون في رسم جدارية بطرابلس تحت رعاية المنظمة الدولية للهجرة (المنظمة الدولية)
مهاجرون يشاركون في رسم جدارية بطرابلس تحت رعاية المنظمة الدولية للهجرة (المنظمة الدولية)

في ظل تزايد تدفق أفواج المهاجرين إلى البلاد عبر الحدود الجنوبية، دافعت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية، نجلاء المنقوش، عن أداء بلادها في التعامل مع ملف المهاجرين غير النظاميين، الذي يقصدونها بهدف التسلل إلى أوروبا، ويحملونها «أعباءً فوق طاقتها».
وقالت المنقوش في كلمة لها خلال منتدى «حوارات المتوسط» بروما، مساء أول من أمس، إن مشكلة المهاجرين «معقدة للغاية ويجب ألا تُنقل الأزمة إلى ليبيا، أو توجه أصابع الاتهام نحوها، واتهامها بأنها تنتهك حقوق الإنسان»، ورأت أن «الحلول المطروحة في التعاطي مع هذا الملف جميعها سطحية».
وأضافت المنقوش أن ليبيا بالنسبة للمهاجرين «دولة عبور، وليست وجهتهم النهائية، فأحياناً يأتون من بلدان أكثر أمناً واستقراراً من بلادنا»، موضحة أن الأموال التي ستمنح لليبيا لوقف الهجرة غير المشروعة «لم تساعد في الماضي، ولن تساعد في المستقبل على تجاوز الأزمة، لأن الأمر يحتاج إلى حلول جذرية».
وفيما يشبه توجيه إدانة للدول الغربية، لفتت المنقوش إلى «وجود ضحايا بين المهاجرين في بحر المانش»، وتساءلت: «إذا كانت دول أخرى تعد من بين أكثر البلدان استقراراً في العالم فشلت في منع تدفق المهاجرين، فكيف لليبيا أن تنجح في ذلك؟».
كما رأت المنقوش أن النظام، الذي وضعته الدول الأوروبية المعنية بالهجرة في ليبيا «لم يعالج جذور المشكلة بقدر ما يخدم مصالحها فقط»، وزادت من دفاعها عن بلادها قائلة: «من فضلكم لا تدفعوا بالمشكلة في حضننا، ورجاءً لا توجهوا أصابعكم نحو بلادنا، ولا تصورونا على أننا دولة تسيء إلى اللاجئين وتزدري احترامهم. لقد سئمنا من المراوغة، ومع كل هذه الحلول السطحية التي يتم تقديمها، حان الوقت للتعامل مع المشكلة ومواجهتها».
ووضعت المنقوش تصوراً لوقف تدفق المهاجرين على بلادها، من خلال تأمين الشريط الحدودي مع بعض الدول الأفريقية مثل تشاد، وقالت بهذا الخصوص إن الحدود الجنوبية لليبيا تحتاج للتأمين. مبرزة أن ليبيا «تفتقر إلى التقنيات لضبط حدودها، خصوصاً مع صعوبة السيطرة على الصحراء المتاخمة لتشاد، التي تحتاج إلى مراقبة إلكترونية للتحكم فيها».
وعادة ما ينقذ قوات خفر السواحل في ليبيا قوارب تقل عشرات المهاجرين، قبل غرقهم في البحر المتوسط، وتعيدهم إلى مراكز الإيواء بالعاصمة طرابلس، كما عملت السلطات المحلية خلال الأسابيع الماضية على تفعيل برنامج «العودة الطوعية»، الذي ترعاه الأمم المتحدة لنقل المهاجرين من ليبيا إلى بلدانهم، أو إلى بلد ثالث.
وتنشط في ليبيا عصابات متخصصة لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، ويدير أفرادها أنشطتهم بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية في صبراتة وزوارة والزاوية، والقرة بوللي بغرب البلاد، لكن الأجهزة الأمنية تنجح في مداهمتها في بعض الأحيان.
في سياق قريب، رعت «المنظمة الدولية للهجرة» في ليبيا عملاً فنياً حول المهاجرين، وقالت إنه تم بجهود فنانتين ليبيتين موهوبتين، هما عفراء الشهابي وأضافت المنظمة موضحة أن الجدارية تهدف إلى «مساعدة المهاجرين على الوصول للدعم عن طريق رقم هاتف المساعدة الخاص بالمنظمة، وللاحتفاء بصمودهم عن طريق الفن».
وللحد من تسرب المهاجرين، وقعت ليبيا والنيجر أول من أمس مذكرة تفاهم لتنظيم وتسهيل تنقل الأيدي العاملة، تلبية لاحتياجات سوق العمل الليبية، وحماية لحقوق العمال المهاجرين بشكل أفضل، وذلك من خلال الالتزام بإصدار تأشيرة عمل رسمية.


مقالات ذات صلة

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

قالت سلطات أمنية بشرق ليبيا إنها نجحت في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفتها بـ«المُحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.