3 حكايات لبنانية في «منصة الشارقة للأفلام» تختزل القهر

شريطان يحاكيان فاجعة الانفجار وثالث عن شرذمة الهوية

المخرجة اللبنانية غنوة مروة صاحبة فيلم «حبال الهوا»
المخرجة اللبنانية غنوة مروة صاحبة فيلم «حبال الهوا»
TT

3 حكايات لبنانية في «منصة الشارقة للأفلام» تختزل القهر

المخرجة اللبنانية غنوة مروة صاحبة فيلم «حبال الهوا»
المخرجة اللبنانية غنوة مروة صاحبة فيلم «حبال الهوا»

يُخدع المرء بالحقائب الموظّبة وهو يخالها بداية الخُطى نحو الهناء. يحمل فيها أوهاماً جميلة سرعان ما تُصاب بسهم وتتساقط كقتيل أمام أول غصّة. انتظرنا الأفلام اللبنانية في «منصة الشارقة للأفلام» بدورتها الرابعة (19 - 27 نوفمبر/ تشرين الثاني)؛ أي نقاشات ستحمل وأي مقاربات؟ القهر المتنقّل أم الخيالات المتبرّئة من الاشتعال؟ عددها ثلاثة، اثنان منها عن انفجار مرفأ بيروت؛ يا للهول، ذلك اليوم الملعون في الرابع من أغسطس (آب) يطل من «سينما سراب المدينة» برأس وحش! الفيلم الثالث عن شرذمة الهوية، ومحاولة البحث عن ذات متآكلة. أن تكون لبنانياً يعني أن تمضي وقتاً طويلاً مع الشقاء. مشكورة الأماكن البعيدة، نيّتها طيبة. العلّة في الأوطان المريضة، تصيب أبناءها بعطب لا يغادر.
«عائلتي والانفجار» (2021)، شريط قصير لمحمود قعبور يفتح الجروح. تظنّ أنك بالسفر تتعافى، فإذا بضربة على الرأس تعيدك من حيث جئت: أرض الاحتراق. من خلال عائلة مخلوف المكوّنة من الزوجة نيكول طربيه، والزوج ناجي مخلوف، وابنتهما صاحبة السنوات العشر ياسمينا، يصوّر العمل حياة انقلبت إلى الأبد.
هذه الأفلام ليست إبداعية بقدر كونها متمسّكة برفع الصوت. تروي الزوجة الأم نيكول، والكمامة على وجهها، زيارة موتٍ طرق الباب وتراجع. تمنّت لو أنه قام بواجبه كاملاً، فاختطفها وعائلتها، عوض أن يُباغت فيرمي الزوج في الفراش بين الآلام. كان ناجي مخلوف رياضياً نشيطاً مفتول العضلات، لم يتصوّر أنّ رجلاً ببنيته وقواه سيحتاج إلى من يساعده في النهوض والحركة. تنتفخ عيناه كبالونَي هواء، ويشعر بأنّ رأسه ليس له لكثرة فراغاته والقطب من أوله إلى آخره، كسياج فاصل بين الفناء والحياة. حكاية عن النجاة الباهظة، نجاتنا جميعاً نحن الذين لم نمت عصر ذلك الثلاثاء. الفارق في حجم الأذى.
قصة عائلة، ومن خلالها قصة شعب. يصبح الشريط المصوّر في منزل واحد، ومع أسرة واحدة، جسراً للعبور إلى منازل اللبنانيين المدمّرين بزلزالين: الانفجار والانهيار. «كنا سعداء»، تقول نيكول وهي في ردحة بيت لم يبقَ منه حجر. تتأمل زوجها في الفراش، وتتساءل عن مشاعره وكيف يستطيع التحمّل. وهو كالمئات، مضغه الموت ورمى به. طحنه بين أضراسه وألقاه على الأرض. الخلاصة بلسان الزوجة: «لم نتخيّل أن يحدث ما حدث. ظننا أننا سنموت من الجوع لغلاء الأسعار ونفاد المواد من الأسواق. تطاير كل شيء، حتى الكراتين المُخزّنة التي ظنناها ستحمينا».
سألوها أن تبيع بيتها المهدّم في مار مخايل، وبعضٌ طالبها ببيع سيارتها. رفضت. لا ثقة بالنوايا ولا بالشرّ الحائم حول المفجوعين. الحكاية في ظاهرها «بسيط»، أبطالها أفراد عائلة لبنانية دفعت غالياً ثمن الوجود الخطأ؛ وفي عمقها معقّدة بمأساوية جماعية، يتساوى فيها شعبٌ بسحق الكرامات والتلاعب بالعدالة.
لا نزال على المركب نفسه الذي يغرق. فيلم لبناني آخر يشارك في المهرجان الاحتفالي بالسينما: «حبال الهوا» (2020) لغنوة مروّة. تسير المخرجة بين حكايات أصدقائها الملوّعين من «التروما» اللبنانية، وتنقل إلينا أسئلتهم - أسئلتنا المتعلقة بالبقاء أم الرحيل، بالانتماء أم بفقدان الإحساس. يظهر مرفأ بيروت محطّماً مسكيناً، ومن حطامه، تنتقل المخرجة إلى الحطام الإنساني. أصدقاء في الثلاثينات من العمر، بعضهم هاجر وبعضهم يتأرجح بين الانسلاخ والصمود. نصبح سجناء الأوطان حين لا يعود قرار السعادة في اليد، فتمرّ الأيام مروّعة كالدعس على الأرواح.
جميع مَن أمام الكاميرا يتحدثون عن لبنان آخر لا يشبه هذه الندبة الممتدة على مساحة 10452 كيلومتراً مربعاً. لبنان الذي كان أو ما لن يكون. يصنعون فقاعات مُتخيَّلة ويعيشون فيها، وهي خارج الفوضى والذل والاستخفاف بالقانون والإفلات من العقاب. هذا الشريط عن الإنسان المخلّع كالأبواب في الأشرفية والجمّيزة ومار مخايل ووسط بيروت، ما بعد الانفجار. وعن هدم المعنويات الذي يُمارس على شعب بأكمله من دون رفّة جفن «حتى المسرح لم يعد لنا؛ يقفلونه ليضيّقوا على أنفاسنا»، تقول صديقة المخرجة ساخرة من الاختناق.
تمرّ استفهامات تستنكر وصول اللبناني إلى طرح السؤال المعيب: «هل سآكل اليوم؟». «أحقاً؟»، يتساءل صديق المخرجة بغضب. ثلاثون سنة أمضتها شابة لبنانية على أرض الاضطراب، وحين فكرت في الرحيل، أنجزت إجراءات جواز السفر، فرُفضت التأشيرة! «الآن، أصبحنا سجناء بالفعل!»، تشكو لصديقتها مرارة الأقدار.
شريطان عن لبنان المغضوب عليه، والثالث «رحيل» للمخرجة ميرا أدومير (2020) عن تشوّهاته العصية على الالتئام. تكلّف العودة من آيسلندا للبحث عن رجل مفقود التقته الراوية في بلد الضوء والعزلة قبل سنوات، ثم غادر من دون كلمة، مروراً درامياً على الجدران المثقوبة بالرصاص والأبنية الخائفة. يصبح البحث عن صديقها ذريعة للبحث عن هوية لبنانية مشرذمة يحملها صاحبها معه كعقاب أينما رحل. تتداخل الحقيقة، وعنوانها العريض الوطن القائم على الصراعات، مع الخرافة والأسطورة للوصول إلى الشخص المنشود الذي يتحول اختزالاً للذات المفقودة في خضم الخوف. الذات والوطن واحد، أوصالهما مقطّعة.
بكاميرا ترتجف، وصورة لا تكترث للدهشة الفنية، تسرد المخرجة رحلة تبدو سوريالية. فالرجل العالق في ذاكرتها يشبه الإبرة في كومة القش. تسلّم نفسها (سردها وكاميرتها) لخطاها التائهة عساها تقودها إليه. البحر بطل دوّامة لا بداية لها ولا نهاية، وهو كالوطن لا يستريح، يهدر في أعماقه حين يهدأ سطحه، أو يهدران معاً: الأعماق والسطح.
القصة شاعرية، تُصادق فيها الكاميرا الزهور في التربة والعصافير في الفضاء. قدمان تسيران خلف المجهول كما نسير جميعاً؛ إنها ضريبة الاتجاهات والمسار المرتبك. فالسماء الملبّدة في معظم مشاهد الشريط، والقطط الشاردة في الشوارع الشاهدة على الحرب، يوضحان القصد من المهمّة: محاولة وضع حد لتيه الإنسان. التيه اللبناني لا حدود له. يملأ العالم.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.