«خارج السرب» يتفحص وجوهاً مصرية عن قرب

معرض تشكيلي يضم 48 عملاً

«خارج السرب» يتفحص وجوهاً مصرية عن قرب
TT

«خارج السرب» يتفحص وجوهاً مصرية عن قرب

«خارج السرب» يتفحص وجوهاً مصرية عن قرب

يرفض المبدع النمطية، فيخلق لنفسه شكلاً جديداً ينفرد به دون غيره، انطلاقاً من أن الإبداع محوره الرئيس هو الفكر الأصيل. وفي تجربة فنية جديدة ولافتة جاء معرض الفنان التشكيلي المصري، الزعيم أحمد، بأتيليه العرب للثقافة والفنون (غاليري ضي) نموذجاً معبراً عن كيف يمكن للفنان التحليق خارج السرب حين يختار أن يكون له نهج خاص وبصمة مختلفة.
تتميز أعمال الزعيم بالتكوين المغاير على المستويات الإنسانية والفكرية والفنية على حد السواء، لا سيما في هذا المعرض الذي جاء عنوانه «خارج السرب» مجسداً لمحتواه، ويقول الزعيم لـ«الشرق الأوسط»: «أهتم دوماً بالخروج عن الإطار المحدد للفنان، وفي معرضي الحالي سعيت لكسر الحدود من حيث الأفكار والتناول معاً، فنحن معتادون في الغالب أن نسير في قوالب ثابتة ونتبع أشياء بعينها، وقد حاولت التمرد على ذلك كله، ولم يكن الأمر سهلاً، لكن بعد أن انتهيت كانت سعادتي لا تُوصف لأنني اكتشفت أن كل عمل هو في حد ذاته (خروج عن السرب)».
في البداية يجد المتلقي نفسه مدفوعاً إلى تجاوز القراءة الدرامية للأعمال التي تصل إلى 35 لوحة زيتية و13 عملاً نحتياً ليحلل القالب الذي قدمه لنا الفنان فيكتشف إلى أي مدى استطاع أن يحقق استقراراً شكلياً جديداً يخلع على العناصر الإحساس بالتغيير والاختلاف، ما يقود المتلقي إلى الغوص في أفكاره.
ورغم أن اللوحات تعكس احتفاءً شديداً بالشخوص غير المعتادة، فقد تحولت إلى علامة من علامات فنه لا تخطئها العين، على غرار بعض الرواد والمعاصرين أمثال حامد عويس وعبد الهادي الجزار ونذير الطنبولي حيث يتحول الشخص في كل عمل إلى قالب تشكيلي يمثل فكرة وكتلة وطاقة تعبيرية مغايرة تحتفظ بقوة «الشخصية المصرية»، ولم يكن له أن يصل مثلهم إلى هذه المعادلة التشكيلية من دون تعمق في التواصل مع شخوصه: «وجدت أنه في حال متابعة الناس من بعيد، يكون من الصعب الوصول إلى مرادي، لذلك قضيت أوقاتاً طويلة معهم في مساحاتهم الخاصة مشتبكاً معهم بحواسي من دون الاكتفاء بتبادل الكلام العابر».
تنقل الفنان بين أنماط مختلفة من البشر، لكن بعضهم احتل مساحات كبيرة على مسطح أعماله، ومنهم «المجاذيب» الذين تكرر وتعمق تناوله لهم بأشكال عدة، ويفسر ذلك قائلاً: «بعض الشخوص كان اختراقها صعباً ومرهقاً للغاية، ومنهم (المجاذيب) الذين التقيت بهم في الشارع، ودارت بيننا حوارات ونقاشات كثيرة، واكتشفت أن كل (مجذوب أو مجنون أو أبله) منهم، وفق ما تختار الاسم الذي يروقك، هو في واقع الأمر يمثل كياناً إنسانياً كبيراً، وإرثاً بشرياً ملهماً نهمله ونلخصه في أوصاف عابرة لا تليق بتاريخ إنسان تعب وعانى طويلاً من قسوة الحياة حتى وصل إلى ما وصل إليه!». كما احتفى الزعيم أيضاً بالصيادين في معرضه الجاري، فالفنان الذي خرج عن «السرب المكاني»، وقرر وداع العاصمة المصرية القاهرة مركز الثقافة والفنون ليستقر في الإسكندرية، اجتذبته حكايات الصيادين وأحاسيسهم وأسرارهم، يقول: إن «اندماجهم مع البحر وصل إلى حد أنهم توحدوا معه من دون أن يشعروا بالعالم حولهم، أما الأسماك فقد تحولت إلى جزء منهم، أو هم أنفسهم تحولوا إلى أسماك لا تستطيع مفارقة البحر! من هنا قدم الزعيم أحاسيس متنوعة ومتناقضة لم نعتد العثور عليها في صياغات تشكيلية سابقة لطالما تناولت البحر والسمك وصياديه.
العيون هي أول ما يستقبل المتلقي المتأمل للوحاته لأنها وفق الفنان «خير من يعبر عن مكنونات الإنسان، ودواخله»، مؤكداً: «كل إنسان حتى الشخص السطحي له منظومة خاصة به، فهو لكي يخرج تفاهته هذه على الملأ تتمازج داخله أشياء وتفاصيل، وقد اكتشفت بعد فترة من اهتمامي بالشكل الخارجي أنه خادع وظالم، ولذلك أصبحت أتعمق داخل الناس من خلال عيونهم لأنها الوحيدة التي تتحدث بصدق وتسرد الحكايات بواقعية من دون كذب».
التقط الفنان الكثير من الموضوعات الواقعية وأعاد صياغتها إلى أشكال تعكس مضامين انفعالية وربما فلسفية ورمزية في العقل الباطن لينقلها إلى الواقع المرئي بصورة أخرى حسية يستطيع الجمهور المتذوق للفن إدراك مغزاها، ولذلك تندرج الكثير من لوحاته إلى المدرسة السيريالية أو ما يمكن أن نطلق عليه «السيريالية التعبيرية»، على سبيل المثال، تناول فكرة «التكامل الإجباري» في لوحة سيريالية رائعة تصور صياداً يعثر على فردة حذاء، في رمز لتعب الإنسان أحياناً بلا فائدة تعود عليه، لعدم اكتمال العناصر أو الحلم في حياته»، فماذا يمكنه أن يحقق من دون العثور على بقية الحذاء؟» على حد تعبيره!
ووظف الزعيم الأبيض والأسود للتعبير عن أفكاره زاهداً في استخدام الألوان تأثراً بطفولته: «حين كنت أنظر عبر نافذة حجرتي في جنوب الصعيد لم أكن أرى سوى الظلام الدامس، ولذلك حتى حين أستخدم اللون في اللوحة يكون محدوداً، وغالباً ما أخطف به عين المشاهد إلى عنصر أو معنى معين في العمل».
لم يترك الزعيم أحمد السرب وحلق بعيداً في رسوماته فقط، إنما فعل الأمر نفسه في منحوتاته التي اختار لها خامات فقيرة مثل الجبس والطين: «اتجهت للنحت لأنه يمثل عالماً آخر يختلف عن الرسم، وخرجت فيه عن السرب أيضاً، فلماذا أتمسك بخامات غنية إذا كانت الحضارات القديمة استخدمت خامات عادية، ولماذا هذا التعالي في اختيار الخامة إذا كان النحت في الأساس أكثر فن يمكنه التعبير وتوصيل الأفكار بسرعة من خلال الشكل والحركة والكتلة والفراغ؟».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.