«البحر الأحمر السينمائي» على بعد أيام

يعرض كوكبة من الأفلام السعودية والعربية والعالمية

الفيلم السعودي - الجزائري «سولا»‬
الفيلم السعودي - الجزائري «سولا»‬
TT

«البحر الأحمر السينمائي» على بعد أيام

الفيلم السعودي - الجزائري «سولا»‬
الفيلم السعودي - الجزائري «سولا»‬

يومان يفصلان نهاية مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والأربعين، وبداية مهرجان البحر الأحمر الدولي في دورته الأولى. مهرجان القاهرة ينتهي في الخامس من شهر ديسمبر (كانون الأول) ومهرجان البحر الأول، الذي سيُقام في مدينة جدة، في المملكة العربية السعودية، سينطلق في السابع من الشهر ذاته.
من يستطِع حضور المهرجانين المتتابعين عليه ألا يتأخر، لأن كل مهما يختلف عن الثاني لا من حيث أفلامه وبرامجه وضيوفه فقط، بل كذلك من حيث زخم عروضه والبيئة الثقافية والفنية التي ينطلق منها.
لا خلاف في أن مهرجان القاهرة آتٍ من عمق تاريخي عندما أقيم للمرّة الأولى سنة 1976 وتابع بعد ذلك مسيرته وصولاً إلى ما هو عليه اليوم. خلالها شهد نجاحات وإخفاقات ومديرين ورؤساء خلف كل منهم الآخر واختلف معه أيضاً. العاملون في مجاله منذ سنوات لديهم خبرة بلا ريب، لكنها من تلك التي تمارس الفعل نفسه عاماً بعد عام ضمن ما يستطيع المهرجان (الذي يستند لميزانية محدودة توفرها وزارة الثقافة وأخرى من هيئات رسمية وخاصة أخرى) الطموح إليه.
هو خير خدمة يتلقاها هاوي السينما في مصر والقائمين عليه في السنوات الأخيرة لديهم أكثر من حافز محق للنجاح.
أقسام متعددة
لكن مهرجان البحر الأحمر يختلف كثيراً حتى وإن كان وليد العام الحالي.
هو آخر الجديد والمتجدد في سلسلة المهرجانات العربية. يطرح نفسه كقاعدة فنية وثقافية وإعلامية على نطاق واسع يشمل المملكة والعرب والعالم. خطط لإقامة هذا الحدث بعناية وجلب لها خبرات في مجالات مختلفة بدءاً من الهرم الرئاسي وحتى الأقسام الإدارية الأخرى التي عادة لا يُكتب عنها كافياً.
إلى ذلك، هو مهرجان يولد كبيراً على عكس معظم المهرجانات العربية والعالمية. في ذلك يتبع محاولات من الحجم ذاته شهدتها بعض المهرجانات العربية وتحديداً، وحسب سنوات ولادتها، دبي وأبوظبي ومراكش والدوحة. المهرجانان الأوّلان (دبي وأبوظبي) توقفا لأسباب لم يعلن عنها كافياً لكنها ليست فنية أو إدارية، فكلاهما كان منظّماً وناجحاً لحدود كبيرة. مرّاكش دخل وخرج من أنابيب المحاولات. ارتفع شأنه في سنواته الأولى ثم انخفض سقفه لاحقاً. أما الدوحة فجرّب العالمية في دورتين أو ثلاثة ثم انقسم إلى مهرجانين (أجيال والقمرة) كلاهما له وظيفة أصغر مما خُطط له أيام انطلاقة المهرجان الأم.
ليس أن «مهرجان البحر الأحمر» يحاول سد فراغ خلّفته تلك المهرجانات التي توقفت أو ما زالت جارية بقدر ما يهدف إلى تأسيس حدث فعلي جديد يرتفع عن ما عداه وسبقه مبلوراً خطة عمل بعيدة الأهداف وسديدة الخطأ تهدف لضم السينما السعودية وصانعيها لخبرات العالم وأركانها في الإخراج والإنتاج وشؤون التسويق.
بذلك، يرصد المهرجان السعودي ضرورة دفع المُنتج السعودي إلى عرين السينما العالمية. في المقابل، يرمي المهرجان لأن يصبح الاختيار الأول والأقوى أمام صانعي السينما حول العالم لعرض أفلامهم في المملكة العربية السعودية الذي يرتفع التخطيط المستقبلي في ميادين الثقافة والفن والإعلام، كشأن الميادين الأخرى كافة، إلى مصاف غير مسبوق.
ولادة المهرجان كبيراً (أي ولادة صغيرة الحجم قد تبقى كذلك لأمد طويل) يعني تنويع فاعلياته ضمن أقسام محددة ومثيرة. وهناك أربعة عشر قسم منها هي:
1 - المسابقة الرسمية للفيلم الطويل.
2 - مسابقة الفيلم القصير.
3 - روائع عربية.
4 - روائع عالمية.
5 - سينما سعودية جديدة (في مجال الفيلم الطويل).
6 - سينما سعودية جديدة (للفيلم القصير).
7 - كنوز البحر الأحمر.
8 - حلقات البحر الأحمر.
9 - جيل جديد.
10 - مسابقة البحر الأحمر للسينما التفاعلية.
11 - السينما التفاعلية.
وثلاثة محاور تحت عناوين مشابهة (محاضرات، حوار تكريمي وحوار).
هذا طموح واسع الأفق بلا ريب. برامج تتسع لكل ذوق واهتمام، لكنه في الوقت ذاته عرضة لتفاوت النجاح بين كل قسم وآخر. التحدي هنا ينبري عن التساؤل حول ما هو الفيلم بين بعض هذه البرامج (مسابقة السينما التفاعلية والسينما التفاعلية مثلاً). ولماذا لا تكن الروائع عربية وعالمية في برنامج واحد. ثم ما هو الفرق بين الحوار التكريمي وحوار. ألا يمكن أن يندرجا تحت كيان مشترك؟
بالطبع يملك المسؤولون المباشرون عن المهرجان الخبرة والمبررات، وكذلك القدرة على معالجة الهفوات إذا ما حدثت. ما هو مهم هو أن هذا الطموح الشامل مهيأ اليوم لفتح عالم بالغ الثراء على أصعدة متعددة المستويات من الصعيد الثقافي إلى الصعيد الفني ومنهما إلى الإعلامي والصناعي والتسويقي ووضع المملكة السعودية في أوج الاهتمام العالمي على سطح كل واحد من هذه الأصعدة.
أفلام سعودية وعربية أُخرى
ثم هنالك الأفلام. نخبة واسعة من الأفلام الآتية من شتى أنحاء العالم.
في مسابقة الفيلم الروائي الطويل وحدها 16 فيلماً يوازيها أضعاف هذا الرقم من الأفلام التسجيلية والقصيرة وأفلام التحريك (الأنيميشن) على امتداد تلك البرامج التي يوفرها المهرجان.
بين أفلام المسابقة الدولية عشرة أفلام من إخراج عرب وإنتاج عربي أو عربي - أجنبي. هذا رقم طاغٍ، لكن المغزى ربما يكمن في عملية دعم السينما العربية لجانب الدعم المادي المتمثّل بـ«صندوق البحر الأحمر»، الذي وُلد ليدعم ما يختاره المهرجان من بين 100 مشروع بقيمة 500 ألف دولار للمشروع الواحد.
الأفلام العربية والعربية - الأجنبية المتسابقة والمشار إليها المتسابقة تشمل الفيلم السعودي «تمزّق» لحمزة جمجوم والأردني «الحارة» لباسل غندور والمغربي - الفرنسي «بين الأمواج» للهادي ولاد محند والفلسطيني - المصري - القطري - الهولندي «صالون هدى» لهاني أبو أسعد، والتونسي «قربان» لنجيب بلقاضي والأردني «فرحة» لدارين سلاّم والفيلم التونسي «شرف» لسمير نصر (إنتاج مشترك مع ألمانيا وفرنسا) والفيلم الإيطالي (مقدّم باسم العراق) «أوروبا» لحيدر رشيد والفيلم السوري - السويسري «جيران» لمانو خليل والفيلم الجزائري - السعودي - القطري - الفرنسي «سولا” لصلاح إسعاد.
باقي الأفلام المتسابقة هنا هي «برايتن الرابع» لليفان كوجواشفيللي (جورجيا)، «باكا - نهر الدم» لنيثين لوكوز (الهند) و«سلوم» لجان - لوك هربولت (السنغال) و«ريحانة» لعبد الله محمد سعد (بنغلاديش) و«بوني» لكاملة أنديني (إندونيسيا) و«على الطريق» لبناه بناهي (إيران).
إذا ما كان وجود مسابقة للأفلام العالمية فعل طبيعي لمهرجان يرمي لتوفير هذه المساحات الجغرافية المطلوبة، فإن القسم الذي يثير الاهتمام لخصوصيّته وأهميته هو قسم «سينما سعودية جديدة» المؤلّف من ستة أفلام روائية طويلة تعكس النهضة التي تشهدها المملكة في صناعة الفيلم المحلي. هذه الأفلام هي «كيان» لحكيم جمعة و«سكّة طويلة» لعمر نعيم و«دولاب فاي» لأنس بالطهف ثم «جنون» لياسر بن عبد الرحمن ومعن بن عبد الرحمن.
إلى هذه المجموعة هناك فيلمان من إخراج مشترك، كل منهما يحتوي على خمس مخرجات وخمس قصص وخمس شخصيات نسائية. هناك «قوارير» لرغيد النهدي ونوره المولد ورُبى خفاجي وفاطم الحازمي ونور الأمير و«بلوغ» لسارة مسفر، وجواهر العامري، ونور الأمير، وهند الفهّاد وفاطمة البنوي.
تسعة أفلام عربية أخرى تحت عنوان «روائع السينما العربية» وكلها جديدة تتوزع ما بين الفيلم اللبناني «بيروت هولدم» لميشيل كمّون (لبنان) و«علي صوتك» لنبيل عيّوش (المغرب) و«دفاتر مايا» لجوانا حاجي توما وخليل جريج (لبنان، كندا) و«بنات عبد الرحمن» لزيد أبو حمدان (الأردن، مصر، الولايات المتحدة) و«الامتحان» لشوكب أمين كركي (العراق، قطر) و«استعادة» لرشيد مشهراوي (فلسطين، فرنسا) و«غدوة» لظافر العابدين (تونس) و«رؤوسهم خضراء وأيديهم زرقاء» لكريم دباغ وجاي بلغر (المغرب).


مقالات ذات صلة

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».