القوات اليمنية المشتركة تستعيد مناطق واسعة بمحاذاة تعز وإب

بعد أسبوع من إعادة تموضعها خارج حدود «اتفاق استوكهولم»

TT

القوات اليمنية المشتركة تستعيد مناطق واسعة بمحاذاة تعز وإب

بعد نحو أسبوع من إعادة تموضع القوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي حيث جنوب محافظة الحديدة، إلى خارج المناطق المحكومة بـ«اتفاق استوكهولم» تمكنت أمس (الجمعة) من استعادة مناطق واسعة بمحاذاة محافظتي تعز وإب، وسط تكهنات بإطلاق عمليات باتجاه المحافظتين من الجهة الغربية.
وتضم القوات اليمنية المشتركة ألوية مدربة، من ثلاثة تشكيلات رئيسية هي قوات العمالقة والألوية التهامية وقوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية)، حيث كانت قد أعادت تموضعها بشكل مدروس من مدينة الحديدة جنوباً بامتداد الشريط الساحلي على مسافة تقدر بـ90 كلم، قبل أن تعيد رسم خطوط التماس مع الميليشيات الحوثية بدءاً من ميناء الحيمة على البحر الأحمر وانتهاء بمديرية حيس في الشرق.
وذكر الإعلام العسكري للقوات المشتركة أمس (الجمعة) أن القوات تمكنت من تطهير مناطق سقم والمحجر والجبلين ومناطق استراتيجية كانت تتمركز فيها الميليشيات الحوثية شرق حيس وشمالها وشمالها الغربي على الحدود الإدارية لمحافظتي إب وتعز.
وفي حين وزع الإعلام العسكري للقوات المشتركة مقاطع «فيديو» أظهرت السيطرة على تلك المناطق، رجح عسكريون يمنيون أنه بات بإمكان القوات التقدم من أكثر من محور باتجاه مناطق إب شرقاً انطلاقاً من مدينة حيس وباتجاه محافظة تعز عبر مديرية مقبنة.
وذكر الإعلام العسكري أن الميليشيات الحوثية تكبدت خسائر بشرية ومادية، خلال المعارك التي أدت إلى تطهير تلك المناطق التي كانت خاضعة للميليشيات منذ سبع سنوات، بإسناد من طيران تحالف دعم الشرعية الذي بات هو الآخر متحرراً من قيود اتفاق «استوكهولم».
إلى ذلك أفادت المصادر بأن القوات المشتركة تواصل تقدمها بعد أن حررت سلسلة جبال عمر والأعوج وقطعت الخط الرابط بين مديرية حيس ومناطق العدين.
وكانت الميليشيات الحوثية قد حاولت أن تتقدم إلى خارج مناطق حدود التماس التي أعادت رسمها القوات المشتركة بعد إعادة تموضعها إلا أنها منيت بخسائر كبيرة، ما جعلها تقوم بأعمال انتقامية بحق السكان في المناطق والقرى التي أعادت السيطرة عليها.
من جهته كان تحالف دعم الشرعية قد أزال اللبس بخصوص إعادة تموضع القوات المشتركة، وأفاد بأن إعادة انتشار وتموضع القوات العسكرية للتحالف والقوات اليمنية التابعة للحكومة اليمنية بمنطقة العمليات جاءت ضمن خطط عسكرية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، تتواءم مع الاستراتيجية العسكرية لدعم الحكومة اليمنية في معركتها الوطنية على الجبهات كافة.
وقال المتحدث باسم التحالف العميد ركن تركي المالكي إن القوات المشتركة بالساحل الغربي نفذت إعادة انتشار وتموضع لقواتها العسكرية بتوجيهات من قيادة القوات المشتركة للتحالف، وقد اتسمت عملية إعادة التموضع بالانضباطية والمرونة، بحسب ما هو مخطط له وبما يتماشى مع الخطط المستقبلية لقوات التحالف.
وأشاد العميد المالكي بانضباطية كافة القوات العسكرية التابعة لدول التحالف والجيش الوطني اليمني، وكذلك القوات المشتركة بالساحل الغربي أثناء عملية انتشارها وإعادة تموضعها العسكري، مبيناً أن القوات المشتركة بالساحل الغربي حققت انتصارات توجت باتفاق (استوكهولم) بعد تعنت الميليشيا الحوثية الإرهابية في الجلوس لطاولة المفاوضات.
وأوضح أن القوات أمضت ما يقارب ثلاث سنوات في مواقعها الدفاعية مع تعطيل اتفاق (استوكهولم) من قبل الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، حيث تجاوزت الانتهاكات أكثر من 30 ألف انتهاك لنصوص الاتفاق.
ومع بدء تحرك القوات بعد نحو أسبوع من إعادة تموضعها، أكد المراقبون اليمنيون أن القرار كان في محله، إذ إنه من غير المنطقي أن يتم استنزافها في أطراف مدينة الحديدة دون أن يسمح لها بتحرير المدينة وموانئها بسبب اتفاقية استوكهولم.
وقال المحلل اليمني والصحافي محمود الطاهر لـ«الشرق الأوسط» في معرض تعليقه على التطورات: «إن النفوس بدأت تطمئن لدى الكثير، حيث إن تلك الخطة كان أمراً لا مفر منه، في ظل تقييد حركة القوات المشتركة باتفاق استوكهولم ووضعها بموضع المدافع واستنزافها».
وأضاف الطاهر «الاطمئنان الشعبي هو ناتج عن تلك الأنباء والتحولات الجذرية في سير المعارك التي تعودنا على سماع الصد دون الهجوم، وحيث تغيرت إلى تحرير وتقدم، وقطع إمدادات على بعض الجبهات في تعز والساحل الغربي، وتقهقر الحوثيين في تلك المناطق».
وبخصوص الخيارات الاستراتيجية التي باتت متاحة أمام القوات المشتركة والتحالف الداعم لها، أكد الطاهر أن الأمور الجوهري في الأمر «هو استمرار القوات في الزخم، وعدم الالتفات إلى أي ضغوطات قادمة، واستكمال ما بدأته من تحرير المناطق والمحافظات الموكلة لها»، مرجحاً أن «هناك تحولات كبيرة مقبلة على الصعيد العسكري، وذلك نتيجة للتعنت الحوثي الذي أوصل محاولات العالم لوقف الحرب بالسلم إلى طريق مسدود».
وأضاف الطاهر «المواطنون في المناطق المحتلة بمحافظتي شبوة والبيضاء، ينتظرون بشغف تحريرهم من قبضة الحوثيين، وكذلك بقية المحافظات اليمنية، وأعتقد أن تحرير تلك المناطق استراتيجية مهمة وضعتها القوات المشتركة في خطط تحركاتها».
وفي ظل إخفاق المجتمع الدولي خلال السبع السنوات الماضية في إقناع الحوثيين بالسلام، قال الطاهر: «لا بد أن يدرك العالم هذه الحقيقة، ويدعم الشعب اليمني والحكومة اليمنية لإعادة الأمن والاستقرار، من خلال إطلاق عملية عسكرية أخيرة ونهائية لوأد الخطر الإيراني في المنطقة إلى الأبد».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.