ماذا يخبرنا التضخم الحالي عن المستقبل؟

نتج التضخم الأخير بشكل أساسي من زيادة الطلب على السلع الأساسية (رويترز)
نتج التضخم الأخير بشكل أساسي من زيادة الطلب على السلع الأساسية (رويترز)
TT
20

ماذا يخبرنا التضخم الحالي عن المستقبل؟

نتج التضخم الأخير بشكل أساسي من زيادة الطلب على السلع الأساسية (رويترز)
نتج التضخم الأخير بشكل أساسي من زيادة الطلب على السلع الأساسية (رويترز)

من الملحوظ أن التضخم آخذ في الارتفاع في الوقت الحالي بنسبة أعلى مما كان عليه منذ عقود؛ الأمر الذي يقلق المستثمرين والمواطنين في مختلف أنحاء العالم مما يمكن أن يعنيه ذلك على الحياة في المستقبل.
ووفقاً لموقع «معهد بروكينغز للدراسات» في واشنطن؛ فإنه، نظراً لأن العوامل التي أدت إلى التضخم الحالي مرتبطة بوباء كورونا، وبالتالي فهي مؤقتة، فإن الاتجاه الحالي لا يتنبأ بالمستقبل.
فمن أجل فحص ما إذا كان الارتفاع في التضخم يشير إلى ارتفاعه في السنوات المقبلة أيضاً، ينبغي إلقاء نظرة على العوامل التي ساهمت في حدوث هذه المشكلة الاقتصادية.
ومن بين هذه العوامل، زيادة طلب المستهلكين على بعض السلع منذ بداية الجائحة، والتي تسببت أيضاً في قلة المعروض.
وتشير الطبيعة المؤقتة الواضحة لهذه العوامل، إلى أنه لا ينبغي الخوف من تأثير التضخم الأخير على المستقبل.
ووفقاً للخبراء، فمن المفترض أن تؤدي زيادة معدلات التطعيم وتقليل المخاطر والمخاوف الناتجة من الوباء إلى إعادة التوازن إلى أنماط الإنفاق؛ مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع وزيادة الطلب على الخدمات.
ويقارن البعض بين المرحلة الحالية من التضخم وتلك التي وقعت في السبعينات، إلا أن الخبراء أكدوا أن هذه المقارنة غير صحيحة. ففي حين أن التضخم قد زاد هذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة، إلا أنه ما زال أقل بكثير من المستويات التي شهدها العالم في السبعينات.
ما هي السلع والخدمات التي دفعت الارتفاع الأخير في التضخم؟
وفقاً للخبراء؛ فقد نتج التضخم الأخير بشكل أساسي من زيادة الطلب على السلع الأساسية، حيث بلغ الإنفاق على هذه السلع نحو 15 في المائة أعلى مما كان عليه قبل الجائحة.
في المقابل، كان التضخم في الخدمات الأساسية أكثر هدوءاً خلال الأشهر الأخيرة حتى أنه وصل إلى معدلات ما قبل الجائحة.
أما تضخم الطاقة فقد كان متقلباً للغاية خلال تفشي «كورونا». فقد واجه منتجو الطاقة أسعاراً منخفضة للغاية في وقت مبكر من الوباء، ومع تعافي الاقتصاد عاد الطلب العالمي على الطاقة إلى مستوياته قبل الجائحة تقريباً. إلا أن العرض لم يتعاف بالسرعة ذاتها؛ الأمر الذي تسبب في تضخم كبير في الفترة الأخيرة.
ولكن، هل يشير ذلك إلى أننا يجب أن نتوقع استمرار التضخم غير العادي في السلع الأساسية في السنوات المقبلة؟
وفقاً للخبراء، فإن هذه التوقعات باستمرار التضخم غير منطقية لأسباب عدة:
أولاً، لقد نتج التضخم الأخير من الزيادة الكبيرة في الإنفاق على السلع؛ الأمر الذي زاد من الضغط على الأسعار، حيث لم يتمكن الموردون من مواكبة الطلب. أما الآن، فلدى الموردين حوافز قوية لحل المشكلات المتعلقة بسلاسل التوريد لعرض المزيد من المنتجات على رفوف المتاجر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المشاكل مع سلاسل التوريد سوف تنحسر مع السيطرة على الوباء على الصعيد العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة في الإنفاق على السلع مؤقتة بلا شك؛ لأن الأسر - مع انحسار الوباء - ستعيد التوازن إلى الإنفاق وتوجهه بشكل أكبر نحو الخدمات، والذي كان منخفضاً بشكل غير عادي منذ بدء تفشي «كورونا».
ولكن على الرغم من أن الارتفاع الأخير في تضخم السلع الاستهلاكية لا يشير إلى استمرار التضخم في هذا القطاع في المستقبل، فإن هناك مسألتين أخريين تمثلان خطراً على توقعات التضخم فيما بعد، وهاتان المسألتان هما العرض والطلب على العمالة في قطاع الخدمات، بالإضافة إلى الزيادات الأخيرة في أسعار المساكن.
وإذا استمر تقييد العرض فيما يخص العمالة، فسيؤثر ذلك على قدرة الاقتصاد على إنتاج السلع والخدمات؛ الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى التضخم، وتدهور مستوى المعيشة.
أما فيما يخص نمو أسعار المنازل، فإنها قد تؤثر على التضخم بشكل كبير؛ لأنها ستدعم «سوق الإيجار» بشكل ملحوظ. وتاريخياً، هناك علاقة قوية بين نمو أسعار المساكن والتضخم في سوق الإيجارات.
ويقول الخبراء، إن الحل الأكثر فاعلية للتصدي للتضخم المستقبلي هو الاستمرار في السيطرة على الوباء من خلال التطعيمات، مع توفير فرص عمل مقبولة للمواطنين، وزيادة معارض التوظيف وتسهيل الوصول بشكل أفضل إلى معلومات سوق العمل.


مقالات ذات صلة

«يجب أن نتحرك»... أوروبا ترد على رسوم ترمب بإجراءات مضادة على سلع أميركية

الاقتصاد رئيسة المفوضية الأوروبية لاين تتحدث في البرلمان الأوروبي (د.ب.أ)

«يجب أن نتحرك»... أوروبا ترد على رسوم ترمب بإجراءات مضادة على سلع أميركية

رد الاتحاد الأوروبي سريعاً على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنسبة 25 % على واردات الصلب والألمنيوم والتي دخلت حيز التنفيذ الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد متداوِل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

ما أسباب عمليات البيع المكثفة في «وول ستريت»؟

شهدت أسواق الأسهم في مختلف أنحاء العالم خسائر حادة بعد موجة بيع في الولايات المتحدة أثارها رفض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، استبعاد احتمال الركود.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بنك هانا في سيول بكوريا الجنوبية (وكالة حماية البيئة)

الأسواق العالمية تواصل خسائرها لليوم الثاني

واصلت الأسواق العالمية خسائرها لليوم الثاني على التوالي، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن صحة الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد شاشات التداول داخل بهو بورصة لندن للأوراق المالية (رويترز)

الأسهم البريطانية تتراجع وسط مخاوف النمو العالمي والرسوم الجمركية الأميركية

واصلت الأسهم البريطانية تراجعها، يوم الاثنين، متأثرة بالمخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ النمو العالمي وحالة عدم اليقين المحيطة بالسياسات الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

المستثمرون يطلبون وضوحاً بشأن الرسوم الجمركية من إدارة ترمب

أثارت الإعلانات المتذبذبة حول الرسوم الجمركية حالة من الارتباك في «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

«أوبك» تُبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط للعام الحالي

نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
TT
20

«أوبك» تُبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط للعام الحالي

نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)

أبقت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) الأربعاء، على توقعاتها لنمو قوي نسبياً في الطلب العالمي على النفط في عام 2025، قائلةً إن السفر الجوي والبري سيدعمان الاستهلاك.

وأفادت «أوبك» في تقريرها الشهري، بأن كازاخستان قادت قفزة في إنتاج «أوبك بلس» في فبراير (شباط) رغم استمرار اتفاق الإنتاج.

وقالت «أوبك»، إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمقدار 1.45 مليون برميل يومياً في عام 2025، وبمقدار 1.43 مليون برميل يومياً في عام 2026. ولم يتغير كلا التوقعين عن الشهر الماضي.

وأضافت «أوبك» في التقرير: «من المتوقع أن تُسهم المخاوف التجارية في التقلبات مع استمرار الكشف عن سياسات التجارة. ومع ذلك، من المتوقع أن يتكيف الاقتصاد العالمي».

ونشرت «أوبك» أيضاً أرقاماً تُظهر زيادة قدرها 363 ألف برميل يومياً في إنتاج مجموعة «أوبك بلس» في فبراير، مدفوعة بقفزة في إنتاج كازاخستان، التي لا تزال متأخرة في التزامها بحصص إنتاج «أوبك بلس».

وأظهرت البيانات أن كازاخستان ساهمت بأكثر من نصف إجمالي زيادة إنتاج «أوبك بلس» النفطي في فبراير، متخلفة عن تعهداتها بخفض الإنتاج.وتجاوزت كازاخستان باستمرار حصتها الإنتاجية البالغة 1.468 مليون برميل يومياً، بموجب اتفاق كبح الإنتاج الذي أبرمته منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها، بمن فيهم روسيا، والمعروفين معاً باسم «أوبك بلس».ووفقاً لبيانات «أوبك»، أنتجت كازاخستان 1.767 مليون برميل يومياً من النفط في فبراير، ارتفاعاً من 1.570 مليون برميل يومياً في يناير (كانون الثاني).وتعهدت كازاخستان بخفض الإنتاج وتعويض فائضه. ومع ذلك، فإنها تعزز إنتاج النفط في حقل «تنجيز» النفطي الذي تديره شركة شيفرون، وهو الأكبر في البلاد.وذكرت بيانات «أوبك» أن إنتاج روسيا من النفط الخام انخفض بنسبة 0.04 في المائة ليصل إلى 8.973 مليون برميل يومياً في فبراير، مقارنةً بـ8.977 مليون برميل يومياً في يناير.ويُعدّ هذا أقل بقليل من حصة روسيا الإنتاجية البالغة 8.98 مليون برميل يومياً بموجب اتفاق مع «أوبك بلس». ومن المتوقع أن ترتفع حصة روسيا إلى 9.004 مليون برميل يومياً اعتباراً من أبريل (نيسان)، مع زيادة إنتاج «أوبك بلس» تدريجياً.كان نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، قد قال الأسبوع الماضي، إن «أوبك بلس» وافقت على البدء في زيادة إنتاج النفط اعتباراً من أبريل، لكنها قد تتراجع عن القرار لاحقاً في حال وجود اختلالات في السوق.